جاء إعلان الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله دعم حزبه لوصول الوزير السابق سليمان فرنجية للرئاسة اللبنانية، ليزيد وضع البلاد إرباكاً، في ظل أن فرنجية هو من أقرب الساسة اللبنانيين لرئيس النظام السوري بشار الأسد، الأمر الذي يثير تساؤلات حول ردود فعل القوى المحلية والدولية والإقليمية المناهضة لنظام الأسد.
وبعد أكثر من أربعة أشهر على شغور منصب الرئاسة الذي كان يشغله حليف حزب الله ميشال عون والذي غرقت البلاد في عهد في انهيار اقتصادي غير مسبوق، قال نصر الله في كلمة ألقاها عبر الشاشة خلال احتفال حزبي تكريماً لجرحى حزبه وأسراه: "المرشح الطبيعي الذي يدعمه الحزب في الانتخابات الرئاسية ويعتبر أن المواصفات التي يأخذها الحزب بعين الاعتبار تنطبق عليه هو الوزير سليمان فرنجية".
وهذه المرة الأولى التي يعلن فيها "حزب الله"، تأييده بشكل علني ترشيح سليمان فرنجية، السياسي الماروني الذي ساند الحزب في كل خطواته التي اتخذها في السنوات الأخيرة خصوصاً في لبنان وسوريا، على الرغم أنه كان يتردد منذ أشهر أنه مرشحه غير المعلن وسيعمل على عرقلة إتمام العملية الانتخابية لضمان إيصاله.
هل حزب الله جدي في ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة اللبنانية؟
وشدد زعيم حزب الله على أن فرنجية هو مرشح يدعمه "حزب الله" لكنه ليس مرشح الحزب.
ولا يعني إعلان نصر الله بالضرورة أن فرنجية مرشح نهائي للحزب، في ظل الطابع المركب والمتقلب للسياسة اللبنانية، فقد تكون خطوة تستخدم كورقة مساومة مع الخصوم أو الحلفاء الغاضبين، أو تكون خطوة شكلية، لإرضاء فرنجية الغاضب من عدم ترشيح الحزب له في الرئاسة بدلاً من عون في المرة السابقة.
ولكن قد يصر الحزب على قراره كما حدث من قبل مع عون، ويكون ترشيح الحزب لفرنجية معناه أنه لن يقبل إلا به وأنه سيُبقي البلاد في فراغ رئاسي، من خلال منع اكتمال نصاب جلسة البرلمان (ثلثي الأعضاء) اللازمة لانتخاب الرئيس، إلى أن يقبل خصومه بفرنجية رئيساً.
وفي معرض تفسيره لترشيح فرنجية الذي لديه مقعد واحد في البرلمان، قال نصر الله: "يهمنا أن يكون هناك رئيس لا يطعن ظهر المقاومة".
فرنجية هو المرشح الثاني للرئاسة اللبنانية في مواجهة مرشح يصفه الحزب بالأمريكي
ومع إعلان نصر الله الأخير، أصبح فرنجية المرشح الثاني للرئاسة بعد النائب ميشال معوض (50 سنة) الذي أعلن خوضه السباق الرئاسي ويصفه "حزب الله" بمرشح "تحد له" نظراً إلى قربه من الأمريكيين.
وقال نصر الله: "لا نقبل أن يفرض رئيس من الخارج على الشعب اللبناني ولا نقبل فيتوهات خارجية على أي مرشح".
ومعوض وفرنجية ينحدران من منطقة زغرتا ذات الغالبية المسيحية المارونية في شمال لبنان. ولا يملك أي منهما حتى الآن أكثرية تضمن وصوله إلى الرئاسة.
ونال معوض في جلسات سابقة تأييد عديد من الأصوات من الكتل المناهضة للحزب، بينها "القوات اللبنانية"، أبرز الأحزاب المسيحية، و"الكتائب اللبنانية" و"الحزب التقدمي الاشتراكي" بزعامة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط وبعض المستقلين.
