من حماية مناجم الذهب إلى آبار النفط.. كيف سينعكس اغتيال زعيم فاغنر على حميدتي وحفتر؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/08/25 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/25 الساعة 13:41 بتوقيت غرينتش
يفغيني بريغوزين يقف بجانب مقاتلي فاغنر في باخموت بأوكرانيا/رويترز

أدى مقتل يفغيني بريغوجين، قائد مجموعة فاغنر ومنتقد بوتين، بصورةٍ مفاجئة وغريبة في حادث تحطم طائرة يوم الأربعاء، 23 أغسطس/آب، إلى التساؤل عن مصير مقاتليه وشبكاته في روسيا وأوكرانيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا. 

ربما يُثار التساؤل بشكلٍ خاص حول محمد حمدان دقلو، زعيم القوات شبه العسكرية السودانية المعروف باسم حميدتي، وأمير الحرب الليبي الشرقي خليفة حفتر، وكلاهما من المقربين البارزين للمرتزقة، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye البريطاني.  

في ليبيا، قدم مقاتلو مجموعة فاغنر الدعم لحفتر، حيث دعموه في هجومه الفاشل على طرابلس في 2019-2020 ويتواجدون حالياً في مواقع رئيسية مثل المنشآت النفطية.

وفي السودان المجاور، عمل عملاء فاغنر جنباً إلى جنب مع قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي، التي تخوض حالياً صراعاً مسلحاً مع القوات المسلحة السودانية.

سبق لموقع Middle East Eye البريطاني أن نشر من قبل تقريراً عن المذابح التي نفذها مقاتلو فاغنر حول مناجم الذهب في جمهورية إفريقيا الوسطى، في حين اتهمت الولايات المتحدة المجموعة بسرقة ذهب بقيمة مليارات الدولارات من السودان -ويُزعَم أن معظمه يشق طريقه إلى الإمارات وروسيا. 

بريغوجين
زعيم "فاغنر" بريغوجين – رويترز

قال أشوك سوين، رئيس قسم أبحاث السلام والصراع في جامعة أوبسالا في السويد، لموقع Middle East Eye إن وفاة بريغوجين سيكون لها "تأثير عميق" على أنشطة مجموعة فاغنر، فضلاً عن روابط روسيا في شمال إفريقيا. 

وأضاف أن "الحرب الأهلية المستمرة بين الجيش السوداني والدعم السريع أدت إلى تفاقم التعقيدات المحيطة بعمليات مجموعة فاغنر بشكل كبير. ولم يمثل بريغوجين المجموعة خارجياً فحسب، بل لعب أيضاً دوراً محورياً كمفاوضٍ من أجل حل المشاكل". 

فاغنر وقوات الدعم السريع 

ظهرت مجموعة فاغنر لأول مرة في السودان خلال حكم عمر البشير، وشاركت بشكل كبير في حماية الموارد المعدنية المهمة، مثل مناجم الذهب.

واتُّهم أعضاؤها لاحقاً بمساعدة حكومة البشير في محاولة قمع المظاهرات عام 2019، رغم إجبار البشير في النهاية على التنحي عن السلطة. 

منذ اندلاع الحرب السودانية في أبريل/نيسان 2023، ظهرت تقارير عديدة تشير إلى أن فاغنر كانت تُلقي بثقلها خلف حليفها الراسخ، قوات الدعم السريع، رغم أن الأخيرة نفت مراراً تورُّط مجموعة فاغنر في الحرب. 

وقال كاميرون هدسون، الدبلوماسي الأمريكي السابق والمحلل بوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية: "أعتقد أن الخاسر الأكبر إلى جانب بريغوجين هو حميدتي في السودان". 

فاغنر أطفال السودان السودان قوات الدعم السريع الجيش السوادني
الفريق محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع السودانية/رويترز، أرشيفية

وبحسب ما ورد، تزوِّد فاغنر قوات الدعم السريع بصواريخ أرض- جو، مما مكَّنها من مواجهة القوة الجوية للقوات المسلحة السودانية، بالإضافة إلى العديد من الأسلحة الأخرى. 

وقال هدسون لموقع Middle East Eye إن اعتماد قوات الدعم السريع على خطوط الإمداد الأجنبية لمواصلة الصراع في السودان -الذي شهد مقتل أكثر من 5 آلاف شخص وتشريد الملايين حتى الآن- يعني أن الخسارة المفاجئة لحليف رئيسي قد تكون كارثية. 

وتساءل قائلاً: "هل سنشهد عدوانية قوات الدعم السريع كما كانت في الأسابيع القليلة الماضية؟ هل سنراهم حتى يحاولون الاحتفاظ بمواقعهم في الخرطوم؟ لديهم خوف دائم من إغلاق خطوط إمداداتهم". 

بدائل الكرملين؟

كانت عمليات الجماعة في ليبيا أكثر علنية بكثير.

