هل تنضم الصين إلى روسيا في أي حرب نووية مع الولايات المتحدة، ومن ينتصر في هذه المحرقة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/04/21 الساعة 09:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/04/21 الساعة 09:58 بتوقيت غرينتش
تجربة لصاروخ أجرتها وزارة الدفاع الأمريكية في جزيرة سان نيكولاس بولاية كاليفورنيا /رويترز

تواجه الولايات المتحدة فجأة سباق تسلح نووي جديداً قد يكون أخطر من السباق الذي جرى خلال الحرب الباردة، لأنه هذه المرة ستكون هناك ثلاث قوى نووية عظمى، وهذا قد يعني أن واشنطن قد تجد نفسها أمام خطر حرب نووية ثلاثية.

فالصين في طريقها لأن تصبح نظيراً نووياً للولايات المتحدة وروسيا، وقد أظهرت موسكو وبكين مؤشرات على أنهما يمكنهما التحالف ضد واشنطن، حسبما ورد في تقرير لموقع Axios الأمريكي.

إن تصميم الرئيس الصيني شي جين بينغ الواضح على سد الفجوة مع الأطراف النووية العملاقة في حقبة الحرب الباردة، وعلاقاته الوثيقة بشكل متزايد مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، تعني أن سباق التسلح القادم قد يكون حدة أكثر من السباق النووي في العصر السوفييتي. 

ترسانة الصين ضئيلة مقارنة بأمريكا، ولكنها تسعي لمضاعفتها

لا تزال ترسانة بكين لا تمثل سوى جزء صغير من حجم ترسانة موسكو أو واشنطن، لكن مفاعلاً جديداً من المتوقع أن يبدأ العمل هذا العام قد يسمح للصين بتسريع نموها السريع بالفعل، وفقاً لتقارير صحيفة New York Times الأمريكية. 

وعملت الصين مع روسيا لإعداد المفاعل الجديد وتزعم أنه لأغراض مدنية، لكن البنتاغون لديه شكوكه، حسبما ذكرت الصحيفة الأمريكية. ولم ترد السفارة الصينية في واشنطن العاصمة على طلب للتعليق. 

ووفقاً للبنتاغون، الصين في طريقها بالفعل إلى مضاعفة مخزونها من الرؤوس الحربية النووية أربع مرات تقريباً إلى حوالي 1500 بحلول عام 2035.

في حين أن هذا لا يزال أقل من نصف ما تمتلكه كل من الولايات المتحدة وروسيا، تفيد التقارير أيضاً بأن الصين تبني صوامع نووية جديدة وقاذفات صواريخ متحركة وغواصات نووية أكثر تقدماً.

بكين ترفض المشاركة في جهود الحد من التسلح النووي

يجادل بعض الخبراء بأن الحشد هو إلى حد كبير في رد فعل على تحديث واشنطن النووي المستمر -والذي قد يكلف 2 تريليون دولار على مدار 30 عاماً- حيث تسعى بكين جاهدة لضمان أن تتمكن قدراتها النووية من أن تنجو من الضربة الأمريكية الأولى. وتقوم روسيا أيضاً بتطوير أنظمة توصيل نووية جديدة.

على جانب آخر، أعلن بوتين في فبراير/شباط أن روسيا ستعلق مشاركتها في معاهدة ستارت الجديدة، وهي آخر اتفاقية متبقية لضبط الأسلحة بين الولايات المتحدة وروسيا. وتنتهي حدود حجم ترسانات الدول بموجب المعاهدة في غضون ثلاث سنوات.

لم يُظهر الصينيون أي اهتمام حتى الآن بالمشاركة في محادثات الحد من التسلح.

كانت إدارة ترامب قد حاولت الضغط على الصين لإجراء محادثات ثلاثية للحد من التسلح في عام 2020، لكنها فشلت. من المحتمل أن يفشل نظام الحد من التسلح قريباً، على الأقل في انطباقه على القوى الكبرى. 

أمريكا تحتفظ بحقها في توجيه الضربة النووية الأولى

وتعتمد السياسة النووية الأمريكية أولاً على الردع، ثم على فكرة أنه إذا تعذر تجنب الحرب النووية، يجب أن تكون الولايات المتحدة قادرة على تدمير أكبر قدر ممكن من القوات النووية للعدو قبل استخدامها ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، كما يقول جون ولفستال، المدير السابق في مجلس الأمن القومي في عهد باراك أوباما. 

