يواصل الاحتلال الإسرائيلي توسيع المستوطنات في الضفة الغربية بعد أن أعلن وزيرا المالية الإسرائيلي بيتسلئيل سموتريتش والحرب يسرائيل كاتس، عن إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية المحتلة استكمالاً لمخطط التهويد والضمّ في أفق وضع اليد على كل الضفة الغربية المحتلة.
ويأتي ذلك بعد أن وافق المجلس الوزاري المصغر للشئون الأمنية والسياسية الثلاثاء 27 مايو/أيار 2025، سرّاً على إنشائها، بما فيها مستوطنتا "حومش وشانور" شمال الضفة، اللتان تم إخلاؤهما ضمن خطة الانفصال عام 2005، وهي خطوة من شأنها أن تُغير وجه الضفة الغربية.
هذا التغيير في سياسة الاحتلال بمثابة تغيير تاريخي واستراتيجي في الضفة الغربية، لأنه سيحدد أيضاً مستقبل الاستيطان في الضفة الغربية لسنوات قادمة، خاصة وأن المستوطنات الجديدة ستكون موزعة على كامل الضفة من الشمال إلى الجنوب وصولاً إلى الحدود مع الأردن شرقاً.
مواقع استراتيجية وشرعنة المستوطنات في الضفة الغربية
في تفاصيل هذا القرار الذي جاء توقيته لافتاً مع مرور 58 عاماً على احتلال الضفة الغربية عام 1967، صادق "الكابينت" على الاعتراف بـ22 مستوطنة جديدة، وتأسيسها، مع العلم أن بعضها مستوطنات قائمة، مثل "عادي عاد" و"أحيا"، وبعضها تحولت من مزارع إلى مستوطنات رسمية، وبعضها مستوطنات جديدة كلياً، أو مستوطنات حضرية.
ومن المتوقع أن تسكن آلاف العائلات اليهودية في هذه المستوطنات التي تم إقرارها لتكون في مواقع استراتيجية، مثل "مدينة التمر" قرب أريحا، ناهيك عن "جبل عيبال وشانور".
وتتوافق التقديرات الإسرائيلية في الساعات الأخيرة على أننا أمام تغيير تاريخي واستراتيجي في الضفة الغربية، لأن هذا القرار الحاسم يُتوقع أن يُغير خريطة الاستيطان فيها، وهذه الخطوة أتت بعد سنوات من التعثر والجمود.
وستكون ترجمتها العملية متمثلة في المسارعة بتجهيز هذه المستوطنات في الضفة الغربية في وضح النهار، وجلب عشرات آلاف اليهود إليها، تطبيقاً لبرنامج "المليون مستوطن" الذي أعلنه مجلس مستوطنات الضفة الغربية- يشع، مع بدء مهام الحكومة الحالية أواخر 2022.
في الوقت ذاته، فإن هذه الخطوة تعني طيّ صفحة مسمى البؤر الاستيطانية "غير القانونية"، التي دأب المستوطنون على إقامتها بشكل ارتجالي دون أخذ المصادقات الحكومية اللازمة، وكان بإمكانها التنصل أمام المجتمع الدولي من الضغوط التي يمارسها عليها، بالزعم أن هذه خطوات انفرادية ليست رسمية.

أما اليوم، ومن خلال هذا القرار فإننا أمام "شرعنة" تدريجية لهذه البؤر، بل وتوسيعها، كي تكون طبيعية وقانونية.
بُعد ثالث لهذا القرار أنه منح الأراضي الزراعية الفلسطينية أهمية استثنائية لإقامة عدد من المستوطنات عليها، بحيث لن يقتصر الأمر على إقامة مباني حجرية فقط، وإنما العودة لأدبيات الحركة الصهيونية منذ ما يزيد عن قرن حين وصلت إلى فلسطين، وبدأت بتعزيز السيطرة على الأراضي الزراعية الفلسطينية الخصبة.
واليوم منح هذا القرار أهمية استراتيجية وأمنية لهذه المستوطنات الزراعية التي بدأت في السنوات الأخيرة تشقّ طريقها لأجزاء كبيرة في المنظومة السياسية الحاكمة في تل أبيب بالتزامن مع صعود اليمين المتطرف.
