بعد تعتيم دام أكثر من 3 أشهر، خرجت قضية الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف أمام الرأي العام الإسرائيلي، حيث قال مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأربعاء، 5 يوليو/تموز 2023، إن تسوركوف، التي "تعمل بالحقل الأكاديمي، والتي قد فُقدت في العراق، لا تزال على قيد الحياة وتحتجزها جماعة كتائب حزب الله الشيعية، ولم ترد تفاصيل عن حالتها".
من هي الباحثة الإسرائيلية إليزابيث تسوركوف؟
تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إن قصة تسوركوف تبدو وكأنها تصلح فكرة لمسلسل على منصة نتفليكس: خلال الربيع العربي، تجمع الباحثة الإسرائيلية والروسية المولد، والتي عاشت في الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة، معرفةً هائلة عن الشرق الأوسط، لكنها تُعرِّض نفسها أيضاً للخطر بزياراتها إلى سوريا والعراق.
تختطفها ميليشيا شيعية موالية لإيران خلال رحلتها الأخيرة إلى بغداد، وتُطلَق جهودٌ دولية قوية لإطلاق سراحها، لكن التفاصيل تظل سرية لعدة أشهر؛ خوفاً من أن يؤدي نشرها إلى تشجيع إيران على المزيد من التدخل، كما تقول الصحيفة العبرية.
أظهرت تسوركوف، التي أكسبتها خبرتها الثرية عشرات الآلاف من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي، أنها تمثل سلطةً حقيقية في المنطقة. إنها تطرح حججاً واضحة وتستعرض شجاعةً في كثيرٍ من الأحيان ضد نظام بشار الأسد في سوريا والمساعدات التي قدمتها له روسيا، تقول هآرتس.
كيف وصلت إلى العراق؟
تقول صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، في تقريرها الذي نشرته الأربعاء، 5 يوليو/تموز 2023، إنه تم القبض على تسوركوف، الخبيرة الشهيرة في شؤون الشرق الأوسط، بداية مارس/آذار، مضيفة أن تسوركوف التي تحمل الجنسية الروسية، دخلت العراق بجواز سفرها الروسي. ويبدو أنها اختُطفت في بداية شهر مارس/آذار في أثناء وجودها بالمنطقة الكردية في بغداد، حيث اقتادتها مجموعة من المسلحين.
إليزابيث تسوركوف، طالبة دكتوراه في قسم العلوم السياسية بجامعة برينستون في الولايات المتحدة الأمريكية، تعرّف نفسها على أنها باحثة في الجماعات الجهادية، كما أنها حاصلة على درجة الماجستير في تاريخ الشرق الأوسط من جامعة تل أبيب، ودرجة البكالوريوس في الاتصال والعلاقات الدولية من جامعة تل أبيب "الجامعة العبرية".
وفقاً لمعهد لير، تركز أبحاثها على سوريا والعراق، وتستند إلى "شبكة واسعة من الاتصالات والرحلات البحثية بالشرق الأوسط". ولدى إليزابيث تسوركوف ماضي قرابة 10 سنوات في منظمات حقوق الإنسان بإسرائيل والشرق الأوسط، بحسب يديعوت أحرنوت.
وفي يوليو/تموز 2019، وبعد زيارة مدينة الموصل بشمال غربي العراق، والتي أصبحت رمزاً لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، نشرت إليزابيث تسوركوف مقالاً في صحيفة يديعوت أحرونوت. وصفت تسوركوف ما يحدث هناك بالقول: "لقد أجريت أبحاثاً حول المجتمعات الكردية في العراق وسوريا منذ سنوات كجزء من منتدى التفكير الإقليمي، وهو معهد أبحاث إسرائيلي. مؤخراً فقط، وبفضل جواز سفري الروسي وعلاقاتي في الحكومات الكردية المحلية، كنت قادرة على زيارة المناطق الواقعة تحت سيطرتهم في شمال العراق وسوريا".
حتى ذلك الحين، كانت إليزابيث تسوركوف على علم بالمخاطر، لكنها أوضحت: "كنتُ مترددة بشأن زيارة الموصل، بسبب -من بين أمور أخرى- وجود الميليشيات الشيعية في المدينة والهجمات التي تواصل خلايا داعش تنفيذها. لكن المناشدات من صديقي العزيز الذي يعيش في الموصل لزيارة المدينة، فقد قمت بزيارتها".
