- إليك العناصر الرئيسية لجغرافية اليابان الفريدة
- البلاد أغلبها جبلية مع مساحة صغيرة صالحة للزراعة
- البحار ضرورية كوسيلة للاتصال الداخلي وليس الخارجي فقط
- اليابان محاطة بدول قوية
- ما هي أهمية جزر الكوريل المتنازع عليها مع روسيا؟
- جزيرة أوكيناوا تفتح الطريق لتايوان
- الشيخوخة أصبحت التحدي الأكبر لليابان ورهاب الأجانب يفاقمها
- تستورد معظم الموارد الطبيعية بما فيها الغذاء
- تأمين طرق الإمدادات عسير على اليابان ولذا بات التحالف مع أمريكا ضرورياً
- التعاون مع بكين خلق المعجزة الصينية ولكنه تحول الآن لتنافس على الموارد
تفتقر اليابان لكل شيء تقريباً من الثروات المعدنية إلى الأرض السهلية، ولكن كان لديها نعمتان بديلتان، موقع جغرافي معزول ومحصن، مكّنها من حماية نفسها نسبياً، وأتاح لها فرصة بناء نموذجها الخاص في التقدم، وعنصر بشري متجانس ومطيع ودؤوب ساعد على تحقيق نهضتها في زمن قياسي، ولكن اليوم تتحول الجغرافيا والعنصر البشري من نعمة اليابان للعنتها، التي تصعّب مهمتها في فرض نفسها كقوة بارزة في آسيا.
ولطالما عانت اليابان من أجل العثور على مكانتها في المنطقة باعتبارها قوةً بارزةً في شرق آسيا، وسارعت اليابان في القرن الماضي لتطوير نفسها والتبديل بين مختلف الأفكار؛ بدايةً بالانعزالية والعسكرة والتجارية وصولاً إلى الحوكمة المركزية، لكن تحديات طوكيو السابقة ليست مجرد حكايات من وحي التاريخ؛ إذ لا تزال العديد من مشكلاتها عالقةً حتى الآن، حسبما ورد في تقرير وفيديو نشرته منصة منصة "أسباب" للدراسات السياسية والاستراتيجية بالشراكة مع Caspian Report.
إليك العناصر الرئيسية لجغرافية اليابان الفريدة
تمتد دولة اليابان بطول الساحل الشمالي الشرقي لشرق آسيا، وتتألف من 6.852 جزيرة من بينها أربع جزر هي الأكبر مساحة وسكاناً، حيث تشغل هذه الجزر الأربع التي تمثل البر الرئيسي لليابان 97% من مساحة اليابسة في اليابان.
وهي كالتالي:
1- هونشو: وهي الجزيرة المركزية ويقطنها نحو 104 ملايين نسمة من إجمالي 126 مليون نسمة (أكثر من 82% من سكان البلاد).
2- هوكايدو: تقع في أقصى الشمال، ومناخها شديد البرودة، وكانت بعيدة تاريخياً عن ثقافة البلاد المركزية، وسيطرة اليابان كانت متزعزعة عليها قبل أن يتم ضمها بشكل نهائي في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر، عبر القضاء على مقاومة السكان الأصليين، وتم استيطانها لتأمينها من النفوذ الروسي في الشرق الأقصى، ويعيش فيها حالياً نحو 5 ملايين شخص على جزيرة هوكايدو.
3- كيوشو: ويعيش بها 13 مليون نسمة وهي تقع في الجنوب الغربي.
4- شيكوكو: تقع في الشرق بين هونشو وكيوشو ويقطنها نحو 4 ملايين شخص.
وهناك جزيرةٌ أخرى جديرة بالاهتمام هي جزيرة أوكيناوا التي تبلع مساحتها 1.206.98 كيلومتراً مربعاً، وفي عام 2009، قدرت الحكومة اليابانية عدد سكانها بـ1.384.762 نسمة، ويشمل ذلك الأفراد العسكريين الأمريكيين وعائلاتهم.
