في الوقت الذي تبحث فيه مصر عن مخرج لأزمة شح الدولار الأمريكي التي أضرت بالاقتصاد، جاء الكشف عن انضمام القاهرة إلى مجموعة دول "بريكس" ليبعث الآمال حول إحدى الأدوات التي قد تعالج الأزمة. فهل يمكن أن تنقذ بريكس مصر من أزمة شح الدولار بالفعل؟
هل تجد مصر ضالتها في الانضمام لـ"بريكس"؟
في 24 أغسطس/آب 2023 وافقت مجموعة "بريكس" على دعوة 6 دول لعضويتها، في خطوة توسع هي الأولى منذ عام 2010، من شأنها أن تدفع التكتل إلى مرحلة جديدة من الحصة الاقتصادية العالمية. والدول الست التي دعيت إلى جانب الأعضاء الخمسة المؤسسين الحاليين، هي: السعودية والأرجنتين والإمارات ومصر وإثيوبيا وإيران، وستبدأ الانضمام مطلع عام 2024.
يقدر المسؤولون السياسيون والاقتصاديون في مصر أن الانضمام إلى "بريكس" سيعود بمنافع كبيرة على الاقتصاد المصري، وسط رغبة أعضاء التحالف في التخلص من هيمنة الدولار بمعاملاتهم، وتأسيس نظام اقتصادي عالمي جديد متعدد الأقطاب.
وتعوِّل مصر على كونها سوقاً كبيرة تضم نحو 104 ملايين نسمة، ما يضمن مستويات طلب مرتفعة على السلع وتنشيط حركة الصادرات من وإلى دول المجموعة.
ويعد شح الدولار الأمريكي إحدى أكبر أزمات مصر الحالية، إذ تبلغ قيمة فاتورة وارداتها السنوية نحو 95 مليار دولار، بينما يعد أحد أهم أهداف "بريكس" توسيع التجارة البينية بالعملات المحلية بعيداً عن العملة الخضراء.
ولجأت القاهرة إلى صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدة جديدة في مارس/آذار الماضي، تزامناً مع حصولها على تعهدات بأكثر من 22 مليار دولار من الودائع والاستثمارات من السعودية والإمارات وقطر.
وتتفاقم الأوضاع مع استمرار ضعف السيولة الدولارية ووجود سعرين له داخل البلاد، سعر رسمي أقل من 31 جنيهاً بقليل، وسعر في السوق الموازية يتراوح بين 39.5 و41 جنيهاً، وسط احتمالية خفض جديد للعملة قبل مراجعة صندوق النقد القادمة.
ضغط متزايد على الاقتصاد المصري
وفي انعكاس للضغط المتزايد على الشؤون المالية لمصر، انخفض صافي الاحتياطيات الدولية للبنك المركزي إلى 33.14 مليار دولار في يوليو/تموز الماضي، وهو أدنى مستوى منذ يونيو/حزيران 2017.
وتشكل اضطرابات سعر الصرف في مصر عامل ضغط مباشراً على المواطنين الذين بدأوا يواجهون ارتفاعات كبيرة في الأسعار ومستويات تضخم قياسية وصلت إلى 36.5%.
ووفق بيانات سابقة صادرة عن البنك المركزي، تنتظر مصر جدول سداد مزدحماً من الديون خلال الأعوام القليلة القادمة. وارتفع الدين الخارجي المصري إلى 165.361 مليار دولار بنهاية الربع الأول من العام 2023، بزيادة قدرها 1.5% (أو ما يعادل 2.43 مليار دولار) مقارنة بالربع الأخير من 2022، عندما سجل 162.928 مليار دولار.
وبحسب جدول سداد الدين الخارجي متوسط وطويل الأجل، يتعين على مصر سداد 10.9 مليار دولار في النصف الأول من العام 2024، بالإضافة إلى 13.3 مليار دولار في النصف الثاني من العام.
كما يجب على مصر سداد 9.3 مليار دولار في النصف الأول من عام 2025، ثم 5.8 مليار دولار في النصف الثاني من العام. وفي عام 2026 يتعين سداد 6.6 مليار دولار خلال النصف الأول من العام بخلاف 10.2 مليار دولار خلال النصف الثاني.
وتعتمد مصر بشكل كبير على التدفقات الأجنبية القادمة من استثمارات الأجانب في أدوات الدين الصادرة عنها كمصدر للنقد الأجنبي، أو ما تعرف بالأموال الساخنة.
والأموال الساخنة هذه سميت كذلك لأنها غير مستقرة في مكان واحد، بإمكان صاحبها نقلها من سوق لأخرى طبقاً للعوائد الأعلى عليها، في أي وقت.
ومع فرضية تنفيذ خفض آخر للجنيه، فإن حجم الدين الخارجي سيتزايد، إضافة إلى ارتفاع حجم فوائد الديون بالموازنة والتي تقترب من 40% من قيمة الإنفاق، وصعوبة سداد الديون الخارجية.
كيف ستفيد "بريكس" مصر؟
وصلت نسبة مساهمة مجموعة "بريكس" إلى 31.5% في الاقتصاد العالمي، مقابل 30.7% للقوى السبع الصناعية. وتسعى المجموعة إلى أن ينعكس ذلك التفوق عملياً من خلال توسعة نشاطاتها الاقتصادية الرامية لمواجهة هيمنة الدولار الأمريكي، ما قد يصب في صالح الأعضاء الجدد.
وبلغ حجم اقتصادات دول بريكس 25.9 تريليون دولار بنهاية عام 2022، وتسيطر على 20% من التجارة العالمية، وفق بيانات منظمة التجارة العالمية.
وتسيطر دول المجموعة الحالية (روسيا والبرازيل والهند والصين وجنوب أفريقيا) على 27% من مساحة اليابسة في العالم، بمساحة إجمالية 40 مليون كيلومتر مربع.
وعام 2006 جرى تأسيس تكتل "بريكس"، وعقد أول اجتماعاته في 2009، وتعتبر المجموعة نفسها بديلاً عن الهيمنة الاقتصادية الغربية متمثلة في مجموعة الدول السبع الكبرى، بقيادة الولايات المتحدة.