أعاد “حماس” إلى الواجهة وزاد التصدع مع واشنطن.. كيف “زلزل” الإفراج عن الجندي ألكساندر حكومة نتنياهو؟

عربي بوست
تم النشر: 2025/05/14 الساعة 08:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/05/14 الساعة 08:47 بتوقيت غرينتش
صورة للقاء سابق بين ترامب ونتنياهو/ رويترز

بينما كان يحتفي الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بإعلانه التوصل إلى اتفاق مع حركة المقاومة الإسلامية "حماس" لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأمريكي، عيدان ألكساندر، فإنه في الجهة المقابلة تسبّب في حالة من الغضب والقلق لدى "حليفه" بنيامين نتنياهو وأعضاء حكومته الإسرائيلية اليمينية.

وطوال الأيام التي سبقت الإفراج عن الجندي الإسرائيلي الأمريكي، لم يتوقف الاحتلال عن إصدار تهديداته ضد غزة ومقاومتها، وتخويفها بالويل والثبور وعظائم الأمور ما هو قادم، بل إنه بدأ يعدّ العدّ التنازلي لإطلاق عمليته العسكرية القادمة فور انتهاء جولة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للمنطقة.

ثم جاءت مشاهد إطلاق سراح عيدان ألكساندر كي تتسبّب بزلزال وقع في مقر الحكومة، ما زالت هزاته الارتدادية لم تتوقف حتى كتابة هذه السطور. فكيف تسبب الاتفاق بين "حماس" ووسطاء أمريكيين في زلزلة حكومة نتنياهو؟ ولماذا أزعجها الاتفاق؟ وكيف سيؤثر ذلك على علاقة الرئيس الأمريكي برئيس الوزراء الإسرائيلي؟

لماذا أغضب الإفراج عن عيدان ألكساندر حكومة نتنياهو؟

تسبّب الإفراج عن ألكساندر بالطريقة التي تمّت بعيداً عن نتنياهو، "بسقوط السماء عليه"، وفقاً لتوصيف المحلل السياسي بصحيفة "هآرتس" يوسي فيرتر، وقال إنه "عاش ليلة طويلة بلا نوم، لأن إطلاق سراح الجندي بشكل منفرد يمثّل نموذجاً لفشل حكومته وسلوكها غير المسؤول، صحيح أن استعادة الجندي شكّلت فرحة كبيرة للجمهور الإسرائيلي، لكنها في الواقع مثّلت عملية دهس وحشي لهيبة الدولة الإسرائيلية".

فيما أكّد آفي يسسخاروف، محلل الشؤون الفلسطينية بصحيفة "يديعوت أحرونوت"، أنه لا يختلف اثنان من الإسرائيليين على أن ما حصل في حيثيات الإفراج عن ألكساندر يزيد عن وصفه بـ"كارثة دبلوماسية"، أو أزمة غير مسبوقة بين إسرائيل والولايات المتحدة، لأن حقيقة توصل ممثلي الإدارة الأميركية لتفاهمات عبر مفاوضات مباشرة مع حماس، تشير إلى اتساع الفجوة مع تل أبيب.

مع أن القرار الأمريكي بعدم انتظار نتنياهو، بل تجاوزه، والتوصل إلى صفقة، ولو محدودة، يُعد دليلاً على فشل سياسي استثنائي للأخير، وبينما يظهر الدور الأمريكي أمام الإسرائيليين حريصاً على إطلاق سراح جميع الأسرى، يظهر نتنياهو ومحيطه كمن يسعون لإفشال الصفقة بكل وسيلة ممكنة، رغبة في الحفاظ على تماسك ائتلافه.

إطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأمريكي، عيدان ألكساندر/ رويترز
إطلاق سراح الجندي الاسرائيلي الأمريكي، عيدان ألكساندر/ رويترز

"حيازة الجواز الأمريكي قبل التجنيد"

عديدة هي العوامل التي ساهمت في نشوب "الحريق" السياسي في إسرائيل عقب الإفراج عن الجندي عيدان ألكساندر، أهمها:

