أمريكا تصنف كينيا “حليفاً خارج الناتو” في خطوة تخدم مصالح “إسرائيل”.. كيف ذلك؟

عربي بوست
تم النشر: 2024/06/01 الساعة 08:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2024/06/01 الساعة 08:19 بتوقيت غرينتش
الرئيس الكيني ويليام روتو والرئيس الأمريكي جو بايدن يتصافحان خلال مؤتمر صحفي مشترك في البيت الأبيض بواشنطن (مايو 2024) - رويترز

أعلنت الولايات المتحدة تصنيف كينيا كحليف رئيسي من خارج الناتو في مايو/أيار 2024، خلال زيارة الرئيس ويليام روتو إلى واشنطن، والتي تعد الأولى التي يقوم بها زعيم أفريقي من جنوب الصحراء الكبرى منذ عام 2008. وبهذا الإعلان تصبح كينيا الدولة الـ19 التي تندرج تحت هذا التصنيف عالمياً، والرابعة أفريقياً بعد مصر، وتونس، والمغرب، والأولى من دول جنوب الصحراء. وسيشجع ذلك الدول الأعضاء في حلف الناتو وحلفاء أمريكا الرئيسيين داخل وخارج الناتو مثل "إسرائيل" على إنشاء شراكات عسكرية وأمنية مع كينيا وتوسيعها.

ماذا يعني تصنيف كينيا كحليف رئيسي من خارج الناتو؟

يقول موقع أسباب للشؤون الاستراتيجية إن تصنيف كينيا كحليف رئيسي من خارج الناتو يدل على تبلور شراكة استراتيجية وأمنية عميقة بين أمريكا وكينيا، وسيمنح كينيا إمكانية الوصول إلى المعدات العسكرية المتقدمة، وبرامج تدريب وقروض عسكرية، والتعاون في مجال البحث والتطوير في مجال الصناعات الدفاعية، دون أن يفرض ذلك التزامات المساعدة العسكرية المباشرة من أمريكا على غرار الالتزام القائم بين أعضاء الناتو. 

كما ستتلقى كينيا 8 مروحيات من طراز MD500، والتي تقدر تكلفتها بنحو 2.5 إلى 3.5 مليون دولار، و8 مروحيات أخرى من طراز Huey (Bell UH-1 Iroquois)، وستحصل على 150 مدرعة. بجانب ذلك، ستعمل أمريكا على بناء مدرج طائرات بطول 10 آلاف قدم لتوسيع مطار خليج ماندا في لامو، لتقوية البنية التحتية واللوجستية التي ستستخدمها في عملياتها ضد حركة الشباب المنتشرة في الصومال وكينيا.

سبق ذلك الإعلان استضافة كينيا لأكبر مناورات عسكرية أمريكية في أفريقيا بين 26 فبراير و7 مارس، بمشاركة أكثر من 1000 مشارك من 23 دولة، تحت قيادة فرقة العمل التابعة للجيش الأمريكي في جنوب أوروبا وأفريقيا (SETAF-AF). وساهمت مشاركة كينيا بألف شرطي ضمن قوات حفظ السلام في هايتي في تعزيز العلاقات العسكرية مع أمريكا، حيث جسدت هذه المشاركة الاستجابة لمتطلبات المصالح الجيوسياسية الأمريكية، فيما تستفيد كينيا من ميزانية 300 مليون دولار المخصصة لدعم تلك القوات. بالإضافة إلى ذلك، تُظهر مشاركة كينيا في مجموعة الاتصال الأوكرانية توافقها مع المصالح الأمريكية في دعم أوكرانيا ضد الغزو الروسي.

لماذا كينيا؟ 

مثل موقع كينيا الجغرافي أهمية جيوسياسية خلال الحرب العالمية الثانية، حيث استخدمه البريطانيون ضد إيطاليا التي كانت تمتلك قوات عسكرية وعلاقات جيدة مع إثيوبيا. وخلال الحرب الباردة، سعى البريطانيون إلى تثبيت أنظمة ما بعد الاستعمار في كينيا التي كانت تميل للمصالح الغربية ومناهضة الشيوعية تحت مفهوم "القاعدة الأمامية".

وبحسب "أسباب"٬ تتأثر سياسة كينيا الخارجية بعدد من العوامل الجيوسياسية. يأتي في مقدمتها الموقع الاستراتيجي بالقرب من منطقة القرن الأفريقي المضطربة نتيجة عدم الاستقرار طويل الأمد في الصومال، وإثيوبيا، وجنوب السودان. ما يزيد من الشق الأمني في نظرة كينيا لدورها الإقليمي، خاصة مع وجود جماعات مثل حركة الشباب الصومالية.