وفي الأصل سكان الجزيرة ينتمون لعرق مختلف عن العرق الياباني، ولكن خلال فترة ميجي التي أسست لنهضة اليابان الحديثة، تم قمع الهوية العرقية والتقاليد والثقافة واللغة في أوكيناوا من قبل حكومة ميجي، التي سعت إلى جعل سكان أوكيناوا يابانيين عرقياً (ياماتو). منذ ذلك الحين هاجر العديد من اليابانيين العرقيين إلى أوكيناوا. وسكان أوكيناوا المعاصرون هم بشكل رئيسي من عرقية أوكيناوا ويابانيين ونصف يابانيين ومختلطين.
اليوم، يتحدث معظم سكان أوكيناوا اللغة اليابانية باللهجة الأوكيناوية، على الرغم من أن عدداً من الأشخاص لا يزالون يتحدثون لغة أوكيناوا الأصلية، وغالباً ما يكونون من كبار السن.
أوكيناوا هي جزء من سلسلة جزر ريوكيو التي تمتد من كيوشو إلى تايوان، وتُعتبر أوكيناوا من جزر البر الرئيسي رسمياً لكنها تتميز بتاريخ، وثقافة، وموقع مختلفين عن بقية أرجاء اليابان، وهناك آلاف الجزر الأصغر التي تحيط بجزر البر الرئيسي الخمسة، لكن أبرز العوامل التي تميز اليابان هي الطبيعة الجبلية لأراضيها.
البلاد أغلبها جبلية مع مساحة صغيرة صالحة للزراعة
وعلى صعيد المساحة الإجمالية يساوي حجم اليابان حجم ألمانيا أو بولندا تقريباً لكن الجبال، والغابات، والأراضي المقفرة تمثل نحو 73% من أراضي اليابان مما يجعلها أراضي غير مواتية لعيش البشر، فضلاً عن أن محدودية التضاريس المسطحة تعني أن اليابان تعاني من نقص في الأراضي الصالحة للعيش، حسب تقرير مركز أسباب.
أي إن المجتمع محاصر داخل شرائح صغيرة من السهول الساحلية التي تحيط بجزر البر الرئيسي، وتُشكّل الأراضي الصالحة للسكن نحو 27% من إجمالي مساحة اليابان؛ أي ما يُعادل مساحة كوريا الجنوبية تقريبا، بينما لا تُشكل الأراضي الصالحة للزراعة منها سوى 11% فقط وبالمقارنة، سنجد أن تلك الأراضي تشكل نحو 35% من مساحة ألمانيا وبولندا.
البحار ضرورية كوسيلة للاتصال الداخلي وليس الخارجي فقط
وتؤدي جغرافية اليابان الوعرة إلى تمركز السكان بكثافة في المناطق المحيطة بالسهول الصالحة للزراعة، ولا شك أن أكبرها هو سهل كانتو الذي يقع في قلب هونشو، ويمثل سهل كانتو 4% من إجمالي أراضي اليابان لكن يقطنه نحو 35 مليون شخص بما في ذلك العاصمة طوكيو.
بينما تشمل السهول المهمة الأخرى أوساكا ونوبي وتُوفر المناطق الثلاث أكبر ناتجٍ زراعي للبلاد معاً، لترسم بذلك المسار الاقتصادي والسياسي لليابان، وهناك الكثير من السهول الأصغر المنتشرة بطول الأرخبيل لكن لا يوجد نظام حوض أنهار داخلي يربط بين مناطق السكان، ويُمكن القول إن اليابان لديها الكثير من الأنهار الصالحة للري لكن غالبية الأنهار ليست صالحةً للملاحة.
إذ إن سفينة الشحن المتوسطة التي تحمل نحو 500 طن تحتاج إلى نهر بعمق 2.75 متر على الأقل بينما تعاني اليابان نقصاً في الأنهار من هذه النوعية، وتمتلك اليابان بدلاً من ذلك بحر سيتو الداخلي الذي يُعَدُّ مهد الحضارة اليابانية.
وتاريخياً، شجّع هذا البحر السكان المحليين على تكوين ثقافة بحرية حركية. وأتاحت التقاليد البحرية بدورها تكوين شعبٍ متماسك لكن تثبيت السلطة المركزية ظل تحدياً للحكام التاريخيين على مر قرون، وفي العصر الحديث أصبح بحر سيتو الداخلي بمثابة حلقة الوصل بين أكبر مدن البلاد.