  • وجود ائتلاف اليمين المتطرف الذي كان يشدّ الخطى باتجاه إطلاق عملية عسكرية واسعة في غزة، تتضمن احتلال الأراضي، وتجديداً للاستيطان في بعض مناطقها، توقفت، ولو مؤقتاً.
  • المخطط الإسرائيلي القاضي بتمديد أمد المجاعة في غزة بهدف تركيع الفلسطينيين، وإخضاع مقاومتهم، واقتصار "إطعامهم" على معسكرات عنصرية شبيهة بما أقامه الجيش النازي في الحرب العالمية الثانية قد توقّف، ولو إلى حين، وتم استبداله بالعودة إلى الآلية المعمول بها سابقاً في توزيع المساعدات الإنسانية.
  • جميع مراحل التفاوض حول الإفراج عن هذا الجندي تمّت من وراء ظهر الحكومة الإسرائيلية ذاتها، المسؤولة عن إعادته إلى ذويه، وليس الإدارة الأمريكية، حتى إن نتنياهو شخصياً، وقادة جيشه وأجهزته الأمنية، راقبوا عملية الإفراج وتفاصيلها عبر شاشات التلفاز.. صدّق أو لا تُصدّق!
  • هذه العملية أدخلت الإدارة الأمريكية في ممرّ إجباري تمثل في التفاوض المباشر مع حماس في الدوحة، للبحث في تفاصيل وحيثيات الإفراج عن الجندي، وما سيتبعه من استحقاقات، ولو لم يتم الكشف عنها بعد.
  • هذه الخطوة الأمريكية تأتي ضمن خطوات أقدم عليها الرئيس دونالد ترامب دون استشارة مسبقة مع تل أبيب، ويمكن القول إنها فُرِضت عليها من باب الأمر الواقع، حتى إن ألكساندر ذاته رفض مقابلة نتنياهو عقب الإفراج عنه.

كما أن الجندي عيدان ألكساندر توجه بالشكر لترامب فقط، وحين تحدّث نتنياهو مع الأخير وشكره على جهوده بهذا الخصوص، ردّ عليه بشكر قطر ومصر فقط، ولم يأتِ على ذكره البتة.

وساد شعور بالإحباط بين الإسرائيليين عقب الإفراج عن ألكساندر مفاده أنه "بجانب الفرح بتحريره، فهناك أيضاً شعور بالمرارة، قائم على التفكير بأن كونك أسيراً إسرائيلياً يعني أنك أقل قدراً من أن تكون أسيراً أمريكياً، لا يمكن تجميل هذه الحقيقة، خاصة في ظل إدراك الجميع أنه لو لم يكن ألكساندر يحمل الجنسية الأميركية، فربما لم يكن ليُفرج عنه أصلاً، والشعور بهذه المرارة طبيعي ومفهوم".

حتى إن المحلل الأكثر شهرة في إسرائيل بن كاسبيت "طالب عائلات الجنود الإسرائيليين قبل إرسالهم إلى غزة أن يحصلوا على جواز السفر الأمريكي، لأنه الوحيد الكفيل باستعادتهم من أسر حماس"، وكأن الهوية اليهودية الإسرائيلية لم تعد كافية.

نتنياهو يتسبّب بتدهور العلاقات مع "الأخ الأكبر"

لم تكن خطوة الإدارة الأمريكية الحالية باللعب فيما باتت تُسمى "الحديقة الخلفية" لإسرائيل، دون استشارتها، الأولى من نوعها، فقد سبقها جملة من الخطوات الأمريكية التي ظهرت فيها تل أبيب بعيدة عما يحدث، رغم أن الأمر يخصّ أمنها القومي، وعمقها الاستراتيجي، ومنها:

  • دخول واشنطن بصورة مفاجئة في مفاوضات نووية مع إيران، واحتمال توقيع اتفاق جديد قد يفوق "سوءه" الاتفاق السابق في عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما في 2015، وبعد أن استطاع نتنياهو إقناع ترامب في ولايته الأولى بالتنصّل منه، ها هو الرئيس ذاته يعيد الكرّة من جديد، وهذه المرة لن يستطيع نتنياهو الذهاب إلى الكونغرس للتحريض عليه.
  • الإعلان الأمريكي عن اتفاق مع الحوثيين بوقف استهدافهم مقابل السماح باستمرار الملاحة البحرية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، واستثناء إسرائيل من الاتفاق، ما ألقى بقنبلة ثقيلة العيار في أوساط الحكومة، حتى إن ستيف ويتكوف، مبعوث ترامب، لم يتردد في الإعلان أن وقف الصواريخ على إسرائيل من كل الجبهات مفتاحه في وقف إطلاق النار في غزة.
  • التنسيق الأمريكي عالي المستوى مع تركيا، والتسليم بأنها صاحبة النفوذ الأقوى في سوريا، واعتراضها الضمني على استمرار العدوان الإسرائيلي على الأخيرة، بل إن ترامب طلب من نتنياهو علانية أن يُنسّق سياسته تجاه سوريا مع "صديقه" أردوغان.
  • تردد الروايات القائلة بإمكانية أن يعلن ترامب في زيارته الخليجية عن مسار سياسي جديد للقضية الفلسطينية، لاسيما الاعتراف بدولة منزوعة السلاح على حدود 1967، الأمر الذي يتعارض مع المبادئ السياسية العامة لدولة الاحتلال فيما يتعلق بالموضوع الفلسطيني.
  • موافقة واشنطن على شروع السعودية ببرنامج نووي سلمي دون اشتراطه بالتطبيع مع إسرائيل، وقد كان ألف باء سياستها الخارجية، لكن ربما ضاق ترامب ذرعاً بنتنياهو، ما دفعه لتجاوز هذا المحدّد.

