نادراً ما يُفوِّت قادة الهند أي فرصة للاحتفاء بأوجه الفخر لبلدهم، من وضعيتها، باعتبارها أكبر ديمقراطيات العالم إلى تصنيفها الجديد باعتبارها خامس أكبر اقتصاد في العالم، بعدما تجاوزت بريطانيا مؤخراً. وحتى دورها هذا العام لاستضافة قمة مجموعة العشرين يُحتفى به، باعتباره يمثل وصولاً للهند إلى الساحة الدولية.
والآن، يقترب حدث مهم آخر، ولو أنَّه لا تصاحبه جلبة من جانب المسؤولين الهنود؛ إذ ستتجاوز البلد قريباً الصين في عدد السكان، لتطيح بها من عرشها للمرة الأولى منذ 3 قرون على الأقل، وذلك حسبما أظهرت بيانات صادرة عن الأمم المتحدة اليوم، الأربعاء، 19 أبريل/نيسان.
الهند تتجاوز الصين في عدد السكان.. هل يمكن لاقتصادها فعل الشيء نفسه؟
يقول تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية، إنه مع الحجم –بعدد سكان يتجاوز الآن 1.4 مليار نسمة- تأتي القوة الجيوسياسية والاقتصادية والثقافية التي لطالما سعت إليها الهند. ومع النمو تأتي آفاق "العائد الديموغرافي". إذ تملك الهند قوة عاملة شابة وآخذة بالتنامي في الوقت الذي تشيخ، بل في بعض الأحيان قد تتقلص، فيه القوى العاملة في معظم البلدان الصناعية، بما في ذلك الصين.
لكنَّ الحجم الهائل للهند ونموها الدائم يكشفان أيضاً عن تحديات هائلة أمامها، بما يؤدي في هذه اللحظة إلى تجديد سؤال دائم، وإن كان لا يزال مزعجاً: متى ستفي بتعهُّدها الضخم وتصبح قوة على غرار الصين أو الولايات المتحدة؟
قالت بونام موتريجا، المديرة التنفيذية لـ"مؤسسة السكان" في الهند: "يتمتع الشباب بإمكانات كبيرة للمساهمة في الاقتصاد. لكنَّ فعلهم لذلك يتطلَّب من البلاد القيام باستثمارات ليس فقط في التعليم، لكن أيضاً في الصحة والتغذية وتعليم المهارات من أجل التأهيل للعمل".
وهناك أيضاً حاجة لتوفير فرص العمل. ويُمثِّل ذلك أحد أوجه العجز القديمة في اقتصاد يعاني من تخمة في مستويات الإدارة العليا ويتسم أحياناً بأنَّه مكتظ بالعمالة ولابد أن ينتج بطريقة ما 90 مليون وظيفة جديدة خارج قطاع الزراعة قبل عام 2030 من أجل الحفاظ على معدلات التوظيف ثابتة. وكانت الهند عاجزة بصورة كبيرة عن مواكبة تلك الوتيرة حتى في السنوات السابقة على الجائحة مباشرةً.
سيجعل عدد السكان، الآخذ في الانكماش بالصين، وزيادة نسب الشيخوخة، من الأصعب بالنسبة لبكين الحفاظ على النمو الاقتصادي وتحقيق طموحاتها الجيوسياسية لتجاوز الولايات المتحدة. لكنَّها شقَّت في العقود السابقة، حين كانت لا تزال تنمو، طريقها نحو النمو التحويلي من خلال التصنيع المعتمد على التصدير، مثلما فعلت بلدان شرق آسيا الأصغر قبلها.
لكنَّ الهند لم تتمكَّن حتى الآن من استنساخ تلك الصيغة أو التوصل إلى صيغة خاصة بها تُمكِّنها من تحقيق مكاسب تدريجية بسيطة.