بالإضافة لذلك، فإن وجود كينيا في حوض نهر النيل ذي الأهمية الجيوسياسية، ينعكس على تفاعلات نيروبي الإقليمية، وخاصة فيما يتعلق بنزاعات حقوق المياه مع مصر. من جهة أخرى؛ فإن إطلالة كينيا على المحيط الهندي تضعها في تفاعل حتمي مع التنافس بين القوى العظمى ومصالحها في المنطقة، خاصة الولايات المتحدة والصين، وهو الأمر الذي يؤثر أيضاً على تشكيل استراتيجيات كينيا الدبلوماسية والأمنية.

والآن، بينما تواجه الولايات المتحدة منافسة شديدة من الصين وروسيا، اللتين زادتا من نفوذهما في جميع أنحاء أفريقيا، تعمل واشنطن على استثمار موقع كينيا جغرافيا بما يحافظ على مصالحها الأمنية والعسكرية أمام منافسيها، حيث تمتلك أمريكا قاعدة عسكرية في خليج ماندا في كينيا، تستخدم منذ 2006 كمطار يخدم الأعمال العسكرية إقليمياً بجانب برامج التدريب الموجهة للدول الأفريقية. وتعتبر تلك القاعدة ثاني أهم قاعدة عسكرية أمريكية في أفريقيا، وذلك بعد معسكر ليمونير في جيبوتي، الذي يعد القاعدة العسكرية الأمريكية الوحيدة الدائمة في أفريقيا، وهو بمثابة المقر الرئيسي لقوة المهام المشتركة التابعة للقيادة الأمريكية في أفريقيا وفي القرن الأفريقي.

وتتزايد أهمية هذا التحرك الأمريكي نحو كينيا (المستقرة) في ظل تراجع عسكري غربي في دول الساحل الأفريقي المضطربة، وذلك بعد قرار المجلس العسكري في النيجر إنهاء التواجد العسكري الأمريكي في قاعدتين جويتين في نيامي وأغاديز، كانتا تستضيفان طائرات من دون طيار من طراز MQ-9 Reaper لمهام الاستخبارات والمراقبة في المنطقة، وذلك قبل 15 سبتمبر القادم، وهو ما سبب خسائر استراتيجية في منطقة الساحل الأفريقي، خاصة بعد مطالبة تشاد بسحب العسكريين الأمريكيين أيضاً. 

وقد وقعت الأنظمة العسكرية المناهضة للغرب في كل من بوركينا فاسو ومالي والنيجر، اتفاقية عسكرية مشتركة، قد تمهد لترتيبات أمنية جديدة في منطقة الساحل بعيدة عن الولايات المتحدة والغرب، خاصة أن هذه الأنظمة الجديدة تؤسس لعلاقات أمنية أوسع مع روسيا، ما يسمح للوجود العسكري الروسي بالنمو. لذلك؛ تسعى واشنطن لتعزيز انتشارها الأمني في مناطق أخرى في أفريقيا، بما في ذلك غرب أفريقيا، بحيث يتكامل مع التواجد الأمريكي في كينيا شرقاً وجيبوتي في القرن الأفريقي. 

الولايات المتحدة والصين في كينيا

تؤسس الولايات المتحدة لعلاقات استراتيجية في مجالات الدفاع والأمن الإقليمي والتكنولوجيا مع كينيا، بما يعزز من تأمين مصالحها الحيوية أمام أي منافسة في شرق أفريقيا والقرن الأفريقي، خاصة مع الصين. ويرجح أن تتزايد أهمية الدور العسكري الأمريكي في كينيا كنقطة انطلاق لمواجهة التهديدات الأمنية من قبل حركة الشباب في الصومال، أو حركات التمرد في مناطق أخرى مجاورة.

من جانبها؛ ستحافظ الصين على نفوذها الاقتصادي، وسيكون من الصعب على أمريكا والقوى المنافسة أن تستثنيها أو أن تحجم نفوذها في ظل شبكة المصالح الاقتصادية التي تعمل على بنائها بشكل أوسع مع دول شرق أفريقيا، والتي تستند لمشاركة واسعة في مشروعات البنية التحتية الاستراتيجية وتقديم القروض. فيما لا يرجح أن تعمل الصين على رفع مستوى العلاقات العسكرية مع كينيا في الأجل القريب حتى لا تخاطر بخسارة تموضعها الاقتصادي.