هل باتت إسرائيل عبئاً على أمريكا؟

هنا تبدو الإشارة مهمة إلى أن التوتر المتنامي بين ترامب ونتنياهو لا يعني انفكاكاً أمريكياً مباشراً من المسؤولية عن أمن دولة الاحتلال، ورعايتها، ومنحها التفوق الأعلى في المنطقة، لاسيما من النواحي العسكرية.

لكن التخوّف الإسرائيلي بدأ يتصاعد في الآونة الأخيرة ما يُسمى التيار المتنامي في الحزب الجمهوري، صاحب شعار "أمريكا أولاً" حتى على حساب إسرائيل، التي بات يُرى فيها "عبئاً وليس ذخراً"، وهو ذات التخوف الإسرائيلي السابق من تصاعد نفوذ التيار التقدّمي في الحزب الديمقراطي، الذي يصطفّ بجانب الرواية الفلسطينية، ولا يتردد في اعتبار إسرائيل نموذجاً سافراً من أنظمة الفصل العنصري.

لقد مثّلت الخطوات الأمريكية سالفة الذكر ذروة القطيعة بين نتنياهو وترامب، وهو ما كشفته زيارة وزير الشؤون الاستراتيجية، رون ديرمر، مسؤول ملف التفاوض حول الأسرى، إلى واشنطن، وما استمع إليه من كلام قاسٍ من مستشاري ترامب حول غضبه من رئيس حكومته، وأن الإدارة الأمريكية برمّتها باتت تراه عقبة كأداء في تحقيق تطلعات الرئيس في المنطقة، ولا يتردد في وضع المزيد من العصي في دواليبه.

هذا الوضع حدا بوزير التعاون الإقليمي، دودي أمسالم، للاعتراف صراحة: "نحن خائفون بعض الشيء، ظننّا أننا ندير العالم، لكن الأمر ليس كذلك، حتى أعظم أصدقائنا سيهتمون بمصالحهم الخاصة، وترامب سيُختبر بأفعاله".

بعد التهميش والإقصاء.. حماس "الرابح الأكبر"

لم يكد ينسى الفلسطينيون والإسرائيليون، بل والعالم أجمع، الدعوات الأمريكية منذ بداية العدوان على غزة، بضرورة إبعاد حماس عن أي ترتيب سياسي قادم في غزة، والانطلاق في أي نقاش مع الدول العربية حول "اليوم التالي" من هذه الفرضية، حتى إن ترامب ذاته وصفها مؤخراً فقط بأنها حركة "تُثير الاشمئزاز".

لكن بعد ساعات فقط على استلام عيدان ألكساندر، غرّد على منصة "إكس" بأن الأمر تم بناء على "بادرة حسن نية"، صحيح أنه لم يذكر حماس بالاسم، لكن المعنى، كما يقولون، في بطن الشاعر.

وهو ما أثار مخاوف إسرائيلية عبّر عنها عميحاي شتاين، محلل الشؤون السياسية في قناة "i24″، بقوله إن "الوسطاء قالوا لحماس أعطوا ترامب هدية، وسيعطيكم هدية أكبر"، ما يطرح تساؤلات كثيرة عن الخطوة الأكبر قيد الإعداد التي يُحضّرها الأمريكيون لحماس، لأنها ليست حركة ساذجة.

مع العلم أن التفاوض الأخير المباشر، وجهاً لوجه، الذي شهدته العاصمة القطرية في الأيام الأخيرة، بين المفاوضين الأمريكيين وقيادة حماس، جاء بعد أسابيع قليلة من لقاءات مماثلة عقدها آدم بوهلر، المسؤول الأمريكي عن ملف الرهائن، مع خليل الحية، مسؤول ملف التفاوض في حماس.

وقد أثار ذلك حينها ضجة إسرائيلية عاصفة، وانتقادات للإدارة الأمريكية، بزعم أن هذا التفاوض المباشر يمنح حماس مزيداً من النفوذ والقوة، ويتجاوز دعوات الإقصاء والتهميش لها في ترتيبات الساحة الفلسطينية.