البنية التحتية للهند لا تزال متخلفة ناهيك عن مستويات الفقر والجوع
وفي حين أنَّ البنية التحتية الهندية تُعتَبَر متطورة إلى حدٍّ كبير، مقارنةً بما كانت عليه قبل عقود، فإنَّها لا تزال متخلِّفة كثيراً عن البنية التحتية الصينية، الأمر الذي يعيق الاستثمارات الأجنبية التي ركدت في السنوات الأخيرة. تتمثَّل مشكلة رئيسية أخرى في أنَّ واحدة فقط من كل خمس سيدات هنديات تشترك في قوة العمل الرسمية، وهو واحد من أقل المعدلات في العالم. وإلى جانب قمع تطلُّعات مئات الملايين من النساء الشابات في البلاد، يُمثِّل بقائهن بعيدات عن الوظائف الرسمية عائقاً رهيباً أمام الاقتصاد.
ظلَّ اقتصاد الهند ينمو بوتيرة أسرع بكثير من نمو سكانها لفترة جيل كامل، وتراجعت نسبة الهنود الذين يعيشون في فقر مدقع. لكنَّ معظم الهنود يظلون فقراء وفقاً للمعايير الدولية. إذ يحتاج المواطن الهندي لجني نحو 300 دولار فقط شهرياً كي يدخل ضمن فئة أعلى 10% من حيث الدخل في البلاد. وأصبحت المجاعات جزءاً من الماضي، لكنَّ أكثر من ثلث الأطفال يعانون من سوء التغذية.
وأدَّت أوجه القصور الاقتصادي في البلاد إلى تأجيج التنافس الشرس حتى على وظائف المستوى الأدنى وأذكت نفاد الصبر في صفوف الطبقة المتوسطة الطموحة في الهند، وتثير أوجه القصور تلك خطر عدم الاستقرار في ظل اتساع الفجوة بين الأحلام والواقع.
معدلات التنمية في الهند
لا يزال معدل التنمية في أرجاء البلاد الضخمة غير متكافئ على نطاق واسع، فبعض الولايات الهندية أقرب إلى البلدان متوسطة الدخل وبعض الولايات الأخرى تعاني من أجل توفير الأساسيات. ويتحول توزيع الثروة إلى قضية سياسية مثيرة للتوتر على نحوٍ متزايد، الأمر الذي يمثِّل اختباراً للنظام الفيدرالي الهندي.
فحين وجدت غاياثري راجمورالي، وهي سياسية محلية من ولاية تاميل نادو جنوبي البلاد، نفسها في شمال الهند للمرة الأولى هذا العام، صدمها التفاوت. وقالت: "إنَّهم في الشمال متأخرون عن مناطقنا بمقدار 10 إلى 15 عاماً"، مُشيرةً إلى مؤشرات مثل البنية التحتية الأساسية ومتوسط الدخل.
هنالك أيضاً البيئة القابلة للاشتعال التي أوجدتها قومية "الهندوس أولاً" التي ينتهجها الحزب الحاكم بزعامة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، حيث سرَّعت قاعدة دعمه حملة تعود جذورها إلى قرن من الزمن من أجل إعادة تشكيل التقاليد الديمقراطية التعددية في الهند والهبوط بالمسلمين والأقليات الأخرى إلى مرتبة المواطنة من الدرجة الثانية.
يقول مودي ومساعدوه إنَّ الهند تمضي في اتجاه واحد فقط: صعوداً. وهم يشيرون إلى المكاسب التي لا يمكن إنكارها في بلد تضاعف حجم اقتصاده 4 مرات خلال فترة جيل.
ومن المتوقع أن يكون الاقتصاد الهندي هو الأسرع نمواً بين الاقتصادات الكبرى هذا العام، إذ يتوقَّع البنك الدولي نموه بواقع 6.3% في العام المالي الجديد بعد منحى هبوطي حاد في بداية الجائحة. ولا تزال الزيادة الكبيرة في الاستثمارات العامة تسهم في تحسين البنية التحتية المتخلِّفة في البلاد.
وتملك الهند العديد من الشركات التكنولوجية الناشئة المبهرة وطبقة وسطى بارعة تكنولوجياً، ويُسهِم نظام السلع العامة الرقمية الفريد لديها في النهوض بالمُهمَّشين. ولن تشهد ثقافتها، بدءاً من الأفلام الرائجة وحتى التقاليد الموسيقية الثرية، إلا ازدياداً في تأثيرها في ظل توسُّع مدى انتشارها ووصولها إلى جمهور جديد.
