الألغام الأرضية في الحرب الأوكرانية.. إليكم أبرز 4 منها وتأثيرها على مسار الصراع

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/16 الساعة 10:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/16 الساعة 10:24 بتوقيت غرينتش
الألغام الأرضية السلاح الذي ندم البشر على اختراعه /shutterstock

زرعت روسيا أكبر حقل ألغام في العالم على طول خط التماس مع القوات الأوكرانية المدعومة من الغرب، فما أبرز 4 أنواع من تلك الألغام الأرضية؟ وما تأثيرها على هجوم أوكرانيا المضاد؟

كانت أوكرانيا قد بدأت "الهجوم الكبير" الهادف إلى "تحرير" أراضيها التي تسيطر عليها روسيا، وذلك بعد أكثر من 7 أشهر من الاستعداد استقبلت خلاله كييف دعماً عسكرياً غربياً يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.

ويمنّي زعماء الغرب أنفسهم بأن تتمكن أوكرانيا من الانتصار على روسيا، بعد أن زودوها بطائرات إف-16 ودبابات ليوبارد وأبرامز وغيرها من الأسلحة المتطورة والمعلومات الاستخباراتية والتدريب، لكن رغم مرور أكثر من 3 أشهر على بداية الهجوم المضاد، لا يزال التقدم الأوكراني "بطيئاً" على حسب التقديرات الغربية تفسها.

ستار حديدي من الألغام

ويكمن السبب الرئيسي وراء عدم تحقيق القوات الأوكرانية المسلحة بأحدث الأسلحة الأمريكية والغربية لاختراقات هامة على الأرض في ذلك الستار الدفاعي متعدد المراحل الذي شيدته القوات الروسية على طول خط المواجهة الممتد لأكثر من 1200 كيلومتر، من جنوب أوكرانيا حتى شرقها.

ونشر موقع Business Insider الأمريكي تقريراً يرصد أبرز 4 أنواع من الألغام الأرضية وطبيعة عملها، حيث زرعت روسيا حقول ألغام ضخمة "مجنونة" لمحاولة القضاء على هجوم أوكرانيا المضاد. وقال مسؤول أوكراني إنَّ روسيا زرعت خمسة ألغام لكل متر مربع في بعض المناطق. ونقلت صحيفة The Times بعض التقديرات التي تقول إنَّ روسيا زرعت أكبر حقل ألغام في العالم.

كما أشارت التقارير إلى أنَّ الجنود الروس لجأوا إلى زرع الأفخاخ القاتلة باستخدام الألغام، بما في ذلك إخفائها في اللعب والثلاجات وكتب الأطفال. وكان خط الجبهة قد ظل دون تغيير إلى حد كبير منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حين شنَّت أوكرانيا هجمات مضادة ناجحة أجبرت القوات الروسية على الانسحاب من مدينة خيرسون غرب نهر دنيبرو، وقبلها كانت قد انسحبت أيضاً من مقاطعة خاركيف في الشمال الشرقي.

وتتحصَّن روسيا على طول الجبهة منذ ذلك الحين، ويتمثَّل هدفها في التمسك بالمناطق التي سيطرت عليها العام الماضي في الأسابيع الأولى من الحرب، التي تصفها موسكو بأنها "عملية عسكرية خاصة"، بينما يصفها الغرب بأنها "غزو عدواني غير مبرر".

فوفقاً لوزارة الدفاع البريطانية، أقام المهندسون بعضاً من أكبر التحصينات التي شُوهِدَت في العالم منذ عقود. وتُظهِر صور الأقمار الاصطناعية خطوطاً ملتوية لخنادق على نمط الحرب العالمية الأولى.

روسيا أوكرانيا الجيش التجنيد
أفراد من الجيش الروسي يعملون على إزالة الألغام من أرض مصنع "آزوفستال" للصلب في مدينة ماريوبول الساحلية جنوب أوكرانيا/رويترز

لم تُبنَ التحصينات فقط في جنوب أوكرانيا –وهي منطقة تتألف من الحقول الخضراء والسهوب- بل أيضاً في شبه جزيرة القرم، التي تقول حكومة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنها تسعى لاستعادتها، وخارج مدينة ماريوبول.

