رياض سلامة غادر منصبه.. ماذا ينتظر منصوري القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان المركزي؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/08/01 الساعة 09:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/08/01 الساعة 09:12 بتوقيت غرينتش
النواب الأربعة لرياض سلامة/ رويترز

غادر رياض سلامة منصبه كحاكم لمصرف لبنان المركزي، وحل محله نائبه الأول وسيم منصوري بصفة مؤقتة، فماذا ينتظر القائم بالأعمال؟ وهل يمكنه إعادة البلاد من حافة الهاوية؟

كان رياض سلامة قد غادر منصبه بعد 30 عاماً دون أن تتفق الفصائل السياسية في لبنان على خليفة له، فتولى وسيم منصوري النائب الأول لحاكم مصرف لبنان (البنك المركزي) مهام القائم بأعمال الحاكم اعتباراً من الثلاثاء 1 أغسطس/آب 2023.

وبينما كان منصوري يعقد مؤتمراً صحفياً، الإثنين 31 يوليو/تموز، بحضور النواب الثلاثة الآخرين لمصرف لبنان، كان رياض سلامة يغادر مبنى المصرف على وقع "زفة" وداعية أعدها موظفون له.

من هو منصوري؟

درس منصوري المحاماة وحصل على شهادتي دكتوراه إحداهما في القانون العام من جامعة مونبلييه في فرنسا والأخرى من الجامعة اللبنانية، وفقاً لسيرته الذاتية على موقع المصرف المركزي. وأسس شركة محاماة خاصة به، وتقلد العديد من المناصب الحكومية قبل تعيينه نائباً لحاكم مصرف لبنان، إذ عمل في وزارة العدل ومستشاراً قانونياً لوزارة المالية وللبرلمان في السنوات الأخيرة، وفقاً للسيرة الذاتية.

هذه هي المرة الأولى التي يتولى فيها شيعي لبناني منصب حاكم مصرف لبنان (كقائم للأعمال حتى الآن)، إذ إن المنصب كان مخصصاً لمسيحي ماروني في ظل نظام تقاسم السلطة بين الطوائف في لبنان، وينحدر المنصوري من جنوب البلاد ذي الأغلبية الشيعية.

وتربط منصوري صلة قرابة عائلية من درجة بعيدة برئيس مجلس النواب نبيه بري زعيم حركة أمل الشيعية، الذي رشحه لموقع النائب الأول ضمن أربعة نواب لحاكم المصرف المركزي عام 2020. ونواب المحافظ الثلاثة الآخرون هم مسلم سني ودرزي وأرمني كاثوليكي، وحصلوا جميعاً على موافقة زعماء سياسيين يمثلون طوائفهم.

تم تعيين منصوري نائباً أول لحاكم مصرف لبنان في يونيو/حزيران 2020 إلى جانب النواب الثلاثة الآخرين. ويشغل هؤلاء مقاعد في اللجنة المركزية للمصرف. ومن خلال توليه المنصب، أشرف منصوري على العديد من الإدارات، بما في ذلك العمليات النقدية والعقارية والقانونية. وعمل ممثلاً لحاكم المصرف في الاتصال بالهيئات الإقليمية والدولية.

وخرج منصوري في مؤتمر صحفي، الإثنين، أكد فيه أنه سيتولى المنصب، وقال إن نواب حاكم المصرف الأربعة حاولوا تنبيه الحكومة إلى السياسات غير المستدامة حتى عندما كان سلامة حاكماً، وإنهم أقنعوا الحكومة بوقف برنامج دعم مكلف. وكان الاقتصاد اللبناني قد بدأ في الانهيار في عام 2019 بعد عقود من الفساد والهدر.

وسيم منصوري، القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان/ رويترز

ومع العد التنازلي لانتهاء فترة ولاية سلامة، هدد نوابه الأربعة بمن فيهم منصوري، بالاستقالة مجتمعين إذا لم يتلقوا تطمينات من الطبقة السياسية بشأن قائمة من السياسات التي يريدون المضي فيها. وقال مصدر مقرب من منصوري لرويترز إنه يعتبر دور القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان "كرة نار" في ظل الانهيار الاقتصادي المستمر منذ فترة طويلة.

