وسط احتفالات فلسطينية وإطلاق صواريخ من غزة تجاه إسرائيل وعملية دهس في تل أبيب، انسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنين بعد عملية عسكرية استمرت يومين، استُشهد فيها 12 فلسطينياً، وقتل جندي إسرائيلي، ونزوح آلاف الأشخاص من منازلهم، فيما يتحدث كل طرف أنه خرج فائزاً من نتائج معركة جنين التي تعد الأكبر في الضفة منذ نحو 15 عاماً.
وأعلن الجيش الإسرائيلي في الساعات الأولى من يوم الأربعاء، 5 يوليو/تموز 2023، نهاية العملية؛ حيث أفادت ناطقة باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي لوكالة الأنباء الفرنسية بأن: "العملية انتهت رسمياً وغادر الجنود منطقة جنين"، وأوضحت أن القوات الإسرائيلية باشرت انسحابها من منطقة جنين مساء الثلاثاء 4 يوليو/تموز، وهي العملية التي بدأت فجر الإثنين، 3 يوليو/تموز، وتعد أوسع عملية له منذ سنوات عدة في الضفة الغربية المحتلة، وبدأت بقصف جوي وشهدت استخداماً لضربات بطائرات مسيّرات، إضافة لجرافات عسكرية.
بينما ادعى جيش الاحتلال أنه لم يُقتل سوى المقاتلين "غير مقاتلين" أثناء التوغل في جنين، أفادت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أن ثلاثة أطفال على الأقل لقوا حتفهم في جنين ، بينما أصيب كثيرون بجروح بسبب الاشتباكات والقصف الإسرائيلي.
بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي، وقعت عملية فدائية محدودة في تل أبيب تبنتها حركة حماس، كما أصيب ثلاثة مستوطنين في الخليل بالضف الغربية بإطلاق نار، فيما قال الجيش الإسرائيلي إن نشطاء في قطاع غزة أطلقوا خمسة صواريخ على إسرائيل، وردت الأخيرة بغارات محدودة على غزة.
ماذا يقول الفلسطينيون عن نتائج معركة جنين؟
احتفل الفلسطينيون بما اعتبروه انتصاراً لجنين، إثر انسحاب قوات الاحتلال من المدينة، قبيل منتصف ليل الثلاثاء، بعد أكثر من 48 ساعة على العدوان الذي كان يسعى للقضاء على المقاومة في مخيم جنين تحديداً.
وخرجت مسيرات مؤيدة لفصائل المقاومة الفلسطينية في مدن الضفة المحتلة، وسط إشادةً بصمود المقاومين في جنين أمام العملية العسكرية الإسرائيلية التي نفذها نحو ألف جندي من قوات النخبة لدى الاحتلال.
قال بيان الجيش الإسرائيلي: "هذا المساء (الثلاثاء) قتل ضابط صف في الخدمة بنيران حية، خلال العملية ضد البنية التحتية للإرهابيين في مخيم جنين".
وخلال العملية، قالت كتائب القسام في الضفة الغربية، إنها خاضت برفقة مقاومي الفصائل المختلفة اشتباكات عنيفة، وتم تفجير عبوات ناسفة في آليات جيش الاحتلال، على محور شارع حيفا ومنطقة الحارة الشرقية في مدينة جنين.
كما أكدت أن مقاوميها يواصلون الاشتباك مـن مسافة صفر مـع جيش الاحتلال داخل أزقّة المخيم، مؤكدة أيضاً وقوع إصابات محققة في صفوف الاحتلال. وقالت: إن كتائب القسام وفصائل المقاومة في جنين ما زالت تحمل في جعبتها الكثير من المفاجآت لهذا العدو الغاشم.
فيما أعلنت سرايا القدس -كتيبة جنين- مقتل جندي إسرائيلي، بعد تفجير وحدة الهندسة التابعة للكتيبة عبوة ناسفة في جيب عسكري لجيش الاحتلال الإسرائيلي.
كما أكدت كتائب شهداء الأقصى، في بيان لها، مقتل جندي من قوات الاحتلال على يد مقاوميها، بعد تفجير عبوة ناسفة في جيب عسكري إسرائيلي في مخيم جنين.