بل إن الأوساط الإسرائيلية زعمت حينها أنه تم عزل بوهلر عن الملف، لكن صورته التي نُشرت مع ألكساندر وذويه خيّبت آمال الإسرائيليين، بل إنه ظهر بعد يوم واحد فقط من استلام ألكساندر في قلب تل أبيب متحدثاً من ساحة الأسرى قائلاً إن "هناك فرصة حقيقية الآن لصفقة كبيرة".

مقاتلون من كتائب القسام أثناء تسليم الأسرى في غزة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار/ أرشيف
مقاتلون من كتائب القسام أثناء تسليم الأسرى في غزة ضمن اتفاق وقف إطلاق النار/ أرشيف

حماس حاضرة في اليوم التالي بضمانة أمريكية

يعتقد الإسرائيليون أن استجابة حماس لدعوات الوسطاء في قطر ومصر بالاستجابة للمطلب الأمريكي بإطلاق سراح الجندي، شكّلت حركة سياسية ذكيّة، لأنها بالأساس تتجاوز الإفراج عن جندي بعينه، لما هو أبعد من ذلك، في ضوء ما تم تسريبه من تعهّدات أمريكية للوسطاء وحماس عن إدراجها ضمن ترتيبات اليوم التالي في غزة، وإن لم يكن بالشكل القائم حالياً المتمثل بالسيطرة الكاملة.

فضلاً عن تأجيل مسألة نزع سلاحها إلى حين البحث في مفاوضات الوقف التام للحرب، بجانب منح قادتها حصانة من الاستهداف الإسرائيلي في حال تم التوصل لطيّ صفحة العدوان على غزة، مما حدا بوزير إسرائيلي رفيع المستوى للقول: "إذا كان الهدف من الحرب هو القضاء على حماس، فإن مجرد إجراء الأمريكيين محادثات مباشرة معها يُعدّ فشلاً ذريعاً لهذه الحرب".

لم تنزل أخبار اللقاءات المباشرة بين الأمريكيين وحماس برداً وسلاماً على الإسرائيليين، بل على العكس من ذلك، اعتُبِرت انتكاسة سياسية ودبلوماسية، لأنها أثبتت أن حماس لديها الحل، وأن المشكلة موجودة في تل أبيب، بدليل أن عدة جلسات تفاوضية ماراثونية أسفرت عن إطلاق سراح هذا الجندي.

مما يؤكد رواية حماس للأمريكيين بأن أساليب التلكؤ والتردد والتسويف والمماطلة التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية هي التي أعاقت إطلاق سراح باقي الأسرى طوال هذه المدة.

وهو ما دفع بمنتدى عائلات الأسرى الإسرائيليين للإعلان بعد ساعات من عودة ألكساندر إلى ذويه أنهم "سيعملون على تشجيع الإدارة الأميركية على الاستمرار فيما بدأت به، لأن خلاصنا سيأتي من جهتهم، فنتنياهو يهتم بنفسه فقط، ويستخدم ملف الأسرى للبقاء في الحكم، وإرضاء رغبات المتطرفين في حكومته".

هذا لا يعني أن رواية حماس الكاملة تم شراؤها من قبل الأمريكيين على حساب السردية الإسرائيلية، لكن ما رآه المفاوضون الأمريكيون وجهاً لوجه من قادة حماس وجد أثره في لقاء ويتكوف مع عائلات الأسرى الإسرائيليين قبل أيام عقب وصوله من الدوحة.

حيث أكد لهم أن كلمة السرّ في عودة أبنائهم هي وقف الحرب، وهو ذاته الموقف الذي تتبنّاه حماس، حتى إن المراسل يانون شالوم من قناة "i24″، اعترف بمرارة قائلاً: "جندياً من لواء غولاني أفرجت عنه حماس، بينما القيادة الإسرائيلية غير قادرة على قول كلمة واحدة أمام الكاميرا".

واشنطن مستمرّة حتى إنهاء الحرب

تندّر الإسرائيليون مطولاً على تعقيب مكتب نتنياهو على إطلاق سراح عيدان ألكساندر، بزعم أنه جاء نتيجة للضغط العسكري، رغم أن الإفراج عنه تم بالتدخل الأمريكي المباشر، ودون وجود إسرائيلي في المفاوضات.

كل ذلك دفع آفي أشكنازي، محلل الشؤون العسكرية بصحيفة "معاريف"، لمطالبة الحكومة بالتوقف عن مغامرتها الحربية في غزة، وإنهاء هذه الحرب المستمرة بلا نهاية، على ضوء أن ترامب لن يسمح لائتلاف نتنياهو الفاشي بتعطيل تحقيق أهدافه، أو على الأقل نيل حلمه الأكبر المتمثل بجائزة نوبل للسلام.

