بعد تعرض الجيش الإسرائيلي للإحراج في جنين ومستوطنة عيلي، تصاعدت الدعوات بشكل حاد في إسرائيل، لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في الضفة، لكن في المقابل، يبدو أن الجيش الإسرائيلي ورئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أكثر تحفظاً على فكرة تنفيذ عملية عسكرية واسعة لأسباب متعددة، فما هي سيناريوهات الرد الإسرائيلي على ما يحدث في الضفة.
وأصبح الجيش الإسرائيلي في موقف محرج بعد تفجير مقاومين فلسطينيين في جنين لعبوة ناسفة خرّبت مدرعة إسرائيلية وأعطبت سبع عربات، حسب اعتراف الجيش الإسرائيلي؛ مما أدى إلى إصابة ثمانية جنود، من بينهم قائد كتيبة الاستطلاع في لواء المظليين، حسب صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية؛ مما دفع الجيش الإسرائيلي لإدخال مروحيات أباتشي لتغطية انسحابه، وذلك لأول مرة في الضفة منذ عام 2002، وتعرضت إحدى المروحيات لإصابة طفيفة في ذيلها برصاص الفلسطينيين، واضطرت المروحية لاستخدام المشاعل تحسباً لامتلاك المقاومين الفلسطينيين لصواريخ مضادة للطائرات.
الجيش الإسرائيلي ظل عالقاً في جنين عدة ساعات
وقال الجيش الإسرائيلي إن قواته استمرت في العمل في جنين لعدة ساعات من أجل إزالة عدد من المركبات التي لحقت بها أضرار جسيمة.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، الأدميرال دانيال هاجاري، إن القوات تعرّضت لإطلاق نار أثناء سحب المركبات المتضررة بعيداً. وقال: "لدينا قدرات جوية وقدرات مراقبة في هذه المناطق، والمشهد يدار وهو تحت السيطرة".
وأضاف هاجاري أنه سيتم التحقيق في الأحداث التي وقعت في جنين و"سوف نستخلص الدروس".
وقبل أن يستوعب الجيش الإسرائيلي الأمر، قتل أربعة مستوطنين في هجوم بإطلاق النار قرب مستوطنة عيلي جنوب نابلس في شمال الضفة الغربية المحتلة أمس الثلاثاء، في منطقة تعتبر معقل المستوطنين المتطرفين المؤيدين لوزير الأمن الداخلي المتطرف إيتمار بن غفير، الذي ذهب لمكان العملية، داعياً نتنياهو لتنفيذ عملية عسكرية واسعة في الضفة، وطالب المستوطنين وكل الإسرائيليين بالتسلح.
الأمور خرجت عن السيطرة في الضفة الغربية
يُمكن القول إن الأمور خرجت عن السيطرة في يوم الإثنين، خلال العملية التي شنّها جيش الاحتلال وقوات الأمن الأخرى داخل جنين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Jerusalem Post الإسرائيلية.
وقد خرجت عن السيطرة بسبب إصابات عشرات الفلسطينيين ومقتل 5 آخرين من أجل القبض على شخصين من المشتبه بهم -وهي نتيجة لا يمكن وصفها بأنها تمثل نجاحاً، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
كما خرجت العملية عن السيطرة؛ لأن الجيش الإسرائيلي تعرّض لإصابة 8 من جنوده، ولأن إحدى المركبات المدرعة قد تضررت بشدة، ولأن نحو 7 مركبات ظلت عالقةً هناك لبضع ساعات.
وخرجت كذلك عن السيطرة؛ لأن الجيش الإسرائيلي اضطر لاستخدام مروحية تطلق الصواريخ، حتى وإن تم إطلاق الصواريخ على منطقةٍ مفتوحة.
وليست هذه هي أول عمليةٍ تخرج عن الإطار المرسوم لها في جنين أيضاً.
منذ عام 2022، ومع عددٍ من الوقائع الكبرى التي جرت منذ مطلع العام الجاري، أسفر العديد من تلك الوقائع عن إلحاق الضرر بجنود الجيش الإسرائيلي وبأعداد كبيرة من الفلسطينيين. ولا يبدو أن الأهداف المحدودة للعمليات الأصلية كانت تستحق هذا الحجم من الأضرار.