لكن لن يكون اختراق التحصينات الروسية سهلاً على القوات الأوكرانية. فهنالك على الأقل ثلاثة خطوط دفاعية روسية يفصل بينها عدة كيلومترات. وتشمل خنادق مضادة للدبابات باتساع 5 أمتار في عمق 3 أمتار، و"أسنان التنين"، وهي كتل خرسانية هرمية مُصمَّمة لإبطاء تقدم المركبات العسكرية. وقام الروس بتلغيم مكثف لكامل خط الجبهة، ووضعوا ألغاماً عائمة في نهر دنيبرو، لمنع الأوكرانيين من العبور من الضفة الشرقية.

ويمثل النهر نفسه عقبة جغرافية قوية. فقال رومان كوستينكو، وهو قائد أوكراني، في مايو/أيار الماضي: "الألغام خطر كبير بالنسبة لنا"، مضيفاً أنَّه سيكون من الأسهل على المشاة الأوكرانيين التقدم في الشرق، حيث تملك روسيا عدداً أكبر من القوات لكنَّ عدد الألغام أقل.

1-  ألغام مضادة للأفراد

وعلى الرغم من كون الألغام الأرضية سلاحاً من إرث حروب القرن العشرين، إلا أنها لا تزال تُستخدَم باستمرار؛ لأنها رخيصة الثمن وسهلة الإنتاج وفعالة للغاية ضد العدو.

ورصد موقع Business Insider الأنواع الأربعة الرئيسية للألغام الأرضية المستخدمة في الحرب -مقسمة إلى مجموعتين رئيسيتين- وكيفية عملها، وتأثيرها في الصراع في أوكرانيا.

والنوع الأول هو الألغام المتفجرة -أو الألغام المضادة للأفراد- وهو أكثر أنواع الألغام الأرضية شيوعاً المصممة لإحداث إصابات موهنة أو مميتة لجنود العدو.

وتُدفَن الألغام على بعد بضع بوصات فقط تحت الأرض وتُنشَّط عادةً بواسطة لوحة ضغط -التي تتطلب عموماً قوة من 11 إلى 35.3 رطل (من نحو 5 إلى 16 كيلوغراماً) لتنفجر، وفقاً لموقع Howstuffworks.

وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنَّ خبراء إزالة الألغام "عثروا على ألغام ناسفة من نوع PMN-2 و PMN-4 وأبطلوها" في أوكرانيا.

أوكرانيا
جندي أوكراني بجوار دبابة روسية محطمة من طراز تي 90 شمال شرق البلاد -رويترز

وتصف المنظمة لغم PMN-2 بأنه "لغم دائري بغلاف بلاستيكي"، مشيرة إلى أنَّ أوكرانيا دمرت مخزونها من هذه الألغام في عام 2003.

وأثار لغم آخر الجدل أثناء الصراع، وهو PFM-1 المعروف أيضاً باسم لغم "الفراشة"، الذي يُطلَق من الصواريخ وينتشر عشوائياً على مساحة واسعة.

ويحتوي الهيكل البلاستيكي للغم المصغر على نحو 37 غراماً من السائل شديد الانفجار، وهو ما يكفي لتفجير قدم واحدة على الأقل. وهي محظورة بموجب اتفاقية حظر الألغام لعام 1997.

وفي يوليو/تموز، قالت هيومن رايتس ووتش إنها اكتشفت المزيد من الأدلة على أنَّ أوكرانيا استخدمت الألغام المحظورة وأبلغت الحكومة الأوكرانية.

2. الألغام القافزة

النوع الثاني من تلك الألغام الأرضية -وهو أيضاً مضاد للأفراد- يسمى "الألغام القافزة – وعادةً ما يؤدي سلك تعثر مربوط باللغم أو الضغط عليه إلى تفجير هذه الألغام الأرضية. وعند تفعيل أداة التحفيز، وهو قضيب معدني يبرز من الأرض، يرتفع اللغم نحو ثلاثة أقدام (91.4 سنتيمتر) في الهواء، حيث ينفجر حول الجزء العلوي من جسم الضحية، مع احتمال التسبب في إصابات مروعة.

