“الإسرائيليون يضعون القاهرة بموقف صعب”.. كيف تنعكس تداعيات الحرب على غزة داخل مصر؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/11/11 الساعة 10:54 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/11/11 الساعة 10:59 بتوقيت غرينتش
لقاء سابق بين السيسي ونتنياهو في القاهرة، بحضور وزرائهما/ flash90

فاجأت عملية 7 أكتوبر/تشرين الأول إسرائيل والكثير من الدول. وإحدى هذه الدول وأبرزها هي مصر، التي ستواجه عواقب مباشرة للتطورات في قطاع غزة. وخلافاً للصراعات السابقة في القطاع، عندما تمكنت إسرائيل ومصر من التعاون لوضع حد لجولات العنف السابقة، تبدو الأمور هذه المرة مختلفة، كما تقول صحيفة Maariv الإسرائيلية. 

قلق عميق داخل مصر بسبب تداعيات الحرب على غزة

هناك 3 عوامل رئيسية تكمن وراء القلق العميق في مصر: الأول، يتعلق بقوة الرد الإسرائيلي، الذي أسفر عن أكبر عدد من الضحايا المدنيين في قطاع غزة، وعن قدر كبير من الدمار ربما لم يسبق له مثيل. ويتعلق هذا بالأساس بالشارع المصري، والخوف من الضغوط الداخلية التي بدأت تغلي بالفعل. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه من المنتظر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في مصر الشهر المقبل. 

أما الثاني فيتعلق بالخوف، الذي لا نحظى بالتعبير عنه علناً بطبيعة الحال، من أن تخرج حماس من الحرب بإنجازات كبيرة، على نحو يعزز الإسلام السياسي في المنطقة عموماً، وفي مصر خصوصاً (رغم أن النظام المصري أضعف جماعة الإخوان المسلمين بشكل كبير في السنوات الأخيرة). هناك تناقض معين بين العاملين الأول والثاني، لكن هذا التوتر لا يؤدي إلا إلى اشتداد الأزمة التي تقع فيها القاهرة. 

ثالثاً، وهذا تطور جديد، التقارير المتعلقة باهتمام إسرائيل بتهجير الفلسطينيين من غزة إلى سيناء، بما في ذلك ما يشبه "الصفقة الشاملة" التي تُشطَب بموجبها ديون مصر مقابل موافقتها على قبول اللاجئين. ويُفسَّر ذلك في القاهرة على أنه "حل المشكلة الفلسطينية في غزة على حساب مصر". التصريحات الإسرائيلية، بما فيها تقرير الاستخبارات (رغم ضعف ثقله في منظومة اتخاذ القرار) والذي جاء فيه أن هجرة الفلسطينيين من القطاع إلى مصر تخدم مصلحة إسرائيل على المدى الطويل، وضعت القاهرة في اضطراب حقيقي. 

تنامي شعور الضغط لدى القاهرة

تقول صحيفة معاريف إن الرئيس السيسي أكد بحزم أن مصر لن تسمح بذلك، وأنه إذا دعا الشعب المصري للدفاع عن المصلحة الوطنية "فسوف يخرج الملايين إلى الشارع". وشدد وزير الخارجية المصري على أن مصر لا تنوي "الحديث عن هذا الأمر مع إسرائيل، أو مع أي جهة تقدم هذا الاقتراح السخيف". وأضاف أن تشجيع هجرة سكان قطاع غزة "يخالف القانون الدولي". 

وبالمناسبة، منذ اندلاع الأعمال العدائية لم تكن هناك أي محادثات من أي نوع بين رئيس الوزراء أو الرئيس المصري، أو على مستويات رفيعة أخرى، والمحادثات تجري على مستويات عمل في الأجهزة الأمنية بحسب معاريف. وهذا يدل على الأجواء الباردة بين الطرفين. 

لقيت التوضيحات من واشنطن بأن الولايات المتحدة متمسكة بحل الدولتين، وتعارض طرد الفلسطينيين من القطاع، ترحيباً من مصر، ولكنها لم تهدِّئ النفوس في القاهرة. وتضج وسائل التواصل الاجتماعي في مصر بهذا الموضوع. والنظام يسمح بذلك، وربما يشجعه. 

وتؤدي الأزمة العميقة التي يواجهها الاقتصاد المصري إلى تفاقم الصورة. ارتفعت أسعار المحروقات بكافة أنواعها (عدا الديزل) بنسبة 15% نهاية الأسبوع الماضي. وتتزايد المخاوف من ارتفاع الأسعار نتيجة لذلك، رغم أن الحكومة أوضحت أنها تنوي خفض أسعار المنتجات الأساسية الأساسية. وخفضت وكالة التصنيف الائتماني فيتش تصنيف مصر إلى -B. 

قطاع الطاقة في مصر ليس مشرقاً أيضاً. توقف ضخ الغاز من حقل تمار، المصدر الرئيسي للتصدير إلى مصر، بسبب الحرب في الجنوب. وتردد أن التصدير إلى مصر يجري عبر الأردن، وقد انخفض تصدير الغاز إلى مصر بنحو 70% منذ بداية الحرب. وتحتاج مصر إلى الغاز من أجل السوق الداخلية، والتصدير إلى أوروبا لجلب النقد الأجنبي الحيوي إلى خزائن البلاد. 

تصدعات مثيرة للقلق سببها النوايا الإسرائيلية تجاه قطاع غزة

وفي ظل تنامي الشعور بالضغط في القاهرة، والذي يتعمق بسبب الأزمة الاقتصادية، يتزايد الخوف من الإجراءات المصرية التي قد تضر بالعلاقة مع إسرائيل. وقد تزيد عودة السفير الأردني في إسرائيل إلى الأردن للتشاور، وهي خطوة دبلوماسية معروفة تعبر عن الاستياء، من الضغوط على الحكومة المصرية لاتخاذ خطوة مماثلة. 

تقول صحيفة معاريف، يجب على إسرائيل أن تفكر بجدية شديدة في عواقب الحرب على علاقاتها مع القاهرة. لقاءات المصالح مع مصر قوية، لكن يبدو أن تصدعات مثيرة للقلق ظهرت فيها. وفي جوهر هذه التصدعات، هناك انعدامٌ للثقة في ما يتعلق بأهداف الحرب في اليوم التالي. وليست القاهرة متأكدة من أن إطاحة حكم حماس أمرٌ عملي وخاصةً أنه قد يؤثر على مصالح مصر. 

وبحسب الصحيفة العبرية، يزيد الخوف من نوايا إسرائيل في دفع الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء من علامات الاستفهام في القاهرة. مضيفة أنه "من المطلوب إجراء حوار سري فوري من شأنه دمج هذه القضايا بطريقة تسمح بالتعاون، الآن وغداً. وحتى الرسائل العامة في هذا السياق تعتبر ضرورية، رغم أهمية الحفاظ على ضباب المعركة. وفي نهاية المطاف، ليس هناك بديل للعمل المشترك مع المصريين في ما يتعلق بقطاع غزة (وخارجه)". 

تحميل المزيد