مع دخول الصراع بين قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو "حميدتي"، والقوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهان، أسبوعه الرابع، فُتحت المزيد من الجبهات في إقليم دارفور بين طرفي الصراع، حيث تقول تقارير إن قوات الدعم السريع تمتلك فرقة في كل ولاية من الولايات الفيدرالية الخمس في إقليم دارفور الغربي.
واندلع قتال في نيالا عاصمة جنوب دارفور، والجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور، وفي الفاشر عاصمة شمال دارفور، حيث يتمركز جدو حمدان أبو نشوك، أحد أقوى جنرالات قوات الدعم السريع، وينتمي أبو نشوك، أحد أفراد عشيرة حميدتي، للدائرة الداخلية للقيادة العسكرية لقوات الدعم.
أين تقع دارفور، وما أهميتها في هذه المعركة؟
دارفور منطقة جافة إلى حد كبير، وتمتد على مساحة شاسعة عبر غرب وجنوب غرب السودان، وتعاني من الصراع المتكرر والجفاف والمجاعة والعديد من المشكلات الأخرى منذ عقود.
وتبلغ مساحتها 500 ألف كيلومتر مربع، مقسمة إلى خمس ولايات، ويبلغ عدد سكانها حوالي 10 ملايين نسمة، يعيش ما يصل إلى عُشرهم في مخيمات مخصصة للنازحين من منازلهم. وتتفاوت الظروف، لكن معظم المنطقة ينعدم فيها القانون، حيث تهاجم الميليشيات والجماعات المسلحة الأخرى المدنيين مع الإفلات الفعلي من العقاب. وتعد دارفور أيضاً مركزاً إقليمياً لطرق التهريب ومركزاً لتعدين الذهب.
وتقول صحيفة The Guardian البريطانية، إن المحللين يرجعون العديد من جذور الصراع الأخير في السودان إلى العنف المروع وانتهاكات حقوق الإنسان -وربما الإبادة الجماعية- التي شهدتها دارفور منذ نحو 20 عاماً. وتعود أصول إحدى الفصائل الرئيسية التي تقاتل الآن من أجل السيادة في السودان، وهي قوات الدعم السريع، إلى الجنجويد، وهي قوة عربية مرهوبة الجانب لمكافحة التمرد أُنشِئت في ظل رئيس النظام السابق عمر البشير. ولا تزال المنطقة تشهد عنفاً بالغاً، مع اندلاع الكثير من المعارك بين القبائل العربية وغير العربية خلال العام الماضي.
إضافة إلى ذلك، أدت أزمة المناخ إلى تفاقم العنف في دارفور. إذ أفادت الأمم المتحدة بأنَّ ما يقرب من ثُلثي الناس في بعض أجزاء دارفور يعانون من "انعدام الأمن الغذائي"، وهو أحد أعلى المستويات في القارة.
وتساهم ندرة الموارد أيضاً في الصراع. على سبيل المثال، تنخرط قبيلة الرزيقات العربية في منافسة متوترة وعنيفة في كثير من الأحيان مع المساليت غير العرب على الأراضي الصالحة للزراعة والمياه التي تزداد ندرة.
لماذا تحمل دارفور هذه الأهمية الكبيرة؟
دارفور معقل لمحمد حمدان دقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي، الذي يقود قوات الدعم السريع ويقاتل الجيش النظامي الموالي للقائد العسكري الفعلي في السودان، الجنرال عبد الفتاح البرهان، للسيطرة على البلاد.
ولا تزال نسبة عالية من مجندي قوات الدعم السريع في دارفور، حيث استمروا في ترويع المجتمعات في السنوات الأخيرة. وينتمي الكثيرون منهم إلى قبيلة الرزيقات التي ينتمي إليها حميدتي. واستثمرت قوات الدعم السريع موارد كبيرة في دارفور في السنوات الأخيرة، وتسعى للسيطرة على أصولها الاستراتيجية: الممرات الجوية، والمناجم، ومصادر المياه، والطرق الرئيسية.
وإذا اتخذت الأمور منحى سيئاً بالنسبة إلى دقلو في أماكن أخرى في السودان -وخاصة في العاصمة الخرطوم- فمن المتوقع أن ينسحب إلى دارفور، حيث سيكون محمياً تقريباً ما لم يتمكن البرهان من حشد قوة مؤثرة من منافسي دقلو في المنطقة. وأحد هؤلاء المنافسين، هو موسى هلال، زعيم الجنجويد في وقت من الأوقات، لكن تعرض للتهميش من حميدتي.
ما الذي يحدث هناك؟
منذ اندلاع القتال بين قوات الدعم السريع والقوات الموالية للبرهان قبل أربعة أسابيع تقريباً، شهدت دارفور أكبر قدر من العنف -بعد الخرطوم- حيث قُتِل المئات.
وأتاح القتال بين الفصائل فرصة لعشرات الجماعات والميليشيات المحلية، التي غالباً ما تتشكل على أساس عرقي، لمهاجمة المنافسين أو المنافسين القدامى. ويبدو أنَّ البنية التحتية التي تدعم جهود المساعدات الحيوية قد تعرضت للاستهداف المباشر.
ويتمثل أحد المخاطر في أنَّ الصراع في دارفور يجتذب المجرمين والمتمردين وغيرهم من جميع أنحاء المنطقة. لكن حتى الآن، لا توجد مؤشرات تُذكَر على حدوث ذلك، وقد سافر المتمردون من جمهورية إفريقيا الوسطى في الاتجاه الآخر، تاركين دارفور حيث تزايد انعدام الأمن في الأسابيع الأخيرة للعودة إلى ديارهم.
ويقول المحللون إنَّ بعض المقاتلين الذين تربطهم صلات عرقية أو أخرى قوية بدقلو وقواته قَدِموا لمساعدتهم، لكن عددهم قليل نسبياً. وقالت مصادر دبلوماسية أيضاً إنَّ الميليشيات في جنوب السودان لم تحشد صفوفها أيضاً لتعزيز قوات الدعم السريع، ويبقى المرتزقة السودانيون في ليبيا في أماكنهم حتى الآن.