صواريخ من غزة ودهس في تل أبيب بالتزامن مع الانسحاب
مع بدء الانسحاب الإسرائيلي، أعلنت حماس تنفيذ أحد مقاتليها هجوم دهس وطعن في تل أبيب أمس الثلاثاء رداً على العملية الإسرائيلية في جنين، وقال مسؤولون إسرائيليون إن ثمانية أشخاص أصيبوا في الهجوم الذي وقع بالقرب من مركز تسوق في تل أبيب، وشهد خروج المهاجم من السيارة المحطمة ومواصلته طعن المدنيين.
بالتزامن مع ذلك، أطلقت خمسة صواريخ من قطاع غزة تجاه مستوطنة سديروت المتاخمة للقطاع؛ مما أدى لهروب الإسرائيليين للملاجئ، فيما أسقطت القبة الحديدية الصواريخ الفلسطينية، وهي تبدو عملية رمزية لأن فصائل المقاومة الفلسطينية تعلم أن القبة تستطيع إسقاط الصواريخ الفردية، وأنها لكي تصيب أهدافاً داخل أراضي 48 تحتاج إلى إطلاق رشقات مكثفة من الصواريخ.
المقاومة نجحت في الصمود والرد ولو جزئياً وحققت وحدة الجبهات والفصائل
وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، إسماعيل هنية، في بيان اليوم الأربعاء، إن "جيش الاحتلال الإسرائيلي انسحب من مخيم جنين وذيله بين رجليه". وأضاف: "كل الخيارات لدعم مخيم جنين مطروحة على الطاولة". "تبقى المقاومة الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني لمواجهة العدوان الإسرائيلي وإنهاء الاحتلال".
وقالت حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية، في بيان، في وقت سابق الأربعاء، إن "الشعب الفلسطيني حقق نصراً كبيراً بهزيمة العدوان على جنين ومعسكرها".
واحد من أهم مكاسب معركة جنين بالنسبة للفلسطينيين هو التآزر اللافت بين الفصائل الفلسطينية، فجنين تقليدياً من معاقل فتح، ولعب جناحها العسكري المعروف باسم كتائب شهداء الأقصى دوراً كبيراً في معركة جنين الشهيرة عام 2002، بجانب الدور البارز لحركة الجهاد، ولكن لم يكن للجناح العسكري لحماس (كتائب عز الدين القسام) دور كبير في هذه المعركة لضعف وجوده في جنين.
ولكن في معركة جنين الأخيرة، لعبت مجموعات متنوعة محسوبة أو قريبة على فتح دوراً كبيراً في المقاومة رغم معارضة السلطة للكفاح المسلح، كما برز دور كبير لحركة الجهاد، وأيضاً حماس التي ينظر لها أنها غير قوية في جنين، كل ذلك تم بتنسيق وتعاون كامل بين كافة الفصائل والمجموعات، كما أدى رد فعل حماس عبر عملية تل أبيب وعبر إطلاق الصواريخ من غزة الذي قد يكون قد تم بموافقة حماس ليست فقط وحدة الجبهات الفلسطينية ولكن وحدة فصائل المقاومة، وهو أمر طالما حاولت إسرائيل تجنبه.
وفي هذا الإطار، قالت "كتيبة جنين" التابعة لسرايا القدس- الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، إن الصمود في مواجهة الهجمات الإسرائيلية، خاصة في ظل حجم القوات والآليات المشاركة في الهجوم، وتغييب قيمة عنصر المفاجأة، ومحدودية التوغل الإسرائيلي داخل المخيم، والدعم الشعبي للمقاومة، و"وحدة الساحات" التي تحققت عبر مشاركة العديد من الفصائل في التصدي للهجوم الإسرائيلي، تمثل عوامل انتصار للمقاومة وخيار المقاومة، في مواجهة إسرائيل وخيار التسوية السياسية.
ماذا يقول جيش الاحتلال؟
قال الجيش الإسرائيلي إن جميع القوات غادرت جنين بعد تحقيق أهدافها من اقتحام مخيم اللاجئين.
وخلال الغارة، قالت القوات الإسرائيلية إنها اكتشفت مخابئ للمتشددين ومستودعات أسلحة ومخزناً تحت الأرض يستخدم لتخزين المتفجرات. وقال جيش الاحتلال إنه فكّك ست منشآت لتصنيع المتفجرات وثلاث غرف عمليات في جنين.
