تسير إيران بخطوات ثابتة ومخيفة لخصومها المباشرين والغرب في توسيع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، حيث أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن مخزون طهران من اليورانيوم عالي التخصيب نما بأكثر من الربع في الأشهر الثلاثة حتى مايو/أيار 2023، مما زاد من المخاوف بشأن السرعة التي تكدس بها طهران 60% من اليورانيوم عالي التخصيب الذي يمكن تحويله بسرعة إلى "درجة تصنيع أسلحة نووية".
إيران توسع مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب، ماذا يعني ذلك؟
يقول مسؤولون أمريكيون لصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية، إن إيران قد تستغرق 12 يوماً حتى تحصل على وقود كافٍ لصنع قنبلة. وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الخميس 1 يوليو/حزيران إن طهران اتخذت أيضاً خطواتها الأولى منذ عدة سنوات لتحسين إشراف الوكالة الذرية التابعة للأمم المتحدة على أنشطتها النووية.
لكن قرار إيران بتزويد الوكالة بمزيد من الإشراف على جوانب معينة من عملها النووي ومعالجة بعض الأسئلة المحددة التي كانت لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية حول أنشطة إيران، يشير إلى أن المجال لحل دبلوماسي لأنشطة إيران النووية لا يزال مفتوحاً.
وتأتي التقارير السرية للوكالة الدولية للطاقة الذرية، التي وزعت على الدول الأعضاء يوم الأربعاء، بعد فشل جهود إدارة بايدن لإحياء الاتفاق النووي لعام 2015 على ما يبدو. وضع هذا الاتفاق قيوداً صارمة ولكن مؤقتة على أنشطة إيران النووية. وأخرجت إدارة ترامب الولايات المتحدة من الصفقة في عام 2018، بحجة أنها لن تمنع إيران من امتلاك سلاح نووي.
ما خيارات أمريكا الآن؟
يواصل المسؤولون الأمريكيون الإصرار على أنهم يسعون إلى طريق دبلوماسي لتجنب الصراع حول أنشطة إيران النووية. قال مسؤولون أمريكيون في الأسابيع الأخيرة إن "واشنطن لا تزال تدرس مجموعة من الخيارات لمنع طهران من تطوير سلاح نووي".
من جانبها، تقول إيران إنها لم تسعَ قط إلى صنع سلاح نووي وإن عملها النووي لأغراض سلمية بالكامل. ومع ذلك، منذ انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وسعت أنشطتها النووية بشكل كبير. وهي الآن الدولة الوحيدة التي لا تمتلك أسلحة نووية والتي تنتج مواد عالية التخصيب بنسبة 60%.
لكن في أحد التقريرين اللذين تم إرسالهما إلى الدول الأعضاء، قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن طهران خزنت 114 كيلوغراماً من اليورانيوم عالي التخصيب حتى 13 مايو/أيار، بزيادة قدرها 27% عن الأشهر الثلاثة السابقة. وهذا يكفي تقريباً لتزويد سلاحين نوويين على الأقل بالوقود.
ويقول الخبراء إن إيران تمتلك الآن ما يقرب من طنين متريين من اليورانيوم المخصب منخفض الدرجة، بما في ذلك 470 كغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%، والتي يمكن تحويلها إلى يورانيوم عالي التخصيب في عدة أسابيع.
"إيران يمكن أن تمتلك سلاحاً نووياً خلال أشهر"
قال مسؤولون أميركيون إنهم لا يملكون أي دليل على أن إيران تعمل على صنع سلاح. ومع ذلك، في شهادة أمام الكونغرس في مارس/آذار، قال الجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة، إن إيران يمكن أن تستخدم سلاحاً في غضون عدة أشهر إذا قررت ذلك.
مع تحذير المسؤولين الإسرائيليين من أنهم قد يقومون بعمل عسكري ضد إيران إذا كانت تنتج 90% من المواد التي تصلح لصنع الأسلحة، فإن المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين يدرسون سبل منع حدوث أزمة نووية، بما في ذلك نوع من تجميد البرنامج النووي الإيراني مقابل تخفيف متواضع للعقوبات لإيران. وقالت إيران إن العودة الكاملة للاتفاق النووي لعام 2015 والرفع الواسع للعقوبات الأمريكية سيقنعها بالتراجع عن أنشطتها النووية.
وأظهرت تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران زادت إلى حد ما من تعاونها مع الوكالة، وهي خطوة مهمة إذا أريد إحياء الدبلوماسية النووية. انهارت المفاوضات بشأن إحياء الاتفاق النووي لعام 2015 الصيف الماضي عندما طالبت إيران الوكالة بإغلاق ما أصبح الآن تحقيقاً عمره أربع سنوات في مادة نووية غير معلنة عُثر عليها في إيران.
وذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الأربعاء أن إيران وافقت على تركيب كاميرات في منشأة في أصفهان بإيران لتصنيع أجزاء لأجهزة الطرد المركزي، وهي الآلات التي تقوم بتدوير اليورانيوم إلى درجة نقاء أعلى. وأزالت إيران معظم كاميرات ومعدات الوكالة في يونيو/حزيران من المواقع التي ساعدت في مراقبة برنامج التخصيب الإيراني.
كما ذكرت الوكالة أن إيران سمحت للمفتشين بتركيب جهاز لأول مرة لمراقبة مستويات التخصيب في فوردو، موقع التخصيب الإيراني شديد التحصين تحت الأرض. وتأتي هذه الخطوة بعد أن أنتجت إيران وقوداً من الدرجة الأولى لصنع أسلحة في فوردو في يناير/كانون الثاني، وهو حادث زعمت إيران أنه كان حادثاً.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران قدمت للوكالة مزيداً من المعلومات حول سبب وقوع الحادث وليس لديها مزيد من الأسئلة. ولم تذكر ما إذا كانت تعتقد أن إنتاج إيران من المواد بنسبة 83.7% كان مجرد حادث.
وقالت الوكالة أيضاً إنها رفعت أحد الملفات الثلاثة المتبقية التي فتحتها بشأن مواد نووية غير معلنة عثر عليها في إيران. وذكرت الوكالة أن إيران قدمت تفسيراً محتملاً لوجود اليورانيوم المنضب في موقع ماريفان المدمر الآن في المنطقة الجبلية بوسط إيران، رغم أنها لم تقل إن إجابات إيران دقيقة بالضرورة.