انطلقت اليوم الإثنين، فعاليات الدورة الخامسة من منتدى الأمن العالمي في قطر، تحت شعار إعادة رسم ملامح النظام العالمي: النزاعات والأزمات والتعاون، في دولة قطر، برعاية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، ويشارك فيه عدد من رؤساء الدول والقادة والمسؤولين المعنيين بقضايا الأمن العالمي.
ويمثل المنتدى الذي بدأ عام 2018، منصة فعالة لتعزيز التشاور الدولي حول الأمن والوساطة في النزاعات في ظل الخبرة القطرية في هذا المجال، وتستمر فعاليات المنتدى بين 13 و15 مارس/آذار 2023، بمُشاركة من قادة وسياسيين وخبراء وأكاديميين وصنّاع قرار دوليين، حيث تهدف المناقشات إلى تقديم خريطة طريق من أجل مُعالجة القضايا الأمنية المُلحة التي تواجه النظام العالمي.
ويلقي الكلمة الافتتاحية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس مجلس الوزراء بدولة قطر وزير الخارجية، ويستهل المنتدى جدول أعماله الرئيسية بجلسةٍ مع بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا.
ويقام منتدى الأمن العالمي 2023 بالتعاون مع عدد من الجهات والمؤسسات رفيعة المستوى، بما فيها المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي، ومؤسسة أمريكا الجديدة، وجامعة حمد بن خليفة، وموقع ديفينس وان، ومركز الأمن القومي في كلية الحقوق بجامعة فوردهام، سترونغ ستيز نتورك، وصندوق إرينيف، حسبما ورد في تقرير لصحيفة الشرق القطرية.
وبحسب برنامج المُنتدى في نسخته الحالية تتمحور النقاشات حول "إعادة تشكيل النظام العالمي"، وذلك عبر تسليط الضوء على النزاعات الدولية والأزمات المستعصية وآفاق سبل التعاون لحل هذه المُعضلات.
ويتضمّن المؤتمر فعاليات حول أزمة الطاقة العالمية والمُقاربات الآيلة إلى تعزيز الاقتصادات المُستدامة، وصراع القوى العظمى، خاصة في ظل التنافس الأمريكي-الصيني والحرب في أوكرانيا، وفقاً لتقرير لصحيفة الراية القطرية، هذا بالإضافة إلى مُكافحة الإرهاب الدولي والتهديدات الناشئة وشبكات اليمين المتطرّف وتمويلها ومخاطر المعلومات المُضلّلة والأخبار الكاذبة.
المنتدى الذي بدأ عام 2018، يستند لخبرة قطر في الوساطة ومعالجة الأزمات
و"منتدى الأمن العالمي" هو مؤتمر دولي سنوي يُناقش خلاله كبار المسؤولين والخبراء حول العالم، وبينهم وزراء ورؤساء أجهزة أمنية وخبراء بارزون وأكاديميون وصحفيون، التحديات الأمنية على الساحة الدولية. وانطلقت النسخة الأولى منه عام 2018.
وعلى مدى سنوات مُتعدّدة، جمع مُنتدى الأمن العالمي شبكة دوليّة مُتميّزة من المُشاركين من حكومات ووكالات إنفاذ قانون ومؤسّسات أكاديميّة ووسائل إعلام، بالإضافة إلى القطاع الخاص وذلك من أجل التطرّق إلى التحديات المُعقّدة في مجال الأمن العالمي.
وفي كلّ عامّ، يضمّ المُنتدى مُتحدّثين ومُشاركين رفيعي المستوى بمن فيهم رؤساء دول ووزراء وقادة وكالات أمنيّة وخبراء وأكاديميون وصحفيون بارزون.
ويأتي عقد المنتدى في ظل بصمات قطر في نشر السلام في أكثر من منطقة بالعالم، ولعل آخرها في أفغانستان، حيث ساهمت بقوة في توقيع اتفاق السلام بين واشنطن وحركة طالبان، كما كان لها دور مؤثر وحاسم في عمليات الإجلاء من أفغانستان، بشهادة الأمم المُتحدة والحلفاء والشركاء العالميين على رأسهم الولايات المتحدة.
وتبنّت دولة قطر في سياستها الخارجية مبدأ الوساطة والدبلوماسية في تسوية النزاعات، فقطر تؤمن أن الحروب والأزمات والصراعات لا يمكن حلها إلا بالحوار والمُفاوضات، ولقد سجلت نجاحات في حل الأزمات المستعصية وجلب جميع الأطراف إلى طاولة المُفاوضات من أجل إيجاد حلول دبلوماسية دائمة تُنهي عقوداً طويلة من الحروب والأزمات.
ويأتي المنتدى في ظل تجربة مضيفته دولة قطر بأن تسوية النزاعات والصراعات بالطرق السلمية تتطلب المُشاركة الفاعلة في العمل الدولي مُتعدد الأطراف، بما يُحقق السلام والأمن والاستقرار والتنمية لصالح شعوب العالم، ولقد استضافت قطر العديد من الوساطات الإقليمية والدولية، وتمكنت كوسيط موثوق به من حل العديد من النزاعات.