3. ألغام متشظية

أما النوع الثالث فهو قد يكون من الألغام المتشظية ومن نوع الألغام القافزة أو الألغام الأرضية. وعندما تنفجر، ترسل شظايا زجاجية أو معدنية تحلق في اتجاهات مختلفة؛ مما يتسبب في إصابات تصل لمسافة 660 قدم (201 متر)، وفقاً لموقع Howstuffworks.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش إنها عثرت على حالات لاستخدام ألغام متشظية من طراز الألغام القافزة OZM-72 في أوكرانيا.

ووصفت المنظمة ألغام OZM-72 بأنها "ذخيرة قافزة متعددة الأغراض. وتدخل في وضع إسقاط الضحية من خلال السحب الميكانيكي، أو تحرير الضغط، أو صمامات التحفيز المغناطيسية. وهي محظورة الاستخدام بموجب اتفاقية حظر الألغام".

4. الألغام المضادة للدبابات

الألغام المضادة للدبابات هي نسخ أكبر بكثير من الألغام المضادة للأفراد، وهي مُصمَّمة لإحداث أكبر قدر من الضرر للدبابات من خلال تدمير مساراتها واختراق دروعها.

وتنشط هذه الألغام أيضاً بالضغط، لكنها عادة ما تتطلب قوة أكبر بكثير لإطلاقها، بنحو 348.33 رطلاً إلى 745.16 رطلاً (من 337.9 إلى 157.9 كيلوغرام)، بحسب Howstuffworks.

وشهدت الحرب الروسية الأوكرانية استخدام مجموعة متنوعة من الألغام المضادة للدبابات، بما في ذلك لغما PTM-1 و TM-62M.

الدبابات الأمريكية أوكرانيا
خسائر الحرب في أوكرانيا/ رويترز

وتقول منظمة هيومن رايتس ووتش إنَّ PTM-1 هو "لغم مستطيل الشكل مصنوع من البلاستيك" يُسقَط بواسطة طائرة هليكوبتر أو يُنثَر بفعل المدفعية الصاروخية. وتشير إلى أنَّ كلاً من روسيا وأوكرانيا لديهما إمدادات من الألغام.

وتضيف المنظمة أنَّ TM-62M هو "لغم دائري كبير ومغلف بالمعدن" يمكن زرعه ميكانيكياً أو يدوياً. وتقول إنَّ كلا الجانبين لديهما مخزون من هذا النوع من الألغام.

حرب الألغام في الصراع الروسي – الأوكراني

اعتمدت القوات الروسية اعتماداً كبيراً على حقول الألغام الكثيفة أثناء الصراع، لا سيما رداً على هجوم أوكرانيا المضاد. فالعمق الهائل لحقول الألغام، فضلاً عن الهيكل متعدد الطبقات، حيث يضع الروس عدة ألغام فوق بعضها البعض لتدمير معدات إزالة الألغام، أجبر بعض الجنود الأوكرانيين على التخلي عن دباباتهم الغربية التي طال انتظارها، والتقدم سيراً على الأقدام، كما أفاد موقع Business Insider سابقاً.

واضطرت أوكرانيا إلى تغيير استراتيجيتها الهجومية المضادة هذا الصيف بعدما عَلِقَت الهجمات المبكرة بالدبابات والمركبات القتالية في الحقول المحاصرة بالألغام. واستطاعت المدفعية والطائرات بدون طيار الهجومية الروسية استهدافها بسهولة.

ومع اتضاح حدود قدرات المركبات الغربية، مثل مركبة برادلي القتالية المدرعة أمريكية الصنع، طالب القائد العام الأوكراني الجنرال فاليري زالوجني بطائرات مقاتلة حديثة مثل طائرة "إف -16" الأمريكية لتحسين قدراتها القتالية البرية.

وقال زالوجني لصحيفة The Washington Post: "لم يعد بإمكانك فعل أي شيء بدبابة بها بعض الدروع؛ لأنَّ حقل الألغام عميق للغاية، وعاجلاً أم آجلاً، ستتوقف الدبابة ودروعها، وبعد ذلك يمكن أن تتدمر تحت النيران الكثيفة".

تحميل المزيد