والتقى منصوري في الأسابيع الماضية قبل رحيل سلامة بمسؤولين في الولايات المتحدة، التي تحرص دائماً على ضمان أن يطبق البنك المركزي اللبناني إجراءات لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وذكر دبلوماسي في إفادة عن الزيارة أن الاجتماع "طمأن" المسؤولين الأمريكيين. وأكد مسؤول بالسفارة الأمريكية لرويترز أن منصوري عقد "اجتماعات مثمرة مع نظرائه" في واشنطن، لكنه أحال أسئلة أخرى إلى البنك المركزي.

ودعا منصوري الحكومة إلى إجراء إصلاحات طال انتظارها لمعالجة الأزمة، وعبّر عن أمله في ألا تؤثر الميول السياسية على السياسات النقدية. وذكر أنه "يمد يده" إلى السياسيين، لكنه يخاطب الشعب اللبناني أيضاً، وقال: "أقول للبنانيات واللبنانيين اسمحوا لي أن أعتذر منكم.. مرة جديدة يأتي مسؤول أمامكم، بكرة (غداً) لازم يكون رأس السلطة النقدية في البلد، عم يقول ما طالع بإيدي شي لوحدي (لا أستطيع فعل شيء بمفردي)، بدي مجلس النواب، بدي الحكومة".

أزمة لبنان الاقتصادية

وتناول تحليل لوكالة Bloomberg الأمريكية المتوقع من حاكم المصرف المركزي الذي يخلف رياض سلامة، مشيراً إلى أن الهدف الأساسي هو "إنقاذ لبنان من حافة الهاوية". فالمطلوب هو حاكم مصرف مركزي يساعد في إعادة ضبط نظام مالي انهار تحت وطأة عقود من الفساد وسوء الإدارة، في بلدٍ أصبحت عملته عديمة القيمة تقريباً ويواجه النظام المصرفي -الذي كان فيما مضى حجر أساس للاستقرار- فيه خسائر تُقدَّر بثلاثة أضعاف حجم الاقتصاد تقريباً.

ولابد أن يكون شاغل المنصب أيضاً قادراً على اجتياز متاهة سياسية معقدة، ومن الإنصاف القول إنَّ أيَّاً مَن يتولى منصب أول حاكم مصرف مركزي للبنان منذ 30 عاماً سيكون عليه التفكير فيما هو أكثر من مجرد السياسة النقدية.

إذ إن لبنان يعيش في دوامة من السقوط منذ أزمة مالية ضربته عام 2019 ناجمة عن تباطؤ التحويلات المالية من اللبنانيين بالخارج وتراجع المساعدات الخليجية، وقد اقترنا معاً ليخلقا تراجعاً حاداً في التدفقات الدولارية الأجنبية.

وأصبح رياض سلامة واجهةً للأزمة، واتهم المحتجون على مستوى البلاد السياسيين بنهب خزائن الدولة لصالح حواشيهم، واعتبروا حاكم المصرف المركزي المخضرم هو عنصر التمكين الذي اشترى الوقت للطبقة السياسية من خلال تبنّي إجراءات محفوفة بالمخاطر لم تؤدِّ إلا لإشعال أزمة اقتصادية. وأدَّت الأزمة إلى محو أكثر من نصف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد خلال السنوات الثلاث الماضية في ظل خسارة العملة لنحو 90% من قيمتها. 

أصبح لبنان مديناً بقرابة 100 مليار دولار، ويديره سياسيون فشلوا في أن يتوافقوا، ناهيكم عن تطبيق خطة للتعافي. ووقَّعت البلاد اتفاقاً مبدئياً للحصول على حزمة إنقاذ بقيمة 3 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي العام الماضي، لكن القرض جاء مشروطاً بالقيام بإصلاحات، ولم يحدث ذلك بعد.

وفي هذا السياق، تُعَد ماهية الشخص الذي يدير المصرف المركزي المستقل مهمة دوماً، لكن في بلد يعاني من نوبات متقطعة من العنف والصراع السياسي الذي أدَّى في بعض الأحيان إلى شلل الدولة، يُعَد الأمر أكثر أهمية، ويعتقد بعض المنتقدين أنَّ لبنان على وشك أن يصبح دولة فاشلة.

