اشتباكات وقتلى ووعيد بالحرب بين طالبان وإيران بسبب الخلاف حول نهر هلمند، فما هي أسباب هذا النزاع؟ ومن المتسبب به؟ وهل زرع الأمريكيون بذوره قبل رحيلهم من أفغانستان؟
وتبادلت قوات طالبان وإيران إطلاق نار عنيف يوم السبت الماضي على حدود إيران مع أفغانستان، مما أسفر عن مقتل وإصابة جنود من البلدين مع تصاعد التوترات المتزايدة بشكل حاد بين البلدين بسبب نزاع حول حقوق مياه نهر هلمند، حسبما ورد في تقرير لوكالة أسوشيتد برس (AP) الأمريكية
وإيران هي واحدة من الدول القليلة في المنطقة التي حافظت على علاقات دبلوماسية مع كابول منذ استيلاء طالبان عليها عام 2021، واحتفظت بسفارتها في البلاد. ومع ذلك، لم تعترف طهران رسمياً بالحكومة الأفغانية الجديدة، على الرغم من أنها قررت التعامل مع طالبان.
وينبع نهر هلمند في سلسلة جبال هندو كوش الأفغانية ويتدفق عبر أفغانستان قبل أن يتفرع بالقرب من الحدود مع إيران، ينقسم إلى نهر شيل تشاراك، الذي يشكل الحدود بين البلدين، ونهر سيستان الذي يتدفق غرباً إلى إيران.
يعتبر النهر أحد شرايين الحياة الطبيعي في أفغانستان. إنه الأطول في البلاد ويمتد إلى بحيرة هامون، التي تقع على الحدود بين الجارتين.
بدأ الوضع يتوتر حول نهر هلمند منذ عام 2021 مع افتتاح سد كمال خان في منطقة شاهار برجاك الأفغانية. في حين تقول إيران التي تعاني من الجفاف إن السد مصدر قلق بيئي، تجادل أفغانستان بأن السدود ستؤمّن المياه لها بما يتماشى مع معاهدة عام 1973 المبرمة بين البلدين.
اتهامات متبادلة بين طالبان وإيران
نقلت وكالة أنباء إيرنا الإيرانية، التي تديرها الدولة، عن نائب رئيس الشرطة في البلاد، الجنرال قاسم رضائي، اتهامه لطالبان بفتح النار صباح يوم السبت الأول على الحدود بين مقاطعة سيستان وبلوشستان الإيرانية ومقاطعة نمروز الأفغانية. قالت إيرنا إن إيران ألحقت "إصابات فادحة وأضراراً جسيمة بطالبان".
في المقابل، اتهم المتحدث باسم وزارة الداخلية الأفغانية التابعة لطالبان عبد النفي تاكور إيران بإطلاق النار أولاً. وقال تاكور إن تبادل إطلاق النار قتل شخصين، واحد من كل بلد، وأُصيب آخرون. ووصف الوضع بأنه تحت السيطرة الآن.
وقالت إرنا، نقلاً عن الشرطة الإيرانية إن اثنين من حرس الحدود الإيراني قُتلا. ومع ذلك، قد يكون هذا الرقم أعلى. حيث قالت صحيفة طهران تايمز شبه الرسمية، التي تصدر باللغة الإنجليزية، إن القتال أسفر عن مقتل 3 من حرس الحدود الإيرانيين. وذكرت أن معبر ميلاك الحدودي مع أفغانستان، وهو طريق تجاري رئيسي، أُغلق حتى إشعار آخر بسبب تبادل إطلاق النار.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأفغانية، عناية الله خوارزمين في بيان إن إمارة أفغانستان الإسلامية تعتبر الحوار طريقة معقولة لأي مشكلة. "تقديم الأعذار للحرب والأفعال السلبية ليس في مصلحة أي من الأطراف".
ونقلت مجموعة هالفاش (HalVash) الدعائية، التي تقدم تقارير عن القضايا التي تؤثر على شعب البلوش في مقاطعة سيستان وبلوشستان ذات الأغلبية السنية عن سكان المنطقة قولهم إن القتال وقع بالقرب من منطقة كانغ في نمروز. وأضافت أن بعض الناس في المنطقة فروا من العنف.
تضمنت مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت، والتي يُزعم أنها من المنطقة، أصوات نيران مدفع رشاش من بعيد. ونشرت هالفاش في وقت لاحق صورة لما بدا أنه بقايا قذيفة هاون، قائلة إنه "يتم استخدام أسلحة ثقيلة وقذائف هاون".