لعب مقاتلو فاغنر دوراً رئيسياً في هجوم حفتر على طرابلس، ومنحوه منذ البداية زخماً جديداً قبل أن ينقلب المد في النهاية ضده. وساعدت تحصيناتهم الدفاعية في وسط ليبيا في درء احتمال شن هجوم مضاد عندما انهار هجوم حفتر، ويُعتَقَد أن مقاتلي فاغنر لا يزالون في ليبيا بالمئات، إلى جانب السوريين الذين يوظفونهم. 

قبل يوم واحد فقط من مصرع بريغوجين، زار مسؤولون عسكريون روس، بمن فيهم نائب وزير الدفاع، حفتر في ليبيا، في ما قالوا إنها أول زيارة رسمية لوفد عسكري إلى البلاد. 

وقالت علياء الإبراهيمي، وهي زميلة غير مقيمة في المجلس الأطلسي، إن الأساس لمستقبل ما بعد بريغوجين ربما وضعه الكرملين بالفعل. 

مجموعة من مرتزقة روس يتبعون شركة "فاغنر" الأمنية/ مواقع روسية

وقالت لموقع Middle East Eye: "لسوء الحظ، بعيداً عن "الكاريزما" التي يتمتع بها الرجل نفسه، هناك بنية كاملة لا تزال قائمة وفاعلة، ومن غير المرجح أن نشهد تأثيراً كبيراً على أنشطة مجموعة فاغنر في ليبيا والسودان". 

وأضافت: "كان أمام الكرملين أسابيع لتمهيد الطريق للتخلص من بريغوجين ومن الواضخ أن الكرملين شعر بالثقة من هذا التوقيت". 

وأضافت أنه سيظل هناك الكثير من "العملاء" لروسيا، حتى بدون فاغنر كوسيط"، خاصةً مع صعود الحكومات الانقلابية في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. 

وقالت: "لم تستدعِ الأنظمة العسكرية مجموعة فاغنر لأنها أُعجَبَت بأداء بريغوجين. كان لديهم مشكلات، وفاغنر لديها الحلول. كل ما في الأمر هو أن الدولة الروسية أصبحت الآن هي مقدم الخدمة". 

وطلب موقع Middle East Eye التعليق من قوات الدعم السريع حول مقتل قائد فاغنر، لكنه لم يتلقَّ رداً حتى نشر هذه السطور. 

مستقبل غير مؤكد 

منذ وصوله إلى السلطة في عام 2000، أدرك العديد من الروس البارزين أن تجاوز بوتين ينطوي على مخاطر عالية للغاية. 

وبينما لم يكن هناك تأكيد حول سبب الحادث الذي أودى بحياة بريغوجين، سارع كثيرون -بمن فيهم الرئيس الأمريكي جو بايدن- إلى توجيه أصابع الاتهام إلى الرئيس الروسي. 

لكن بالنسبة لبوتين أيضاً، فإن مصرع قائد مجموعة فاغنر والضرر النهائي المحتمل الذي يمكن أن يسببه لمجموعة المرتزقة، سيكون له عواقب. 

لسنوات عديدة، كانت المنظمة المصدر الرئيسي للقوة الغاشمة والنفوذ الروسي في إفريقيا، فضلاً عن كونها وسيطاً حاسماً للقادة العسكريين. ومن دون هذا الوكيل، سيتعين على روسيا أن تقوم بدور أكثر مباشرةً. 

إفريقيا فاغنر
عنصر من مجموعة "فاغنر" يقف إلى جانب جندي من جمهورية إفريقيا الوسطى (أ ف ب)

أشار هدسون إلى أن روسيا، بصرف النظر عن زيارة يوم الثلاثاء إلى ليبيا، كانت تتواصل مع القادة الأفارقة منذ أن قاد بريغوجين تمرده في يونيو/حزيران، في محاولةٍ لطمأنتهم بشأن تواصل الدعم الروسي. 

وقال إن السؤال الآن هو ما الذي سيقرره بوتين بخصوص أصول فاغنر، بما في ذلك أعمال تهريب الذهب المربحة. 

تساءل هدسون قائلاً: "هل سيسمح لفاغنر بمواصلة أعمالها بقيادةٍ جديدة، أم سيحاول امتصاص فاغنر وأصولها كافةً في هذه البلدان والعمل بها كمجموعة تابعة للجيش الروسي؟". 

أضاف هدسون أنه لا تزال هناك قيمةٌ في أن تحظى روسيا بمجموعةٍ عسكرية غير رسمية تعمل في القارة، وتموِّل نفسها ذاتياً عبر علاقاتٍ بالعملاء، مضيفاً أن "هذا المال يشق طريقه عائداً إلى روسيا ويفيد الاقتصاد"، الذي يتضرَّر حالياً بالعقوبات الغربية. 

تحميل المزيد