نسيم نقولا طالب، الأستاذ المتميز لهندسة المخاطر بجامعة نيويورك والمُعلِّق اللبناني الأمريكي، قال لبلومبيرغ: "المطلوب هو المزيد من الشفافية والمزيد من المساءلة"، وإلا "فلن يُشكِّل فارقاً مَن يحل محل سلامة".

لبنان احتجاجات
احتجاجات في لبنان/الأناضول

ومنذ شهور، يخوض السياسيون نقاشات حول بديل رياض سلامة، وتسارعت هذه المحادثات، الأربعاء الماضي 26 يوليو/تموز، حين أرسل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مبعوثه الشخصي إلى لبنان، جان إيف لودريان، إلى بيروت، في محاولة أخيرة لفرض اتفاق بين الفصائل المتنافسة على رئاسة البلاد الشاغرة، والتي يُنظَر إليها باعتبارها إحدى العقبات أمام اختيار حاكم جديد للمصرف المركزي. والتقى المسؤولون الفرنسيون أيضاً نظراءهم في السعودية لمناقشة فراغ السلطة المحتمل في لبنان.

وبموجب القانون، يجب أن يتولى النائب الأول لحاكم مصرف لبنان منصب الحاكم، على الأقل مؤقتاً، لكنَّ وسيم منصوري والنواب الثلاثة الآخرين حذروا من أنَّهم سيُقدِّمون استقالاتهم في حال عدم تعيين حاكم جديد دائم لمصرف لبنان، قبل أن يتم التوافق مؤقتاً على تولي منصوري المنصب كقائم للأعمال.

رياض سلامة.. ظالم أم مظلوم؟

قال سعادة الشامي، نائب رئيس الوزراء وكبير المفاوضين اللبنانيين مع صندوق النقد الدولي، لوكالة Bloomberg: "الشخص الذي يتولى رئاسة مصرف لبنان المركزي في هذا المنعطف الصعب هو شخص مستعد لتقديم تضحيات شخصية ودفع ثمن غالٍ. نحتاج شخصاً يتمتع بنزاهة لا غبار عليها، ومستعد وراغب في الانفصال عن الطبقة السياسية، والعمل باستقلالية للتركيز على المهام الأساسية للسياسة النقدية دون الدخول إلى مجالات ليست ضمن نطاق المصرف المركزي".

تولى سلامة رئاسة المصرف المركزي عام 1993 حين كانت البلاد والاقتصاد مُحطَّمين من جرَّاء 15 عاماً من الحرب الأهلية، ويعود الفضل له في الحفاظ على ربط العملة بالدولار، والذي أدَّى في النهاية إلى إرساء الاستقرار في الاقتصاد المعتمد على الواردات.

وكان سلامة قد أصبح في عام 2009 أول حاكم مصرف مركزي عربي يقرع جرس بدء التداول ببورصة نيويورك، وتُرجِمَ ذلك باعتباره مكافأة على المهمة التي أداها باستعادة الاستقرار خلال تاريخ لبنان السياسي والمالي المضطرب. وقد ورث مؤسسة تملك حصة جزئية في الملهى الوحيد في البلاد، ويملك أيضاً شركة طيران الشرق الأوسط. وظل الرجل البالغ من العمر 73 عاماً حاكماً لمصرف لبنان على مدى عهود 12 رئيس وزراء و11 وزير مالية.

لبنان منع رياض سلامة من السفر
حاكم مصرف لبنان المركزي السابق، رياض سلامة – رويترز

لكنَّ منتقديه يقولون إنَّه ضخَّم دور الجهة التنظيمية خلال حقبته، فموَّل الحكومة بصورة متكررة، وصمَّم برامج مالية لإبقاء النظام قائماً، وسمح لإدارات مختلفة بالإنفاق بما يتجاوز إمكانياتها. وكان المصرف المركزي مشترياً رئيسياً للدين الحكومي. ويملك المصرف أكثر من 60% من أذونات الخزانة المُقوَّمة بالعملة المحلية و5 مليارات من السندات المُقوَّمة باليورو. وقدَّم أيضاً دولارات للحكومة من أجل تغطية فاتورة وارداتها بما أنَّ معظم عائدات الدولة وضرائبها تأتي بالعملة المحلية.