ويشير كل ما سبق إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يفقد سيطرته على جنين فحسب، بل فقد أيضاً قدرته على دخولها والخروج منها بسيطرةٍ متفوقة. وكانت تلك السيطرة المتفوقة هي العلامة المميزة لعمليات الضفة الغربية عند مقارنتها بغزة من قبل، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
وتحذّر الأمم المتحدة من أنَّ هذا العام يسير على الطريق ليكون الأكثر دموية في الضفة الغربية منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في عام 2005.
ففي مخيم بلاطة، أكبر مخيم للاجئين الفلسطينيين في الضفة الغربية، على سبيل المثال بدأت مجموعات مسلحة جديدة -مثل عرين الأسود ولواء بلاطة- في الظهور، يغذيها شبان محبطون وعاطلون عن العمل لا يستطيعون الزواج ولا تكوين أسرة.
ويعمل الشباب على دراجات نارية مع بنادقهم الهجومية من طراز "إم 16" متدلية من أكتافهم كـ"مراقبين"، يبحثون عن وحدات عسكرية إسرائيلية سرية، التي غالباً ما تتسلل متخفية إلى المخيم قبل شن الهجمات.
ومؤخراً، أشهر شاب في العشرينات من عمره يجري دورية في الشوارع مسدساً صنعه بنفسه من الخردة المعدنية والبارود.
وقال محمد الطيراوي، الممثل السياسي لكتائب شهداء الأقصى في مخيم بلاطة، إنه حتى الأطفال في سن المدرسة الابتدائية يمارسون صنع مثل هذه الأسلحة. بينما يفضل المسلحون المراهقون الأكبر سناً شراء المزيد من الأسلحة الاحترافية المتوفرة بسهولة في السوق السوداء. وأوضح: "كثير منهم باعوا ذهب أمهم ليحصلوا عليها".
وحذر من أنَّ ثوران الشعب الفلسطيني ضد كل من السلطات الإسرائيلية والقيادة الفلسطينية أمر لا مفر منه. وأكد: "نحن تحت الضغط؛ الجميع يضغط علينا؛ لذلك سيأتي الانفجار ضد الجميع".
رد فعل على الجرائم الإسرائيلية
واعتبر الكاتب والمحلل الفلسطيني، طلال عوكل، أن عملية "عيلي" مؤشر على تصاعد المقاومة الفلسطينية وتطور قدرتها على المواجهة.
وأشار إلى أن ذلك التصاعد "مرتبط برد الفعل على تصاعد الجرائم الإسرائيلية في الضفة الغربية من اجتياحات متواصلة وآخرها لمدينة جنين".
وقال للأناضول: "يومياً تنفذ إسرائيل عمليات قتل وهدم وتدمير، ما هو رد الفعل الفلسطيني المتوقع؟ مؤكد سيكون قوياً وهذا ما كان في عملية عيلي".
وذكر أن "مستوى الرد لم يكن متوقعاً، ويشير إلى أن المقاومة في الضفة الغربية لديها الإمكانيات والقدرة على الرد السريع والموجع أيضاً".
حماس موجودة بقوة
وعن تبني حماس لمنفذي عملية عيلي، قال عوكل إن "حماس موجودة بقوة في الضفة وهي جزء من حالة المقاومة ولديها إمكانيات كبيرة وعناصر مدربة".
وتابع: "تعرف حماس جيداً نتائج هذا العمل، وتريد أن تقول أنها موجودة كما سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في جنين، وكما عرين الأسود في نابلس وهي عنصر عامل وقوي في المواجهة".
وكان الهدف المعلن من عملية جنين هو القبض على الناشط الحمساوي عاصم أبو الهيجا (36 عاماً)، والذي كان أسيراً محرراً، ولكن أعيد اعتقاله، وذلك من داخل حي الجابريات بضواحي المدينة الواقعة شمال الضفة الغربية.
لماذا يعارض الجيش الإسرائيلي تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الضفة؟
وتشير التقارير إلى أن الحكومة الإسرائيلية تفرض ضغوطاً جادة على قوات الأمن من أجل شن عملية عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية.
