يحذر خبراء وهيئات دولية من خطر أن يستغلّ مجرمون ومحتالون منصّة "ChatGPT" للذكاء الاصطناعي لممارسة عمليات احتيال أو ارتكاب جرائم سيبرانية، حيث حذّر تقرير لوكالة الشرطة الأوروبية "يوروبول" مؤخراً من استغلال المنصة في التصيّد الإلكتروني والتضليل مروراً بالبرمجيات الخبيثة، حيث قد يسارع محتالون ومجرمون لاستغلال القدرات سريعة التطوّر لروبوتات الدردشة في عملياتهم.
كيف يمكن استغلال منصة ChatGPT في الأعمال الإجرامية والاحتيال؟
أُطلقت منصّة "تشات جي بي تي" التي أنشأتها الشركة الأمريكية الناشئة "OpenAI" في تشرين الثاني/نوفمبر 2022 وسرعان ما ذاع صيتها مع انبهار المستخدمين بقدرتها على الإجابة بوضوح ودقّة على أسئلة صعبة، لا سيّما كتابة أغان أو شيفرات برمجية، وحتى النجاح في امتحانات، خصوصاً في عمليات البحث باللغة الإنجليزية.
وأعلنت "يوروبول" ومقرّها لاهاي يوم الإثنين 27 مارس/آذار أنّ "الاستغلال المحتمل لهذا النوع من أنظمة الذكاء الاصطناعي على أيدي مجرمين يطرح احتمالات قاتمة". وأجرى "مختبر الابتكار" الجديد في يوروبول تجارب على استخدام روبوتات الدردشة بمجملها، لكنّه صبّ تركيزه على منصة "تشات جي بي تي"؛ لأنها الأكثر رواجاً واستخداماً.
"إرهاب أو اقتحام منازل واستغلال أطفال جنسياً"
شدّدت الوكالة على أنّ المجرمين قد يستخدمون "تشات جي بي تي" من أجل "تسريع عملية البحث بشكل كبير" في مجالات لا يفقهون فيها شيئاً، على غرار كتابة نصّ جاهز من أجل ارتكاب عملية احتيالية كارثية، أو توفير معلومات حول "كيفية اقتحام منزل أو الإرهاب أو الجريمة السيبرانية أو حتى استغلال الأطفال جنسياً".
وحذّرت يوروبول من أنّ قدرة روبوتات الدردشة على تقليد أنماط الكتابة جعلته فاعلاً بشكل كبير في إعداد رسائل بريد إلكتروني بغية "التصيّد"، وقدرته على إنتاج نص بشكل سريع تجعله "مثالياً لأغراض الدعاية والتضليل". كما يمكن أيضاً استخدام منصة "تشات جي بي تي" لكتابة برمجيات معلوماتية، من دون امتلاك المعارف التقنية.
هل تعمل هذه المنصة دون ضوابط ليتم استغلالها؟
على الرّغم من أنّ "تشات جي بي تي" خاضع لضوابط على غرار اعتدال المحتوى الذي يمنع الروبوت من الإجابة على أسئلة مصنّفة مضرّة أو متحيّزة، فإنّ هذا الأمر يمكن الالتفاف عليه، بحسب خبراء.
وأشارت الوكالة الأوروبية إلى أنّ الذكاء الاصطناعي لا يزال في بداياته، متوقّعة أن "تتحسّن قدراته مع الوقت". مؤكدة "الأهمية القصوى لتعزيز التوعية في هذا الشأن، بغية ضمان اكتشاف أيّ ثغرة محتملة ومعالجتها بأسرع وقت ممكن".
مجرمو الإنترنت يقومون ببناء برامج ضارة على ChatGPT
في السياق، حذر باحثو الأمن السيبراني في يناير/كانون الثاني الماضي، من أن مجرمي الإنترنت بدأوا في استخدام برنامج الدردشة الآلي ChatGPT لبناء أدوات قرصنة بسرعة.
وبحسب مجلة Forbs الأمريكية، يقوم المحتالون أيضاً باختبار قدرة ChatGPT على بناء روبوتات محادثة أخرى مصممة لانتحال صفة فتيات لإيقاع الأهداف بسهولة، وفقاً لما قاله أحد الخبراء في المنتديات الإجرامية للمراقبة للمجلة الأمريكية.
وأثار العديد من مستخدمي ChatGPT الأوائل جرس الإنذار من أن التطبيق، الذي انتشر بسرعة في الأيام التي تلت إطلاقه، بأنه يمكنه المساعدة في بناء برامج ضارة قادرة على التجسس، أو إنشاء برامج فدية.
ووفقاً لتقرير صادر عن شركة الأمن الإسرائيلية Check Point، في أحد منشورات المنتدى التي تمت مراجعتها بواسطة الشركة مؤخراً، قام أحد المتسللين الذين سبق لهم مشاركة برمجيات أندرويد الضارة بعرض رمز مكتوب بواسطة ChatGPT قام بسرقة الملفات المهمة وضغطها وإرسالها عبر الويب.
وتقول المجلة الأمريكية إنه في نفس المنتدى، شارك مستخدم آخر كود Python الذي يمكنه تشفير الملفات، قائلاً إن تطبيق ChatGPT ساعده في بنائه. كما أشارت Check Point، في تقريرها، إلى أنه يمكن تعديل هذا الرمز بسهولة لتشفير جهاز شخص ما تماماً دون أي تدخل من المستخدم، على غرار الطريقة التي تعمل بها برامج الفدية.
ناقش أحد المستخدمين أيضاً "إساءة استخدام" ChatGPT من خلال جعله يساعد في ترميز ميزات سوق الـ"دارك ويب"، على غرار أسواق المخدرات مثل Silk Road أو Alphabay. وأظهر المستخدم كيف يمكن لروبوت الدردشة أن ينشئ بسرعة تطبيقاً يراقب أسعار العملات المشفرة لنظام دفع نظري.
من جهته، قال أليكس هولدن، مؤسس شركة Hold Security للاستخبارات الإلكترونية، إنه رأى محتالين في المواعدة يبدأون في استخدام ChatGPT أيضاً، وهم يحاولون إنشاء شخصيات مقنعة. قال: "إنهم يخططون لإنشاء روبوتات محادثة لانتحال شخصية معظمهم من الفتيات للذهاب إلى أبعد من ذلك في الدردشات".
ويقول خبراء إنها مسألة وقت فقط حتى يجد المتسللون والمجرمون "الأكثر تطوراً" طريقة لتحويل الذكاء الاصطناعي لصالحهم؛ حيث يمكن استخدام ChatGPT للمساعدة في إنشاء مواقع ويب وبرامج روبوت تخدع المستخدمين لمشاركة معلوماتهم وسرقة بياناتهم.