نتنياهو يهرب من “طوفان الأقصى” نحو تشكيل حكومة طوارئ.. ما الذي يعنيه ذلك بعد الفشل العسكري أمام حماس؟

تم النشر: 2023/10/10 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/10/10 الساعة 15:39 بتوقيت غرينتش
نتنياهو يهرب نحو تشكيل حكومة طوارئ.. مستقبله السياسي على المحك بعد كارثة انهيار الجيش الإسرائيلي أمام حماس في معركة طوفان الأقصى/ عربي بوست

على وقع معركة "طوفان الأقصى" والحرب التي يشنها الاحتلال ضد المقاومة الفلسطينية، أعلنت هيئة البث الإسرائيلية، الثلاثاء 10 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أن رؤساء الائتلاف الحكومي في تل أبيب أيدوا بالإجماع تشكيل حكومة طوارئ، وأذنوا لنتنياهو بالعمل على تشكيلها من أكبر 3 أحزاب شعبية.

ويأتي هذا الإعلان في ظل تعالي أصوات إسرائيلية عديدة تطالب نتنياهو بالاستقالة بسبب الفشل الذريع أمام هجوم حماس والانهيار الدراماتيكي للجيش الإسرائيلي بشكل صادم، الذي أدى لمقتل نحو 1000 إسرائيلي، وإصابة نحو 3000 آخرين وأسر عشرات وربما مئات آخرين.

ماذا يعني تشكيل حكومة طوارئ في إسرائيل الآن؟

يقول د. عدنان أبو عامر، الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية لـ"عربي بوست" إنه لا شك أن تشكيل حكومة طوارئ في إسرائيل الآن من شأنها زيادة تصعيد العدوان الإسرائيلي على غزة، حيث تهدف إلى تشكيل "جبهة موحدة ضد الأعداء" في وقت الحرب، وهي محاولة في الوقت نفسه لتبديد الانقسام الداخلي الذي شهدناه طوال الأشهر الماضية.

ويضيف أبو عامر أن نتنياهو يسعى لتوسيع رقعة الحكومة وإشراك جميع خصومه السياسيين في مسؤولية ما قد يحصل في غزة خلال الحرب وما بعدها، فهو يعلم تماماً أن بعد الحرب سيكون هناك لجان تحقيق كبيرة حول ما حصل في غلاف غزة من انتكاسة عسكرية وفشل استخباراتي وأمني كبيرين.

ويعلم نتنياهو أنه وقّع على قرار حرب على غزة وليس عملية عسكرية عادية أو جولة قتالية خاطفة قد تستمر لأسابيع لا بد أن يكون فيها خسائر فادحة تلحق بالجانب الإسرائيلي، لذلك هو معني بإشراك جميع خصومه السياسيين لتحمل مسؤولية ما قد يحدث معه، يقول الباحث أبو عامر.

اجتماع نتنياهو في الكابينت بعيد هجوم طوفان الأقصى وانهيار الجيش الإسرائيلي/ رويترز

من جهته، يرى ساري عرابي، الكاتب والباحث الفلسطيني، أن أي حكومة طوارئ في إسرائيل هي حكومة مؤقتة، بمعنى أنها قد لا تدوم أكثر من شهر أو شهرين فقط.  حيث إن نتنياهو يبحث الآن عن مصلحته السياسية وضمان مستقبله السياسي، وحماية نفسه من أي ملاحقات قضائية أو قانونية بسبب الفشل الكبير الذي مُنيت به إسرائيل في معركة "طوفان الأقصى".

ويضيف عرابي، في اتصال مع "عربي بوست" إن حكومة الطوارئ التي ستضم أطيافاً من أحزاب الوسط وغيرها، تتطلب إخراج سموتريتش وإيتمار بن غفير من الحكومة، وهما اللذان يوفران غطاء سياسياً وقانونياً لنتنياهو، لأن هذه الأحزاب لو دخلت في حكومة فيها هؤلاء المتطرفون ستفقد مصداقيتها أمام جمهورها، وهي التي خاضت شهوراً من الاحتجاجات ضد حكومة نتنياهو بسبب تمرير حكومة نتنياهو ما يُعرف بـ"الإصلاحات القضائية".

هل سبق أن شكلت إسرائيل حكومات طوارئ مشابهة؟

هناك سوابق تاريخية في إسرائيل لتشكيل حكومة طوارئ في وقت الأزمات والحروب، أبرزها تشكيل حكومة طوارئ في عام 1967، حين انضم مناحيم بيغن زعيم المعارضة، إلى ليفي أشكول زعيم حزب العمل ورئيس الحكومة، عشية حرب الأيام الستة، وذلك للذهاب إلى حرب واسعة ضد الدول العربية المجاورة.