يقول جيمس أكتون، مدير برنامج السياسة النووية في مؤسسة كارنيغي، إن البعض في الحكومة والجيش الأمريكيين يجادلون الآن بأن الولايات المتحدة بحاجة لأن تكون مجهزة لمحاربة روسيا والصين في نفس الوقت.

يقلق أكتون من دخول الولايات المتحدة في سباق تسلح ثلاثي لا يمكن إيقافه. ويقول: "على الأقل في الحرب الباردة كان يمكننا أن نقول إننا نقبل التكافؤ مع السوفييت. لكن في سباق تسلح ثلاثي، لن تكون الولايات المتحدة على استعداد لقبول التكافؤ مع روسيا أو الصين (أي واشنطن تريد التفوق عليهما معاً)، ولن يقبل أي منهما أي شيء آخر غير التكافؤ مع الولايات المتحدة". 

يستحيل على واشنطن التفوق على الصين وروسيا معاً

ولكن إذا نمت ترسانة الصين كما كان متوقعاً، فإن مخزون الأسلحة النووية الأمريكية لن يساوي أبداً مخزون روسيا والصين مجتمعين"، حسبما يقول لين روستن، المدير السابق للسيطرة على الأسلحة وعدم الانتشار في مجلس الأمن القومي خلال إدارة أوباما، لمجلة القوات الجوية الأمريكية "Air & Space Forces".

في الواقع، يعتقد أكتون أن ما يكفي من البرنامج النووي الصيني أو الروسي سينجو بشكل شبه مؤكد من الضربة الأمريكية الأولى لأي من الدولتين لإلحاق "ضرر ينهي الحضارة" في المقابل. لكن مقولة أن سباق التسلح "يجعلنا آمنين" تبدو أنها لن تحدث، كما يقول. 

حرب نووية ثلاثية
الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين/getty

ويطالب تقرير جديد صادر عن مجموعة دراسة نظمها مختبر لورانس ليفرمور الوطني وقادها مسؤول بالبنتاغون بأن تنظر الولايات المتحدة في توسيع ترسانتها النووية للتعامل مع الصين وروسيا معاً.

ويقول التقرير: "من المؤكد أن ظهور نظير نووي ثان سيؤدي إلى تجدد الجدل حول الضرورة والقيم والمخاطر المستمرة للحفاظ على شرط القدرة على ضرب القوات النووية للعدو". 

ويضيف: "لا يمكننا الآن معرفة الخيارات المستقبلية التي قد يتخذها القادة في موسكو وبكين وأماكن أخرى بشأن القدرات الاستراتيجية الإضافية أو المختلفة التي يجب السعي وراءها". 

دعوات لأسلحة أكثر قدرة على توصيل التدمير النووي والنجاة من العدو

ويدعو الولايات المتحدة إلى الاستثمار في تحديث الثالوث النووي من خلال التصديق على المقاتلة الشبح F-35 Lightning II باعتبارها طائرة ذات قدرة مزدوجة – قادرة على حمل أسلحة تقليدية ونووية – بحلول عام 2024، وإدخال عدد كبير من قاذفات الجيل السادس الشبحية B-21 Raider (قيد التطوير)، وضمان إرسال صاروخ Sentinel الباليستي العابر للقارات ليحل محل Minuteman III القديم.

ومع ذلك، تطالب الدراسة بخطوات إضافية، بما في ذلك النظر في زيادة عدد القوات النووية الأمريكية لتعزيز فرصها في النجاة من هجوم العدو.

كما تقول إنه يجب على صانعي السياسة النظر في بعض الأفكار التي نوقشت بشدة والتي أسقطتها إدارة بايدن، مثل إرسال غواصات هجومية باستخدام صاروخ كروز يُطلق من البحر (SLCM-N). 

ويدعو التقرير الولايات المتحدة أيضاً إلى أن تستكشف بجدية جعل جزء من القوة الصاروخية العابرة للقارات (ICBM) متنقلاً (ليتاح له تجنب ضربة نووية) ولكن يتوفر الحماية من قبل التحصينات الثابتة أيضاً، واتخاذ خطوات لضمان إمكانية جعل الصاروخ Sentinel ICBM متنقلاً في المستقبل إذا لزم الأمر".

