كان اليوم هو السبت، يوم السكون في العقيدة اليهودية، لكنهم اندفعوا إلى الشوارع يصرخون ويحذرون من انهيار إسرائيل
كان المساء الذي يهبط على مدينة تل أبيب يحمل معه بعض البرودة من نهايات الشتاء، لكن عدد المتظاهرين ضد حكومة بنيامين نتنياهو في شارع كابلان بالمدينة، مساء 25 مارس/آذار 2023، وصل إلى 250 ألف محتج على مشروع قانون "إصلاح القضاء".
كانوا يهتفون ضد حكومة نتنياهو، وينددون بإضعاف جهاز القضاء وتقويض المحكمة العليا، للأسبوع الثاني عشر على التوالي.
تظاهر الآلاف أيضاً في عدة بلدات بينها حيفا والقدس وبئر السبع وأسدود ونتانيا وهرتسليا ورعنانا.
أوقفت الإضرابات حركة الطيران والمراكز التجارية والجامعات.
هربت الاستثمارات الخارجية وسارعت شركات التقنيات المتقدمة إلى مغادرة السوق الإسرائيلية، وتضاعفت وتيرة سحب الودائع من البنوك الإسرائيلية 10 مرات منذ بدء الحديث عن الإصلاحات القضائية، وتهاوت قيمة الشيكل مقارنة بالدولار.
وتفاقمت حركة رفض الخدمة العسكرية التي طالت بشكل خاص قوات الاحتياط، التي تضطلع بـ70% من الجهد العسكري لإسرائيل.
إسرائيل منقسمة، المظاهرات المؤيدة للحكومة نزلت في مواجهة المحتجين.
إسرائيل في حالة ثورة، أبناء الحلم الإسرائيلي القديم يندبون سيطرة الأحزاب الدينية والعنصرية على عجلة القيادة، ويتوقعون كارثة وشيكة.
الرجل الذي يدّعي أنه زعيم الحكومة في إسرائيل، رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لم يعد يسيطر على زمام الأمور في بلاده.
لكنه خفض رأسه للعاصفة تحت وطأة الاحتجاجات الجماهيرية والنقابية والنخبوية التي شلت مرافق الحياة في إسرائيل، وأعلن "تجميد" تمرير الإصلاحات القضائية التي شرعت حكومته في تشريعها.
لكن العاصفة مستمرة لأن أسبابها مستمرة.
وما أظهرته العاصفة من انقسام وغضب داخلي وتحفظات خارجية يظهر أن قيادة إسرائيل تتجه صوب مجهول خطير.
هناك عنصر ثالث يكتمل في صمت، هو تصاعد وتيرة المقاومة في الضفة الغربية، وتشكيل جماعات مسلحة جديدة لمقاومة الاحتلال، بالإضافة إلى التطور الكبير في تسليح المقاومة في غزة، كما ظهر في معركة الشيخ جراح عام 2021.
هذا التقرير يستعرض المخاطر الثلاثة التي تحيق بإسرائيل: الانقسام الداخلي، وغضب الحلفاء من ممارسات الحكومة اليمينية، وتطور المقاومة في الضفة الغربية وغزة.