1- الديون والمساعدات الإنسانية 

تبلغ نسبة ديون كينيا الخارجية 38.4٪ من الناتج المحلي الإجمالي حتى يناير/كانون ثاني 2024، ما يعادل 38.51 مليار دولار. وتقتصر الديون الثنائية على 21٪ من إجمالي ديون كينيا الخارجية، في حين تستحوذ المؤسسات الدولية متعددة الأطراف على 50.4٪. وتأتي مؤسسات البنك الدولي، ممثلة في المؤسسة الدولية للتنمية (IDA)، في مقدمة الدائنين بنسبة 29.3٪ من إجمالي الديون الخارجية، ويليها حاملو السندات السيادية الدولية (ISB) بنسبة 18.4٪ والتي تمتلك أمريكا والاتحاد الأوروبي تأثيراً كبيراً في توجيهها.

وفي المجمل؛ فإن المؤسسات والدول والبنوك الغربية لها الحصة الأكبر بنسبة تتجاوز ثلثي إجمالي ديون كينيا الخارجية. وعلى الرغم من أن القروض الصينية البالغة 6.3 مليار دولار، في يناير/كانون ثاني 2024، تمثل 14.8% فقط من إجمالي الدين العام الخارجي لكينيا، إلا أن أهميتها تظهر في أنها تمثل نحو 70% من ديون كينيا الخارجية الثنائية، وهو ما يمنح الصين نفوذاً معتبراً على السياسة الكينية.

قدمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ما يقرب من 1.3 مليار دولار على مدى السنوات الـ 12 الماضية للاستجابة للاحتياجات الإنسانية في كينيا. كما قدم مكتب السكان واللاجئين والهجرة التابع لوزارة الخارجية الأمريكية أكثر من 667 مليون دولار من المساعدات الإنسانية في كينيا. وذلك في إطار "تقاسم المسؤولية" في إعادة توطين اللاجئين، حيث أعيد توطين أكثر من 26 ألف لاجئ منذ 2014.

2- السباق على سلاسل توريد أشباه الموصلات وقطاع التكنولوجيا

الوجه الآخر الاستراتيجي في التنافس الصيني الأمريكي يكمن في تأمين توريد أشباه الموصلات من كينيا لا سيما في قطاعات التجميع والاختبار والتعبئة، خاصة مع تنامي احتمالات نشوب حرب في تايوان، والتي تسيطر على 68٪ من الحصة السوقية في عام 2023. 

لذلك تعمل أمريكا على إنشاء سلسلة توريد قوية لأشباه الموصلات في كينيا، وتخطط لتصبح كينيا أول دولة في أفريقيا تستفيد من تمويل (قانون الرقائق والعلوم الأمريكي الصادر عام 2022)، وهو قانون تاريخي بقيمة 280 مليار دولار يهدف إلى تعزيز صناعة الرقائق المحلية. ولدعم هذه الشراكة الاستراتيجية، وقعت وكالة التجارة والتنمية الأمريكية (USTDA) اتفاقية منحة مع شركة التكنولوجيا الكينية Semiconductor Technologies Limited (STL) لإجراء دراسة جدوى لتطوير منشأة جديدة لتصنيع أشباه الموصلات في كينيا.

اتفقت شركة مايكروسوفت وشركة التكنولوجيا الإماراتية G42 على بناء مركز بيانات يعمل بالطاقة الحرارية الأرضية بقيمة مليار دولار في نيروبي، والتي ستتضمن بناء حرم جامعي لمركز بيانات يعمل بالطاقة الحرارية الأرضية في منطقة أولكاريا، وهي منطقة غنية بموارد الطاقة الحرارية الأرضية. وستتضمن المبادرة أربع ركائز إضافية ستتم متابعتها مع شركاء محليين: (1) تطوير أبحاث نموذج الذكاء الاصطناعي باللغة السواحيلية والإنجليزية؛ (2) بناء مختبر الابتكار في شرق أفريقيا لعمل برامج تدريب على المهارات الرقمية في مجال الذكاء الاصطناعي؛ (3) الاستثمار في الاتصالات الدولية والمحلية؛ و(4) التعاون مع حكومة كينيا لدعم الخدمات السحابية الآمنة عبر شرق أفريقيا. وهو ما سيؤثر على نمو الاقتصادي الكيني ودعم احتياجاته الثقافية واللغوية. 