وفشل البرلمان منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون نهاية أكتوبر/تشرين الأول، خلال 11 جلسة عقدها في انتخاب رئيس، وسط انقسام سياسي حاد في البلاد، ومجلس مقسم لأول مرة لثلاث كتل وليس اثتنين كعادة البرلمانات اللبنانية.
من هو سليمان فرنجية؟ إنه سليل واحدة من أعرق الأسر الأرستقراطية اللبنانية
وسليمان فرنجية (57 عاماً) هو نائب ووزير سابق، يُعد من بين حلفاء حزب الله البارزين. وهو صديق شخصي للرئيس السوري بشار الأسد. وغالباً ما يُطرح اسمه كمرشح عند كل استحقاق رئاسي.
وسليمان سليل واحدة من أعرق الأسر الأرستقراطية اللبنانية وكان جده رئيساً للبلاد ومعروفاً بعلاقته الوثيقة مع حافظ الأسد والد بشار الأسد، واندلعت الحرب الأهلية في نهاية ولايته الرئاسية.
لديه مملكة صغيرة شبه مستقلة في شمال لبنان
ويعد فرنجية حالة فريدة من بين زعماء لبنان السياسيين، فحزبه المسمى تيار المردة، يحظى بشعبية ضئيلة على مستوى مجمل الطائفة المارونية، وله نائب واحد في البرلمان، وكان يحتاج دوماً إلى دعم سياسي من حزب الله وتيار العماد ميشال عون المسمى التيار الوطني لتوسيع قوته في البرلمان، ولكي يكون له تمثيل وزاري.
ولكنه في الوقت ذاته، يحظى بنفوذ استثنائي في قضاء زغرتا بشمال لبنان القريب من مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية.
وقضاء زغرتا منطقة لبنانية ذات طبيعة جبلية ساحرة، مساحته، نحو 2100 كيلومتر وعدد سكانه نحو 50 ألفاً يعيش نحو ثلثهم خارج القضاء.
وأغلبية سكان القضاء مارونية والنسبة الأكبر منهم مؤيدة بشكل شبه كامل لآل فرنجية، وكأن القضاء مملكة صغيرة شبه مستقلة ورثها سليمان عن أجداده، حيث كان يحكمها بشكل مباشر خلال الحرب الأهلية، وما زال الوضع قائماً إلى حد ما في ظل النظام اللبناني الطائفي والذي يعني أن تعيين المناصب واتخاذ القرارات في أي قضاء يكون برضا الزعامات الطائفية به، وهي آل فرنجية حصراً في حالة زغرتا.
وهو ما جعل آل فرنجية مهمين لحزب الله ونظام الأسد، تاريخياً، لأن قضاء زغرتا يكاد يكون المعقل الوحيد لنفوذهما في الشمال اللبناني الذي يغلب عليه السنة، (إضافة لقضاء الكورة، حيث يوجد فيه نفوذ للحزب السوري القومي الاجتماعي الموالي لدمشق).
ويوجد قصر سليمان فرنجية قرب بحيرة صناعية أسست بدفع من عائلته تدعى بحيرة بنشعي تحولت لمزار سياحي شهير بين الجبال.
ولدى سكان القضاء الجبلي القريب من الساحل، نمط حياة مميز، حيث يعيش نسبة كبيرة من السكان في مدينة زغرتا عاصمة القضاء في الشتاء، لأنها تكون دافئة لارتفاع سطحها نحو 200 متر فقط عن سطح البحر، ثم ينتقلون إلى مدينة إهدن معقلهم التاريخي في قلب الجبال، التي تقع على ارتفاع أكثر من 1400 متر على سطح البحر، ولذا يكون مناخها لطيفاً في الصيف.