المنتدى يستهل أعماله بجلسة لرئيس رواندا
وسيقدم بول كاغامي، رئيس جمهورية رواندا، في أولى جلسات عمل المنتدى تحليلات حول تجارب دولته في المصالحة والتنمية، بالإضافة إلى التقدم في الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، ومواجهة التحديات الأمنية الإقليمية والدولية التي من شأنها رسم ملامح أولويات الدول في مجالات الدبلوماسية والتنمية والدفاع.
ومن المتوقع أن يتحدث تيو تشي هين، الوزير الأول والوزير المنسق للأمن الوطني السنغافوري، عن التحديات المتغيرة على الساحة العالمية.
ويتضمن المنتدى ندوات وجلسات حوارية مع موسى فقي رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، وشيخ عمران عبد الله وزير الداخلية في جمهورية جزر المالديف، وجوشوا جيلتسر نائب مُستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي، والدكتور محمد بن عبد العزيز الخليفي مُساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية، والسيد كريستوفر ميلر وزير الدفاع الأمريكي السابق بالإنابة في الولايات المتحدة الأمريكية.
النزاع الأوكراني على رأس أجندة المنتدى
ويأتي النزاع الروسي الأوكراني على رأس أولويات أجندة المنتدى هذا العام، حيث يستضيف جلسة خاصة تتناول الحالة الراهنة والآفاق المستقبلية للحرب بعد مرور عام كامل على بدايتها.
وتشهد الجلسة مشاركة السفير ناثان سيلز، المنسق السابق لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية والعضو في مركز صوفان، والدكتور كاسبر ريكاوكي، من مركز أبحاث التطرف بجامعة أوسلو، والدكتورة بيليانا ليلي، من منتدى الأمن وارسو، حيث ستتم مناقشة الأبعاد العسكرية التقليدية للنزاع، إلى جانب دور الشركات العسكرية الخاصة وتأثيرها.
تجربة العراق بعد عقدين من الغزو الأمريكي ستعرض بالمنتدى
ويشهد العراق هذا العام مرور عقدين كاملين على بدء الحرب الأمريكية على العراق عام 2003، التي أطلقت سلسلة من الأزمات التي وصلت مداها لمنطقة الشرق الأوسط برمتها إن لم يكن العالم.
ولذا يقيم المنتدى جلسة خاصة بالتعاون مع مؤسسة أمريكا الجديدة، لتسليط الضوء على الدروس المستفادة من تداعيات الغزو الأمريكي للعراق وانعكاساته على الأمن العالمي المعاصر والعلاقات الإقليمية والتهديدات الناشئة وتأثير التدخل الأمريكي.
ومسألة الوساطة في حل النزاعات
كما يتناول المنتدى مسألة الوساطات وحل النزاعات في ظل التحديات الأمنية والدبلوماسية، والتي يفتتح أعمالها الدكتور محمد الخليفي، مساعد وزير الخارجية للشؤون الإقليمية في دولة قطر، من خلال كلمة إطارية، باعتبار قطر لها تجربة مشهودة في هذا الشأن.
ويشهد المنتدى بعدها إقامة جلسة حوارية تستضيف آرون نوتينن، من وزارة الخارجية الأمريكية، والسيد جبريل باسولي، وزير خارجية بوركينا فاسو السابق، والسفيرة الدكتورة مونيكا جمعة، مستشارة الأمن القومي للرئيس الكيني.
وتبحث الجلسة في الدروس المستفادة والممارسات الفعالة في مجال تخفيف النزاعات، بما في ذلك الاستعانة بالوساطة وآليات منع النزاعات والتعاون الدفاعي والدبلوماسي، إلى جانب طرح الآراء حول العلاقات الإقليمية المتنوعة في مناطق إفريقيا والشرق الأوسط وغيرها.
الطاقة محور رئيسي بالمؤتمر
وفي ظل سعي العديد من الدول الغربية لمواجهة أزمة الطاقة الناجمة عن التغيرات الجيوسياسية الأخيرة وآخرها الحرب الروسية على أوكرانيا، يتناول المنتدى سبل تعزيز أمن الطاقة، وذلك من خلال جلسة مخصصة تسلط الضوء على أزمة الطاقة العالمية وتداعيات العلاقات الإقليمية والحرب الدائرة في أوكرانيا على دول أوروبا ومنطقة الشرق الأوسط.
وتناقش الجلسة، التي يديرها بول واليس، مراسل بلومبيرغ، وجهات النظر وفرانك فانون، مساعد وزير الخارجية الأمريكي السابق لموارد الطاقة، والدكتورة كارولين كيسان، العميد المساعد لمركز جامعة نيويورك للشؤون العالمية، وسكوت موديل، الرئيس التنفيذي لمجموعة رابيدان للطاقة.