يُزعم أن مقاطع فيديو لاحقة من هالفاش تُظهر القوات الإيرانية وهي تطلق قذيفة هاون، وكذلك قوات طالبان تطلق نيران مدافع رشاشة أمريكية الصنع على نقطة حدودية إيرانية.
قاد مقاتلو طالبان الآخرون مركبات مدرعة من المحتمَل أن تكون خلفتها قوات الناتو، حسبما نقلت إرنا عن قائد الشرطة الإيرانية ، الجنرال أحمد رضا رادان.
يأتي الاشتباك بعد أن حذر الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، في وقت سابق من هذا الشهر طالبان من انتهاك حقوق إيران المائية لنهر هلمند. تمثل تصريحات رئيسي بعضاً من أقوى التصريحات حتى الآن فيما يتعلق بالمخاوف طويلة الأمد بشأن المياه في إيران.
إيران تعاني من مشكلة جفاف كبيرة وأفغانستان من الفقر والحصار
كان الجفاف مشكلة في إيران منذ حوالي 30 عاماً، لكنه تفاقم خلال العقد الماضي، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة. وتقول منظمة الأرصاد الجوية الإيرانية إن ما يقدر بنحو 97٪ من البلاد تواجه الآن مستوى معيناً من الجفاف.
وتولت حركة طالبان السلطة في أفغانستان في أغسطس/آب 2021، حينما كانت القوات الأمريكية وحلف شمال الأطلسي في الأسابيع الأخيرة من انسحابها من البلاد بعد احتلال دام 20 عاماً.
وانهارت قوات الحكومة الأفغانية الموالية للغرب، وسلمت معظم أجزاء البلاد دون قتال لطالبان، فيما قالت إن الحركة دخلت العاصمة كابول بالمخالفة للاتفاق مع الأمريكيين بناء على طلب شخصيات أفغانية عامة، من بينهم الرئيس السابق حامد كرزاي خوفاً من وقوع فوضى.
أثار الغرب ووسائل إعلامه مخاوف من حدوث قمع عنيف للمعارضة والنساء ولكن رغم فرض قيود على النساء لم تتدهور الأوضاع بالشكل الذي تصوره الإعلام الغربي، بل على العكس فرضت طالبان درجة عالية من الأمن، ولم تنتقم من معارضيها الذين بقوا في البلاد؛ وتحاول تنفيذ مشروعات اقتصادية في ظل قلة الإمكانيات وضخامة الجهاز البيروقراطي غير الكفؤ الذي أسسه الغرب وقام على المحاصصة بين الأحزاب الإثنية، ووفقاً للأمم المتحدة، لا يزال الجوع مستوطناً، بينما تتجاهل التقارير الغربية دور العرب في هذا الوضع بسبب الحصار الغربي ومنع واشنطن طالبان من الحصول على أموال الحكومة الأفغانية لديها.
طالبان وإيران.. من العداء للتعايش الاضطراري
العلاقة بين إيران وطالبان متوترة رغم أنه يجمعهما حيث لأمريكا، والسبب هو الخلاف الأيديولوجي، حيث تتبنى الحركة مذهباً سنياً محافظاً ينظر بريبة إلى المسلمين الشيعة، كما تتهم طالبان إيران بأن لديها ميولاً توسعية وتتدخل في شؤون أفغانستان؛ حيث لدى طهران علاقات قوية مع المجموعات الشيعية في أفغانستان ولديها علاقات قديمة مع التحالف الشمالي الذي عارض حكم طالبان الأول وساعد الأمريكيون في إسقاط طالبان بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001 التي اتهمت واشنطن تنظيم القاعدة الذي كانت تؤويه طالبان بالمسؤولية عنها.
وتولى رموز التحالف الشمالي مناصب قيادية في النظام الذي نصبه الأمريكيون بعد غزوهم لأفغانستان.
وفي 1998 خلال حكم طالبان الأول كادت تقع حرب بين الجانبين بعد اغتيال مجموعة من طالبان دبلوماسيين إيرانيين في هجوم على القنصلية الإيرانية في مدينة مزار شريف الأفغانية.
ويعتقد أن العلاقة أصبحت أقل توتراً بعد تحول طالبان لنهج أكثر براغماتية وعداء الطرفين لواشنطن.