التوزيع الجغرافي للمستوطنات يستهدف الأردن
نشر حزب الليكود خارطة جغرافية تحدد فيها مواقع المستوطنات الجديدة، التي ستكون موزعة على كامل الضفة من الشمال إلى الجنوب مروراً بالوسط، مما سيزيد من تمزيق الضفة الغربية، وفق التقسيمات الاستيطانية المعمول بها:
- في مجلس "ماتي بنيامين" الإقليمي وسط الضفة الغربية، ومركزه شرق مدينة البيرة، سيتم إنشاء مستوطنات: عادي عاد، أخيا، نوفي بارث، عطاروت أدار، عينبار، بيت حورون شمالاً.
- في المجلس الإقليمي لمخطوطات البحر الميت، سيتم إنشاء مستوطنة "كيديم عرافا".
- في المجلس الإقليمي لغور الأردن سيتم إنشاء مستوطنات: محانيه غادي، عير تمريم، غفونيت، وتيبتس.
- في جبال الخليل سيتم إقامة مستوطنات: متسفيه زيف، إل نيف، وكيديم عرافا.
- في المجلس الإقليمي للسامرة شمال الضفة الغربية، سيتم إنشاء مستوطنات: حفات يائير، ماعوز تسفي، معالوت حلحول، أفيكا، يونداف، رحبعام، وجبل عيبال.
من أجل تبسيط الشرح، يمكن ترجمة التقسيمة الاستيطانية الواردة أعلاه، على النحو التالي:
- تركيز إقامة المستوطنات في منطقة الحدود الشرقية مع الأردن، في إطار تعزيز البوابة الشرقية للدولة، وأمنها القومي، وسيطرتها الاستراتيجية على الحدود، مع العلم أن هذه المنطقة طغت في الآونة الأخيرة على النقاش الإسرائيلي مع تزايد عمليات تهريب الأسلحة من خلالها، وتنامي التهديد بتهجير الفلسطينيين إلى الأردن، بزعم أنه الوطن البديل.
- إنشاء مستوطنات لتعزيز منطقة الطريق السريع 443 على الطريق المؤدي إلى القدس المحتلة، وسط مطالبات إسرائيلية متزايدة باستغلال هذه اللحظة التاريخية لتعزيز التواجد السكاني اليهودي في القدس، وتخفيض النمو الديموغرافي الفلسطيني فيها.
-إقامة مستوطنات استراتيجية في منطقة جبل الخليل، خاصة وأن المستوطنين اليهود يزعمون بأن لديهم في المدينة آثاراً تاريخية قديمة، وارتباطات دينية توراتية بها.
- مستوطنة في موقع تاريخي واستراتيجي على جبل عيبال المقابل لمدينة نابلس شمال الضفة، وتقع في مناطق معزولة وعميقة، حيث لا توجد مستوطنات في الوقت الراهن، حيث يوجد موقع أثري يدّعي المستوطنون أنه "مذبح يوشع بن نون"، ويعتادون على اقتحامه بشكل متكرر.
إلغاء اتفاق أوسلو، وطي صفحة الانسحاب من غزة
بُعد رابع لهذه المستوطنات الجديدة أنها تلغي عملياً وواقعياً التقسيمات التي أعلنها اتفاق أوسلو عام 1993 للأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، على النحو التالي:
- مناطق "أ" الخاضعة للإدارتين الأمنية والمدنية الفلسطينية.
- مناطق "ب" الخاضعة للإدارة الأمنية الإسرائيلية، والمدنية الفلسطينية.
- مناطق "ج" الخاضعة للإدارتين الأمنية والمدنية الإسرائيلية.
وقد كان واضحاً منذ تشكيل هذا الائتلاف اليميني أن من أهدافه الأساسية إذابة هذه التقسيمات الجغرافية، ووضع اليد على كل الضفة الغربية، أي إلغاء اتفاق أوسلو على أرض الواقع.
