كيف ينعكس هروب بعض رجال عمر البشير من السجون على المشهد السياسي في السودان؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/04/28 الساعة 09:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/28 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش
الرئيس السوداني عمر البشير خلال محاكمته/ رويترز

أضاف هروب عدد من كبار مسؤولي نظام الرئيس السابق عمر البشير من السجن طرفاً جديداً إلى معادلة الحرب الطاحنة في السودان التي تدور رحاها بين الجيش بقيادة الجنرال عبد الفتاح برهان، وبين قوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي". 

ومن ضمن هؤلاء المسؤولين أحمد هارون، أحد أبرز القيادات الأمنية من مساعدي الرئيس السابق عمر البشير. فهل سيحدث هذا الطرف الجديد خللاً ما أو إضافة إلى معادلة الصراع القائم بانضمامه إلى أحد المعسكرين؟ أم أنه فقد وزنه بالفعل في الشارع السوداني وبات غير مؤثر؟

رجال البشير خارج السجن.. كيف سيؤثر ذلك على المشهد السوداني؟

في تسجيل نشر، مساء الثلاثاء 25 أبريل/نيسان 2023، أعلن أحمد هارون، أحد مساعدي عمر البشير المطلوب مثوله بمذكرة توقيف من المحكمة الجنائية الدولية "بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية"، فراره من سجن كوبر في الخرطوم، مع مسؤولين آخرين من النظام السابق. وقال مخاطباً السودانيين: "نؤكد وقوفنا معكم في خندق الوطن لمنع اختطافه لصالح مشروع أسري مدعوم دولياً وإقليمياً، متجاوزين كل ما حدث منذ انقلاب 11 أبريل 2019". 

وتابع هارون: "نقول ذلك بأقوى العبارات رغم ظلم سلطة انقلاب 11 أبريل، بما في ذلك حبسنا كرهائن لديها لإرضاء قوى سياسية وأخرى إقليمية ودولية ثبت الآن أنها العدو الأول للشعب السوداني وللسلطة القائمة، وهي من تسببت في الحرب الدائرة الآن".  

وسارع "ائتلاف قوى الحرية والتغيير" الذي نظّم الاحتجاجات العارمة التي أدّت الى إسقاط البشير، وشارك في وقت لاحق في السلطة مع العسكر، إلى الردّ معتبراً أن بيان هارون "أكدّ الحقائق التي ظللنا نرددها الآونة الأخيرة، أن النظام المباد وحزبه المحلول ومن خلال عناصرهم الموجودة داخل القوات المسلحة والقوات النظامية هم من يقفون خلف الحرب الدائرة الآن".    

وطالب التحالف القوات العسكرية المتناحرة بوقف الحرب "فوراً"، داعياً الشعب السوداني إلى أن "يرصّ الصفوف للتصدي لمخططات الفلول الشريرة التي تكشفت الآن أكثر من أي وقت مضى"، حسب تعبيره.

وقبل الإطاحة بنظام عمر البشير في عام 2019، كان كل من البرهان ودقلو جزءاً من هذا النظام، لكنهما تقاسما كعكة الحكم بعد الزج بالبشير ورجاله الآخرين في السجون، وبقي الحال كذلك حتى اشتعال الأزمة بين البرهان ودقلو بسبب الخلافات على دمج قوات الدعم السريع بالحكم، وتنازُع الرجلين للحكم بعد إقصاء المدنيين.

"ليس تطوراً مهماً في الحرب الدائرة"

من جهته، يقول المحلّل السياسي السوداني مجدي الجزولي من معهد "ريفت فالي" إن ظهور عناصر من نظام البشير على الساحة "لا يعد تطوراً مهماً" في الحرب الدائرة. 

ويستبعد المحلّل في الشأن السوداني جونز هورنر أن يكون عناصر النظام السابق "في ظل الظروف الحالية، قادرين على البقاء أو مؤهلين لتولي مناصب في الحكومة". لكنه يشير إلى أن الظروف "قد تسمح لهم بالتفكير ربما في إعادة تعبئة الحركة الإسلامية".  

وكان البشير الذي حكم السودان بين 1989 و2019، يحظى بدعم الإسلاميين. ويؤكد الجزولي من جهته أن ظهور عناصر النظام السابق "سيؤجج الجدل حول العلاقة بين الجيش والحركة الإسلامية.. وهو ما يمكن لقوات الدعم السريع استخدامه" في خطابها السياسي.  