على الرغم من أن طهران ظلت تحترز من "طالبان" لسنواتٍ عديدة بعد حادثة عام 1998، فإن التدخل الأمريكي الطويل الأمد في أفغانستان ساعد على انفراج العلاقات بين الجانبين نظراً لعدائهما المتبادل تجاه واشنطن، ورغبتهما في انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان. ولهذا السبب، شهدت السنوات التي سبقت سقوط كابول عام 2021 تقارير متزايدة عن قيام إيران بتزويد "طالبان" بالأسلحة، حسب تقرير المعهد الأمريكي.
رغم عدم قبول إيران مباشرة بحكومة طالبان، فإنها حافظت على علاقات مع حكام أفغانستان الجدد. كما دعت طهران حركة طالبان إلى السماح للنساء والفتيات بالذهاب إلى المدارس.
في 26 فبراير/شباط 2023، سلّمت إيران رسمياً السفارة الأفغانية في طهران إلى دبلوماسيين من حركة "طالبان" – وهي خطوة كبيرة لإضفاء الطابع الرسمي على الروابط بينهما وتعميقها. وكانت حركة "طالبان" تدير سابقاً قنصليات عامة من مشهد وزاهدان بإيران.
بينما لم تغلق إيران رسمياً سفارتها في كابول بعد استيلاء الحركة على السلطة في أفغانستان عام 2021.
ويُعتبَر تسليم السفارة إنجازاً آخر تم تحقيقه في إطار سعي "طالبان" البطيء، بل المتواصل إلى اكتساب الشرعية والاعتراف الدولي الكامل بها، حتى لو لم يحدث هذا الاعتراف بعد، حسب تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
في حين تدعم إيران حركة طالبان صوريا كهيئة حاكمة، إلا أنها تظل تخشى الحركة، وذلك بسبب قبضتها الضعيفة على البلاد ووجود عناصر متشددة داخلها.
تأكد هذا التخوف بعد أن أثبتت الحركة فشلها في منع تفجير العديد من المساجد الشيعية في ولاية خراسان في أكتوبر/تشرين الأول، والذي تبناه تنظيم "داعش". وفى هذا الصدد، تبدو إيران أنها غير متخوفة من صعود الحركة، وإنما تخوفها الأكبر يأتي من التيارات المتشددة داخل الحركة، فعلى سبيل المثال، هناك تيار معروف بـ"شبكة حقاني"، ما زال يحتفظ بعلاقات جيدة مع تنظيم القاعدة والجماعات المتطرفة الأخرى – ويتبنى نهجاً أكثر تشدداً من أجنحة الحركة الأخرى. ومن ثم، تخشى إيران على مصير العلاقات بينها وبين طالبان إذا صعدت هذه الشبكة. يُذكر أن زعيم الحركة يتولى حالياً منصب وزير الداخلية في الحكومة الأفغانية وهو المسؤول نظرياً عن مكافحة الإرهاب داخل أفغانستان. لذلك يمكن أن يؤدي هذا التيار إلى تراجع العلاقات الأفغانية الإيرانية، إذا ما استمر في تحقيق مكاسب في الحكومة الجديدة، حسب آخر تقرير لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى.
حوار وتحذيرات بسبب هلمند
وفي وقت سابق يوم السبت، التقى القائم بأعمال وزير خارجية طالبان أمير خان متقي بمبعوث إيراني إلى أفغانستان لمناقشة حقوق مياه نهر هلمند ، بحسب تغريدات مسؤول وزارة الخارجية الأفغانية ضياء أحمد. واعترفت إرنا بالاجتماع قائلة "إن القضايا بين البلدين سيتم حلها بشكل أفضل من خلال الحوار".
لكن التوترات كانت تتصاعد رغم ذلك. يُزعم أن مقطع فيديو آخر نُشر على الإنترنت في الأيام الأخيرة أظهر مواجهة مع القوات الإيرانية وطالبان، بينما حاول عمال البناء الإيرانيون تعزيز الحدود بين البلدين.
دعوات داخل طالبان لمحاربة إيران
في الأيام الأخيرة، نشرت الحسابات الموالية لطالبان على الإنترنت أيضاً مقطع فيديو مع أغنية تدعو وزير الدفاع بالوكالة، الملا محمد يعقوب، إلى الوقوف في وجه إيران. الملا يعقوب هو نجل الملا محمد عمر، مؤسس طالبان الراحل الملا عمر.
