إلى أين يسير قيس سعيد بتونس؟ تردي حقوقي واجتماعي واعتقالات سياسية متواصلة.

عربي بوست
تم النشر: 2025/02/22 الساعة 18:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2025/02/22 الساعة 18:51 بتوقيت غرينتش
أحزاب طالبت بضمانات للمشاركة بانتخابات تونس بينها هيئة انتخابات غير معينة من سعيد/ رويترز

بعد مرور أكثر من 3 سنوات على حل الرئيس التونسي قيس سعيد للبرلمان وتغيير الدستور وتشكيل حكومة جديدة، لا تزال تونس يُسيطر عليها مشهد الضبابية والخوف بعد توالي المحاكمات السياسية وصدور أحكام ثقيلة ضد المعارضين.

ومنذ فبراير/شباط 2023، والمحاكمات والملاحقات مستمرة في تونس، ولعل أبرز الملفات التي يتابع فيها عدد كبير من السياسيين والمعارضين ما يُعرف بملف التآمر، وملف "أنستالينغو" الذي صدرت فيه أحكام ثقيلة وصلت إلى 35 سنة.

ويرى عدد من القضاة والمحامين والحقوقيين في مصر أن محاكمات السياسيين تتم في ظروف غير عادلة ولا تتوفر فيها شروط العدالة، كما أن القضاء أصبح وظيفة تتحكم فيها وزارة العدل.

"تشاؤم"

وقال المحامي أمين بوكر عضو هيئة الدفاع في ملف التآمر: "لدينا مخاوف كبيرة من جلسة مايو/آذار 2025 ونحن نطالب بجلسة علنية تتوفر فيها جميع شروط المحاكمة العادلة والإجراءات القانونية".

واعتبر الأستاذ بوكر في حديث خاص لـ"عربي بوست" أن "هناك ظلمًا كبيرًا مسلطًا على المساجين المعارضين من أحكام قاسية إلى ظروف سيئة بالسجن، وتم نقل أكثر من معتقل إلى المستشفى في أكثر من مرة".

وقال المتحدث إن أبرز المعتقلين الذين يعانون وضعًا صحيًا صعبًا هم: القيادي في حركة النهضة والوزير السابق نور الدين البحيري، ورئيس حركة النهضة التونسية بالوكالة منذر الونيسي، ورئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسى والصحفي محمد بوغلاب.

من جهته، اعتبر مستشار رئيس حركة النهضة وعضو جبهة الخلاص الوطني، رياض الشعيبي، أن "الوضع في تونس يتدهور يومًا بعد يوم، والسلطة مستمرة في سياسة التشفي والتنكيل بالمعتقلين مع أحكام ثقيلة من المتوقع أن ترتفع في المستقبل القريب".

وقال الشعيبي في حديث لـ"عربي بوست": "في الحقيقة، هناك تشاؤم عندنا، ونتوقع صدور أحكام عالية مشابهة لملف 'أنستالينغو'، ونحن إزاء قضاء الوظيفة وهو ما جعله يفقد استقلاليته بشكل واضح".

ويُعتبر ملف التآمر من أبرز الملفات التي اعتقل فيها عدد كبير من المعارضين السياسيين ووجّهت لهم تهمة "تكوين وفاق إرهابي، والتآمر على أمن الدولة، وارتكاب أمر موحش في حق رئيس الدولة"، وأبرز المعتقلين: راشد الغنوشي، نور الدين البحيري، وعصام الشابي.

"الفترة الأكثر تهديداً"

وليس السياسيون فقط من يواجهون السجون في تونس، بل طالت يد السلطة حتى الصحافيين الذين يقبع عدد كبير منهم في السجون بتهم مختلفة، أبرزهم الصحفية شذى الحاج مبارك والتي صدر حكم ضدها مؤخراً يقضي بسجنها خمسة أعوام في ملف "أنستالينغو"، والصحفي لطفي الحيدوري بـ 27 سنة، بالإضافة إلى محمد بوغلاب، مراد الزغيدي، برهان بسييس.

وقال نقيب الصحفيين التونسيين زياد الدبار في حديث لـ"عربي بوست": "نحن في الوضع الأكثر تهديداً لوجود الصحافة في تونس، وعلينا أن نتوحد لمواجهة الخطر الذي يقمع الصحفيين والمؤسسات الإعلامية".

القضاة أيضاً نالوا نصيبهم من بطش السلطات في تونس، إذ قال رئيس جمعية القضاة التونسيين أنس الحمايدي إن "الخطر الكبير أننا فقدنا مقومات وجود القضاء أصلاً، وصفنا الوضع بالكارثي لأنه فعلاً كذلك وحتى أكثر".

وأكد الحمايدي في تصريح خاص لـ"عربي بوست": "لا وجود لسلطة قضائية مطلقاً بل لوظيفة تتحكم بها وزارة العدل، تم ضرب كل شروط المحاكمة العادلة وفتح الباب لضرب الحقوق والحريات والانتهاكات والتشفي والتنكيل بكل نفس حر".

وأشار القاضي ورئيس جمعية القضاة في تونس في تصريح لـ"عربي بوست" أنه "للأسف لا وجود لأي أفق يوحي بالانفراج في تونس بل الوضع يزداد سوءاً مع كل يوم".

ما العمل؟

وعن دور المعارضة في هذه الفترة الحساسة من تاريخ البلاد، قال السياسي رياض الشعيبي: "نحن في تعريف مستمر بما يحدث من مظالم خاصة من قضايا تلاحق المعارضين، وأيضاً للتنديد بالإجراءات التعسفية التي لا تحترم حقوق الإنسان".

وأضاف المتحدث أن "هناك حالة وعي جيدة بصدد التشكل بالبلاد، نحاول جمع الشمل بين مختلف الحساسيات الفكرية وننتفض للدفاع عن ما تبقى من مكاسب وحقوق".

فيما قال الناطق الرسمي باسم الحزب الجمهوري وسام الصغير: "لا خيار أمامنا إلا الصمود والنضال المستمر لمواجهة هذه السلطة التي لا تعرف إلا التنكيل والتشفي بمعارضيها".

وطالب الصغير في حديث لـ"عربي بوست": "على المعارضة أن تراجع نفسها وخاصة خياراتها، عليها بمراجعات جذرية وعميقة تزيدها قوة ووحدة لمواجهة النظام الاستبدادي الذي لا يعرف إلا التصعيد".

يشار إلى أن المعارضة ووفق مصادر خاصة تستعد لتنظيم تحركات قريباً وخاصة مع قرب موعد النظر في ملف "التآمر"، مؤكدة أن النضال السلمي هو السبيل الوحيد لخلاص البلاد من الوضع المتردي سياسياً واقتصادياً واجتماعياً.

اجتماعياً ووفق المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية وفي تقريره الأخير لشهر يناير المنقضي، فإن التحركات الاحتجاجية المطالبة بالتشغيل في نسق تصاعدي وبشكل لافت في جميع القطاعات.

علامات:
تحميل المزيد