وأطاح الجيش بعمر البشير تحت وطأة احتجاجات شعبية ضخمة ضده في عام 2019، وأوقفه مع مساعديه وأبرز أركان نظامه. ووجهت المحكمة الجنائية الدولية اتهامات إلى البشير ومساعديه على خلفية حرب دارفور التي تخللتها انتهاكات واسعة وتسبّبت بمقتل قرابة 300 ألف شخص ونزوح 2,5 مليون.

وشاركت فيها قوات الدعم السريع (الجنجويد) آنذاك بقيادة حميدتي، إلى جانب قوات البشير، وضد الأقليات الإثنية غير العربية. أما البرهان، فقد كان أيضاً من أبرز جنرالات جيش البشير خلال حرب دارفور. ونفّذ البرهان ودقلو في أكتوبر/تشرين الأول 2021 انقلاباً أطاحا خلاله بالمدنيين من الحكم، وما لبث أن برز الصراع على السلطة بينهما، وصولاً إلى المعارك الدامية التي اندلعت قبل 12 يوماً.  

"لا مصلحة لرجال البشير بدعم أحد الطرفين"

وتسود فوضى عارمة في البلاد منذ ذلك الوقت تجسّدت خلال الساعات الماضية في فرار مسؤولي النظام السابق من سجن كوبر في الخرطوم، بينما أكد الجيش أن البشير نفسه محتجز في مستشفى نُقل إليه قبل بدء القتال، لأسباب صحية.  

ويقول هورنر إن "مجرد الخروج من السجن يعدّ مكسباً" لأركان النظام السابق، متوقعاً أن "يبقوا بعيدين عن الأضواء لأنهم يعرفون أنهم يثيرون انقساماً كبيراً" في السودان، و"في المجتمع الدولي". وبينما تحاول دول العالم فتح حوار مع كل من دقلو والبرهان للتوصل إلى مخرج للحرب الدائرة، لا يبدو أن هناك مصلحة لأركان نظام البشير في الوقوف وراء هذا أو ذاك.  

ويقول آلان بوزويل من "مجموعة الأزمات الدولية" إن عودة البشير إلى السياسة "قد تكون خياراً غريباً للغاية". ويتابع: "قد يبدو أن خياره سيكون الجيش إذا كان سيختار طرفاً.. ولكن يمكنه أيضاً أن يختار نفسه"، حسب تعبيره.

نقل البشير وبعض رجاله من المشفى لحمايتهم من هجمات "الدعم السريع"

وكانت مصادر سودانية مطلعة قد ذكرت لـ"عربي بوست"، الأربعاء 26 أبريل/نيسان 2023، أن الشرطة العسكرية التابعة للجيش السوداني، نقلت الرئيس المعزول البشير من مستشفى علياء العسكري في العاصمة الخرطوم إلى مكان آخر، بعد تعرض المستشفى لمحاولة هجوم.

مصدر من داخل مستشفى علياء التابع للقوات المسلحة السودانية، قال لـ"عربي بوست" -طالباً عدم ذكر اسمه- إن البشير وشخصيات أخرى معه نُقلوا من المستشفى إلى منطقة المهندسين، وأضاف أنه قد يجري نقلهم مرة أخرى إلى مكان آخر لتأمينهم. وأوضح أنَّ نقل البشير وآخرين جاء بعد محاولة هجوم على المستشفى من قبل قوات "الدعم السريع"، بعدما كشف الجيش السوداني، في وقت سابق من الأربعاء 26 أبريل/نيسان 2023، عن مكان البشير. 

كان الجيش السوداني قد ذكر في بيان، أن البشير موجود في مستشفى علياء تحت حراسة ومسؤولية الشرطة القضائية، إلى جانب بعض رموز النظام السابق، وذلك بعد أنباء عن فرار البشير ومقربين منه من سجن "كوبر".

أوضح الجيش أن الأمر يتعلق بكل من الرئيس المعزول عمر البشير إلى جانب كل من بكري حسن صالح وعبد الرحيم محمد حسين وأحمد الطيب الخنجر ويوسف عبد الفتاح، إلى جانب مدني واحد وهو الدكتور علي الحاج محمد المحتجز لتلقي العلاج بمستشفى "أحمد قاسم"، فيما قال مراسل "عربي بوست" إن عدد الشخصيات المرافقة للبشير يصل إلى 25.

تحميل المزيد