وأضاف أن "الأسلحة كانت موجودة في مخابئ ومسجد وحفر مخبأة في مناطق مدنية وغرف عمليات وفي سيارات".
ومن بين المواقع التي يقول الجيش الإسرائيلي إنه اكتشفها في جنين غرفة قيادة بها مجموعة من كاميرات الدوائر التلفزيونية المغلقة تغطي المخيم ونفق ومستودع أسلحة مخبأ تحت مسجد.
وتقول إسرائيل أيضاً إنها ألقت القبض على 120 ناشطاً محتملاً في المقاومة، وقتلت تسعة مسلحين على الأقل، ولكن لا يمكن التأكد من ادعاءاتها.
وقال منسق حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، فولكر تورك، في بيان أمس، إن "العملية الأخيرة في الضفة الغربية المحتلة وهجوم الدهس في تل أبيب يؤكد بشكل مثير للقلق على نمط مألوف للغاية من الأحداث: أن العنف يولد المزيد من العنف فقط".
وقال تورك: "بعض الأساليب والأسلحة التي استخدمها جيش الاحتلال أثناء العمليات في مخيم جنين للاجئين والمناطق المحيطة به ترتبط بشكل عام بسير الأعمال العدائية في النزاع المسلح ، وليس إنفاذ القانون".
نتنياهو أراد تغيير المعادلة، فهل نجح؟
في عام 2002، خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية، شنّت القوات الإسرائيلية عملية توغل واسعة النطاق في جنين، وبالأخص مخيمها، عُرفت باسم السور الواقي. قُتل فيها ما لا يقل عن 52 مسلحاً ومدنياً فلسطينياً و23 جندياً إسرائيلياً خلال 10 أيام من القتال العنيف، الذي أدى إلى هدم أكثر من 400 منزل وتشريد أكثر من ربع السكان، حسبما نقلت وكالة Reuters عن الأمم المتحدة في ذلك الوقت.
العملية الأخيرة تزعم إسرائيل أن الدافع وراءها عودة النشاط المقاوم لجنين؛ حيث تقول إن المسلحين في منطقة جنين نفذوا أكثر من 50 هجمة إطلاق نار منذ بداية عام 2023، وإن ما يقرب من نصف السكان ينتمون إما إلى حماس أو إلى الجهاد الإسلامي.
وأثار إطلاق مسلحين لصاروخين محليَّي الصنع بالقرب من جنين الشهر الماضي مخاوف في إسرائيل من أن الضفة الغربية قد تسير في طريق قطاع غزة، الذي تحوَّل لمعقل للمقاومة، وإيقاع الجيش الإسرائيلي.
وقبل ذلك تعرض الجيش الإسرائيلي لموقف مهين في عملية محدودة نفذها بجنين الشهر الماضي؛ حيث أعطبت نحو سبع مركبات إسرائيلية عسكرية من قِبَل المقاومين، وأصيب نحو سبعة جنود، فيما علقت الوحدات الإسرائيلية عدة ساعات في محاولتها للخروج، ولجأت لمروحيات الأباتشي لأول مرة منذ الانتفاضة الثانية بالضفة لدعم عمليتها، وأصيبت إحداها في إطلاق نار من المقاومة دون أن تحق بها أضرار جسيمة.
وكان المتطرفون اليمينيون في إسرائيل، بمن فيهم الوزراء المتشددون المشاركون بالحكومة، وجَّهوا بالقضاء على المقاومة في جنين ومخيمها من خلال العملية العسكرية الحالية، غير أن الجيش الإسرائيلي كانت أهدافه أكثر تواضعاً، وهي عملية عسكرية كبيرة لتقليم أظافر المقاومة المتصاعدة في جنين، ولكن ليس بحجم عملية السور الواقي عام 2002، التي أدت لتدمير كامل للمخيم والقضاء على المقاومة به لسنوات طويلة.
ولكن من الواضح أن المقاومين ظلوا يقاومون قوات الاحتلال حتى انسحابها، واستخدموا ضدها متفجرات نوعية، مصنَّعة محلياً.