دافع سلامة مراراً عن تلك السياسات، قائلاً إنَّه اشترى الوقت للسياسيين من أجل سنِّ إصلاحات. لكنَّ الأزمة المالية لعام 2019 جعلت لبنان يجثو على ركبتيه ومحت إرث سلامة، فانهار نظام الربط الذي استمر لعقود، وظهرت فجوة تُقدَّر بنحو 70 مليار دولار في القطاع المالي، وعجزت البلاد عن سداد دينها للمرة الأولى في تاريخها.

وظيفة خالية.. حاكم مصرف مركزي؟

وصف البنك الدولي في تقرير له صدر عام 2022 الأزمة المالية اللبنانية بأنَّها "كساد متعمَّد من تدبير قيادات النخبة في البلاد التي تسيطر منذ وقت طويل على مقاليد الدولة وتستأثر بمنافعها الاقتصادية".

كان لبنان معتمداً على التدفقات الدولارية بالأساس من قاعدته الواسعة من المغتربين؛ من أجل الحفاظ على ربط العملة بالدولار الأمريكي وتمويل العجز الكبير في الحساب الجاري والميزانية. لذا، حين بدأ نمو الودائع بالانخفاض عام 2015، جنباً إلى جنب مع عدم الاستقرار بالداخل والحرب في الجارة سوريا، طرح المصرف المركزي ما أسماها عمليات هندسة مالية، وصفها صندوق النقد الدولي مراراً بأنَّها "غير تقليدية" وحثَّ مصرف لبنان على التوقف عنها.

قدَّمت هذه العمليات للمقرضين المحليين عائدات عالية من أجل الاستثمار في الودائع لأجَل بالدولار لدى المصرف المركزي، ولفعل ذلك، كان على المصارف جذب تدفقات جديدة بمعدلات فائدة مربحة. وكشفت خطة إنقاذ حكومية في عام 2020 أنَّ المصارف التجارية -التي أغرتها العوائد الأعلى- أودعت نحو 70 مليار دولار من أصولها لدى المصرف المركزي.

يُقدِّر صندوق النقد أنَّ العمليات جذبت أكثر من 24 مليار دولار من المقرضين بين 2016 وفبراير/شباط 2019. وجمعت المصارف التجارية المال من خلال طرح عوائد مرتفعة للمدخرين، ما أدَّى إلى توريط المتقاعدين والعاملين بأجر في برنامج محفوف بالمخاطر على نحوٍ متزايد. وفي بداية أزمة 2019، فرضت المصارف قيوداً رأسمالية فعلية على الودائع بالدولار. ببساطة، لم يكن لدى مصرف لبنان المركزي ما يكفي لدعم الواردات، والتدخل للدفاع عن ربط العملة اللبنانية بالدولار، وتمويل العجز، والأهم الوفاء بالتزاماته تجاه المقرضين المحليين.

لبنان
أحد البنوك في لبنان/ رويترز

أدَّت الأزمة إلى محو مدخرات الناس، لكنَّها أيضاً حطَّمت الثقة في مصرف لبنان. وفي مايو/أيار، حاول مئات المحتجين، بالأساس من أفراد الأمن المتقاعدين، اقتحام مباني البرلمان وسط بيروت، حيث كان أعضاء البرلمان في جلسة، بعدما تجاوزت الليرة مستوى 140 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، وهو تراجع قياسي. بل ولجأ بعض الناس لسرقة المصارف من أجل استعادة أموالهم.

اتهمت السلطات الأوروبية سلامة بالانتفاع غير المباشر من بيع السندات المقوَّمة باليورو عبر شركة وساطة يملكها أخوه، رجا. واستجوب المحققون الأوروبيون رياض سلامة وآخرين في بيروت عدة مرات هذا العام. وأصدرت الشرطة الدولية (الإنتربول) نشرة حمراء عقب إصدار مذكرات توقيف من جانب فرنسا وألمانيا بشأن مزاعم تزوير وغسيل أموال. وينفي سلامة كل المزاعم.

