"مراكز شرطة صينية غير رسمية"، أصبحت منتشرة بشكل خفي حول العالم، وتجبر المعارضين على العودة للبلاد.
فمؤخراً، اعتقل مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي رجلين متهمين بإدارة عملية سرية خارجية للشرطة في نيويورك نيابة عن السلطات الصينية. وجاءت الاتهامات في أعقاب مداهمة مركز فوجيان الاجتماعي في الحي الصيني في أكتوبر/تشرين الأول 2022. واتُّهِم لو جيانوانغ وتشين جين بينغ، وهما مواطنان أمريكيان، باستخدام المبنى لإدارة "مركز شرطة غير رسمي".
وفتحت الشرطة في المملكة المتحدة وألمانيا وهولندا وكندا تحقيقات في مزاعم مماثلة في بلدانهم، وفق صحيفة The Guardian البريطانية.
عددها ضخم
ويوم الأربعاء، 19 أبريل/نيسان، قال كريس فيليب، وزير الداخلية البريطاني، إنَّ هذه البؤر "تثير قلقاً كبيراً".
وفقاً لمنظمة Safeguard Defenders الحقوقية، التي لفتت الانتباه إلى هذه القضية لأول مرة عام 2022، هناك 102 مركز شرطة خارجي في 53 دولة، بما في ذلك إيطاليا وفرنسا وكندا وبريطانيا وهولندا.
وتشير التقارير المنشورة في وسائل الإعلام الصينية إلى أنها موجودة في معظم القارات.
تساعد في تنظيم احتجاجات ضد المنشقين الصينيين
بدايةً في عام 2016، عندما بدأت مكاتب الأمن العام في نانتونغ ووينتشو في إطلاق الفترات التجريبية في الخارج. تلتها مبادرات مماثلة من سلطات كينغتيان في عام 2018، ومؤخراً عمليات يديرها مكتب الأمن العام في فوتشو، الذي اتُهِم لو وتشين بالعمل لصالحه.
نانتونغ وونتشو وكينغتيان وفوتشو كلها مدن تقع على الساحل الجنوبي الشرقي للصين أو بالقرب منه، وهي منطقة سافر منها عدد كبير من المهاجرين الصينيين عبر التاريخ إلى الخارج. ويأتي معظم المهاجرين الصينيين في أوروبا، البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة، من ونتشو أو كينغتيان.
تزعم لائحة الاتهام ضد لو وتشين أنهما تصرفا بصفتهما "عميلين لحكومة جمهورية الصين الشعبية". ومع ذلك، يبدو أنَّ هذا يتعلق في المقام الأول بمزاعم أنهما ساعدا منذ عام 2015 في تنظيم احتجاجات في واشنطن ضد المنشقين الصينيين.
مراكز الشرطة الخارجية، التي ظهرت مؤخراً، هي من بنات أفكار مكاتب الأمن العام الإقليمية في الصين، وليس الحكومة المركزية ولا الحزب الحاكم.
يشير جيريمي دوم، زميل أقدم في مركز بول تساي الصيني في جامعة ييل، إلى أنه في الصين، "تُمنَح الحكومات المحلية مساحة لإجراء تجارب جذرية في تنفيذ التفويضات من أعلى".
ويوم الثلاثاء 18 أبريل/نيسان، قال وانغ وين بين، المتحدث باسم وزارة الخارجية، إنه "لا يوجد شيء اسمه مركز شرطة خارجي".
210 آلاف شخص عادوا للصين وهكذا تجبر المعارضين على العودة
لا يبدو أنَّ هذه البؤر مزودة بأفراد شرطة فعليين، وهدفها الظاهري هو مساعدة المواطنين الصينيين في الخارج في القضايا الإدارية، مثل تجديد رخص القيادة.
ومع ذلك، هناك أيضاً تقارير تفيد بأنَّ هذه المراكز متورطة في عمليات "الإقناع بالعودة".
ويشير هذا إلى محاولات السلطات الصينية، إما مباشرة أو عن طريق الوكلاء، إعادة المشتبه فيهم جنائياً – أو المعارضين – إلى الصين. ويتعرّض أقارب الأشخاص المطلوبين في الصين للضغط أحياناً في هذه الحملات.
في عام 2022، قال وزير من وزارة الأمن العام الصينية إنَّ 210 آلاف شخص قد أُقنِعوا بالعودة في عام 2021، وتتعلق هذه الحالات في الأساس بالمشتبه في تورطهم في عمليات احتيال في مجال الاتصالات.
لكن لورا هارث، مديرة الحملات في منظمة Safeguard Defenders الحقوقية، تقول إنَّ هذه المراكز "ليست سوى غيض من فيض في حملات القمع العابرة للحدود".
ويمتلك الحزب الشيوعي الصيني مجموعة من الأدوات في متناول يده لمضايقة المنشقين في الخارج. ويوم الإثنين 24 أبريل/نيسان، أعلنت وزارة العدل الأمريكية عن توجيه اتهامات إلى 40 ضابطاً من وزارة الأمن العام الصينية، و4 مسؤولين آخرين، بزعم إدارة عملية تصيد عبر الإنترنت ضد المعارضين.
في حالات أخرى، اختفى المطلوبون لدى الحكومة الصينية ببساطة من أماكن في الخارج، ثم ظهروا مرة أخرى في أماكن احتجاز بالصين. وغالباً ما تتطلب مثل هذه العمليات تعاون دول ثالثة.
وتختتم لورا هارث قائلة: "سواء وُجِدَت مراكز الشرطة أو لم توجد، هذا يحدث في كل مكان".