إسرائيل مدججة بكل ما يلزم لمراقبة غزة ومهاجمتها.. لكن لماذا يعد تحرير أسراها مهمة مستحيلة؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/10/15 الساعة 08:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/15 الساعة 08:41 بتوقيت غرينتش
لحظة أسر كتائب القسام لجنود إسرائيليين من داخل دبابة في معارك طوفان الأقصى في غلاف غزة/ (القسام، عبر تليغرام)

يعد قطاع غزة عبارة عن جيب صغير يبلغ طوله 40 كيلومتراً، ولا يزيد عرضه عن 12 كيلومتراً، وتقول إسرائيل إنه يخضع لمراقبة مستمرة، وتحيط به المدافع من كل جانب، لكن مع ذلك لم تعلم إسرائيل بلحظة الهجوم عليها صباح السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفشلت فشلاً ذريعاً في صدّ هجوم حماس، التي قتلت المئات وأسرت العشرات من الجنود والمستوطنين. ولا شك أن تحرير هؤلاء سيكون مهمة شاقة على إسرائيل إن لم تكن مستحيلة.

لماذا يعد تحرير الأسرى الإسرائيليين في غزة مهمة مستحيلة؟ 

تقول وكالة Associated Press الأمريكية إن التضاريس المكتظة بالسكان في غزة، وشبكة الأنفاق تحت الأرض، والعدد الكبير من الأسرى، كل ذلك يجعل إسرائيل في أزمة أسرى هي الأعقد على الإطلاق. 

كما أن تصاعُد عمليات القصف الإسرائيلي لغزة، والذي أعقب هجوم حماس المميت في جنوب إسرائيل، لن يؤدي إلا إلى تصعيب المهمة الصعبة بالفعل. 

وقال غيرشون باسكن، الذي ساعد في التفاوض على إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، بعد أكثر من خمس سنوات من أسره لدى حماس، في عام 2011: "هذا وضع غير مسبوق بالنسبة لإسرائيل.. أعتقد أن حماس فوجئت بالسهولة التي تمكنت بها من احتجاز هذا الكم من الأسرى، لقد كانت إسرائيل في حيرة تامة من كل ما حدث". 

حماس وضعت إسرائيل في وضع معقد للغاية 

تطالب حماس بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين، الذين يتجاوز عددهم أكثر من 5 آلاف في السجون الإسرائيلية مقابل إطلاق سراح الأسرى. وتحتجز الحركة أيضاً جثتي جنديين إسرائيليين قُتِلا في حرب عام 2014 بين إسرائيل وحماس، بالإضافة إلى جنديين آخرين دخلا أراضيها قبل سنوات. 

ولا تزال المعلومات حول الأسرى غير واضحة بعد أيام. لم تصدر قائمة كاملة بعد، وليس من الواضح من هو على قيد الحياة ومن ليس على قيد الحياة، والعديد منهم إسرائيليون، لكن قائمة طويلة من الدول الأخرى قالت إن مواطنيها قد احتُجِزوا كأسرى وهم يحملون جنسيات مزدوجة. 

لقد تعاملت حماس تقليدياً مع الأسرى، باعتبارهم أصولاً ثمينة، ولم تكشف إلا عن القليل من المعلومات حول ظروفهم أو مكان وجودهم، وترفض منح اللجنة الدولية للصليب الأحمر إذن الوصول للتحقق من سلامتهم.

وأكد الرئيس الأمريكي جو بايدن، يوم الثلاثاء الماضي، وجود أمريكيين بين الأسرى. وقال جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة عرضت تبادل خبرتها في استعادة الأسرى مع إسرائيل.

وقال كيربي للقناة 12 بالتلفزيون الإسرائيلي في مقابلة معه: "ليس هناك ما هو أكثر أهمية بالنسبة للرئيس بايدن من التأكد من أننا نعتني بسلامة وأمن الأمريكيين في الخارج. سنواصل العمل مع الإسرائيليين بشأن أزمة استعادة الأسرى هذه، وسنفعل كل ما في وسعنا، ونفعل كل ما هو مناسب لمساعدتهم وهم يشقون طريقهم من خلال هذا النوع من القرارات". 

كتب بروس هوفمان، وهو زميل بارز في مجلس العلاقات الخارجية، في مؤتمر صحفي، أن بعض الأسرى يحملون جنسية مزدوجة، وهذا من شأنه أن يزيد من تعقيد جهود إسرائيل لإطلاق سراحهم. وقال إنه من المحتمل أن يكون الأسرى منتشرين بالفعل في جميع أنحاء غزة، ومن المرجح أن تكون أماكن اختبائهم وربما حتى الأسرى أنفسهم مليئة بالفخاخ. 

وكتب هوفمان: "هذا تحدٍّ بحجم لم نواجهه من قبل، لا أحد يستطيع أن يخمن كيف ستنتهي هذه الأزمة، ولكن سفك المزيد من الدماء البريئة- الإسرائيليين والفلسطينيين، بل والمواطنين غير المقاتلين في البلدان الأخرى- أمر مؤكد". 

كيف جرى التعامل مع الأسرى في الماضي؟

يقول باسكان إنه نظراً لوجود عدد كبير من الأسرى لدى حماس، تعتقد إسرائيل أنه قد تتسرب معلومات حول بعض مواقعهم، رغم أنهم من المحتمل أن يكونوا منتشرين في أنحاء المنطقة في المنازل أو تحت الأرض. وقد يكون ذلك لصالح عمليات الإنقاذ. 

وعقدت إسرائيل تاريخياً صفقات كبيرة من أجل تحرير أسراها، معظمهم تقريباً مقابل جنود أو رفاتهم. وقد شمل تاريخها من تبادل الأسرى مقايضة الجندي شاليط بأكثر من 1000 أسير فلسطيني، بما في ذلك زعيم حماس الحالي في غزة، يحيى السنوار.

إن مصير الأسرى مشحون عاطفياً على الجانب الفلسطيني أيضاً، معظم الفلسطينيين إما قضوا بعض الوقت في السجون الإسرائيلية أو يعرفون شخصاً كان أسيراً. 

ولكن مع الضربات العسكرية الإسرائيلية لغزة بضراوة غير مسبوقة، ليس من الواضح ما إذا كانت سلامة الأسرى تلعب دوراً في عملية صنع القرار بالنسبة لتل أبيب. ونُقِلَ عن عضو واحد على الأقل في الحكومة، وهو وزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش، والذي يلعب أيضاً دوراً في وزارة الدفاع، مطالبته يوم السبت بأن يقوم الجيش "بضرب حماس بوحشية وعدم أخذ مسألة الأسرى في الاعتبار بشكل كبير"، وهو ما أثار غضباً شعبياً إسرائيلياً كبيراً.

ولا يبدو أن التقارير عن جهود الوساطة المصرية والتركية والقطرية تحقق أي نتيجة. قُتل أكثر من 1400 إسرائيلي في توغل حماس، لذلك لا يتوقع باسكن أن تنخرط إسرائيل في صفقة تفاوضية من شأنها مكافأة لحماس في هذه الفترة.

تحميل المزيد