قال جان ميشيل صليبا، الخبير الاقتصادي لدى بنك أوف أمريكا: "أعتقد أنَّه سيتعين على خليفة (سلامة) أن يتواصل أولاً مع الطبقة السياسية والجمهور ليتأكَّد من أنَّه يحظى بدعمهم للقطيعة مع الماضي".

تواصل المسؤولون مع عدة مرشحين بشأن منصب حاكم مصرف لبنان، لكنَّ الكثيرين مترددون. فطالب البعض بضمانات من السياسيين، بما في ذلك حزب الله، الذي يُعَد القوة السياسية والعسكرية التي تُعطِّل أي عملية تعيين، بأنَّهم سيتقبَّلون الخيارات الصعبة التي تأتي مع اتفاق صندوق النقد الدولي مثل المزيد من التدقيق في حسابات وضرائب الحكومة. وقال أشخاص منخرطون في النقاش بشأن خلافة سلامة إنَّ آخرين ببساطة خائفون جداً من تولي الوظيفة في بلد شهد العشرات من الاغتيالات السياسية.

يظهر جهاد أزعور، مدير الشرق الأوسط لدى صندوق النقد الدولي ووزير المالية اللبناني الأسبق، على معظم قوائم الترشيحات. ووُصِفَ الشهر الماضي، يونيو/حزيران، لفترة قصيرة باعتباره الرئيس المقبل للبلاد -وهو المنصب الشاغر منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي بسبب عدم قدرة السياسيين على الاتفاق على مرشح- لكنَّ حزب الله عرقل ترشيحه للرئاسة. يضم آخرون على قائمة الترشيحات سمير عساف، المستشار البارز بمصرف HSBC ومؤسسة General Atlantic، وكميل أبو سليمان، وهو محامي تمويل الشركات وأسواق رأس المال الدولية بشركة Dechert للمحاماة ووزير العمل سابقاً.

توجد قواسم مشتركة كثيرة بين الثلاثة: عملوا خارج لبنان في المنظمات الدولية في التمويل، وهم مسيحيون موارنة، ويُعَد اختيار مسيحي ماروني هو العرف في ظل نظام تقاسم السلطة في البلاد.

وأياً كان الذي سيتولى رئاسة مصرف لبنان في نهاية المطاف، فإنَّه سيواجه سكاناً منقسمين للغاية وغاضبين، وساسة يتباطؤون في كل مجال للتعافي المحتمل، ومقرضين محليين يواجهون أزمة وجودية. قال هنري شاوول، وهو مستشار سابق للحكومة عمل على خطة إنقاذ حكومية للبنان عام 2020: "المشكلة هي البرلمان، لأنَّ أي تعديلات مُقتَرَحة على القانون يتعين أن تمر في نهاية المطاف عبر البرلمان".

والبشائر ليست جيدة؛ إذ يتفاوض سياسيون وحكومتان متعاقبتان على مسودة قانون لضوابط رأس المال منذ عام 2020، ويُصِرُّ صندوق النقد الدولي على اعتباره أحد الشروط الأساسية للحصول على حزمة الإنقاذ. وهم في خلاف مع المصارف وفيما بينهم حول طريقة توزيع الخسائر وطرق رد الودائع الصغيرة. لكن سيتعين عليهم أولاً الاتفاق على قيمة تلك الخسائر.

قال مستشارون حاليون وسابقون إنَّ الطريقة المثلى لتجنُّب أية تأخيرات في الإصلاح هي منح السلطة التنفيذية صلاحيات استثنائية، ووجود حاكم لمصرف لبنان مستعد لوضع حد للدعم المالي للحكومة، وممارسة ضغوط من أجل فرض الإصلاح.

الأمر الواضح هو أنَّ الأمر يزداد صعوبة بالنسبة للبنان من أجل انتقاء واختيار الإصلاحات، والوقت ينفد. قال صليبا، الخبير في بنك أوف أمريكا: "فيما يتعلَّق بالسياسة، يحتاج لبنان إلى المزيد من الشفافية، ووقف تمويل الميزانية، وسن إصلاحات مؤسسية تشمل تلك التي أدرجها صندوق النقد الدولي. الواقع هو أنَّك قد لا تنجح إذا أزلت جانباً واحداً من الأحجية كلها".

تحميل المزيد