تقول الأغنية: "نحن حكومة، لدينا سلطة". سيقف زعيمنا الملا يعقوب ضد إيران لسنا حكومة الجمهورية. نحن لسنا عبيداً، قائدنا الملا يعقوب سيقف ضد إيران، حسب تقرير وكالة أسوشيتد برس الأمريكية.
في يوليو/تموز من العام الماضي، تحدث وزير الخارجية الإيراني حسين أميرابدولاهيان إلى متقي عبر الهاتف وناقش حقوق طهران في مياه هلمند.
في ذلك الوقت، حذر وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، نظيره الأفغاني أمير خان متقي، من أن منع طهران من الوصول الشرعي لنهر هلمند لن يؤدي إلا إلى مزيد من التوتر في العلاقة.
خلاف يعود لقرون وطالبان تفتح ملف الأنهار المشتركة مع دول الجوار
كان نهر هلمند، وهو مصدر مهم لمياه الشرب والري، نقطة خلاف لعدة قرون. في وقت سابق، اعترضت طهران على بناء سد على النهر في أفغانستان، حسبما ورد في تقرير لموقع the Print.
ويبدو أن حركة طالبان شبه المعزولة قد فتحت ملف الاستفادة من أنهار البلاد، حيث أعلنت عن مشروع لحفر قناة "خوشتيبه" على نهر آموداريا -شمال أفغانستان- الذي يُعرف عربياً باسم "نهر جيحون".
وذكر تقرير نشرته صحيفة "إزفيستيا" الروسية أن نهر آموداريا -جيحون- الذي يتدفق إلى أوزبكستان وتركمانستان مهدد بالجفاف، ونظراً لغياب الآليات القانونية الدولية الكفيلة بحلحلة الوضع، ويحذر الخبراء من تصعيد محتمل للوضع في المنطقة.
ولا يُعرف هل ذلك جاء رداً من طالبان على عزلتها أم محاولة حقيقية لحل مشكلات الزراعة في البلد الذي يعاني اقتصادياً.
ويدور النزاع بين طالبان وإيران حول نهر هلمند، وهو مصدر مهم لمياه الشرب والري وصيد الأسماك لكلا البلدين. في حين وقّع البلدان معاهدة بشأن تقاسم الموارد المائية في عام 1973، لم يتم التصديق عليها أبداً، مما ترك مياه هلمند موضوع نزاع.
في وقت سابق بعد أن هاجم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي طالبانَ بسبب الانتهاكات المحتملة لحقوق بلاده في المياه، وقال: "لن نسمح بانتهاك حقوق شعبنا"، حث رئيسي طالبان على السماح لعلماء الهيدرولوجيين الإيرانيين بالتحقق من مستويات مياه النهر.
رداً على ذلك، قال وزير خارجية طالبان، أمير خان متقي، إن إيران يجب ألا تتجاهل ظروف الجفاف ويجب أن تحل القضية في "محادثات وجهاً لوجه بدلاً من إصدار أصوات".
الرئيس الأفغاني الموالي لأمريكا طالب إيران بتقديم النفط مقابل المياه
"لم تعد أفغانستان تعطي مياهاً مجانية لأي شخص، لذلك يجب على إيران توفير الوقود للأفغان مقابل المياه"، هكذا قال الرئيس الأفغاني أشرف غني عند افتتاح هذا السد.
لا يمكن استبعاد دور أمريكي في نشوب الأزمة.
سبق أن أعلنت الحكومة الأفغانية السابقة الموالية لواشنطن أنه سيتم بناء سد كمال خان المائي بميزانية 78 مليون دولار مقدمة من خطة الميزانية التنموية للحكومة الأفغانية، ولكن من المعروف أن معظم ميزانية الحكومة الأفغانية السابقة كانت تأتي من الغرب، لا سيما الولايات المتحدة الأمريكية.
كما أن أشرف غني كان ينظر له كأداة أمريكية أكثر منه رئيساً مستقلاً.
يقع سد كمال خان على نهر هلمند في منطقة شهار برجك، ويبلغ ارتفاع السد 16 متراً وطوله 2.274 كيلومتراً. يحجز الماء للري وإنتاج الطاقة. بدأ البناء في المشروع رسمياً في عام 1974 لكنه توقف بعد ثورة ساور عام 1978. بدأ العمل في المرحلة الثالثة (السد الرئيسي وسد التحكم) في أبريل/نيسان 2017.