تقدم كل من الصين وأمريكا استثمارات مدينة كونزا تكنوبوليس، وهي مدينة تكنولوجية قيد الإنشاء تبلغ مساحتها 5000 فدان، وتقع جنوب نيروبي، ويتم تطويرها بتكلفة 14.5 مليار دولار. ترتكز استثمارات أمريكا عبر شركة Tetra Tech Inc، وهي الشركة التي تقود اتحاد MDP2، الذي يضم 11 شركة من الولايات المتحدة وألمانيا وهولندا والإمارات وخمس شركات من كينيا. وهو الاتحاد المعني بتصميم المخطط الرئيسي، ووضع خيارات التمويل، وإدارة الإنشاءات لتطوير المدينة بعقد بقيمة 25 مليون دولار.

فيما قاربت شركة صينية على الانتهاء من بناء محطة كونزا الفرعية بقدرة 400 كيلو فولت، وهي إحدى مشاريع البنية التحتية الرئيسية لمدينة تكنوبوليس. كما تسعى الصين إلى تصنيع الهواتف المحمولة عبر تعاون شركة Shenzhen TeleOne Technology الصينية لتجارة الأجهزة المحمولة مع مشغلي الاتصالات Safaricom و Jamii Tecommunication في مشروع لإنشاء مصنع لتصنيع الهواتف الذكية منخفضة التكلفة داخل المدينة، وذلك ضمن خطة حكومية تهدف إلى صناعة أرخص هواتف في أفريقيا بمتوسط أسعار 50 دولاراً.

3- مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية

وقعت هيئة الطرق السريعة في كينيا ومدير الاستثمار في البنية التحتية الأمريكية Everstrong Capital اتفاقية بقيمة 3.6 مليار دولار لبناء طريق سريع بطول 440 كم بين العاصمة نيروبي ومدينة مومباسا الساحلية، بموجب امتياز مدته 30 عاماً. في المقابل أعادت البنوك الصينية، بقيادة بنك التصدير والاستيراد الصيني (Exim Bank)، الالتزام بتقديم 6 مليارات دولار لتمويل بناء خط السكة الحديد القياسي (SGR) الذي يربط كينيا وأوغندا، بعد أن سحبت الصين تمويلها للمشروع عام 2018. 

تقوم الصين أيضاً بتمويل بناء محطة جديدة في مومباسا، وأنهت بالفعل بناء المرحلة الأولى من الميناء، والذي يعتبر أكبر ميناء في شرق أفريقيا، ضمن جهود الصين لتعزيز البنية التحتية لموانئ كينيا وكفاءة التجارة في المنطقة لتحقيق أهداف مبادرة الحزام والطريق، حيث سيتقاطع مع ممر النقل (لامو – جنوب السودان – إثيوبيا) والذي سيشتمل على بناء خط سكة حديد، وطريق سريع، وخط أنابيب نفط وبنية تحتية أخرى تربط كينيا بجنوب السودان وإثيوبيا. كما بنت الصين (طريق نيروبي السريع) بطول 27 كم، تم تصميمه وتنفيذه من قبل مقاولين صينيين في قلب نيروبي، لخفض وقت السفر عبر المدينة من ساعتين إلى 20 دقيقة فقط، مع أكثر من 20 مليون مركبة تستخدم الطريق برسوم مرور في السنة الأولى من تشغيله.

المشهد الجيوسياسي الكيني في ضوء الفاعلين الإقليميين

يقول موقع "أسباب" إنه من الممكن أن تتعاون تركيا مع أمريكا في محاربة حركة الشباب التي لها انتشار في كل من الصومال وكينيا، خاصة بعد تموضع أنقرة الاستراتيجي في القرن الأفريقي وشرق أفريقيا من خلال الاتفاقيات التي وقعتها مع الصومال وجيبوتي. 

وقد سبق أن اشترت كينيا 118 مركبة مقاومة للألغام ومحمية من الكمائن (MRAPs) من تركيا بقيمة 73 مليون دولار. وهي مدرعات تتمتع بخصائص تكتيكية عالية في حروب العصابات وتأمين الجنود في العمليات التي يتم تنفيذها في المناطق النائية كالغابات التي تنتشر فيها حركة الشباب بشكل قوي.