بينما يُقال إن الجيش الإسرائيلي يعارض فكرة شن عملية كبيرة (وذلك قبل العمليات الأخيرة). لكن صحيفة Haaretz الإسرائيلية نقلت أن جهاز الشاباك يضغط على الجيش لتغيير رأيه تدريجياً.
عصمت منصور، المختص بالشأن الإسرائيلي، قال للأناضول: "في إسرائيل حكومة يمينية متطرفة لا تملك إلا خياراً أمنياً ولا يوجد في حساباتها خيار احتواء أو سياسة أو أي خيار آخر سوى القوة".
ويقول خبراء في أحاديث منفصلة للأناضول، إن الحكومة الإسرائيلية في "مأزق كبير" والمستويين الأمني والعسكري يعارضان عملية واسعة لمخاطرها الأمنية.
يخشى انهيار السلطة وتوسع دور فتح في المقاومة
وربما يرجع جزء من أسباب التحفظ على عملية عسكرية واسعة بالضفة إلى خشية كبار المسؤولين الإسرائيليين من أن استخدام تصنيف العملية الكبيرة، واستمرارها لفترة أطول، قد يقضي على السلطة الفلسطينية، حسب Jerusalem Post الإسرائيلية.
إذ سيقولون إن القضاء على السلطة الفلسطينية سيجعل الأوضاع أسوأ مما هي عليه الآن.
ويكفي أن هناك حالياً بعض التنسيق بين السلطة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية ضد حماس. كما يكفي أن حماس لا تستطيع الاستيلاء على الضفة الغربية حالياً بسبب السلطة الفلسطينية، التي لا تزال تتمتع بنفوذ أكبر في الضفة الغربية رغم ضعفها، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
لكن دعائم السلطة الفلسطينية تستمر في الاهتزاز. بينما تتصاعد قوة المقاومة في جنين وبعض البلدات الفلسطينية الأخرى، وهي تطور لدرجةٍ تُتيح للمقاومين ضرب المركبات المدرعة، وتتطلّب تدخل المروحيات الهجومية الإسرائيلية.
وقال أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي إن "العقيدة الأمنية في إسرائيل تقوم على عدم التفريط بالعلاقة مع السلطة الفلسطينية".
وأضاف: "إذا ما نفذت عملية واسعة ستجد إسرائيل نفسها أيضاً أمام تيارات جديدة كحركة فتح التي تقود الضفة الغربية كما في انتفاضة الأقصى الثانية (2002)".
بوش ليس موجوداً، ولا شارون يحكم إسرائيل
إضافة للخوف من انهيار محتمل للسلطة الفلسطينية، هناك عوامل أخرى على الأرجح تقلق القيادة العسكرية والسياسية في إسرائيل من عملية عسكرية واسعة بالضفة.
فمن شأن تنفيذ عملية واسعة أن تؤدي لخسائر بشرية للجيش الإسرائيلي وقد تطلق ردود انتقامية فلسطينية ضد المستوطنين قد تصل إلى أراضي 48.
كما أن مثل هذه العملية سوف تسبب دماراً واسعاً في الضفة، وقد تؤدي لمذابح في صفوف الفلسطينيين.
في العملية الشهيرة التي نفذتها إسرائيل ضد مخيم جنين في عام 2002، شنَّت القوات الإسرائيلية هجوماً على المخيم في عملية أطلق عليها اسم "السور الواقي"، فطوَّقت المخيم بالكامل بالدبابات وقوات المشاة، وفي المقابل شكَّل المقاومون غرفة عمليات مشتركة من كافة الفصائل، وجهزت 200 مقاوم مسلحين بالبنادق والعبوات بدائية الصنع.
استطاع المقاومون في البداية قتل 13 جندياً إسرائيلياً وإصابة 15 آخرين، وذلك عن طريق نصب الكمائن المفخخة في أزقة المخيم؛ لذلك قرَّر رئيس أركان جيش الاحتلال شاؤول موفاز منع الماء والكهرباء والطعام عن أهالي المخيم وقصفه بالطائرات والمدفعية؛ الأمر الذي أسفر عن هدم جزء من المخيم وتسويته بالأرض.
دمَّر الاحتلال في تلك العملية 455 منزلاً بالكامل كما ألحق ضرراً بـ800 منزل أخرى واستشهد 58 من أبناء المخيم، وكان معظمهم من المدنيين، فضلاً عن اعتقال المئات من أبناء المخيم.