كما أن خسائر المقاومة تبدو محدودة، فلقد استشهد 12 فلسطينياً، منهم ثلاثة أطفال، حسب اليونيسيف، وقد يكون هناك مدنيون آخرون، وهذا يعني أن بضعة مقاومين قد قضوا نحبهم في العمليات من بين عشرات، وإن لم يكن مئات المقاومين.
وقُتل جندي إسرائيلي بجانب ثماني إصابات في عملية تل أبيب ونحو ثلاث إصابات في الخليل وعدد غير معروف من الجنود الإسرائيليين قد يكونون قد أصيبوا في معارك جنين نفسها.
يأتي ذلك في ظل تنفيذ الجيش الإسرائيلي للعملية بحذر شديد؛ حيث كان الجيش الإسرائيلي يتحرك ببطء شديد وتخطيط استراتيجي مُحكم في معارك الأسلحة، وفقاً لتقرير لصحيفة The Jerusalem Post الإسرائيلية.
وبينما يستطيع جيش الاحتلال مصادرة مئات القنابل والبنادق، لكن سيظل بالإمكان تصنيع وشراء المزيد منها خلال أشهر. ويستطيع الجيش كذلك قتل قادة إحدى الجماعات المسلحة أو اعتقالهم، لكن ستظهر جماعات أخرى لتحل محلها بكل سهولة، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
ويجب ملاحظة أن أثمن ما لدى المقاومة في جنين هو العنصر البشري المتمرس في القتال وتصنيع الأسلحة، حيث إن جزءاً كبيراً من الأسلحة في المدينة والمخيم الخاضعين لحصار ورقابة شديدة من صُنع محلي في ظل صعوبة الحصول على أسلحة من الخارج كما يحدث أحياناً في قطاع غزة.
ومصادرة بعض العبوات والأسلحة لن تمنع المقاومة من تصنيع الجديد منها، خاصة أن جيش الاحتلال لم يتحدث عن ضبط متخصصين في هذا المجال حتى الآن.
وقد تحدث مسؤولون بارزون في الجيش الإسرائيلي لصحيفة The Jerusalem Post عن الأسباب الرئيسية لفشل الجيش في قمع موجة المسلحين العام الماضي. وذكروا مراراً أن أحد تلك الأسباب يتمثل في أن المراهقين واليافعين الفلسطينيين اليوم لا يتذكرون عملية الدرع الواقي من الأساس؛ إذ وُلدوا في واقع الوضع الراهن اللاحق لتلك العملية، ولهذا لا يردعهم شيء عن قتال الجيش الإسرائيلي.
وحتى قُبيل انتهاء العملية بساعات، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يفاخر بأنه غيَّر معادلة القتال، عبر عدم دخول غزة في القتال وقلة الخسائر البشرية الإسرائيلية، ولكن وفاة جندي إسرائيلي وعمليتي الخليل، وتل أبيب ثم إطلاق صواريخ من غزة على محدوديته غير هذه المعادلة.
وبدا واضحاً أن فصائل المقاومة الرئيسية ردت بدقة وبمحدودية على الهجوم الإسرائيلي، بهدف إرسال رسالة محددة، ولكن مؤثرة؛ بأن أي هجوم واسع على الضفة سترد عليه الفصائل في غزة، وهي المعادلة التي بدأت منذ رد حماس على الاقتحام بحق الأقصى في عام 2021، والتي أدت لاندلاع حرب غزة في مايو/أيار من ذلك العام.
كما أن تصريحات نتنياهو نفسه تؤشر إلى اعترافه باستمرار قوة المقاومة في جنين بعد العملية.
فقُبيل الانسحاب الإسرائيلي من المخيم، تعهد نتنياهو بتنفيذ عمليات أخرى مماثلة إذا لزم الأمر، قائلاً إن الغارة "ليست لمرة واحدة".
وقال نتنياهو، خلال زيارة لموقع عسكري في ضواحي جنين: "في هذه اللحظات نحن نكمل المهمة، ويمكنني القول إن عمليتنا الواسعة في جنين ليست لمرة واحدة". وأضاف: "سنقضي على ما وصفه بـ"الإرهاب" أينما نراه وسنضربه".