ولذلك ظهر أن إسرائيل تلقّت "درساً تأديبياً"، وعلى الهواء مباشرة، بل إن الصفعات المتتالية التي حصل عليها من ترامب تضعه في مكانة أقلّ قليلاً من الإهانة التي تعرّض لها زيلينسكي، الرئيس الأوكراني، في البيت الأبيض، ومن يعلم، فقد يحصل على إهانة مماثلة في حال أصرّ على معاندة ترامب.

أكثر من ذلك، فقد تداولت وسائل الإعلام الإسرائيلية في الساعات الأخيرة ما قالت إنه فحوى رسالة ويتكوف حين وصل إلى إسرائيل الاثنين 12 مايو/أيار لاستلام ألكساندر، واجتماعه مع نتنياهو وطاقمه الأمني والعسكري في مقر وزارة الحرب، وليس رئاسة الحكومة.

وجاء في مضامين الرسالة أن "الولايات المتحدة لا تنوي التهاون معه، وهي مصمّمة على إنهاء الحرب، من خلال استغلال الزخم الناتج عن تحرير ألكساندر، ووصول ترامب إلى السعودية من أجل دفع نتنياهو إلى زاوية (لا خيار آخر)، والتقدّم نحو اتفاق"، ويعتقدون أنه لا يستطيع تحمّل الدخول في خلاف علني مع ترامب.

بل إن زيارة ترامب إلى المنطقة دون التعريج على إسرائيل شكّلت صفعة مدوّية لها، وتحمل إشارة لا تخطئها العين حول حجم التوتر بينهما، مع تلميح بإمكانية قيامه بذلك إن تحققت تطلعاته بإنجاز اتفاق حقيقي لصفقة تبادل أسرى.

هذا الوضع دفع بالجنرال يتسحاك بريك، المفوض الأسبق في جيش الاحتلال، لإبداء التخوّف من أن تسفر عملية إطلاق سراح ألكساندر عن طرح أسئلة مصيرية حول النتائج الكارثية المتوقعة، أهمها أن الجيش لن يهزم حماس، لأنه غير قادر على حسم المعركة، مما يعني وجود أنفسنا في حرب استنزاف مدمّرة.

تصفية الحسابات بين الحكومة والمعارضة

تزامن الإفراج عن الجندي الإسرائيلي عيدان ألكساندر مع حالة من الاستقطاب غير المسبوق بين الائتلاف اليميني والمعارضة، وتحوّل الحدث إلى مناسبة لتبادل الاتهامات بينهما:

  • أكّد زعيم المعارضة، يائير لابيد، أن "الاتصالات المباشرة بين حماس والولايات المتحدة تُعد فشلاً دبلوماسياً مخزياً للحكومة الإسرائيلية وزعيمها".
  • أشار زعيم حزب "معسكر الدولة"، بيني غانتس، إلى أنه "يصعب أن نرى الحكومة تفتقر لتحمّل مسؤولية استعادة جميع المختطفين".
  • اتّهم عضو الكنيست الجنرال غادي أيزنكوت، عضو مجلس الحرب المستقيل، "الحكومة بالاختباء خلف رواية أن الإفراج عنه تم دون مقابل، وهذا سلوك يعكس ضعفاً، ويفتقر للجدّية".
  • أكّد الجنرال يائير غولان، النائب الأسبق لقائد جيش الاحتلال وعضو مجلس الحرب المستقيل، أن "من حسن حظ ألكساندر أنه وُلِد حاملاً الجنسية الأميركية، هذه بحدّ ذاتها عار وخزي، إنها فضيحة للدولة، لا أجد كلمات لأعبّر عن الصدمة العميقة من واقع أن جندياً في خدمة الجيش تُرِك لمصيره من قبل الحكومة، واضطرّ للاعتماد على الرئيس الأميركي من أجل أن يُفرج عنه".
  • أشار رئيس شعبة العمليات السابق في الجيش، يسرائيل زيف، إلى أن "نجاح ترامب في إعادة ألكساندر إهانة موجعة لفشل نتنياهو".
  • أوضح أفيغدور ليبرمان، زعيم حزب "يسرائيل بيتنا"، أن "نتنياهو لا ينوي القضاء على حماس، بل يريد إطالة أمد الحرب حتى الانتخابات، ومن لا يعرف كيف يقضي على حماس بعد حرب متواصلة منذ عام وسبعة أشهر، لن يفعل ذلك بعد 17 عاماً".
تحميل المزيد