وتملك الهند الآن ملفاً ديموغرافياً تُحسَد عليه، إذ يُمثِّل السكان في سنوات أوج عطائهم الاقتصاديّ العدد الأكبر. في حين أنَّ "سياسة الطفل الواحد" الصينية الموسعة قد أدَّت إلى تراجع حاد في السكان يمكن أن يفرض قيوداً شديدة على اقتصادها. ولم تدم إجراءات متطرفة مماثلة اتُّخِذَت في الهند، مثل التعقيم القسري، طويلاً.
وبدلاً من ذلك، عالجت الهند مخاوفها بشأن الزيادة السكانية وقلَّصت معدل النمو السكاني من خلال طرق عضوية وتدريجية أكثر، بما في ذلك جهود جادة للترويج لوسائل منع الحمل والأسر الصغيرة. ومع انتشار التعليم الجماهيري، خصوصاً بين الفتيات والنساء، تراجع معدل الخصوبة إلى أعلى بقليل من المستوى المطلوب للحفاظ على حجم السكان الحالي.
وتتطلَّع الهند أكثر فأكثر لاستغلال الصعوبات الاقتصادية والدبلوماسية الصينية كي تصبح بديلاً تصنيعياً أعلى مستوى، وشريكاً جيوسياسي، وثقلاً موازناً مرغوباً.
ما أوجه الشبه بين الصين والهند؟
فيما تتجاوز الهند الصين من حيث عدد السكان –تُظهِر أرقام الأمم المتحدة الحديثة أنَّ الهند تجاوزت البر الرئيسي للصين، وستتجاوز البر الرئيسي للصين وهونغ كونغ معاً العام المقبل- فإنَّ البلدين في حالة جفاء، جزئياً بسبب سلسلة من الصدامات على حدودهما المشتركة في منطقة جبال الهيمالايا.
لكن قبل زمن ليس بطويل، كان مودي ينظر إلى الصين باعتبارها بلداً يشبه بلده كثيراً، طامحاً في استعادة مجد ضائع ومكانة أكثر عدلاً في النظام الدولي الجديد ولديه دروس يُقدِّمها بشأن السعي نحو تحقيق الرخاء.
التقى مودي الرئيس الصيني شي جين بينغ 18 مرة على الأقل خلال فترة عمله زعيماً على المستوى الوطني والمحلي. وإلى جانب ولع مودي بسلطة الرجل القوي المطابقة لحكم الحزب الواحد في الصين، يقول المحللون إنَّ القائد الهندي يتطلَّع لبكين من أجل شيء أكثر جوهرية: حلول للمشكلات التي يفرضها وجود عدد هائل من السكان.
ويتقاسم البلدان أوجه شبه تاريخية، فكانت آخر مرة تبادلا فيها الأدوار من حيث عدد السكان في القرن الثامن عشر أو قبله، حينها كان المغول يحكمون الهند وكانت سلالة تشينغ تُوسِّع حدود الصين، ولعلهما كانتا أغنى إمبراطوريتين في التاريخ. لكن حين شرعت القوى الأوروبية باستعمار معظم العالم ثُمَّ انتشر التصنيع بها، أصبحت الهند والصين من بين الأفقر في العالم.
وبحلول عام 1990، كان البلدان لا يزالان في نفس الوضع تقريباً، في ظل التساوي تقريباً في نصيب الفرد من الناتج الاقتصادي. رجَّت الصين العالم منذ ذلك الحين من خلال خلق ثروة أكثر من أي بلد آخر في التاريخ. وفي حين استعادت الهند هي أيضاً نفسها مرة أخرى في العقود الثلاثة التالية لتحرير اقتصادها، فإنَّها لا تزال متأخرة كثيراً عن الصين في العديد من المقاييس الأساسية.
فاليوم، يعادل اقتصاد الصين نحو خمسة أضعاف اقتصاد الهند. ويبلغ نصيب المواطن الصيني العادي نحو 13 ألف دولار من الناتج الاقتصادي سنوياً، في حين يبلغ نصيب المواطن الهندي العادي أقل من 2500 دولار. والتفاوت أكثر وضوحاً في مؤشرات التنمية البشرية، فمعدلات وفيات الرُضَّع في الهند أعلى بكثير، والعمر المتوقع عند الميلاد أقل بكثير، وخدمات الصرف الصحي أقل انتشاراً.