كما أن الجيش الإسرائيلي اعترف بأن المسلحين في جنين "شكلوا تهديداً لقوات الأمن الخارجة من مخيم جنين".
الأهم أن رد فعل إسرائيل الضعيف على عملية تل أبيب وإطلاق الصواريخ من غزة أظهر أن جيش الاحتلال يتلهف لإنهاء العملية العسكرية في جنين، خوفاً من تحول العملية لقتال شوارع جنودع غير متمرسين عليه.
ورغم هجمات اللحظة الأخيرة الفلسطينية، لم تحاول إسرائيل استئناف عملية جنين، أو تنفيذ قصف عنيف على غزة، فبدا المشهد وكأن الاحتلال ينسحب تحت وابل الرصاص في جنين والصواريخ من غزة والسيارات الجامحة في تل أبيب.
أكبر خسائر إسرائيل ليست عسكرية
بالإضافة إلى أن صمود المقاومين في جنين والنجاة المحتملة لأغلبهم وللبنية التحتية للمقاومة وإطلاق الصواريخ من غزة وعملية تل أبيب تمثل نجاحاً للمقاومة، فإن هناك خسارة كبيرة أخرى لإسرائيل، هو التنسيق الأمني بين السلطة والاحتلال زادت سمعته السيئة في أوساط الشعب الفلسطيني.
وكان أحد أسباب إحجام الجيش الإسرائيلي لسنوات عن تنفيذ عملية عسكرية كبيرة في الضفة هو خوفه من انهيار السلطة الفلسطينية، حسب الإعلام العبري، خاصة أن التنسيق الأمني بين السلطة وتل أبيب قد عاد بعد أن أوقفه الرئيس الفلسطيني محمود عباس بعد صفقة القرن، وفقاً للمصادر الإسرائيلية، رغم أن السلطة تنفي استنئافه.
ويعد التنسيق الأمني مسألة مهمة للجيش الإسرائيلي، إذ يوفر له أداة فعالة وغير مكلفة للقضاء على المقاومة بأيدٍ فلسطينية، ويعتقد أن وقف التنسيق الأمني أحد أسباب صعود المقاومة في جنين في السنوات الماضية، حسب تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.
وقبل ساعات من بدء "العملية العسكرية" الإسرائيلية، اعتبر معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب الإسرائيلية، في دراسة، حصلت الأناضول على نسخة منها أن "ضعف السلطة الفلسطينية جنباً إلى جنب مع قوة حماس، بالإضافة إلى تآكل الردع ضد حزب الله (اللبناني) وإيران وزيادة احتمالية نشوب صراع متعدد الجبهات، يشكل معضلة استراتيجية لإسرائيل".
واعتبر المعهد أن "إضعاف حماس من شأنه أن يخفف من العقدة المزمنة بين مختلف الساحات التي تسعى الحركة إلى إحكامها، ويفترض أيضاً تعزيز الردع الإسرائيلي في المنطقة".
ودعت الدراسة إلى تقوية السلطة الفلسطينية، أو على الأقل التوقف عن إضعافها؛ لأن ضعف السلطة الفلسطينية يضر بالمصالح الإسرائيلية.
وغالباً ما تؤدي العمليات العسكرية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى انتقادات فلسطينية في شبكات التواصل الاجتماعي للسلطة الفلسطينية. وكانت السلطة أدانت العملية العسكرية الإسرائيلية في جنين، وانعقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين بناء على دعوتها.
ويبدو أن مخاوف المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بدأت تتحقق، فلقد اضطرت الأجهزة الأمنية الفلسطينية، في الساعات الأولى من اليوم الأربعاء، إلى إطلاق قنابل الغاز والصوت على الشبان المتظاهرين الذين هاجموا محيط مبنى المقاطعة (مقر السلطة) بمدينة جنين، وسيارات أمن السلطة الفلسطينية بالحجارة والزجاجات الفارغة، بعد نحو ساعة من انسحاب جيش الاحتلال من مخيم جنين.
وهتف الشبان ضد التنسيق الأمني وضد السلطة التي لم تخرج لحماية المخيم واختبأت، على حد تعبيرهم، طيلة فترة اجتياح المخيم، وخرجت بعد انسحاب جيش الاحتلال.