اليابان محاطة بدول قوية
وعلى صعيد السياسية الخارجية، سنجد أن اليابان محاطة بالأطراف الإقليمية القوية مثل الصين، وروسيا، وكوريا الجنوبية وحتى كوريا الشمالية، ولا تمثل بعض تلك الدول تهديداً كبيراً على اليابان ومنها روسيا مثلاً، نظراً لأن نفوذها محدود داخل منطقة شرق آسيا.
لكن موسكو كشفت عن خطط لتعزيز الأهمية الاقتصادية لجزيرة سخالين بهدف موازنة النفوذ الياباني.
ما هي أهمية جزر الكوريل المتنازع عليها مع روسيا؟
ويتمثل الخطر الروسي الآخر على اليابان في جزر الكوريل التي تفصل بين المحيط الهادئ وبحر أوخوتسك، والتي احتلتها القوات السوفييتية بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية..
وتطالب اليابان بالجزر الجنوبية التي لا تحمل أي قيمة استراتيجية بمفردها، لكن المنظور الروسي يرى أنه ليست هناك ضمانات مستقبلية تكفل عدم توسيع طوكيو لمطالبتها حتى تشمل جزر الكوريل الشمالية.
ولا شك أن من سيفرض سيطرته الكاملة على هذه الجزر سينجح في تقييد الوصول البحري إلى بحر اليابان من جهة الشمال، مما سيلعب دوراً مهماً في وصول اليابان للمسارات البحرية العالمية.
وستزيد أهمية جزر الكوريل أكثر بمرور الوقت؛ لأن موسكو تخطط للاعتماد على غواصتها النووية أكثر مستقبلاً.
ولهذا يرفض الروس منح اليابانيين أي جزر، أما القضية الأكثر إلحاحاً فتقع على الطرف الجنوبي لشبه الجزيرة الكورية التي تبعُد مسافة 190 كيلومتراً عن جزيرة كيوشو.
جزيرة أوكيناوا تفتح الطريق لتايوان
ولعبت هذه المنطقة دور الجسر البري تاريخياً حيث تربط الأرخبيل الياباني بالبر الرئيسي لآسيا، وقد سمحت للحكام الأجانب التاريخيين بتهديد اليابان، لكن نقطة عبور كيوشو كانت صالحةً للاستخدام من الطرفين حيث سمحت للقوات اليابانية بغزو شبه الجزيرة الكورية في القرن الـ16، والـ19، والـ20.
أما الجزيرة الأخرى التي كانت أشبه بالمعبر فهي أوكيناوا؛ إذ تربط أوكيناوا وجزر ريوكيو بين جزر البر الرئيسي لليابان وبين تايوان، ليمتد الرابط من هناك وصولاً إلى بحر الصين الجنوبي، ومن المنطقي أن من سيُثبِّت أقدامه في أوكيناوا، سيحظى بأفضلية التعبئة السريعة في المنطقة ما بين اليابان وتايوان وتتجلى أهمية هذه الجزيرة في وجود قوات الجيش الأمريكي عليها.
الشيخوخة أصبحت التحدي الأكبر لليابان ورهاب الأجانب يفاقمها
لكن أكبر تهديد يواجه اليابان في العصور الحديثة يتمثل في سكانها الذين تتراجع أعدادهم وتسيطر عليهم الشيخوخة، فخلال الفترة ما بين السبعينيات والتسعينيات زاد عدد المتقاعدين بمقدار الضعف تقريباً، مما فرض أعباءً أُضيفت إلى الركود الذي أصاب البلاد في التسعينيات، حسب منصة أسباب.
وفي الوقت الراهن تعاني اليابان واحدةً من أدنى معدلات الخصوبة في العالم نتيجةً لتقاليدها الاجتماعية والثقافية الفريدة.
وعلى المدى البعيد، فإن الانحدار السكاني في اليابان، ببساطة، سيكون متسارعاً.
إذ من المتوقع أن ينكمش سكان البلاد بحلول عام 2050 لينخفض تعدادهم من 126 مليون نسمة في عام 2017 إلى 107 ملايين فقط في 2050 قبل الانخفاض أكثر إلى 83 مليون نسمة بنهاية القرن الجاري.