هل تسير الهند على خطوات الصين؟
يقول المحللون إنَّ التفاوت يعود بدرجة كبيرة إلى تعزيز الصين المركزي للسلطة السياسية، والإصلاح الجاد للأراضي، والبداية الأسبق لفتح الاقتصاد أمام قوى السوق بدءاً من أواخر السبعينات، وتركيزها العازم على النمو المدفوع بالصادرات. أخذت الصين أفضلية المبادر الأول، ثُمَّ ضاعفت هيمنتها في حين سعت لتنفيذ خططها بدأب.
بدأت الهند فتح اقتصادها شبه الاشتراكي بعد عقد من ذلك تقريباً. ظلَّ نهجها تدريجياً، وقيَّدته سياسة الائتلافات الصعبة والمصالح المتضاربة للصناعيين والنقابيين والمزارعين والفصائل من مختلف ألوان الطيف الاجتماعي.
في العالم الآن بةهيكل قوة مختلف جذرياً عما كان في عام 1990. فالصين جعلت نفسها بالفعل مصنع العالم، وأغلقت تقريباً كل مسار يمكن للهند أن تسلكه من أجل الهيمنة التنافسية في قطاع التصنيع المدفوع بالتصدير.
وتعثَّرت حملة "صُنع في الهند"، التي أطلقها مودي عام 2014، منذ بدايتها، فتكاليف الأجور في الهند أقل مما في الصين، لكنَّ معظم القوة العاملة ضعيفة التعليم، وعانت البلاد من أجل جذب استثمارات خاصة في ظل قوانين العمل التقييدية لديها وغيرها من العقبات أمام الأعمال، بما في ذلك الحمائية المستمرة.
يقول اقتصاديون إنَّ الهند كي تصبح غنية مثل الصين، فإنَّها بحاجة إلى تحويل نموذج التنمية لديها جذرياً –فعل كل ما يلزم لتصبح مركزاً للتصنيع الخفيف المعولم- أو خطِّ مسار لم يجرِّبه أحدٌ من قبل.
المجال الذي وجدت الهند فيه النجاح هو سلسلة الخدمات الأعلى قيمة؛ إذ أصبحت شركات مثل Tata Consultancy Services لخدمات الاستشارات رائدة عالمياً، في حين تملك الكثير من الشركات متعددة الجنسيات مثل Goldman Sachs (غولدمان ساكس) موظفين عالميين يعملون من الهند أكثر من أي مكان آخر في العالم.
لكنَّ مئات الملايين من الأشخاص لا يمكنهم العثور على وظائف، أو أنَّهم يعملون جزئياً في وظائف تدفع أقل القليل. ففي ولاية أندرا بردايش على سبيل المثال، يُقدَّر أنَّ 35% من خريجي الجامعات عاطلون عن العمل أو غير قادرين على إيجاد عمل يتناسب مع مؤهلاتهم.
وما من مجال تتضح فيه المنافسة على الوظائف أكثر من مراكز التدريب التي تدرب الشباب الهندي على اختبارات الوظائف في الوكالات الحكومية. ولا تزال هذه الوظائف مرغوبة؛ لأنَّ العمل في القطاع الخاص لا يزال محدوداً وأقل استقراراً.
يُقدِّر دانانجاي كومار، الذي يدير مركز تدريب في ولاية بيهار، وهي أفقر ولايات الهند وأصغرها سناً بعمر متوسط يبلغ 22 عاماً، أنَّ 650 ألف طالب سيتقدَّمون لشغل 600 أو 700 وظيفة في الخدمة المدنية الوطنية هذا العام. ويمضي معظم المتقدمين سنوات وينفقون جزءاً كبيراً من مدخرات عائلاتهم ومع ذلك يفشلون في الحصول على الوظيفة.
دروس الصين تعلم الهند حتى لو كانت استبدادية
تتجلى الدروس التي يستخلصها مودي من الصين كأوضح ما يكون في حملته لتطوير البنية التحتية، إذ يستثمر بقوة في الطرق السريعة والسكك الحديدية والمطارات من أجل تحسين سلاسل التوريد والربط بين مناطق البلاد. وقد ضاعفت الهند إنفاقها السنوي على الطرق والسكك الحديدية خلال سنوات مودي التسع في الحكم.
