كل الحوادث مبدأها النظر، ومعظم الحرائق من مستصغر الشرر.. ربما يصلح بيت الشعر هذا لأبو الطيب المتنبي مدخلاً للوقوف على طبيعة وأصل المنافسة الشرسة بين أمريكا والصين.
فالأمور الآن لا تبشر بالخير، ليس فقط بالنسبة للأمريكيين والصينيين، ولكن لبقية شعوب العالم، بل ربما يكون الخطر الأكبر قريباً من أغلب شعوب الكرة الأرضية أكثر مما هو قريب من واشنطن وبكين.
إذ عندما يعيش العالم صراعاً محتدماً بين قوتين عظميين، يدفع الجميع ثمناً باهظاً، وغالباً ما يكون الشق الأكبر من تكلفة الصراع، بشرية كانت أو مادية، من نصيب الآخرين.
وما يشهده العالم خلال السنوات الخمس الماضية بالتحديد، من تنافس وصل حد الصراع بين أمريكا والصين، يضع العالم على حافة الهاوية حرفياً، ويذكّر بحقبة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي، والتي استمرت منذ نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1945 وحتى انهيار المعسكر السوفييتي وتفتته مطلع التسعينيات من القرن الماضي.
واللافت هنا هو أن الصين كان من المفترض أن تكون طرفاً مباشراً في ذلك الصراع، كونها بلداً شيوعياً مثل الاتحاد السوفييتي، إلا أن ذلك لم يحدث إلا لفترات من حقبة الحرب الباردة، لتظل الصين في منأى عن ذلك الصراع، الذي اقترب في أكثر من مناسبة من الانفجار وتدمير الكوكب نووياً.