حرب نووية ثلاثية
دعوات في امريكا لتوسيع الثالوث النووي/رويترز، أرشيفية

هذا يعزز قدرة نجاة قوة الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من أي هجوم دون زيادة الحاجة إلى التفكير في عملية إطلاق استباقي للتحوط ضد حدوث اختراق في الحرب المضادة للغواصات". 

يلوح في الأفق احتمال استخدام قوة عظمى للأسلحة النووية أكثر من أي وقت مضى منذ عقود، بالنظر إلى التهديدات النووية لبوتين في أوكرانيا.

ولا تزال الصين تتبع سياسة "عدم الاستخدام الأول" وتقول إن أسلحتها النووية هي للردع فقط. 

ولكن كما يجادل الكاتب والمحاضر الأمريكي ماكس بوت في صحيفة Washington Post الأمريكية، فإنه ليس من المستحيل تصور سيناريو يمكن أن يصبح فيه الصراع مع الصين على تايوان نووياً. 

أمريكا تدفع الصين وروسيا للتحالف بما يهدد باشتعال حرب نووية ثلاثية

وقال لين روستن، المدير السابق للسيطرة على الأسلحة وعدم الانتشار في مجلس الأمن القومي خلال إدارة أوباما، الذي يشغل الآن منصب نائب الرئيس في مبادرة التهديد النووي: "كلما زاد تعزيز الترسانة النووية ستواصل روسيا جهودها للحفاظ على التكافؤ، وستؤثر قراراتنا على ما تفعله الصين". "فلماذا لا نحاول الحفاظ على القيود المتبادلة على الأسلحة النووية الأمريكية والروسية، وربما ممارسة بعض ضبط النفس، مواصلة الدفع لإدخال الصين في حوار استراتيجي بشأن الاستقرار والحد من المخاطر، وفي نهاية المطاف الحد من التسلح".

لاحظ أكتون أن الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة لم يبدأ كلاهما في بناء حواجز حماية وخفض مخزوناتهما، إلا عندما وصل كلاهما إلى شفا حرب نووية، خلال أزمة الصواريخ الكوبية. أما في الوقت الحالي، فالبلدان الثلاثة تتجه في الاتجاه المعاكس. 

كان يمكن تحقيق ذلك بالأساس من خلال تعاون روسي أمريكي للحفاظ على الوضع الراهن الذي يتمتع فيه البلدان بتفوق نووي كبير على الصين، حيث كان لموسكو مصلحة في إبقاء الوضع الراهن، ولكن الآن مع التوتر الأمريكي الروسي، وانتهاء الاتفاقات النووية بينهما، وتزايد الخطاب التصعيدي الأمريكي ضد بكين وموسكو، فإن الصين تجدد لديها الدوافع والمبررات لسد الفجوة الهائلة في القدرات النووية مع أمريكا.

حرب نووية ثلاثية
صاروخ تيتان الأمريكي العابر للقارات في الصومعة المخصصة لحمايته من أي هجوم مضاد/رويترز، أرشيفية

الأخطر، أنه رغم أن البلدين؛ الصين وروسيا، لم يبديا أي قدر من الإشارة للتنسيق النووي (الحقيقة هما يؤكدان دوماً أنهما شريكان ولا يذكران كلمة حليفين)، ولكن التعامل الأمريكي المفرط الحساسية مع البلدين وتصويرهما بأنهما حليفان، وما قد يترتب على ذلك من احتمال وضع الأمريكيين خططاً لهجوم ضد البلدين في وقت واحد، قد يدفع ذلك البلدين لتنسيق استراتيجياتهما النووية معاً، الأمر الذي قد يضاعف خطر نشوب حرب نووية ثلاثية.

 وبالتالي، فقد يؤدي التصعيد في توصيف التهديدات النووية القادمة من الصين وروسيا إلى دفعهما لتكوين اتحاد أو تحالف نووي، لم يكن يرغبان فيه منذ البداية.

مثل هذا الوضع لن يكون في صالح الولايات المتحدة الأمريكية على الإطلاق، ليس فقط لأن عليها مواجهة قوتين نوويتين عملاقتين، بل بشأن الضبابية التي سيتم بها هذا الوضع بشأن طبيعة أي حرب نووية ثلاثية محتملة، وصعوبة الإجابة عن سؤال محوري لواشنطن، وهو هل ستطلق أمريكا ضربتين نوويتين استباقيتين  ضد روسيا والصين باعتبارهما حليفين متحالفين، أم تحاول الفصل بينهما؟ 

تحميل المزيد