“يعلمون أن نهايتهم اقتربت”.. كيف باتت السلطة الفلسطينية تحارب شعبها من أجل استمرار بقائها؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/09/06 الساعة 12:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/09/06 الساعة 12:42 بتوقيت غرينتش
قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، الضفة الغربية/ رويترز

حين أرادت قوات الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية الأسبوع الماضي إزالة الحواجز التي تمنع الجنود الإسرائيليين من دخول مخيم طولكرم للاجئين بـالضفة الغربية، شعر السكان المحليون بغضب عارم.

وانتهت معركة بالأسلحة النارية بين مسلحين وقوات الأمن الفلسطينية بمقتل شاب يبلغ من العمر 25 عاماً، وتزايد الشعور بالاستياء بين المواطنين الفلسطينيين الذين يعتبرون حكومتهم فاسدة وتفتقر إلى الكفاءة، ويرى البعض أنها متعاونة مع إسرائيل في احتلال الضفة الغربية، كما يقول تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.

وقال محمد الذي شاهد القتال من متجر الفلافل الذي يملكه، لمراسل صحيفة وول ستريت: "بعد ما حدث انكسر كل شيء، لم نعد نثق بهم".

"هذه لحظاتهم الأخيرة، يشعرون باقتراب نهايتهم"

هذه المواجهات تزداد شيوعاً في ظل محاولات السلطة الفلسطينية تشديد قبضتها على السلطة ومنع منافسيها ومجموعة من التنظيمات المسلحة من اكتساب أي نفوذ. وقد ضعف موقفها بدرجة كبيرة خلال العام الماضي وسط تدفق الأسلحة غير القانونية إلى المنطقة والغضب من المداهمات شبه اليومية التي ينفذها الجيش الإسرائيلي والتي جعلت عام 2023 واحداً من أكثر الأعوام دموية على الفلسطينيين منذ قرابة عقدين.

وتقول "وول ستريت جورنال"، مؤخراً، إن السلطة الفلسطينية بدأت في شن حملات قمع عنيفة على المسلحين واعتقال المئات من خصومها السياسيين، وذلك في إطار جهودها المستميتة للحفاظ على سيطرتها على الضفة الغربية.

وقالت ديانا بطو، المحامية والمفاوضة الفلسطينية السابقة مع إسرائيل: "هذه لحظاتهم الأخيرة. يشعرون باقتراب نهايتهم".

ويكتسب دور السلطة باعتبارها ممثلاً معترفاً به دولياً للشعب الفلسطيني أهمية خاصة الآن، في وقت تعمل فيه الولايات المتحدة على التوسط في اتفاق تطبيع بين إسرائيل والسعودية وغيرها من دول المنطقة.

وأعطى رئيس السلطة الفلسطينية الطاعن في السن محمود عباس للسعوديين قائمة تنازلات من إسرائيل يريد أن تكون جزءاً من أي اتفاق دبلوماسي. وكانت السعودية داعماً مالياً وسياسياً للجهود الفلسطينية لإنشاء دولة مستقلة إلى جانب إسرائيل، لكنها قطعت التمويل عن السلطة الفلسطينية عام 2021 لقلقها من الفساد وانعدام الكفاءة. وقبل محاولات التقارب هذا العام، ساد الشعور بأن عباس خسر اهتمام السعوديين.

مقاومون يشيعون شهيداً سقط خلال اشتباك مع قوات الاحتلال في طولكرم، أغسطس 2023/ رويترز

"السلطة تتعاون مع إسرائيل لقمع مقاومة الاحتلال"

وحوادث مثل التصعيد الأخير في طولكرم وجنين وغيرها من المناطق تثير التوتر بين السلطة والفلسطينيين الذين يرون أن السلطة تتعاون مع إسرائيل لقمع مقاومة الاحتلال.