ولئن كان جيش الاحتلال أو الشرطة، وحرس الحدود، تزيل فيما مضى النقاط الاستيطانية المقاومة على أراضي فلسطينية خاضعة لواحدة من التقسيمات أعلاه، فقد أصبح ذلك من العهد القديم، مما سيفرض واقعاً جغرافياً جديداً قد تتبعه وقائع سياسية بعيدة المدى على مكانة السلطة الفلسطينية برمتها.
الغريب أن المواقف الإسرائيلية في الساعات الأخيرة وهي تتحدث عن هذه الخطوة أوردت عبارات لافتة، ومنها أن "التوراة المقدسة لا تذكر الأحرف "أ، ب، ج" الخاصة بالضفة الغربية، بل جاء فيها "إنني أمنح كل الأرض للنبي إبراهيم، ونسله للأبد، وإن لم تطردوا سكان الأرض من أمامكم، وأبقيتم منهم عبئًا على أعينكم، وثقلًا على جوانبكم، فسوف يحاصروكم في الأرض التي أنتم ساكنون فيها".

لعل الأثر السياسي الخطير لهذه الخطوة أنها بإعادة إقامة مستوطنتي "حومش وشانور" شمال الضفة، إنما تعني إلغاءً إسرائيلياً عملياً ورسميًا لقانون فك الارتباط الذي بموجبه تم الانسحاب منها في 2005 مع مستوطنات قطاع غزة.
وبالتالي يُمهّد هذا القرار الطريق لإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة، بزعم أنها "خطوة تُصحّح ظلماً تاريخياً، وتُمثل ثباتاً على حق اليهود في الأرض"، وفق المزاعم الإسرائيلية.
مع العلم أن سموتريتش سبق له أن كشف أن أحد قادة المعارضة بيني غانتس، زعيم المعسكر الوطني، اقترح في وقت مبكر من الشهر الذي تلا السابع من أكتوبر 2023 إنشاء ثلاث مستوطنات في شمال قطاع غزة.
من الواضح أن القرار الجديد، فضلاً عن تبعاته الاستيطانية، التي ستشهد زخمًا واسعاً، فإنه يستدعي إلغاء اتفاقيات أوسلو، وتفكيك السلطة الفلسطينية، وإزالة التجمعات السكانية الفلسطينية المجاورة للمستوطنات الجديدة.
لأن "الفلسطينيين سيغادرونها بمفردهم خوفاً من اليهود الذين حلّوا بها"، على حدّ التوصيف الإسرائيلي، الذي يطالب باستكمال إقامة هذه المستوطنات الجديدة بالتركيز على التلال المرتفعة، بزعم أنها مفتاح استمرار هذا الزخم.
خطوة "لتصحيح خطيئة تاريخية"
جاءت ردود الفعل الإسرائيلية في عمومها مُرحّبة بهذه الخطوة، وتركزت في المواقف التالية:
- زعم سموتريتش، الذي يتولى إضافة لمنصبه المالي، وزارة الحرب المسئولة عن الإدارة المدنية بالضفة الغربية، وإتمام مشاريع الاستيطان فيها، أن "هذا يوم عظيم وتاريخي للاستيطان، ويوم مهم للدولة، الاستيطان في أرض أجدادنا هو جدارها الواقي، وخطوة ضرورية لتعزيز محورها الشرقي، ومن شأنه إحداث تغييرٍ استراتيجيٍّ عميق، وإعادة الدولة لمسار الصهيونية، وإن الخطوة التالية هي السيادة، قاصداً بذلك الضمّ.
- زعم كاتس أن هذا القرار يُعزز قبضتنا على الضفة، ويُرسّخ "حقنا التاريخي" فيها، ورداً ساحقاً على المقاومة الساعية للمساس بالمستوطنات، وإضعافها، حيث يُشكّل الاستيطان جدارًا دفاعيًا حيويًا لأمن المدن الكبيرة في إسرائيل، ويجب بذل كل جهد ممكن لتوسيع هذا الجدار الدفاعي، وتعزيزه، كما أن هذا القرار هو خطوة استراتيجية تمنع قيام دولة فلسطينية تُشكّل خطرًا علينا.