في ذلك الوقت كان جورج بوش الابن اليميني المعادي للعرب والمسلمين يحكم الولايات المتحدة الأمريكية، ويشجع رئيس الوزراء المتطرف لإسرائيل في ذلك الوقت أرئيل شارون على عنفه، خاصة أن أمريكا كانت مصابة آنذاك بحمى أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2002؛ ولذا أطلق بوش يد شارون في القضاء على الانتفاضة الثانية بما في ذلك محاصرة الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات بمقر إقامته برام الله (هناك شكوك في أن إسرائيل اغتالته).
ولكن اليوم هناك إدارة ديمقراطية في واشنطن تدعي أنها حريصة على حقوق الإنسان وغاضبة من التعديلات القضائية لنتنياهو، ومشغولة بحرب أوكرانيا، وعملية عسكرية تسفر عن فظائع من شأنها أن تضر بصورة أمريكا كراعٍ لحقوق الإنسان والشرعية الدولية في مواجهة المروق الروسي المزعوم.
فصائل المقاومة بغزة قد ترد على أي عملية عسكرية واسعة في الضفة
كما أن هناك متغيراً جديداً أسهم في تشكيله رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل أرئيل شارون؛ حيث أدى الانسحاب من غزة لتحولها إلى معقل للمقاومة، وباتت الآن مسلحة بصواريخ وطائرات مسيَّرة.
من شأن تنفيذ عملية عسكرية واسعة في الضفة أن يؤدي لرد فعل من حركتَي حماس والجهاد، خاصة لو وقعت فظائع من قِبل الإسرائيليين.
وقد تقوم الحركتان بإطلاق صواريخ على إسرائيل؛ مما ينقل المعركة للعمق الإسرائيلي، مثلما فعلت حماس عند الاعتداء على الأقصى في مايو/أيار 2021.
سيفسد ذلك المعادلة الأساسية بين نتنياهو والناخب الإسرائيلي، فرغم تبنيه سياسة معادية للسلام وداعمة للاستيطان، كان نتنياهو حذراً في دخول صراعات خارجية، خوفاً من تأثيرها على نمط الحياة الذي بناه للإسرائيليين القائم على الهدوء والازدهار الاقتصادي، كما أنه سيصرف انتباه الإسرائيليين عن البرنامج النووي الإيراني الذي يمثل الهمَّ الاستراتيجي الأكبر لتل أبيب حالياً.
لكن في الوقت ذاته، يشعر الإسرائيليون بالقلق من استمرار الأوضاع الحالية في الضفة.
المسألة لا تتعلق فقط بما يشكله الوضع الحالي من تهديد للمستوطنين تحديداً، ولكنها مرشحة للتصاعد، بشكل يؤدي لتشكيل حالة مسلحة في الضفة يصعب احتواؤها وتتجه لأن تكون غزة جديدة، خاصة مع مؤشرات على صعود دور حماس والجهاد وكتائب شهداء الأقصى، إضافة للمجموعات غير الحركية، الأصعب في التتبع أو التنبؤ بتصرفاتها، فنابلس وجنين بالذات تقلقان إسرائيل، حيث يبدو أنهما خرجتا عن سيطرة السلطة والاحتلال على السواء.
ثقافة المقاومة والسلاح مرشحة للتصاعد، وعملية عسكرية إسرائيلية واسعة قد تساعد على ذلك، وأيضاً غياب عملية عسكرية قد يساعد على ذلك أيضاً، بالطبع إسرائيل لا تحاول التطرق للأسباب السياسية والإنسانية لهذه الحالة، وأبرزها توسع الاستيطان، والممارسات التهويدية بحق الأقصى، وممارسات المستوطنين بحق الفلسطينيين، وغياب أفق التسوية السلمية.. فهي تكتفي بالنظر من المنظور الأمني.
خيار إسرائيل البديل حملة اغتيالات
وبناء على ما سبق، يقول خبراء إن إسرائيل قد تذهب إلى تصعيد عملياتها العسكرية في الضفة، وتنفيذ عمليات اغتيال قد تكون في قطاع غزة والخارج، ولكن ليس عملية هجومية واسعة تشمل اقتحاماً للمدن والمخيمات الفلسطينية لتدمير مجموعات المقاومة مثلما فعلت أثناء الانتفاضة الثانية.