جلسة حول الوضع في أفغانستان
ويأتي أيضاً مستقبل أفغانستان ضمن أولويات منتدى الأمن العالمي في قطر، حيث تخصص جلسة حوارية تتناول الآفاق المستقبلية للدولة، لا سيما فيما يتعلق بجوانب الأمن والحوكمة وحقوق الإنسان. وتبحث الجلسة في المسارات المعقدة لآفاق السلام في أفغانستان، بعد أن أنهكتها النزاعات، حيث يتولى إدارتها بوبي غوش، محرر مقالات الرأي لدى بلومبرغ، بحضور حكمت كرزاي، رئيس مركز دراسات الصراع والسلام ونائب وزير الخارجية الأفغاني السابق، والسيدة فوزية كوفي، عضوة زائرة في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية والنائبة الثانية السابقة لرئيس البرلمان الأفغاني؛ والسيد سعد محسني، المؤسس المشارك ورئيس مجلس إدارة مجموعة موبي ميديا.
كما يخوض المنتدى في وجهات النظر العالمية حول تهديدات المنظمات الموصوفة بــ"الجهادية"، بالإضافة إلى دور المدن في تعزيز التضامن والرقي. كما يسلط المنتدى الضوء على الوقاية من التطرف العنيف من قبل الجماعات العنصرية، ومناقشة سبل الحد من النزاعات في إفريقيا.
ويشمل جدول الأعمال أيضاً جلسة حوارية خاصة تبحث في ممارسات احتجاز الرهائن من قبل الجهات الحكومية وغير الحكومية، بمشاركة السفير روجر كارستن، المبعوث الرئاسي الخاص لشؤون الرهائن في الولايات المتحدة، والذي من المتوقع أن يقدم أفكاراً أولية بهذا الخصوص وينضم إليه عدد من المتحدثين البارزين، بمن فيهم، المسؤول لدى مكتب التحقيقات الفدرالي السيد كريستوفر أوليري، مدير الخلية الأمريكية المشتركة لتحرير الرهائن.
نقاش حول تأثيرات التكنولوجيا على الأمن بمشاركة مسؤولة كبيرة بفيسبوك
ويُعنى المنتدى بالتأثيرات الناشئة للتكنولوجيا على الأمن، حيث يقيم جلسة خاصة بمشاركة السيدة دينا حسين، الرئيس العالمي لتطوير السياسات وشراكات الخبراء لدى شركة ميتا (فيسبوك)، والسيدة آمي لارسن، مديرة الاستراتيجية وإدارة الأعمال لدى ميكروسوفت. هذا بالإضافة الى ندوةٍ خاصة تقام بالتعاون مع المديرية التنفيذية للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن الدولي ومشاركة عدد من الخبراء العالميين الذين يسلطون الضوء على قضايا الإرهاب والتقنيات المتقدمة في عالم ما بعد أزمة كوفيد – 19، إلى جانب التداعيات المحتملة لاعتماد التكنولوجيا الناشئة وسوء استخدامها، وتأثير ذلك فيما يتعلق بحقوق الإنسان ونشر المعلومات الكاذبة والتضليل الإعلامي ونظريات المؤامرة، وإساءة استخدام الإنترنت وعلاقتها بقضايا التنوع الاجتماعي، والتحديات المستقبلية التي تواجه صنّاع السياسات والخبراء والمجتمعات المختلفة.
ويتضمن جدول أعمال المنتدى أيضاً سلسلة من الجلسات النقاشية المخصصة للبحث في قضايا مكافحة التطرف والكراهية والتضليل الإعلامي عبر الإنترنت، إضافةً إلى حركات اليمين المتطرف العنيفة وتدابير المكافحة التي تتخذها الدول والمؤسسات العالمية.
المنتدى يهدف للخروج بتقييم استراتيجي من نتائج النقاشات
ومن المقرر جمع النتائج التي يتوصل إليها المنتدى في تقرير معمق، ليقدم لمحة عامة وتقييماً استراتيجياً للقضايا الأمنية مع مقترحات السياسات اللازمة لمواجهة التحديات الأمنية العالمية في عام 2023.
وتعليقاً على هذا الموضوع، نقلت صحيفة الشرق القطرية عن ستافني فاغوت، الناطقة باسم المنتدى قولها: "يطمح منتدى الأمن العالمي إلى إتاحة مسارات جديدة نحو حل النزاعات".
وأضافت فاغوت: "نعتزم تقديم النتائج والتوصيات التي يتوصل إليها منتدى الأمن العالمي في الدوحة إلى جميع الأطراف المعنية، وذلك من خلال سلسلة من الاجتماعات والفعاليات الدولية رفيعة المستوى التي تقام في مختلف أنحاء العالم، ولا سيما الفعاليات المرتبطة بالأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والمنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب".