من المقرر أن تطلق الولايات المتحدة سراح خمسة إيرانيين محتجزين لديها مقابل الإفراج عن خمسة أمريكيين محتجزين لدى طهران، بموجب اتفاق لتبادل السجناء يتضمن أيضاً تحويل ستة مليارات دولار قيمة أصول إيرانية مفرج عنها من كوريا الجنوبية إلى حسابات مصرفية في قطر.
ما تفاصيل اتفاق تبادل السجناء بين أمريكا وإيران؟
قال مصدر لوكالة رويترز الإثنين إن إيران والولايات المتحدة علمتا بأن ستة مليارات من أموال إيران المجمدة تم الإفراج عنها ونقلها لحسابات في قطر؛ مما بدأ عملية تبادل خطواتها مصممة بدقة يوم الإثنين لخمسة سجناء من كل من الجانبين.
وذكر المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، أن الأموال التي كانت مجمدة في كوريا الجنوبية ستكون في حوزة إيران يوم الإثنين؛ مما سيؤدي إلى تبادل خمسة مواطنين أمريكيين محتجزين في إيران بخمسة إيرانيين محتجزين في الولايات المتحدة، وفقاً لاتفاق توسّطت فيه قطر بإجراء محادثات على مدى أشهر.
وأثار تحويل الأموال الإيرانية انتقادات من الجمهوريين الأمريكيين الذين يقولون إن الرئيس الديمقراطي جو بايدن يدفع في الواقع فدية للمواطنين الأمريكيين، بينما دافع البيت الأبيض عن الاتفاق.
وكانت مصادر قد قالت لرويترز إن الدوحة استضافت ما لا يقل عن ثماني جولات من المحادثات، شارك فيها مفاوضون إيرانيون وأمريكيون أقاموا في فنادق منفصلة وتحدثوا عبر وسطاء قطريين. وركزت الجلسات السابقة بشكل رئيسي على القضية النووية الشائكة، فيما ركزت الجلسات اللاحقة على إطلاق سراح السجناء.
من هم السجناء الذين سيتم الإفراج عنهم؟
ستفرج واشنطن عن خمسة إيرانيين تحتجزهم مقابل إفراج إيران عن خمسة أمريكيين بموجب اتفاق لتبادل السجناء، وفيما يلي نبذة عن بعض السجناء المحتجزين الذين ستطلق إيران سراحهم بموجب الاتفاق:
– سيامك نمازي
سيامك نمازي (51 عاماً) هو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، ألقى الحرس الثوري الإيراني القبض عليه عام 2015 أثناء زيارته لعائلته في طهران. وبعد أشهر، ألقت السلطات القبض على والده المريض، باقر، بعد أن عاد إلى إيران لزيارة ابنه المحتجز. وصدر حكم عليهما في عام 2016 بالسجن لمدة عشر سنوات بتهمتي التجسس والتخابر مع الحكومة الأمريكية.
ووضعت السلطات باقر نمازي، وهو حاكم إقليم سابق في إيران، قيد الإقامة الجبرية في عام 2018 لأسباب طبية، وغادر إيران في عام 2022 لتلقي العلاج بالخارج. ويحمل باقر نمازي الجنسيتين الأمريكية والإيرانية أيضاً وسبق أن عمل لدى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف).
– عماد شرقي
انتقل شرقي (59 عاماً) وزوجته في 2017 إلى إيران قادمين من الولايات المتحدة. وألقت السلطات القبض على شرقي، وهو رجل أعمال يحمل الجنسيتين الأمريكية والإيرانية، لأول مرة في عام 2018 عندما كان يعمل لدى شركة سارافان هولدنج، وهي شركة استثمارات في مجال التكنولوجيا.
وبعدها أطلقت سراحه بكفالة بعد ثمانية أشهر وبرأته محكمة ثورية من تهمة التجسس وتهم أخرى متعلقة بالأمن لكنه ظل ممنوعاً من السفر.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2020، استدعته محكمة ثورية أخرى وحكمت عليه بالسجن عشر سنوات بتهمة التجسس. ولم يُسجن في البداية لكن وسائل إعلام إيرانية ذكرت أن السلطات ألقت القبض عليه أثناء محاولته الفرار من إيران في يناير/كانون الثاني 2021.
– مراد طهباز
ألقت السلطات الإيرانية القبض على طهباز، وهو ناشط بيئي يبلغ من العمر 67 عاماً ويحمل ثلاث جنسيات هي الأمريكية والإيرانية والبريطانية، في عام 2018.
وصدر حكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات في عام 2019 بتهمة "التجمهر والتواطؤ ضد الأمن القومي الإيراني" و"التواصل مع حكومة العدو الأمريكي لغرض التجسس".
ولم يُكشف عن هويتي السجينين الرابع والخامس. ومن غير المعلوم عدد المواطنين الأمريكيين المحتجزين في إيران نظراً لأن عائلاتهم والحكومة الأمريكية لا ترغب عادة في نشر أسمائهم على أمل إطلاق سراحهم بهدوء.
أما الإيرانيون الخمسة الذين ستطلق الولايات المتحدة سراحهم، فهم: مهرداد معين أنصاري، وقمبيز عطار كاشاني، ورضا سرهنك بور كفراني، وأمين حسن زاده، وكاوه أفراسيابى، وفقاً لمسؤولين إيرانيين.
وقالت الخارجية الإيرانية إن اثنين من المفرج عنهم في إطار الاتفاق سيبقيان في الولايات المتحدة، وإن آخر سيتوجه إلى دولة ثالثة للحاق بأسرته، فيما سيعود اثنان إلى الوطن.
