مع انتهاء عزلة الأسد العربية.. اللاجئون السوريون مرعوبون من الترحيل، وما حدث في لبنان فاقم مخاوفهم

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/06/06 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/06/06 الساعة 13:40 بتوقيت غرينتش
لاجئون سوريون يجلسون مع أمتعتهم في شاحنة صغيرة أثناء استعدادهم للعودة إلى سوريا من وادي الحميد على مشارف بلدة عرسال الحدودية اللبنانية أكتوبر-تشرين الأول 2022-رويترز

تعالى صراخ نساء وأطفال بعد أن اقتحم جنود لبنانيون حي برج حمود في بيروت، وأفرغوا مبنيين من اللاجئين السوريين الذين يقيمون فيهما، وأجبروهم على ركوب شاحنات واقتادوهم إلى منطقة محايدة بين الحدود اللبنانية والسورية، في حلقة خطيرة من مسلسل ترحيل اللاجئين السوريين.

وبعد قضاء أيام على طول الحدود أعادت القوات السورية مئات اللاجئين إلى سوريا، من بينهم رشا، وهي أم لثلاثة أطفال، تبلغ من العمر 34 عاماً، فرت من البلاد في عام 2011. وأمضت الأسرة ليلتها الأولى في سوريا نائمة في شوارع العاصمة دمشق. وقالت إنها في اليوم التالي دفعت لمهرب لمساعدتهم على العودة إلى لبنان.

وبعد عودتها إلى منزلها في بيروت، حيث تعيش عائلتها في خوف من عودة الجنود، وخاصة ابنها البالغ من العمر 12 عاماً، قالت رشا: "حتى لو أطلقوا النار عليّ فلن أعود. وأضافت رشا، التي طلبت عدم الكشف عن هويتها إلا باسمها الأول فقط لأسباب أمنية، "ابني يستيقظ في منتصف الليل وهو يصرخ: ماما، لقد جاءوا".

وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط كان اللاجئون السوريون مثل رشا، الذين فروا بالملايين خلال الحرب التي استمرت 12 عاماً في بلادهم، يراقبون بقلق بينما يعيد العالم العربي العلاقات الدبلوماسية مع زعيم بلادهم المستبد، الرئيس بشار الأسد، بعد عزلة استمرت لأكثر من عقد من الزمان في الشرق الأوسط وخارجه، حسبما ورد في صحيفة The New York Times الأمريكية.

الأسد يعود للجامعة العربية والمنظمات الحقوقية تحذر من أن عودة اللاجئين غير آمنة

في الشهر الماضي، حضر الأسد القمة السنوية لجامعة الدول العربية للمرة الأولى منذ 13 عاماً، وجعلت العديد من الدول التي رحبت بعودته للحظيرة العربية عودة اللاجئين السوريين أولوية قصوى.

ورغم تأكيدات الدول التي تؤوي اللاجئين على العودة الآمنة إلى سوريا، قالت جماعات حقوق الإنسان إنَّ عودتهم ليست آمنة، وبعض الذين عادوا واجهوا الاحتجاز التعسفي والاختفاء والتعذيب وحتى الإعدام خارج نطاق القضاء.

خلال الصراع الذي بدأ في عام 2011، فر أكثر من 6 ملايين سوري، واستقر معظمهم في دول مجاورة مثل تركيا ولبنان والأردن. وبالنسبة للكثير من اللاجئين، فإنَّ استعادة العلاقات الدبلوماسية الطبيعية مع الحكومة السورية تحمل احتمالية مرعبة تتمثل في فقدان الملاذات الآمنة، وإجبارهم على التخلي عن الحياة الجديدة التي بنوها بشق الأنفس.

ترحيل اللاجئين السوريين
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يصافح رئيس النظام السوري بشار الأسد قبل القمة العربية في جدة، بالمملكة العربية السعودية في 19 مايو/أيار 2023 – الديوان الملكي السعودي عبر رويترز

ويحظر القانون الدولي إعادة الأشخاص إلى مكان قد يتعرضون فيه لخطر الاضطهاد أو غيره من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.

وفي هذا الصدد، قالت دارين خليفة، الخبيرة في الشؤون السورية في مجموعة الأزمات الدولية، إنَّ القادة العرب يتحدثون عن العودة الآمنة والطوعية، إلا أنَّ المناقشات تسببت بالفعل في حالة من الذعر بين بعض السكان السوريين. 

وأضافت دارين: "بالتأكيد لا يعني ذلك العودة الطوعية والآمنة، كل هذا يمثل رمزاً لإعادة الأشخاص بأي شكل من الأشكال، أو جعل بقائهم في أماكن اللجوء أكثر صعوبة".