لكنَّ المحللين والمنتقدين يقولون إنَّ ما يجذبه لبكين هو تطلُّعه إلى شيء يقترب من السلطة الاستبدادية. وقد قرَّبت قبضة مودي القوية على الركائز الديمقراطية للبلاد على حساب المعارضة، البلاد أكثر إلى دولة الحزب الواحد.
وفي ظل قطع مودي للطريق أمام المعارضين وترويع الصحافة وإخضاع عناصر المجتمع المدني المستقلة، انتقدت حكومته الإعراب عن القلق من الخارج باعتباره دليلاً على وجود مؤامرة استعمارية لتقويض الهند أو عدم فهم النهج "الحضاري" الهندي، وهما عنصران لطالما سمعهما الدبلوماسيون في دفاع الصين عن نفسها.
وفي خلال ذلك كله، أدَّى تزايد تشدد أنصاره القوميين الهندوس، في ظل تراجع أذرع الدولة إلى الخلف ومنح الجناة حرية حركة، إلى تفاقم الانقسامات الدينية الهندية والصدامات التي تهدد بتعطيل نهضة الهند.
ظهر الاحتمال الدائم للاشتعال خلال الأسابيع الأخيرة في حوادث العنف في أنحاء ست ولايات، لاسيما في ولاية البنغال الغربية الواقعة شرقي البلاد؛ حيث تزامنت الاحتفالات بميلاد الإله الهندوسي رام مع شهر رمضان.
وحتى في الوقت الذي كانت البلاد تستضيف فيه فعاليات للاحتفال برئاسة الهند لمجموعة العشرين، اندلع العنف هناك لأيام بسبب اشتباك مجموعات من الهندوس والمسلمين، وقطعت الشرطة خدمة الإنترنت، كان ثلث الموقوفين على صلة بالعنف في بيهار من المراهقين.
يرى شيام ساران، وهو وزير خارجية هندي أسبق، أنَّ الهند في النهاية ستقاوم المزيد من تركيز السلطة وستبقى ديمقراطية. وقال إنَّ هذه هي الطريقة الوحيدة لإبقاء الهند سالمةً، باعتبارها بلداً شديد التنوع لغوياً ودينياً وطبقياً.
وفيما تتآكل الديمقراطية في الهند، ظلَّت القوى الغربية صامتة إلى حدٍ كبير، مانحةً الأولوية للصفقات التجارية وخطب ود الهند باعتبارها حليفاً أمنياً. لكنَّ دبلوماسيين يقولون إنَّ هنالك تحت السطح انزعاجاً متزايداً. فالعديد من الدول تُفرِّق على نحو متزايد بين الانخراط مع الهند بشأن قضايا مثل التجارة، واحتضان الهند باعتبارها شريكاً ذا قيم مشتركة.
وقد يُشكِّل ذلك مشكلة للهند التي ينبع جزء من جاذبيتها باعتبارها بديلاً للصين من مكانتها بصفتها أكبر ديمقراطية في العالم، وهو مصدر فخر يشيد به مودي بصفة منتظمة في الوقت الذي يُشدِّد فيه قبضته على السلطة.
وفي الوقت الذي تحاول فيه الهند تنظيم قدرتها الاقتصادية والتكنولوجية المتنامية من أجل الاستفادة من التوترات الغربية مع الصين، فإنَّها عازمة على الالتزام بحيادها والحفاظ على التوازن بين الولايات المتحدة وروسيا. وهنالك أيضاً السؤال بشأن ما إن كان ابتعاد الغرب عن الصين، التي هي محور الاقتصاد العالمي، مجرد عملية إعادة تقييم مؤقتة أم أنَّها إعادة تقييم أكثر جوهرية.
قال ساران: "استفادت الصين من لحظة جيوسياسية مواتية من أجل تغيير نفسها بصورة حقيقية من خلال الحصول على إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا ورأس المال والأسواق التي تقودها الولايات المتحدة. وقد تكون هذه هي لحظة الهند".