وتطالب إيران منذ سنوات بالإفراج عن رعاياها المحتجزين في الولايات المتحدة. وقال مصدر قضائي إيراني لرويترز إن هناك ما لا يقل عن 12 سجيناً إيرانياً تحتجزهم الولايات المتحدة بشكل رئيسي بسبب "خرق العقوبات الأمريكية على إيران".
ما أبرز المحطات التاريخية التي مرت بها العلاقة بين أمريكا وإيران؟
يضع اتفاق تبادل السجناء هذا حداً لمصدر إزعاج كبير بين إيران والولايات المتحدة اللتين يعود العداء بينهما إلى عام 1953، عندما دبرت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني محمد مصدق صاحب الشعبية الكبيرة في عام 1953 وإعادة الشاه محمد رضا بهلوي إلى السلطة، الذي أصبح حليفاً قوياً للولايات المتحدة.
وفيما يلي تسلسل زمني للأحداث الكبرى التي شهدتها العلاقات بين إيران والولايات المتحدة:
– 1953: وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تساعد في الإطاحة برئيس الوزراء الإيراني المحبوب محمد مصدق في 1953 وتعيد السلطة للشاه محمد رضا بهلوي.
– 1957: الولايات المتحدة وإيران توقعان اتفاقاً للتعاون في المجال النووي السلمي.
– 1967: الولايات المتحدة تزوّد إيران بمفاعل نووي للأبحاث إضافة إلى يورانيوم مخصب بنسبة 93% يصلح لأغراض الأسلحة.
– 1968: إيران توقع معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي سمحت لها بامتلاك برنامج نووي سلمي مقابل الالتزام بعدم السعي لامتلاك أسلحة نووية.
– 1979: الثورة الإسلامية الإيرانية تجبر الشاه المدعوم من الولايات المتحدة على الفرار، وآية الله روح الله الخميني يعود من المنفى ويصبح الزعيم الأعلى. فيما يستولي طلبة أصوليون على السفارة الأمريكية في طهران ويحتجزون العاملين فيها رهائن.
– 1980: الولايات المتحدة تقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وتصادر أصولاً إيرانية وتحظر أغلب الأنشطة التجارية معها. وفشل مهمة لإنقاذ الرهائن الأمريكيين التي أمر بها الرئيس الأمريكي جيمي كارتر.
– 1981: إيران تفرج عن 52 من الرهائن الأمريكيين بعد دقائق من انتهاء ولاية كارتر وتنصيب رونالد ريجان رئيساً للولايات المتحدة.
– 1984: الولايات المتحدة تدرج إيران في قائمة الدول الراعية للإرهاب.
– 1986: ريجان يكشف عن صفقة أسلحة سرية مع طهران في انتهاك لحظر الأسلحة الأمريكي.
– 1988: السفينة الحربية الأمريكية فينسنز تسقط خطأ طائرة ركاب إيرانية فوق الخليج ومقتل 290 شخصاً كانوا على متنها.
– 2002: الرئيس جورج دبليو بوش يعلن أن إيران والعراق وكوريا الشمالية تمثل "محور شر". ومسؤولون أمريكيون يتهمون طهران بإدارة برنامج سري للأسلحة النووية.
– 2009: بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة تعلن أن إيران تبني موقعاً سرياً لتخصيب اليورانيوم في منطقة فوردو.
– 2012: بدء سريان قانون أمريكي يتيح للرئيس باراك أوباما سلطة فرض عقوبات على بنوك أجنبية إذا فشلت في خفض واردات النفط الإيراني بشكل ملحوظ. ومبيعات النفط الإيراني تنخفض، مما أدى إلى تباطؤ اقتصادي.
– مسؤولون أمريكيون وإيرانيون يبدأون محادثات سرية تتزايد وتيرتها في 2013 بخصوص المجال النووي.
– 2013: انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران بفضل برنامج يدعو لتحسين علاقات إيران مع العالم ودعم اقتصادها.
– 2015: إيران والقوى الست الكبرى تتوصل لاتفاق نووي وافقت بموجبه طهران على الحد من أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات.
– 2018: الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينسحب من الاتفاق النووي في مايو/أيار ويعيد فرض عقوبات اقتصادية قاسية على إيران.
– 2019: الولايات المتحدة تصنّف الحرس الثوري الإيراني "منظمة إرهابية" في أبريل/نيسان.
– إيران تعلن في مايو/أيار أنها ستزيد إنتاجها من اليورانيوم المخصب في خطوة تمثل انتهاكاً لالتزاماتها الناشئة عن الاتفاق النووي.
– شركة النفط، التي تديرها الدولة في السعودية، تتعرض في سبتمبر/أيلول لهجوم بطائرات مسيرة وصواريخ يُعتقد أنه قادم من إيران، وطهران تنفي تورطها.
– 2020: إيران تتعهّد برد فعل قاسٍ بعدما أودت غارة جوية أمريكية في بغداد بحياة قاسم سليماني، قائد قوات فيلق القدس التابعة للحرس الثوري الإيراني، مهندس التدخل العسكري الإيراني في الشرق الأوسط.
– 2021: مسؤولون أمريكيون وإيرانيون يعقدون ست جولات من المحادثات النووية غير المباشرة في فيينا خلال الفترة من أبريل/نيسان حتى يونيو/حزيران. وبدء جولة جديدة في 29 نوفمبر/تشرين الثاني بعد توقف دام خمسة أشهر بسبب انتخاب الرئيس الإيراني المتشدد إبراهيم رئيسي.
– 2022: تعثر محادثات غير مباشرة بين طهران وواشنطن في سبتمبر/أيلول؛ مما دفع الجانبين إلى رسم خطوات تطلق إيران بموجبها سراح بعض المواطنين الأمريكيين المحتجزين لديها مقابل الإفراج عن بعض الأصول الإيرانية في الخارج.