لبنان يتوسع في ترحيل اللاجئين السوريين قسراً

وقد رحّلت لبنان سوريين من قبل، لكن جماعات حقوق الإنسان تقول إنَّ أعداداً أكبر تتعرض للترحيل الآن من لبنان، وبمزيد من المنهجية، إذ أعادت بيروت مؤخراً أكثر من 1700 لاجئ سوري.

وفي استطلاع حديث للاجئين السوريين أجرته وكالة الأمم المتحدة للاجئين، قال 1.1% فقط من المستجيبين إنهم يخططون للعودة إلى سوريا في العام المقبل. بينما أجاب 56% فقط أنهم يأملون في العودة إلى سوريا يوماً ما.

وفي تركيا، حيث يعيش أكثر من 3.3 مليون لاجئ سوري، صارت إعادة السوريين قضية بارزة في الانتخابات الأخيرة، بعد أن بالغت المعارضة التركية في أعدادهم، وتحدثت عن أنهم وصلوا لـ10 ملايين أو 13 مليوناً، وتوعدت ببدء عملية ترحيل اللاجئين السوريين فوراً إذا وصلت للحكم، الأمر الذي سبب حالة رعب للاجئين، في ظل تبني المعارضة في الجولة الثانية خطاباً عنصرياً فجاً تجاههم، دفع الرئيس التركي لوصف حزب الشعب الجمهوري بالفاشي، فيما يتجاهل المسؤولون والإعلاميون الغربيون هذه العنصرية التي أبدتها المعارضة التركية.

 في المقابل، تعهد أردوغان بأنَّ حكومته ستضمن العودة الطوعية لمليون سوري في غضون عام، عبر بناء مساكن لهم في شمال سوريا بالتعاون مع قطر، كما تعهد بدمج جزء من اللاجئين في القوى العاملة للبلاد.

ترحيل اللاجئين السوريين
جنود من الجيش اللبناني يقفون في نوبة حراسة بينما يستعد لاجئون سوريون للعودة إلى بلادهم من وادي الحميد على مشارف بلدة عرسال الحدودية اللبنانية في أكتوبر/ تشرين الأول 2022- رويترز

وقال أحمد، وهو سوري يبلغ من العمر 26 عاماً يعيش في إسطنبول، إنَّ السلطات التركية أعادته إلى سوريا، في يناير/كانون الثاني، بعد احتجازه لمدة 5 أشهر في معسكر للترحيل. وأشار إلى أنه بعد خمسة أيام من إعادته دفع لمُهرِّب ليعيده إلى تركيا.

وأضاف أحمد، الذي طلب عدم ذكر اسمه بالكامل لأسباب أمنية: "يسودني الخوف، إذا كنت أعمل في المحل وتأخر الوقت أنام في ورشة ميكانيكي بدلاً من المخاطرة والعودة إلى المنزل. ماذا لو أُلقي القبض عليّ مرة أخرى وسُجنت ورُحِّلت؟".

الأردن عرّاب مبادرة إعادة اللاجئين ولبنان يرحل منشقاً عن جيش الأسد

وكان الأردن، الذي يضم أكثر من 650 ألف لاجئ سوري مُسجَّل، أحد المؤيدين الرئيسيين لخطة إعادة اللاجئين إلى ديارهم.

وفي 1 مايو/أيار، استضاف الأردن وزراء خارجية عرباً من 5 دول، بما في ذلك السعودية ومصر؛ لمناقشة ما سيسعون لطلبه من سوريا مقابل تطبيع العلاقات مع الأسد. وأشار إعلان صدر عن الاجتماع إلى برنامج تجريبي لإعادة 1000 سوري، وهي طريقة لجسّ النبض قبل إعادة أعداد أكبر.

وفي نموذج واضح للمخاطر التي تحملها عملية ترحيل اللاجئين السوريين، وصل جنود لبنانيون إلى منزل لاجئ سوري آخر، يدعى نجيب، في أبريل/نيسان، ورحّلوه هو وزوجته وطفليه الصغيرين إلى سوريا، بحسب شقيقه محمد.

وكان نجيب، البالغ من العمر 31 عاماً، قد انشق عن الجيش السوري في الأيام الأولى للصراع وهو مطلوب لدى الحكومة، وفقاً لشقيقه، الذي طلب عدم الكشف إلا عن اسميهما الأول لأسباب أمنية.

وسُلِّم نجيب إلى قوات الأمن السورية، ومرّ أكثر من شهر، ولا تزال عائلته لم تسمع أي نبأ محدد عن مكان وجوده.

وقال شقيق نجيب: "سمعت في جامعة الدول العربية أنَّ هناك خطة لإعادتنا إلى سوريا، لكن ما هي الضمانات؟ لا يزال أخي مفقوداً، كيف أضمن أنني لن أواجه نفس مصير أخي؟".

تحميل المزيد