وأعاد افتتاح سد كمال خان في مارس/آذار 2021 إشعال نزاع قديم بين إيران وأفغانستان حول تخصيص المياه في نهر هلمند.
وقامت شركة أفغانية تركية ببناء المرحلة الثالثة من سد كمال خان.
في ذلك الوقت، قال عدد من المحللين الاقتصاديين إن سد كمال خان والسدود الأخرى في الأجزاء الغربية والجنوبية الغربية من البلاد ستلعب دوراً أكبر في حياة الناس؛ حيث يتسبب الجفاف في خسائر كبيرة.
حسب تقارير صدرت قبل وصول طلبات للحكم، يفترض أن السد سيولد تسعة ميغاواط من الكهرباء. كما سيخزن أكثر من 50 مليون متر مكعب من المياه وسيروي 150 ألف فدان من الأراضي في محافظة نمروز الأفغانية.
وكان يعد أكبر مشروع قومي في أفغانستان، حسب موقع the Kabul Times.
بعد أقل من ستة أشهر من افتتاح السد، أصبحت أفغانستان تحت سيطرة طالبان.
وفقاً لكابول، تم بناء السد لحل العديد من التحديات الزراعية والبنية التحتية الهائلة في المنطقة. ومع ذلك، حاولت طهران وقف بنائها لسنوات، مؤكدة أنها ستقطع إمدادات المياه التي تغذي أراضي مستنقعات هامون.
ماذا تقول معاهدة هلمند لعام 1973؟
تنص معاهدة مياه نهر هلمند الأفغانية الإيرانية لعام 1973 على أنه يجب على أفغانستان توصيل المياه إلى إيران بمعدل 22 متراً مكعباً في الثانية سنوياً مع أربعة أمتار مكعبة إضافية في الثانية، من أجل "حسن النية والعلاقات الأخوية". وهذا من شأنه أن يزود إيران بمتوسط سنوي يبلغ 820 مليون متر مكعب أو 556 ألف فدان في الظروف العادية.
لكن على الرغم من أن المعاهدة تضمن وصول إيران إلى نهر هلمند، فإن المادة الخامسة تمنح أفغانستان الحقوق الكاملة في إمدادات المياه المتبقية. تبدأ المادة الخامسة بالنص على التخصيص الشرعي لإيران على النحو المحدد في المواد السابقة. ومع ذلك، تستمر بالقول إن أفغانستان "ستحتفظ بجميع الحقوق في توازن مياه نهر هلمند ويمكنها استخدام المياه أو التخلص منها بالشكل الذي تختاره".
وتؤكد أنه لا يمكن لإيران تقديم مطالبات بأي مياه زائدة، حتى لو كانت متاحة في دلتا هلمند السفلى ويمكن استخدامها بشكل مفيد".
تقول المعاهدة إن أفغانستان لديها حقوق أحادية الجانب مطلقة على إمدادات المياه في النهر، مما يمنحها السلطة على المشاريع الزراعية والهيدروليكية وأكثر من ذلك.
تؤكد المعاهدة أنه يحق لإيران فقط الحصول على الكمية المحددة من المياه المتفق عليها، بغض النظر عما إذا كانت "كميات إضافية من المياه متاحة"، ويمكن "استخدامها بشكل مفيد".
وبالتالي، تتمتع أفغانستان بشكل لا لبس فيه بحقوق أحادية الجانب على إمدادات المياه المتبقية لنهر هلمند. إن مسؤولية أفغانستان الوحيدة هي عدم تلويث المياه أو اتخاذ أي إجراء من شأنه أن يحرم إيران من حقوقها المائية كلياً أو جزئياً.
إن معاهدة نهر هلمند تسمح لأفغانستان بالحق في متابعة مشاريع تنموية فوق المياه المتبقية أمر لا جدال فيه. ومع ذلك، حسب تقرير لموقع the diplomat الياباني.
يبقى السؤال ما إذا كان تطوير السدود أو القنوات مسموحاً به بموجب القانون الدولي العرفي.
ويعتبر نهر هلمند مجرى مائياً دولياً أو عابراً للحدود. وبالتالي، فإن الجارتين ملزمتان قانوناً بالاشتراك في مياه النهر. يعتبر مبدأ الاستخدام المنصف والمعقول وقاعدة عدم الضرر بمثابة حجر الزاوية في قانون المياه الدولي وقد تم تضمينهما في اتفاقية المجرى المائي للأمم المتحدة في عام 1997.
