رغم أنها تشكل ثورة في مجال الاتصالات، ولكن أقمار ستار لينك الصناعية التي أطلقها الملياردير إيلون ماسك، باتت تهدد بكوارث فضائية، كما يشكو منها علماء الفضاء، ويقولون إنها تشوش على أعمالهم وتسبب بفوضى في الفضاء.
وتهدف أقمار Starlink التابعة لشركة SpaceX إلى توفير إنترنت عالي السرعة ووقت استجابة منخفض في جميع أنحاء العالم
يتم إطلاق أقمار ستار لينك الصناعية على دفعات من 40-50 قمراً صناعياً.
مجهزة بهوائيات صفيف مرحلية، هذه الأقمار الصناعية لديها القدرة على التواصل مع بعضها البعض ومع المحطات الأرضية. صُممت لتتمتع بعمر يصل إلى خمس سنوات، وتوفر خدمة إنترنت محسّنة، لا سيما مع زمن انتقال أقل، مما يؤدي إلى نقل البيانات في الوقت الفعلي، حسبما ورد في تقرير لموقع India Today Science.
ازدحام في الفضاء، وأقمار ستار لينك نفذت 50 ألف مناورة لتجنب الاصطدام
تم إطلاق أكثر من 4200 قمر صناعي بالفعل، وهناك خطط جارية لإطلاق ما مجموعه 42000 قمر صناعي في المدار.
نتيجة ذلك بات هناك ازدحام في الفضاء، وكشف تقرير من موقع space.com أنه في الفترة بين 1 ديسمبر/كانون الأول 2022 و 31 مايو/أيار 2023، خضعت أقمار ستار لينك لأكثر من 25000 مناورة لتجنب الاصطدامات المحتملة ومنع تكوين الحطام الفضائي وإلحاق الضرر بالأصول الفضائية الأخرى.
منذ إطلاق أول قمر صناعي Starlink في عام 2019، خضعوا لأكثر من 50000 مناورة في المجموع. في حين أن مناورات تجنب الاصطدام أمر بالغ الأهمية، فإن العدد المتزايد من الأجسام في المدار يمثل خطراً متزايداً من الاصطدامات. ويعمل الباحثون بنشاط على تطوير تقنيات جديدة للتخفيف من هذه المخاطر.
لاحظ هيو لويس، أستاذ علوم الفضاء في جامعة ساوثهامبتون البريطانية، "أنه في الوقت الحالي، يتزايد عدد المناورات بشكل كبير. حيث يتضاعف كل ستة أشهر، والمشكلة مع الاتجاهات الأسية ستصل الأقمار الصناعية إلى أعداد كبيرة جداً.
العلماء يشكون أنهم لا يرون الفضاء جيداً بسبب أقمار إيلون ماسك
بصرف النظر عن مخاوف الاصطدام، أثار علماء الفلك مخاوف بشأن التداخل الناجم عن العدد الهائل من الأقمار الصناعية وبين البحث العلمي في الفضاء.
إذ يقول خبراء الفضاء السحيق إن أقمار ستارك لينك تتداخل في مجال العمل العلمي الفضائي، حسبما ورد في تقرير لشبكة ABC News الأمريكية.
عبر العلماء، الذين يستكشفون أعماق الفضاء، عن مخاوفهم من أن هذه الأقمار الصناعية تتعدى على قدراتهم على دراسة الكون.
كما أنهم قلقون من أن زيادة النشاط في الفضاء لا يواكبها التنظيم الكافي.
يقولون إن ذلك قد يكون له عواقب وخيمة على الأنظمة التي تعتمد على الأقمار الصناعية، مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية ونظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
ومؤخراً، ولأول مرة، أظهرت الأبحاث أن كوكبة أقمار ستار لينك للاتصالات السلكية واللاسلكية تتدخل في عمل علماء الفضاء.
في دراسة نُشرت في مجلة علم الفلك والفيزياء الفلكية، استخدم العلماء تلسكوباً قوياً في هولندا لمراقبة 68 من أقمار "ستار لينك" واكتشفوا انبعاثات من الأقمار الصناعية تنجرف خارج النطاق المخصص لها في الفضاء.
هذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها العلماء تلسكوباً شديد الحساسية للنظر بدقة إلى الأقمار الصناعية أثناء مرورها لقياس انبعاثاتها.