وتركيا هي أيضاً من ضمن الدول ذات التأثير الاقتصادي في كينيا بحجم استثمارات لا تقل عن 1.1 مليار دولار، حيث أنجزت شركات البناء التركية 11 مشروعاً في كينيا بقيمة إجمالية قدرها 377 مليون دولار. وفي يوليو/تموز 2022، أعلنت شركة الصناعات التركية القابضة عن استثمار بقيمة 760 مليون دولار لإنشاء ستة مصانع في منطقة نيفاشا الاقتصادية الخاصة والتي ستوظف 2800 كيني. ومن المتوقع أن يضخ المجمع الصناعي التركي الممتد على مساحة 400 فدان، 530 مليون دولار سنوياً في الاقتصاد الكيني.

ماذا عن إسرائيل؟

استطاعت "إسرائيل" الدخول من بوابة الحرب على حركة الشباب واستغلال الاحتياج الأمني، حيث أرسلت قوات لمساعدة كينيا بعد هجوم حركة الشباب على مركز ويستجيت للتسوق في نيروبي عام 2013. كما تعمل عدد من الشركات الأمنية الإسرائيلية على تأمين عدد من المواقع الحيوية، حيث تؤمن شركة Magal Security Systems Ltd الإسرائيلية ميناء مومباسا من خلال مشروع أمني قيمته 25 مليون دولار عام 2012. 

لكن التطور اللافت جاء في مايو/أيار 2024 وهو تسليم نظام سبايدر للدفاع الجوي من قبل شركة رافائيل الإسرائيلية إلى كينيا بقرض قيمته مليار شلن (7.5 مليون دولار تقريباً) وسط التهديدات الأمنية للاحتلال في خليج عدن من قبل جماعة الحوثي، وهو ما يثير احتمال أن كينيا ستبدأ خطوات بالانخراط في التحالفات الأمريكية الأمنية والعسكرية، وهو بلا شك سيكون له تبعات سلبية في العلاقات مع إيران.  

إيران والإمارات ومصر

أما العلاقات مع إيران؛ فليس من المرجح تقدمها في مجالات استراتيجية خاصة على المستوى الأمني في ظل تنامي التعاون الأمني والعسكري الكيني مع أمريكا و"إسرائيل"، على الرغم من التطور الإيجابي الذي شهدته زيارة الرئيس الإيراني السابق إبراهيم رئيسي، حيث وقع الجانبان على عدد من الاتفاقيات الاقتصادية والتجارية، بما في ذلك صفقات متعلقة بالنفط ومشاريع البنية التحتية والتعاون التكنولوجي. وسبق أن ألقت كينيـا القبض على عنصرين من الحرس الثوري الإيراني في 2012 كانا يخططان لهجمات في كينيا.

تتحرك الإمارات بخطوات أكثر متانة لتعزيز علاقاتها الاقتصادية ذات الطابع الاستراتيجي مع كينيـا؛ حيث وقعت شركة ADQ الإماراتية اتفاقية إطار تمويلي مع كينيـا، لاستثمار نحو 500 مليون دولار في القطاعات ذات الأولوية في الاقتصاد الكيني، لا سيما التنقيب عن المعادن ومعالجتها وتسويقها وتطوير المناجم. وقد بلغ حجم التجارة غير النفطية بين الإمارات وكينيا 3.1 مليار دولار عام 2023، بزيادة 26.4% عن عام 2022. وعلى الصعيد الأمني تعمل الإمارات أيضاً على تطوير العلاقات الدفاعية والعسكرية مع كينيـا. وسبق أن حصلت كينيـا على مروحيات من الإمارات لمحاربة حركة الشباب في عام 2018. وفي عام 2019، وقعت شركة GAL شركة جلوبال إيروسبيس لوجيستكس الإماراتية صفقة مع القوات الجوية الكينية لتقديم خدمات الصيانة والتجديد للطائرة.

تتمتع مصر بعلاقات جيدة مع كينيـا في المجال العسكري، حيث وقعت كينيا ومصر اتفاقية للتعاون الدفاعي في مايو/أيار 2021، تهدف إلى تعزيز التعاون في مجال الطب العسكري، ونقل التكنولوجيا، والتصنيع المشترك، والتدريب، وبرامج التبادل. ومنذ عام 2011، أجرى العسكريون من كلا البلدين دورات مختلفة في كلية الدفاع الوطني (NDC) في كينيا وأكاديمية ناصر العسكرية العليا في مصر. وتتمتع كينيـا بأهمية حيوية في استراتيجية مصر الأفريقية، باعتبارها ضمن دول حوض النيل، وهي منطقة تمثل أولوية في سياسة مصر الخارجية، فضلاً عن تأثير كينيـا السياسي والأمني في كل من السودان والصومال، اللتين لهما أهمية أيضاً في نظرة مصر الأفريقية.

تحميل المزيد