أنتجت شركة Biofire الأمريكية الناشئة في ولاية كولورادو سلاحاً جديداً يحمل اسم "المسدس الذكي" بعيار 9 ملم؛ حيث لا يُمكن إطلاق السلاح الجديد إلا بعد أن يتعرّف على مستخدمٍ مُرخّص بواسطة قارئ بصمة الإصبع على المقبض، أو بواسطة كاميرا التعرف على الوجه في مؤخرة المسدس.
يُذكر أن المسدسات التي تستخدم تقنيةً لضمان إطلاقها بواسطة أصحابها فقط تُدعى المسدسات الذكية، وقد بدأ تطويرها والجدل حولها منذ التسعينيات. بينما سيكون المسدس الذكي من Biofire أول نسخة تُعرض للبيع على نطاقٍ واسع، وذلك في حال شحنها للأسواق في ديسمبر/كانون الأول 2023 حسب الخطة، كما تقول صحيفة Wall Street Journal الأمريكية.
لماذا كل هذا الاهتمام بفكرة "المسدس الذكي"؟
يحتفي أنصار الفكرة بالمسدسات الذكية على اعتبارها طريقةً لتقليل حوادث إطلاق النار العرضية وسرقات الأسلحة النارية. فيما يشعر أنصار حقوق الأسلحة بالقلق، الذي ينبع جزئياً من احتمالية حظر الحكومات لبيع الأسلحة التي لا تحمل التقنيات الذكية مستقبلاً.
وقد فشلت الجهود السابقة لتقديم المسدسات الذكية في الأسواق. وترجع أسباب الفشل بدرجةٍ كبيرة إلى ضغوطات نشطاء حقوق الأسلحة، أو نتيجةً لفشل تلك المسدسات في تأدية المهمة الموعودة.
هل يكتب لهذا المسدس النجاح؟
هناك تساؤلات مطروحة حول المسدسات الذكية اليوم، كما هو حال التقنيات الأخرى التي غيّرت شكل المنتجات القديمة -مثل السيارات الكهربائية. وتتمحور التساؤلات حول ما إذا كانت المسدسات الذكية ستعمل بنفس جودة النسخ التقليدية التي ستحل محلها أم لا، وهل ستجد قاعدة زبائن أوسع من المقتنين الأوائل الأثرياء؟
كم يبلغ سعر المسدس الذكي؟
بحسب وول ستريت جورنال، يبلغ سعر مسدس Biofire الذكي 1,499 دولاراً، بينما تتراوح تكلفة الأسلحة اليدوية المشابهة دون خصائص عالية التقنية بين 400 و800 دولار تقريباً.
وأوضح مايكل شوارتز، المدير التنفيذي لجماعة حقوق الأسلحة المحلية San Diego County Gun Owners، أن العديد من مالكي الأسلحة لا يزالون يشككون في الأسلحة النارية ذات الخصائص عالية التقنية.
وأردف شوارتز: "الغرض الأساسي من امتلاك سلاح ناري لدى غالبية أعضائنا هو الدفاع عن النفس، ما يعني أن البساطة أفضل. ويجب أن يكون السلاح اعتمادياً بنسبة 110%".
كيف تم تطوير هذا المسدس؟
يعمل مؤسس Biofire البالغ 26 عاماً، كاي كلوبفير، على تطوير هذه التقنية منذ سنوات مراهقته. وقال إنه صمم نظامي بصمة الإصبع والتعرف على الوجه حتى يعمل أحدهما في حال فشل الآخر، وذلك عندما تكون يد الشخص مبللةً أو عندما لا يكون وجهه واضحاً مثلاً.
وتأسست شركة Biofire عام 2014، وجمعت تمويلاً بقيمة 30 مليون دولار من عدة مصادر مثل المستثمر المُخاطر رون كونواي وشركة Founders Fund المملوكة لبيتر ثيل.
وقال كلوبفير إن آلاف الناس قد أرسلوا طلبات الحجز المسبق للمسدس الذكي، الذي يتوافر عبر الإنترنت فقط في الوقت الراهن. لكنه رفض الإفصاح عن العدد المحدد للطلبات.