وقال فيصل سلامة، المسؤول المحلي في مخيم طولكرم للاجئين: "ندعم السلطة الفلسطينية في الاضطلاع بدورها في حفظ القانون والنظام. ولكن في الوقت نفسه، تزايدت المداهمات الإسرائيلية، وهذا يضع السلطة الفلسطينية في موقف تظهر فيه بمظهر الخائنة".

تقول الصحيفة الأمريكية إن المسلحين في طولكرم الذين قاتلوا قوات أمن السلطة الفلسطينية في الأسبوع الماضي يطلقون على أنفسهم اسم كتيبة طولكرم. ومقاتلوها ينتمون لفصائل مختلفة، من بينها حماس والجهاد الإسلامي وحركة فتح، التي تسيطر على السلطة الفلسطينية.

وقال عضو في لواء طولكرم يبلغ من العمر 24 عاماً: "حاولوا اعتقالنا أكثر من مرة. وما يريدونه هو إنهاء هذه الحركة الوطنية للمقاومة المسلحة دون أن يقدموا وسيلة لحماية شعبنا".

السلطة الفلسطينية: إسرائيل تضعنا في موقف محرج

من جهته، قال لؤي ارزيقات، المتحدث باسم شرطة السلطة الفلسطينية، إن "قوات الأمن دخلت طولكرم بناءً على طلب السكان المحليين" الذين طلبوا منهم إخلاء المنطقة المحيطة بمدرسة تابعة للأمم المتحدة، أقام بها المسلحون حواجز معدنية ومتفجرات على جانب الطريق. وقال المتحدث إن الشرطة فتحت تحقيقاً في مصدر الرصاصات التي قتلت عبد القادر زقدح، الشاب الذي قُتل خلال المعركة، والذي يقول شهود عيان إنه لم يكن مشاركاً في القتال. وقالت السلطة الفلسطينية إنه من المتوقع نشر نتائج التحقيق نهاية هذا الأسبوع.

وقال ازريقات: "لو كانت الرصاصات المستقرة في جسده من بنادق كلاشينكوف، فهو قتل على يد رجالنا وسنتحمل المسؤولية، أما لو كان الرصاص من بنادق إم 16، فالجاني ليس نحن".

وتتهم السلطة الفلسطينية إسرائيل بتقويض قدرتها على السيطرة على الضفة بالمداهمات المتواصلة التي تنفذها لاعتقال النشطاء والتي تخلف الكثير من القتلى. وحتى الآن هذا العام، استشهد أكثر من 180 فلسطينياً، معظمهم من المسلحين، في الضفة الغربية على يد قوات الأمن الإسرائيلية.

وقال كمال أبو الرب، القائم بأعمال محافظ جنين المعين من السلطة الفلسطينية، إن "المداهمات الإسرائيلية هي المشكلة. وهي التي تحرج السلطة الفلسطينية وتضعف موقفها".

رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ونظيره الإسرائيلي نتنياهو، في البيت الأبيض، أرشيفية/ رويترز

وتقول إسرائيل من جانبها إن السلطة لا تفعل ما يكفي لقمع المسلحين الذين يشنون الهجمات ويطلقون النار، وهي تحجب ملايين الدولارات من الضرائب التي تُجمع نيابة عن السلطة لمعاقبتها. وحذر مسؤولون أمريكيون رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من أن السلطة الفلسطينية على وشك الانهيار، ولو لم تتحرك إسرائيل لتعزيز موقفها، فقد تنجرف المنطقة إلى حرب.

وقال سهيل سلمان، نائب رئيس بلدية طولكرم السابق، إن جهود السلطة الفلسطينية لتثبيت سلطتها تزيد من أوجاع السكان الذين يعانون بالفعل تحت الاحتلال.

وقال: "السلطة الفلسطينية تتصور أنها إذا أوقفت مداهمات الجيش الإسرائيلي وعمليات القتل، فسيكون ذلك نجاحاً. لكن المحصلة النهائية بالنسبة للمواطن العادي هي أنها تفعل الآن الشيء نفسه مع إسرائيل".

تحميل المزيد