- أوريت ستروك وزيرة الاستيطان والبعثات الوطنية، زعمت أننا "وعدنا، ونفي بوعدنا، نحن نبني مستوطناتٍ جديدةً، ونسدّ فجوةً استمرت عقودًا في استيطان الأرض، ونقدم ردًّا صهيونيًا على مساحاتٍ شاسعةٍ أُهملت وهُجرت، ونُعبّر بالأفعال عن "حقّنا" في الأرض، وواجبنا تجاهها، ومستمرون في تصحيح "خطيئة" فك الارتباط".
- يسرائيل غانتس، رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية-يشع، زعم أن هذا "أهم قرار منذ عام 1967، ويعدّ بشرى سارة للغاية ليس فقط للمستوطنين، بل لجميع سكان الدولة، لأنها تُعزز أمنها، وتُرسل رسالة واضحة مفادها "أننا هنا ليس للبقاء فحسب، بل لإقامة الدولة هنا لجميع سكانها، وتعزيز أمنها، هذه عملية احترافية من الطراز الأول.
- إيليرام أزولاي، رئيس المجلس الإقليمي لجبل الخليل زعم أن "القرار يمثل خبراً ساراً، لأن المستوطنات الثلاثة الجديدة في الخليل ستجلب آلاف المستوطنين، وتعزّز الاستقرار والأمن اليهودي في المنطقة، لا يوجد رد فعل أنسب من بناء جديد واستيطان جديد لتغيير الواقع على الأرض.
- فور صدور القرار، بعث رؤساء المجالس الاستيطانية- يشع، برسالة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يطالبون فيها بإعلان ضمّ الضفة الغربية، بزعم أنه سيكون ردًا على الاعتراف العالمي بالدولة الفلسطينية، ورغم أن الضمّ ليس ردًا سياسيًا، وليست "عقابًا" دبلوماسيًا، بل ضرورة أمنية مُلحّة من الدرجة الأولى.
مع العلم أن دوافع المستوطنين في المطالبة بإعلان الضم كخطوة تالية لهذا القرار تتمثل في أن مستوطنات الضفة الغربية أصبحت منذ احتلالها في 1967 جزءًا لا يتجزأ من النسيج الوطني والاستيطاني والأمني للدولة.
حيث يساهم أكثر من نصف مليون مستوطن فيها، ويتحملون العبء الأمني، ويقودون تعبئةً هائلة في أوقات الحرب، وبالتالي فلم يعد مقبولا أن يعيشوا في ظل قوانين منفصلة، وهي القوانين العسكرية المطبقة على الأراضي الفلسطينية المحتلة، بل الدعوة لتطبيق القانون المدني الإسرائيلي، باعتبارهم "مواطنين وليسوا مستوطنين".
عامان من عمر حكومة اليمين يوازيان عقودًا من حكومات سابقة
ينضم القرار الجديد إلى خطوات سابقة قادها سموتريتش منذ استلامه لمهامه الوزارية قبل ثلاثين شهراً، حيث استغل فترة انشغال العالم بالحرب على غزة لإنشاء 50 مستوطنة في الضفة الغربية موزعة على: 17 مستوطنة جديدة في بنيامين، 13 في السامرة، 6 في جبل الخليل، 6 في غوش عتصيون، 5 في وادي الأردن، 3 في مخطوطات البحر الميت.
بلغة الأرقام، ومن أجل المقارنة، فقد كان هناك 128 مستوطنة معترف بها في الضفة الغربية حتى استلام الحكومة الحالية لمهامها، أما اليوم فيوجد 178 مستوطنة، وهي زيادة بنسبة 40٪ في عامين فقط، أي أن ما استغرقه الأمر عقوداً في الماضي يحدث الآن في عامين فقط.
ويأتي القرار الجديد في الساعات الأخيرة بزعم استكمال تنظيم المستوطنات الناشئة للمضي قدماً في إجراءاتها القانونية، مع العلم أنه من منظور سياسي، لم يعد هناك أي عائق أمام استكمال ترتيباتها، ولم يتبق سوى الإجراءات المهنية.
يبدو من هذا التوزيع الجغرافي للمستوطنات الجديدة أنها تمتد على عدة جبهات استراتيجية، ووفقاً لشرح عدد من الوزراء فإنها تُبنى من منظور استراتيجي بعيد المدى، يهدف لتعزيز القبضة على المنطقة، ومنع قيام دولة فلسطينية، وإنشاء احتياطيات تطويرية للمستوطنة للعقود القادمة.