وتعطّل مسدس Biofire أثناء استعراضه أمام وسائل الإعلام مطلع العام الجاري. لكن كلوبفير قال إن رصاصةً ما عَلِقَت داخل المسدس، ولم تكن هناك أي مشكلات في نظامي بصمة الإصبع أو التعرف على الوجه.
وأوضح كلوبفير أنه ليس من أنصار الأوامر القضائية الخاصة بالأسلحة الذكية، والتي دفع بها بعض أنصار السيطرة على الأسلحة. ويرى كلوبفير أن التعاون مع تلك الجهود قد يُنفِّر زبائن Biofire المحتملين من أنصار حقوق الأسلحة. وأضاف كلوبفير: "لقد أخذنا موقفاً قوياً ضد الأوامر القضائية الخاصة بالأسلحة الذكية. وأنا مؤمن بأن الأمر يجب أن يكون اختيارياً".
لماذا لم يكتب النجاح للمسدسات الذكية من قبل؟
كانت شركة تصنيع الأسلحة النارية Colt من أوائل الشركات التي طوّرت مسدساً ذكياً في التسعينيات؛ إذ صممت الشركة المسدس كولت زي-40 حتى لا يتم إطلاقه إلا عندما يرتدي مطلق النار سواراً يبعث بإشارة راديو مشفرة. لكن المسدس لم ينجح أثناء استعراضه أمام صحيفة Wall Street Journal الأمريكية، بينما قاطع مالكو الأسلحة الشركة بسبب قرارها أن تُطوّر هذا السلاح. ولم يصل المسدس زي-40 إلى الأسواق مطلقاً.
فيما طوّرت شركة Armatix الألمانية مسدساً ذكياً عيار 0.22 ملم في العقد الثاني من القرن الجاري. واعتمد المسدس الألماني على ساعةٍ تتعرف إلى الموجة الراديوية ويرتديها المالك في يده. لكن متاجر الأسلحة ألغت خطط بيعه في عام 2014 بعد اعتراضات نشطاء حقوق الأسلحة.
ما حجج مؤيدي الأسلحة الذكية؟
يؤكد مؤيدو الأسلحة الذكية على عدم جدوى سرقتها، ويجادلون بأنها ستمنع الأطفال من استخدام أسلحة آبائهم بطريق الخطأ، كما ستمنع المراهقين من استخدامها في حوادث إطلاق النار بالمدارس أو حوادث الانتحار. وكشفت دراسة أجراها باحثو العنف المسلح عام 2003 أن هذه التقنية كان في مقدورها أن تمنع وقوع 37% من حوادث إطلاق النار العرضية.
بينما أجرت كلية بلومبيرغ للصحة العامة بجامعة جونز هوبكنز دراسةً عام 2019، وتوصلت إلى أن ملاك الأسلحة الذين يحتفظون بأسلحتهم في مكانٍ آمن هم أقرب لشراء مسدس ذكي بنسبة 50%، ما يُشير إلى أن تأثير هذه الأسلحة قد يكون محدوداً. كما وجدت الدراسة أن 8 من أصل كل 10 من مالكي الأسلحة يدعمون بيع الأسلحة الذكية، لكن عدد المشترين المحتملين لن يتجاوز 2 من أصل كل 10.
تقنيات أخرى
وتعمل شركات ناشئة أخرى على تطوير أسلحة ذكية، لكن ليست هناك شركة تخطط للبدء في شحن منتجاتها بنفس سرعة Biofire. إذ قال توم هولاند، رئيس شركة Free State Firearms، إن شركته تستخدم خاتماً يُحدد الهوية بموجات الراديو ويرتديه المستخدم في إصبعه.
بينما قال هولاند تعليقاً على التقنية التي تستخدمها شركة Biofire: "عندما يسمع الناس عن مسحة بصمة الإصبع، يقولون: 'يا إلهي، أنا أعجز عن فتح هاتفي الخليوي بالبصمة في نصف عدد المحاولات'".
وأوضح هولاند أن شركته تخطط لتقديم مسدسها مطلع العام المقبل. وأردف أن السلاح يخضع للاختبار على يد نحو ست وكالات شرطية، وأنه تلقى عدداً من طلبات الحجز المسبق من العملاء بالفعل.