إلى أي مدى تمتد مسؤولية إسرائيل؟
لكن صحيفة هآرتس تتساءل: ما هي حدود مسؤولية إسرائيل عندما تدخل تسوركوف دولاً مصنَّفة بأنها معادية، وتجري رحلات مخالفة للقانون وتدور حولها التحذيرات؟
لم تمنع هذه الأسئلة إسرائيل في الأشهر الأخيرة من محاولة إطلاق سراحها، لكنها ستثير جدلاً إذا بدا أن عملية تبادل أسرى وشيكة.
تقول هآرتس، إن هناك شخصاً واحداً غائب عن هذا الجهد، منسق بنيامين نتنياهو للأسرى والمفقودين. السبب بسيط: لا يوجد مثل هذا المسؤول. اختير يارون بلوم، وهو شخصية بارزة سابقة في جهاز الأمن العام (الشاباك)، لهذه المهمة من قبل رئيس الوزراء في عام 2017 واستقال في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قبل عودة الليكود إلى السلطة مباشرة. لم يُعيَّن خليفةٌ له.
أعلن مكتب رئيس الوزراء أنه في هذه المرحلة ستؤول مهام المنسق إلى السكرتير العسكري لنتنياهو، اللواء آفي جيل. وفي لقاء سابق ألمح نتنياهو إلى أن رئيس الشاباك، رونين بار، سيشارك بشكل أكبر.
لكن جيل مشغول جداً بمهام أخرى، في حين أن بار، وهو رجل يتمتع بمهارات عديدة، يكاد يكون في حالة تضارب في المصالح هنا. الشاباك مسؤول عن إحباط ومنع الإرهاب، وليس عمليات تبادل الأسرى، كما تقول هآرتس.
في قضية جلعاد شاليط منذ أكثر من عقد من الزمان، فاجأ رئيس الشاباك الجديد آنذاك يورام كوهين الجميع بدعم صفقة مع حماس تضمنت إطلاق سراح العديد ممن تصفهم إسرائيل بالإرهابيين. لكن في الأوقات العادية، يركز الشاباك على "منع الإرهاب"، وسط مخاوف من أن الكرم في تبادل الأسرى سيؤدي إلى مزيد من "الهجمات الإرهابية".
حتى قبل قضية تسوركوف، التي تتكشف مع لاعبين مختلفين تماماً، كانت هناك مسألة احتجاز الإسرائيليين في غزة: جثث الجنود من حرب غزة عام 2014.
وتفاوض الجانبان في السنوات الأخيرة عبر وسطاء مختلفين، ووفقاً لوسائل الإعلام العربية، فإن إسرائيل مستعدة لإطلاق سراح بضع مئات من الأسرى الفلسطينيين. وتطالب حماس بعدد أكبر، وقبل كل شيء إطلاق سراح السجناء الكبار بشكل خاص، وبعضهم معتقل في إسرائيل إلى جانب يحيى السنوار، زعيم حماس في غزة، قبل إطلاق سراحه في صفقة شاليط 2011.
هل يكون مصير تسوركوف مثل مصير الأسرى الإسرائيليين في غزة؟
في الشهر الماضي، في احتفالٍ تذكاري للإسرائيليين الذين قُتِلوا في 2014، انتقدت أييليت غولدين رئيس الوزراء. وهي أخت الملازم أول هادار غولدين المحتجز في غزة. كانت تبكي وهي تتهم نتنياهو بالتخلي عن الجنود الذين قُتِلوا في المعارك.
تقول هآرتس، إن معضلة إسرائيل هنا ليست بالمشكلة السهلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بالجثث بدلاً من الجنود الأحياء (نهج الحكومة تجاه المدنيين الذين يعبرون الحدود بمحض إرادتهم مختلف، ولا جدوى من إنكار ذلك).
ومع أجواء الأزمة المحيطة بالحكومة والمجتمع الإسرائيلي المفكك، قد لا تكون هذه هي القضية الأكثر إلحاحاً. لكن حقيقة أن الحكومة -هذه الحكومة والحكومة السابقة- لم تعيِّن منسقاً جديداً لمدة تسعة أشهر هي انعكاس آخر لمحنة إسرائيل المحبطة. إنها وكالة حكومية أخرى، حارس بوابة إضافي إذا صح التعبير، ببساطة ليست موجودة. الضرر الذي سببته الحكومة الحالية محسوس في كل مكان، تقول الصحيفة العبرية.