بينما ستمثل شريحة المواطنين في سن العمل أقل من نصف التعداد المتوقع، ولا مثيل لهذه الدرجة من الافتقار السكاني على مر التاريخ. وسنجد أن غالبية الدول الأوروبية التي تعاني مشكلات سكانية مشابهة تتجه إلى موازنة احتياجاتها عن طريق السماح بالهجرة.
لكن المجتمع الياباني المتجانس عرقياً يُعاني رهاب الأجانب بعض الشيء ويرفض فكرة الهجرة، لهذا تُعتبر أزمة البلاد السكانية أسوأ بكثيرٍ من أي دولة مماثلة. ولن تؤدي القوى العاملة الأصغر إلى ناتج صناعيٍ أقل بالضرورة لأن الابتكارات في مجال أبحاث الذكاء الاصطناعي والروبوتات والأتمتة ستحافظ على معدلات الإنتاج.
لكن البنية السكانية تؤثر على ما هو أكبر من الإنتاج الصناعي، إذ تؤدي إلى تراجع الاستهلاك المحلي وأرباح الشركات، مما يقلص حجم الإيرادات الضريبية ويقلل الإنفاق العام، ومع استمرار تراجع دخل البلاد وتعداد سكانها ستصبح اليابان أمام خيارين لا ثالث لهما.
1. إما أن ينتهي بها المطاف كدولة رفاهية اجتماعية أصغر حجماً وأكبر سناً لتعيش معزولةً في الركن الشرقي من آسيا وتصبح ببساطة عاجزةً عن حماية ضروراتها الجيوسياسية
2. إما ستضطر للتصالح مع واقعها السكاني غير المواتي وتفتح أبوابها للهجرة لتنعش تركيبتها السكانية بالتبعية.
وسيُواجَه كلا الخيارين بالمعارضة والاستياء من الشعب، لكن التاريخ يظل خير شاهدٍ على أن اليـابان لا تخشى التغييرات المفاجئة مطلقاً.
تستورد معظم الموارد الطبيعية بما فيها الغذاء
أما المشكلة الأخرى التي ابتُلِيَت بها اليابان فهي افتقارها للموارد الطبيعية، إذ تُعَدُّ اليابان دولةً منتجة للسلع عالية الجودة ولهذا تحتاج صناعات البلاد إلى كميات كبيرة من الموارد المعدنية ومنها الرصاص والنحاس والزنك والحديد والمطاط وغيرها.
وتستورد جميع تلك المواد الخام من الخارج، ونظراً لكون البلاد عبارةً عن مجموعة جزر، فيجب أن تمر واردات الموارد وصادرات السلع عبر البحر، ورغم مستوى التقدم الصناعي الذي بلغته اليابان، لكنها لا تستطيع توفير مواردها الأساسية، ولا تُنتج حتى ما يكفي من الغذاء على أراضيها.
إذ تقول الحكومة اليابانية إنها تستطيع إطعام 66% من شعبها فقط بينما تستورد الحكومة بقية الطعام من الخارج وتبيعه بأسعار مُدعّمةٍ للغاية، ويتجلى المثال الآخر في الافتقار إلى أمن الطاقة، إذ تحصل طوكيو على نحو 90% من احتياجات طاقتها عبر المصادر الأجنبية وذلك بزيادة عن نسبة 80% المسجلة في أعقاب كارثة فوكوشيما النووية.
وسنجد أن الجغرافيا الاقتصادية لليابان في هذا الإطار تتحدّد من خلال اعتمادها على حركة المرور البحرية التي تمر عبر المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي ومضيق ملقا.
تأمين طرق الإمدادات عسير على اليابان ولذا بات التحالف مع أمريكا ضرورياً
وتخضع جميع هذه المناطق للتأثيرات الأجنبية؛ مما يجعل مهمة تأمينها تتجاوز قدرات البحرية اليابانية، لهذا تتبع طوكيو سياسة خارجية قائمةً على الخضوع، وتسعى بموجبها الدولة الضعيفة بحرياً إلى التحالف مع قوةٍ بحرية عالمية (الولايات المتحدة) وتتمثل مهمة القوة العالمية في ضمان أمن حركة المرور البحري.
وفي المقابل، تساهم الدولة الأصغر (اليابان) في تلبية احتياجات القوة الأكبر، ولا شك أنها علاقة قائمة على المصالح الشخصية وقد نمت وترعرعت داخل التحالف الأمريكي الياباني، أي إن طوكيو تعتمد على واشنطن في الأمن البحري لحماية خطوط شحنها البحري.
