استيقظت الكثير من المستوطنات الإسرائيلية صباح اليوم السبت 7 أكتوبر/تشرين الأول على مشاهد يصعب تصورها، وأصوات هجمات صاروخية تستهدف عدداً من المدن المحتلة على رأسها تل أبيب والقدس، بينما استيقظ الجنوب الإسرائيلي المحتل على اجتياح بري وبحري فلسطيني وعمليات قتل وأسر لعشرات الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، بعد تسلل عشرات، أو ربما المئات من عناصر كتائب عز الدين القسام وفصائل المقاومة الأخرى في غزة السياج الحدودي، بينما كان جنود قوات حرس الحدود نائمين.
إسرائيل أُخذت "على حين غرّة" في "طوفان الأقصى"
بعد الاستفاقة على الكارثة، وصفت الصحف العبرية ما يجري بأنه فشل تاريخي ذريع لحق بإسرائيل أمام حركة حماس. حيث تقول صحيفة Times of Israel الإسرائيلية: يبدو أن إسرائيل قد أُخذِت على حين غرة مرةً أخرى بعد مضي 50 عاماً على حرب عام 1973 تحديداً، لكن ليس بواسطة الجيوش العربية هذه المرة، بل بواسطة حركة حماس. حيث تعرّض الإسرائيليون للاستهداف بشكلٍ مباشر وعلى نطاقٍ واسع.
وبالتزامن مع انطلاق صفارات الإنذار بطول جنوب ووسط إسرائيل، وتردد أصداء انفجار الصواريخ المهاجمة والاعتراضية، بدأت قنوات التلفزيون والشبكات الاجتماعية في بث مقاطع تستعرض ما لم يكن في الحسبان. إذ شملت المقاطع مسلحين فلسطينيين في شاحنات بيضاء، بينما نزل 4 أو 5 مسلحين من على متنها في أحد شوارع مستوطنة إسرائيلية جنوبية، في ما ركض عشرات المسلحين الآخرين بطول الأرصفة المجاورة لهم، شاهرين أسلحتهم ويطلقون النار على الإسرائيليين.
صدمة في الجيش الإسرائيلي
ومع استمرار هجمات الصواريخ والمدفعية، خرج الجيش الإسرائيلي المصدوم ليؤكد صحة الأحداث التي تتكشف كما تقول صحيفة هآرتس، وقال: لقد تسلل العشرات من عناصر المقاومة إلى داخل إسرائيل براً، وجواً بواسطة الطائرات الشراعية المعلقة، بينما وصل بعضهم عن طريق البحر، بحسب التقارير.
من جهتها، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن السياج الحدودي الإسرائيلي المتطور بطول قطاع غزة تعرّض للاختراق في عدة مناطق.
وقال متحدث باسم الشرطة إن قوات الأمن تتصدى حالياً لعددٍ كبير من عناصر المقاومة في مستوطنة سيدروت. في ما ذكرت قناة العبرية 12 وجود "عشرات الإرهابيين" في المستوطنة.
وفي ظل القيود الخاصة بالرقابة العسكرية، نقلت التقارير وجود "قلق كبير" حيال اختطاف عشرات الجنود والمدنيين واصطحابهم إلى غزة. وتعقّدت آليات تغطية الأحداث المتكشفة نتيجة الإنذارات التي لا تنتهي بشأن نيران الصواريخ المتواصلة، مع إصدار التوجيهات لسكان العشرات من البلدات والمناطق السكنية الأخرى بأن يدخلوا غرفهم الآمنة.
إذ اتصلت ساكنة في إحدى الكيبوتس الجنوبية بإذاعة الجيش من داخل منزلها، وقالت إن المسلحين يحومون في الكيبوتس، وإن قوات الأمن تحاول تعقبهم.
وبعدها، في الساعة الـ10:30 تقريباً، اتصلت سيدة تُدعى دورين بالقناة 12 للإبلاغ عن وجود مسلحين داخل منزلها في كيبوتس جنوبي، وقالت إنهم يحاولون اختراق الغرفة الآمنة التي تختبئ داخلها. وأثناء توسلها طلباً للمساعدة، أنهت السيدة حديثها قائلةً "أوه"، قبل أن ينقطع الاتصال.