تتطلب قاعدة عدم الضرر من الدول عدم التسبب في ضرر كبير للدول الأخرى.
في الواقع، للدول الحق في حصة عادلة من نهر مشترك؛ لكن يجب عدم الخلط بين مصطلح "عادل" و"متساو". لكل دولة الحق في استخدام المياه بشكل منصف، ولكن لا يعني ذلك أنه يحق لها الحصول على حصة متساوية من المياه.
لذلك بموجب القانون الدولي العرفي، يجوز لأفغانستان تطوير مشاريع على نهر هلمند، طالما أنها لا تسبب أضراراً بيئية كبيرة لجيرانها، وفقاً للموقع الياباني.
وتجدر الإشارة إلى أنه بدون فهم واضح لمبدأ الاستخدام المنصف والمعقول، يعتبر كل نشاط انتهاكاً. مثل هذا التفسير الصارم لا تدعمه ممارسات الدولة ولا السوابق القضائية، حسب تقرير موقع the diplomat.
يقول التقرير إنه لا معاهدة نهر هلمند ولا القانون الدولي العرفي ينكران حق أفغانستان في بناء سد كمال خان. إنه ليس انتهاكاً للمكوّنين المذكورين أعلاه من القانون الدولي. وبدلاً من ذلك، تمنح معاهدة نهر هلمند أفغانستان حقاً مطلقاً في استخدام المياه المتبقية من نهر هلمند بالشكل الذي تختاره.
ومن الواضح أن إقرار معاهدة نهر هلمند عام 1973 لم يؤدِّ إلى حل سلمي بين إيران وأفغانستان. وبحسب طهران، تم انتهاك بنود الاتفاقية مراراً وتكراراً. لكن كابول أصرت دائماً على أن هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة.
في مناسبات عديدة، اشتكت إيران من عدم توصيل المياه التي تم توزيعها بالشكل المناسب. تم تقديم هذه الشكوى في وقت كان حوض نهر هلمند يعاني بالفعل من الجفاف، مما أدى إلى انخفاض حاد في تدفق النهر.
لحل هذا المأزق، يقول تقرير الموقع الياباني إنه يجب على أفغانستان وإيران تحديد أماكن تسليم المياه بشكل مشترك وإنشاء محطات قياس هيدرومترية مشتركة على النحو المحدد في المادة الثالثة من المعاهدة. لتسوية مسألة كمية المياه المطلوبة لتسليمها إلى إيران.
لطالما عارضت إيران بناء محطات قياس هيدرومترية مشتركة. والسبب هو أن إيران كانت تتلقى المزيد من المياه خلال سنوات الفيضان العادية وما فوق العادية. إن إنشاء محطات قياس هيدرومترية مشتركة من شأنه أن ينظم حصتها من المياه بشكل أكثر صرامة.
ثم في أغسطس/آب 2022، اتفقت أفغانستان وإيران مرة أخرى على جدول زمني لبناء محطات قياس هيدرومترية مشتركة. لكن التجربة تظهر أن مثل هذا المشروع سيستغرق سنوات حتى يكتمل.
كما تجري حالياً إعادة بناء محطة ديهروود الهيدرومترية، التي دُمرت في عام 2021. وستقوم محطة ديهروود الهيدرومترية بتنظيم ومراقبة حصة إيران من نهر هلمند.
يقول تقرير الموقع الياباني، في غضون ذلك، يجب على إيران التوقف عن حفر الآبار وتركيب مضخات المياه الثقيلة على طول النهر والتي من خلالها تقوم بتحويل 26 مليون متر مكعب من المياه سنوياً إلى زاهدان. مثل هذه المشاريع لن تؤدي إلا إلى زيادة طلب إيران على المياه. علاوة على ذلك، يجب على أفغانستان تسجيل بحيرة جود زيرا كأرض رطبة دولية؛ لأنها تعتبر جزءاً من هامون.
ورغم تصاعد التوتر، قال علي رضا مارهاماتي، نائب حاكم مقاطعة سيستان وبلوشستان، إن "المسؤولين الإيرانيين والأفغان المحليين عقدوا مفاوضات حول سبب الاشتباكات، ووافقوا على مواصلة محادثاتهم".