كما تم تشكيل حكومة طوارئ إسرائيلية خلال حرب أكتوبر 1973، بين حزبي العمل والليكود. حيث أدت نتائج الحرب حينها إلى استقالة رئيسة الوزراء غولدا مئير من منصبها في أبريل/نيسان 1974. كما كان من تداعيات تلك الحرب على المدى البعيد، إنهاء هيمنة حزب العمل الإسرائيلي منذ سنة 1948، على الحكم في إسرائيل ووصول تجمع الليكود القومي اليميني بزعامة مناحيم بيغن إلى السلطة في مايو/أيار 1977.

ويذكر أبو عامر أيضاً أنه تم تشكيل حكومة طوارئ إسرائيلية أخرى في فترة "انتفاضة الحجارة" أو الانتفاضة الأولى 1987-1991، من حزبي العمل والليكود برئاسة إسحاق شامير وإسحاق رابين، لمواجهة تصاعد أعمال الانتفاضة.

هل يتصاعد العدوان على غزة بعد تشكيل حكومة الطوارئ؟

يرى الباحث الفلسطيني ساري عرابي أن المشهد الإسرائيلي أكثر تعقيداً مما يبدو عليه، حيث إن التصريحات الصادرة عن قيادة الجيش الإسرائيلي، ولا سيما عن نائب رئيس أركان الجيش تكشف عن التخوف الشديد من الدخول في مواجهة برية ضد قطاع غزة، إلى درجة اعتبار أن الدخول في مواجهة برية "قد تمثل خطراً وجودياً على إسرائيل". 

ويضيف عرابي أن هذا يكشف عن تردد كبير في اتخاذ هذا القرار وتحمل تكلفته، حيث إن الجيش الإسرائيلي يعلم جيداً أنه سيدخل بين عشرات آلاف المسلحين المجهزين الذين يقاتلون على أرضهم. لذلك يعتقد عرابي أن إسرائيل ليست معنية بتلقي جيشها ضربة تعظم من تهشم وتحطم صورة هذا الجيش.

وحول احتمالات تصاعد العدوان على غزة بعد تشكيل حكومة الطوارئ وتوسع الحرب، يرى ساري عرابي أن ما هو متاح أمام إسرائيل حتى الآن هو التوسع في القتل والتدمير والقصف ومسح وتعزيز الحصار على القطاع، أي ممارسة الانتقام بكل أشكاله وألوانه، لكن كل احتمالات التصعيد مفتوحة.

خطة حماس طوفان الأقصى
دبابة إسرائلية تم تدميرها من قبل فصائل المقاومة الفلسطينية – رويترز

"حكومة نتنياهو خطر وجودي على إسرائيل ونتنياهو لن يفلت من العدالة"

من جهتها، تقول صحيفة هآرتس الإسرائيلية، إن ترك المسؤولية عن مصير العشرات من الرهائن، لدى حماس، وحياة الملايين من الإسرائيليين في أيدي حكومة فاسدة مثل حكومة نتنياهو غير الكفؤة، يشكل خطراً وجودياً حقيقياً على إسرائيل.

لذلك ترى الصحيفة أنه "يجب إبعاد أخطر المتطرفين عن حكومة الطوارئ قدر الإمكان، وإتاحة الفرصة لذوي الخبرة والحكمة للتأثير على عمليات صنع القرار المصيرية".

وتضيف الصحيفة العبرية أنه "عندما يستقر الوضع على الخطوط الأمامية، وتنتهي الحاجة إلى حكومة طوارئ، فلا بد من إقالة نتنياهو وجميع شركائه المسؤولين عن الكارثة من السلطة، وحينها يجب ألا يفلتوا من العدالة".

إذ لا شك أن "مسؤولية الكارثة الرهيبة التي حدثت في الجنوب، تقع أولاً وقبل كل شيء على عاتق نتنياهو وحكومته، الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل. المتهم في قضية الفساد. المحرّض اليميني ورئيس المعسكر الديكتاتوري، هو الذي أوصلنا إلى هذا الوضع. ولن يتمكن أي طرف سياسي من تبرئته من هذه المسؤولية الجسيمة، ولا حتى شركاؤه الكاهانيون الذين صبوا كل قطرة وقود على النار"، تقول هآرتس.

تحميل المزيد