يقول فيديريكو دي فرونو، المدير المشارك لمركز الاتحاد الفلكي الدولي لحماية السماء المظلمة والهادئة وأحد مؤلفي الدراسة، إن هذا الاكتشاف مهم نظراً للأعداد المتزايدة من الأقمار الصناعية التي تدور في السماء.
وقال الدكتور دي فرونو: "سبب أهمية هذا هو الرقم".
"لنفترض أن هناك قمراَ صناعياً في الفضاء يشع هذا النوع من الإشارات، فهناك احتمال ضئيل جداً أن يكون هذا القمر الصناعي في مسار الشعاع الخاص بالتلسكوب الذي يستخدمه عالم فضائي.
"ولكن إذا بدأت أرقام الأقمار في الزيادة، فإن احتمالية حدوث هذا التشويش تبدأ في الارتفاع".
توقعات بأن يصل عدد الأقمار الصناعية إلى أكثر من نصف مليون
في العقد القادم، سيكون هناك ما بين 100000 و500000 جسم صناعي في الفضاء، حسبما قال خبير القانون الدولي ستيفن فريلاند لـ ABC.
وقال: "تظل الحقيقة أن الفضاء أصبح مزدحماً أكثر من أي وقت مضى، لا سيما في المدارات المنخفضة القريبة من الأرض بين 500 كيلومتر إلى حوالي 1000 كيلومتر أو نحو ذلك فوق كوكب الأرض".
"هذا هو المكان الذي ستذهب إليه العديد من هذه الأقمار الصناعية"..
الفضاء المتوحش
ويشعر العلماء بالقلق من أن التنظيم الحالي يكافح لمواكبة العدد القياسي من الأقمار الصناعية التي يتم إطلاقها في الفضاء، حيث وصفها البعض بأنها الغرب المتوحش أو "الفضاء المتوحش".
بالنسبة لعالم الفيزياء الفلكية روبن كوك، كان نشاط الأقمار الصناعية المتزايد عائقاً أمام عمله، عندما يلتقط صوراً للفضاء السحيق.
"يمكنك أن تتخيل أنه إذا كان لديك تلسكوب كبير ينظر إلى أبعد أجزاء الكون، ولديك هذه الأشياء تتطاير في وجهك".
.. وهذا التدخل هو بالضبط ما يثير قلق الدكتور دي فرونو.
دي فرونو هو أيضاً مدير الطيف لمرصد مصفوفة الكيلومتر المربع، وهو تعاون دولي للعلماء الذين يقومون ببناء تلسكوبات راديوية متطورة في جنوب إفريقيا ومورشيسون شاير في غرب أستراليا لتعميق فهم الكون.
وقال الدكتور دي فرونو: "تمتلك SpaceX في الوقت الحالي عدداً كبيراً من الأقمار الصناعية، ولكن هناك خطط لامتلاك مجموعات نجمية أكبر بكثير من العديد من البلدان الأخرى".
لكن الدكتور دي فرونو قال إنه على الرغم من أن الانبعاثات الصادرة عن أقمار ستار لينك الصناعية لم تكن مقصودة، فإن المشكلة ليست واحدة مشمولة بلوائح الفضاء الحالية.
وقال "اللائحة الخاصة بذلك ليست واضحة للغاية"، لا يوجد تنظيم في الفضاء يتعلق بهذا الإشعاع غير المقصود."
"في معداتنا الكهربائية في المنزل؛ كل جهاز – إذا كان يشع إشارات – فأنت تتأكد عند توصيله في منزلك أنه لا يتداخل مع جميع المعدات الكهربائية الأخرى".
"مهما كانت المعدات الكهربائية التي تشتريها على الأرض، فإنها تخضع لبعض الاختبارات الصارمة للغاية. وهذا واضح جداً على الأرض.
ولكن على العكس "مصممو ومشغلو الأقمار الصناعية لا يراعون هذه الأمور".
مع تقدم تكنولوجيا الفضاء، تعد الجهود المستمرة ضرورية لضمان سلامة العمليات الساتلية وتقليل الاصطدامات المحتملة، وحماية البيئة الفضائية والخدمات التي تقدمها.
تجري SKAO الآن مناقشات مع Starlink حول ما يمكن فعله بشأن التداخل الناجم عن أقمارها الصناعية.
وأفادت تقارير بأن شركة SpaceX اتخذت تدابير لمعالجة هذه المخاوف، مثل استخدام الألوان الداكنة لجعل الأقمار الصناعية أقل وضوحاً.