مع تقدم فصائل المعارضة السورية على الأرض وسيطرتها على مدن وقرى كانت تابعة لنظام بشار الأسد، خاصة محافظة حلب وريف إدلب، تواترت مجموعة من الأسئلة بشأن الخطوات المقبلة لفصائل المعارضة وكيف سيتم التعامل مع المناطق "المحررة"، إضافة إلى إمكانية توقف عملية "ردع العدوان" بطلب من قوى إقليمية.
هذه الاستفسارات وغيرها نقلناها إلى العقيد مصطفى بكور، المتحدث الرسمي باسم فصيل "جيش العزة"، وأحد قادة عملية "ردع العدوان" التي انطلقت في 27 نوفمبر/تشرين الثاني 2024، حيث أوضح بكور لـ"عربي بوست" ما قامت به فصائل المعارضة وخططها لـ"تحرير" المزيد من المدن والقرى من سلطة بشار الأسد.
وكشف القيادي العسكري السوري عن إعداد خطة جديدة تهدف إلى السيطرة على مدينة حماة، تبدأ بإحكام الحصار على المدينة عسكرياً والدفع بالمزيد من التعزيزات العسكرية إلى الخطوط الأمامية للمواجهات، في ظل إصرار النظام السوري على التمسك بالمدينة التي يعتبرها "أهم من مدينة حلب". وفي ما يلي نص الحوار.
مواجهات عنيفة تدور حالياً بين فصائل المعارضة وقوات النظام على مشارف حماة. ما الأهمية الاستراتيجية للمدينة؟ وما الهدف من السيطرة عليها؟
محافظة حماة، وبحكم موقعها الجغرافي، تعد بمثابة واسطة عقد بين المناطق الشمالية والغربية والشرقية في سوريا، وبسبب تاريخ إجرام نظام الأسد الأب مع أهالي مدينة حماة، يعتبر تحريرها ضربة كبيرة وموجعة لنظام بشار الأسد.
كما أن النظام ظل خلال الـ14 عاماً الماضية، عمر الثورة السورية، يروج أن حماة من المدن الأشد موالاة له، وتقف معه ضد الحراك الثوري. وتحرير مدينة حماة سيمكن من السيطرة على مطار حماة العسكري، ويمكن أن يكون تحرير حماة من النظام السوري بوابة لتحرير محافظة حمص.
هل ستكون محافظة حمص الوجهة التالية بعد حماة؟ وهل ستكون مهمة السيطرة عليها أسهل؟
بالنسبة لمحافظة حمص، أتوقع أن تحريرها والسيطرة عليها بعد محافظة حماة قد تكون تحصيل حاصل، نظراً لانهيار قوات النظام السوري وشبه تفككها في الميدان.
وهنا يجب الإشارة إلى أن أكثر من نصف سكان حمص مهجرون بسبب الحملات العسكرية والقصف خلال السنوات الماضية، وهم يرغبون بالعودة إلى ديارهم، وذلك بات واجباً رئيسياً على عملية "ردع العدوان" بعد تحريرها من قوات النظام السوري.
هل ستتوفر عودة النازحين إلى المناطق المحررة في حلب؟ وكيف تخطط الإدارة المدنية لفصائل المعارضة لذلك؟
نعم، بالتأكيد. عودة المهجرين والنازحين إلى منازلهم هو من الأهداف الأساسية لعملية "ردع العدوان"، وذلك بعد تأمين المدنيين من عمليات القصف المستمرة لقوات النظام والميليشيات الإيرانية. بعد ذلك ستقوم إدارة العمليات العسكرية مع الإدارات المدنية بتأمين الخدمات الإنسانية وغيرها لسكان حلب وللنازحين الذين يرغبون بالعودة إلى منازلهم.
ما الذي تقومون به لتأمين المناطق التي سيطرت عليها المعارضة حديثاً؟
يتم تأمين كل المناطق المحررة حديثاً من خلال التأكيد على الفصائل الثورية والتشديد عليها بعدم التعرض للمدنيين الذين كانوا يرزحون تحت الاحتلال الأسدي والميليشيات الإيرانية، مع تأمين كل الخدمات الإنسانية وتوفير الأمن والسلامة لهم.
بحكم أنكم أحد قادة عملية "ردع العدوان"، كيف تتعاملون مع الأسرى من قوات النظام وغيرها من العناصر الإيرانية؟
لا شك أن الوقائع أثبتت أن تعامل الفصائل مع الأسرى كان تعاملاً إنسانياً وفق الشريعة الإسلامية والقانون الدولي، مع وضعهم في مناطق آمنة، في الوقت الذي يتعرض فيه الثوار للقصف المستمر من قبل قوات النظام السوري والميليشيات الإيرانية والطيران الروسي.
هل ينعكس استهداف النظام السوري للمنشآت المدنية إيجاباً على تعاطف المدنيين مع الثوار؟
بالتأكيد هناك العديد من المدنيين الذين كانوا يعيشون ضمن المناطق المحررة يتعرضون لحملة قصف عنيفة من النظام السوري والروسي، بالتزامن مع القصف البري. نحن نسعى بكل إمكاناتنا لتأمين هؤلاء المدنيين والحفاظ على سلامتهم، مما أدى إلى شعور متزايد لدى المدنيين بالثقة بالثورة السورية وفصائلها، وبالتالي بدأوا يظهرون تعاوناً ملحوظاً مع الفصائل الثورية.
هل هناك أسرى من حزب الله اللبناني وإيران منذ بدء العملية؟
فعلاً، جرى أسر عناصر إيرانيين خلال عملية "ردع العدوان" في عدد من المواقع التي تمكنت الفصائل المعارضة من السيطرة عليها، لكن أعدادهم قليلة. بينما لم يتم أسر أي عناصر من حزب الله اللبناني حتى الآن، نظراً لمغادرتهم لعدد من المناطق منذ فترة.
هناك من يقول إن عملية "ردع العدوان" كانت بقرار دولي وإقليمي، ما يطرح مخاوف من أن يكون هناك قرار مماثل يضغط على المعارضة لإيقاف المعركة؟
المعركة انطلقت بناءً على حاجة تأمين مناطق الشمال السوري من مخاطر عمليات النظام السوري والميليشيات الإيرانية، وليس هناك أي توقف للمعركة.
نؤكد أنه لا يوجد أي ارتباط بين المعركة الحالية وأي جهة دولية أو إقليمية، بالرغم من تشابك المصالح والنفوذ التي تفرضه بعض القوى الدولية والإقليمية على أجزاء من سوريا. كما أن إيقاف المعركة ليس ضمن التوقعات والاحتمالات الواردة، ما دام هناك خطر روسي وإيراني ومن النظام يهدد أمن وسلامة المدنيين. وإن حصل توقف للمعركة، سيكون لأسباب مؤقتة تقدرها إدارة العمليات العسكرية أو لأسباب لوجستية.
هل هناك أطراف إقليمية تتواصل معكم منذ بدء المعركة؟
لا يخفى على أحد أن الكثير من الأطراف الدولية والإقليمية مهتمة بما يحصل الآن في سوريا، ومن الطبيعي أن تتواصل هذه الأطراف مع القائمين على إدارة المناطق المحررة أو حتى مع قادة الفصائل، وهذا أمر طبيعي.
هل لديكم تواصل مع روسيا؟
قطعاً لا يوجد أي تواصل مع الروس، لا سيما أنهم لا يزالون منخرطين في الحرب السورية إلى جانب النظام، عبر استخدام المقاتلات في قصف المدنيين وإسناد قوات النظام جوياً ضد الفصائل الثورية.