وذكر متصل آخر بالقناة أن عناصر المقاومة تتجول في منطقته وتطلق النار منذ ساعتين، ثم توسل لقوات الأمن حتى تأتي للمكان. وبعد 3 ساعات من إطلاق أول رشقة صواريخ في تمام الـ6:30 تقريباً، عرضت قناة Channel 12 TV ما قالت إنها لقطات لغزاويين عاديين يعبرون من القطاع إلى إسرائيل، متسللين عبر الثغرات الموجودة في السياج الأمني.
"نحن في حالة حرب لم نشهد لها مثيلاً من قبل"
من جهتها، تحدثت القناة 12 العبرية عن دعوات ترددت من مساجد القدس ونابلس وجنين وغيرها من مدن الضفة، للمشاركة في معركة "طوفان الأقصى".
بينما أعلن جيش الدفاع "استعدادات الحرب" بالتزامن مع محاولة القوات الإسرائيلية للعثور على المسلحين ومواجهتهم -ما يشير إلى الإعداد لشن حرب شاملة على غزة. في ما وعد وزير الدفاع يوآف غالانت بتحقيق النصر، وأعلن أن حماس ارتكبت "خطأ فادحاً"، ثم أمر باستدعاء القوات الاحتياطية التي سيتحدد حجمها بناءً على حجم الأزمة.
وأعلن نتنياهو بعد صمت مطبق لساعات عن أن إسرائيل اليوم في حالة حرب، وستفعل كل ما يلزم للدفاع عن نفسها، حسب تعبيره.
وقد بدأت اجتماعات القادة السياسيين في إسرائيل لإجراء مباحثات طارئة مع استمرار كشف المدى الكامل للاختراق وتداعياته. لكن وسائل الإعلام العبرية شرعت في نقل تصريحات عن مسؤولين لم تُذكَر أسماؤهم وهم ينتقدون الأوساط السياسية والعسكرية، وذلك نظراً لحقيقة أن إسرائيل، المنشغلة بجدلها الداخلي، قد أُخذِت على حين غرة مرةً أخرى.
وقال مذيع القناة 12 TV داني كوشمارو: "نحن في حربٍ مع غزة، وهي حرب لم نشهد لها مثيلاً من قبل". ووافقه الرأي إيلي مارون، قائد البحرية الإسرائيلي السابق الذي كان حاضراً في الاستوديو، حيث قال: "كل إسرائيل تسأل نفسها الآن: أين جيش الدفاع؟ أين الشرطة؟ أين الأمن؟ هذا فشل ذريع، لقد فشل التسلسل الهرمي للقيادة ببساطة، وهو فشل له تداعيات هائلة".
في ما تذكّر عاموس يدلين، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات العسكرية، أحداث حرب 1973. وأوضح أنهم أمام هجوم آخر يمثل "إخفاقاً استخباراتياً" أدى إلى بدء الصراع بواسطة العدو.
لكن يدلين أكد أنه يجب على إسرائيل التزام الهدوء. وذكر أن الأولوية القصوى الآن تتمثل في تعقب والتعامل مع جميع العناصر المسلحة داخل إسرائيل، والحيلولة دون امتداد الصراع إلى جبهات أخرى -وخاصةً حزب الله في الشمال.
"لقد نسوا من يقود حماس"
في السياق، علقت صحيفة يديعوت أحرونوت بالقول إن "ما يجري من حماس في غزة، يكشف لنا فشلاً ذريعاً على المستوى العسكري والاستخباراتي والسياسي الإسرائيلي، لقد ظنوا أنها منظمة تريد المال وليس أكثر، يبدو أنهم نسوا من يقود حماس".
وأضافت الصحيفة: "قوات القسام نجحت في مفاجأتنا استخبارتياً وعسكرياً على عدة مستويات، براً وبحراً وجواً. يجب قول الحقيقة إنه في نهاية الحرب سيكون هناك أعداد من القتلى لم يسبق لنا أن عرفناها".