عصمت منصور، المختص بالشأن الإسرائيلي، يستبعد أن تذهب إسرائيل إلى تنفيذ حملة عسكرية واسعة في شمالي الضفة، وخاصة بمدينتي جنين ونابلس، لكنه في الوقت ذاته يشير إلى إمكانية تنفيذ عمليات اغتيال لقادة بالفصائل الفلسطينية بقطاع غزة.
وأضاف: "الحديث عن عملية عسكرية واسعة هو تلويح من باب أن هناك أزمة داخلية ويجب تنفيذ انتقام".
وتابع: "إسرائيل يومياً تقتحم وتنفذ عمليات عسكرية في جنين ونابلس وأريحا وطولكرم ورام الله وغيرها، ما الذي يقصد به إذاً بكلمة بعملية واسعة؟!".
وهو ما تقوله صحيفة Jerusalem Post الإسرائيلية؛ إذ تشير إلى أنه عند النظر إلى حجم القوات في عملية جنين الأخيرة، وإضافة النشاط المروحي الذي جرى الإثنين، يُصبح من الصعب العثور على الفارق بين عمليات الجيش الإسرائيلي المتواصلة وبين شن عملية كبيرة واحدة.
وربما يكمن الفارق الوحيد في أن الجيش الإسرائيلي يعيش حالة إنكار على الأرجح، حسب الصحيفة الإسرائيلية.
وقال منصور: "بالرغم من العمليات اليومية، لم تنجح إسرائيل في وقف الهجمات الفلسطينية أو منعها، بل باتت أكثر قوة وإيلاماً، الأمر الذي يدل على أن القوة غير مجزية، ولا تجلب أمناً ولا استقراراً".
ورجح الخبير في الشأن الإسرائيلي أن "تذهب إسرائيل إلى عمليات انتقامية عبر تكثيف الاقتحامات، وتهديد قادة المقاومة".
إسرائيل تخشى ردود الفعل الفلسطينية بالضفة أيضاً
من جانبه، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل، بلال الشوبكي، أن "الأيام القادمة ستشهد حالة تصعيد، لكنها لن تصل إلى عملية واسعة".
وأضاف الشوبكي أن "التصريحات الإسرائيلية الداعية لعملية واسعة تأتي متناقضة مع الرؤية الأمنية الإسرائيلية والمستوى العسكري".
وأشار إلى أن "تلك المستويات لا تريد الذهاب أبعد من ذلك في مواجهة الفلسطينيين لاعتبارات عديدة، أبرزها أن مزيداً من العمليات يعني مزيداً من رد الفعل".
وقال: "التجارب الإسرائيلية في الضفة تشير إلى أن العمليات الواسعة غير قادرة على تثبيط المقاومة، بل تزيد منها وتخلق حاضنة مجتمعية للمقاومة".
وتوقع الشوبكي أن تذهب إسرائيل إلى "تصعيد في عملياتها في الضفة الغربية، واستخدام سلاح الجو، وإطلاق أيدي المستوطنين دون أي ردع".
ولكن من الصعب توقّع أن يكون لحملات الاغتيال تأثير على بنية المقاومة في الضفة، فهي متعددة وغير تراتبية، وأقل تنظيماً من الضفة، وهذا يجعل هرمها القيادي غير مكتمل وغير واضح بالنسبة للإسرائيليين، وبالتالي فإن تأثير الاغتيالات على المقاومة الأرجح أنه لن يكون كبيراً، خاصة أنه في ظل خضوع الضفة للسلطة الفلسطينية والاحتلال، فكثير من قيادات المقاومة يعملون بشكل سري.
كما أن إطلاق العنان للمستوطنين للقيام بتنفيذ هجمات ضد الفلسطينيين هو وصفة جاهزة للفوضى ولمزيد من استفزاز الفلسطينيين، فممارسات المستوطنين لن تقضي على بنية المقاومة؛ بل قد تؤججها.
أما شن حملة اغتيالات ضد قادة المقاومة في غزة فلن يؤثر كثيراً على الوضع في الضفة، كما أنه قد يؤدي لردود فعل من قِبَل حركات المقاومة ضد إسرائيل.