مع العلم أنه سبق هذا القرار "التاريخي"، الموافقة قبل أيام على قانون "لتجديد تنفيذ تسوية الأراضي الرسمية من قبل الدولة في الضفة الغربية، وكبح محاولات السلطة الفلسطينية لتنفيذ إجراءات تسوية أراضٍ غير قانونية في المنطقة "ج"، بزعم أنها تُنفذ دون تفويض، وأن نتائجها، بما في ذلك الوثائق، الخرائط والتسجيلات والموافقات، لن تكون لها أي صلاحية قانونية أو وضعية في أي إجراء رسمي في الدولة.
كما ستُوجَّه تعليماتٌ للجيش وأجهزة الأمن بالعمل على منع تنفيذ هذه الإجراءات الفلسطينية، بما فيها منع دخول المهنيين إلى المنطقة، وحجب المساعدات الخارجية، والمطالبة المباشرة للسلطة الفلسطينية بإلغاء إجراءاتها.

توقيتات متزامنة غير عفوية
بالتزامن مع الإعلان الإسرائيلي عن قرار الـ22 مستوطنة، فقد وافق الكنيست في الساعات الأخيرة على مشروع قانون تقدم به لوبي يسمى "أرض إسرائيل"، بإصدار أمر يدعو لفرض الضمّ الإسرائيلية على الضفة الغربية، حيث تمت المصادقة عليه بالأغلبية، ودون معارضة.
فيما كشف النقاب عن عرض وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر مؤخراً في جلسات مغلقة الدفع قدماً بمقترح إعلان الضم رداً على اعتراف دول أوروبية، بالدولة الفلسطينية من جانب واحد.
أما يسرائيل غانتس رئيس مجلس مستوطنات الضفة، فقد عرض في الآونة الأخيرة على مقربين من دونالد ترامب وشخصيات في وزارتي الدفاع والخارجية مقترحاً لفرض الضمّ على 65% من الضفة، على أن يسكن الفلسطينيون في 20 تجمعاً منفصلاً، ودون مظلة سياسية، أو كيان وطني موحد، فيما سيتم تطبيق القانون الإسرائيلي على 65% من أراضي الضفة.
غانتس تذرع أمام الأمريكيين بما حصل في هجوم حماس في السابع من أكتوبر، حين هاجم مستوطنات غلاف غزة عدة آلاف مسلح، فيما يتواجد في الضفة 40 ألف جندي تابعين للسلطة الفلسطينية، وفيما يبلغ طول الحدود مع غزة 20 كيلومتراً فقط، وقد حصل الهجوم، أما طولها مع الضفة الغربية فتمتد على مسافة 350 كيلومتراً، مما يجعل تكرار الهجوم أمراً وارداً.
لم يتوقف الأمر على الجهود السياسية فقط، فقد أطلق مجلس المستوطنات حملة إعلامية عامة لتعزيز فكرة الضم من خلال مقاطع فيديو ولوحات إعلانية تؤكد على الخطر الذي تشكله الدولة الفلسطينية، فيما حذر وزير الخارجية جدعون ساعر الدول الكبرى في العالم من أن اعترافها الأحادي الجانب بدولة فلسطينية سيقابل بفرض الضم على الضفة.
هناك زاوية أخرى ليست واضحة بما فيه الكفاية، وتتعلق بأن توقيت إصدار مثل هذا القرار الخطير يتزامن مع الحديث عن قرب إبرام صفقة تبادل أسرى مع حماس في غزة، ومحاولة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو "شراء" صمت سموتريتش وفريقه الوزاري، وإقناعهم بعدم الانسحاب من الحكومة، وإسقاطها، أي أنه يضغط عليه في غزة، ويرضيه في الضفة، وبموجب هذه "الرشوة".
فقد وافق نتنياهو على إنشاء مئات الوحدات السكنية الجديدة في البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية، من خلال "نوى استيطانية" ومزارع زراعية على طول الحدود الشرقية، سيُخصص لها ميزانية باهظة وكبيرة.