بينما يجب أن تصبح طوكيو حليفاً لا يقدر بثمن بالنسبة لواشنطن حتى تضمن التعاون الأمريكي، ووصل الأمر باليابان إلى المساعدة في الحفاظ على قوة الدولار الأمريكي، من خلال تقديم أسعار صرف مواتيةٍ لصعوده.
كما قدمت الدعم الإنساني في أفغانستان والعراق اللذين تعرضا لغزو أمريكي، ويُعرب المسؤولون في طوكيو اليوم عن رغبتهم في الاستقلال سواءً عسكرياً أو اقتصادياً، لكنها ستكون عمليةً تدريجيةً ولا يمكن استعجالها، نظراً للظروف الجيوسياسية.
إذ لا تزال اليابان اليوم جزءاً من مجال الهيمنة الأمريكية كحال العديد من الدول الأخرى. بينما تضمن واشنطن الأمن البحري لطوكيو في المقابل وهو أمرٌ ضروري من أجل بقاء دولة اليـابان.
التعاون مع بكين خلق المعجزة الصينية ولكنه تحول الآن لتنافس على الموارد
ورغم كل ما سبق أصبحت علاقة اليابان بالولايات المتحدة مضرةً للصين وروسيا أيضاً، وتُمثل الصين التهديد الأكثر إلحاحاً بين القوتين العظميين حيث اعتمدت العلاقات بين بكين وطوكيو على عاملين أساسيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية.
• كانت الصين تزود اليابان بالمواد الخام والسلع المُصنّعة كثيفة العمالة.
• كانت اليابان تزود الصين بالتقنيات والخدمات عالية الجودة.
لكن الصين مرت بعملية تحول صناعي موسعة في العقود الأخيرة، ولهذا أصبحت بكين تنافس طوكيو على الموارد والمواد الخام نفسها من أجل أن تدعم كل منهما اقتصادها الخاص، وخلال العقود القليلة المقبلة من المتوقع أن تتحول الصين من اقتصاد قائم على التصدير إلى نموذج اقتصادي يعتمد على الاستهلاك المحلي، ما سيزيد الحاجة إلى الموارد بوتيرةٍ أسرع، ومن المتوقع أن يزيد التنافس الصيني الياباني بمرور الوقت في هذا السياق ومع أخذ كل ما سبق بعين الاعتبار.
وبالنظر إلى المساحات الجبلية ذات الكثافة السكانية المنخفضة سنجد أن اليـابان استغرقت عدة قرونٍ لتشكيل حكومةٍ مركزية متماسكة، أي إن الهدف الجيوسياسي الرئيسي لطوكيو هو الحفاظ على السلطة المركزية في جزر البر الرئيسي.
وتعقبه عدة أهداف جيوسياسية ثانوية تشمل:
1- يجب على طوكيو تأمين المسارات المؤدية إلى جزر البر الرئيسي عن طريق تثبيت أقدامها بقوةٍ في جزر ريوكيو وفي كوريا الجنوبية وتايوان، لكن اليابان تتمتع برفاهية التعامل بسلبية مع هذه المسألة، نظراً لانضمام الأخيرتين إلى التحالف الأمريكي.
2- تقييد الوصول الفوري لقوات البحرية الأجنبية عن طريق السيطرة على جزر الكوريل وسخالين لكن هذا الهدف يفوق قدرات اليابان، ولهذا لم يتحقق بعد.
وفي حال شهدت الحدود الروسية تغييراً آخر مستقبلاً فقد تتمكن اليـابان من استغلال الفرصة لتسيطر على جزيرة سخالين قبل أن تتوغل شمالاً قدر الإمكان في جزر كوريل.
3- تأمين طرق التجارة البحرية التي تمر عبرها المواد الخام وموارد الطاقة لكن هذا الهدف يفوق إمكانيات اليـابان أيضاً.
ولهذا يتعيّن عليها الحصول على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة، ويتطلّب تحقيق ذلك أن تحافظ طوكيو على دعم الولايات المتحدة مع انتهاج سياسة خارجية مستقلة بشكل هامشي.