مأساة كبرى غيرت حياته
ورغم أن قضاء زغرتا نسبة سكانه ليست كبيرة من بين مسيحيي لبنان ولكن له أهمية تاريخية؛ فهو جزء من منطقة وادي قاديشا الذي ينظر له على أنه موطن نشأة الطائفة في لبنان ويجاور القضاء منطقة "بشري" حيث ولد سمير جعجع زعيم حزب القوات اللبنانية، أشد خصوم حزب الله وعدو آل فرنجية التاريخي.
ورغم أن قضاءي بشري وزغرتا يجمع بينهما أغلبية مسيحية ويعدان من مواطن الموارنة الأوائل تاريخياً في لبنان، فإن الخلافات العشائرية بين المنطقتين الجبليتين المتجاورتين فرقت بينهما قبل أن يولد جعجع وفرنجية بمئات السنين.
ولكن العداء تواصل مع صعود جعجع لسدة قيادة القوات اللبنانية التي أصبحت معادية لسوريا خلال الحرب الأهلية واستمرار آل فرنجية في تحالفهم مع آل الأسد، خاصة عندما حاولت القوات اللبنانية باعتبارها الجناح العسكري لحزب القوات في بداية الحرب الأهلية السيطرة على المناطق الشمالية المسيحية؛ الأمر الذي رفضه طوني فرنجية (والد سليمان) زعيم تيار المردة في ذلك الوقت.
وصل العداء لذروته جراء ما يُعرف بمذبحة "إهدن" الشهيرة في يونيو/حزيران 1978؛ والتي أودت بحياة طوني فرنجية والد سليمان، ويتهم آل فرنجية جعجع بالمسؤولية عنها، بينما يقول جعجع ومصادره إنها لم تكن مذبحة مدبرة، بل تدهورت الأمور إلى إطلاق نار أفضى لهذه المذبحة التي ما زالت تلطخ مشوار جعجع السياسي.
وفي تصريح له وصف جعجع، ما حدث في إهدن بأنه كان "ساعة تخلٍّ". وهو لفظ لبناني، يعني حدوث خطأ في لحظة كان فيها المرء خارجاً عن السيطرة على نفسه.
عاش فرنجية منذ الصغر يتيم الأبوين، وبدون إخوة، لأن عائلته قضت نحبها بكاملها في المذبحة التي تعد واحدة من أكبر عمليات الاغتيال دموية في تاريخ لبنان الحديث، وإحدى العمليات القليلة التي لا يلقى فيها بالاتهام على نظام آل الأسد.
فلقد قتل والداه وأخته الوحيدة، ومعهم 29 آخرون من أهالي بلدة إهدن في الشمال اللبناني، بالرصاص والسكاكين والحراب في المجزرة التي نجا منها فرنجية، وفقاً لما نقله موقع "العربية.نت" عن أرشيف المجرزة، لأنه لم يكن في البيت يومئذ، بل كان عند جده سليمان فرنجية.
أمه مصرية ووالدة زوجته عراقية وعزل عمه من قيادة ميليشيا المردة
وسليمان فرنجية بقدر زعامته الإقطاعية عميقة الجذور في زغرتا، وخطابه الطائفي الحاد أحياناً وتركيزه على تحالف المسيحيين مع الشيعة والعلويين، فإن لديه شبكة راوبط إقليمية لافتة، فرغم علاقته المثيرة للجدل ببشار الأسد، فإنه يعتقد أن لديه علاقات قوية مع أمراء خليجيين في ظل ما يمكن تسميته شبكة العلاقات الأرستقراطية الشخصية في المنطقة الراسخة بصرف النظر عن الخلافات السياسية والدينية والمذهبية.
ووالدة فرنجية مصرية ووالدة زوجته عراقية، وهي مسيحية آشورية، بينما والدها لبناني.
خلال الحرب الأهلية اللبنانية قام سليمان بتوحيد "ميليشيا المردة" بعد تنحية عمه روبير فرنجية عن القيادة، ثم أصبحت هذه "الميليشيا" التي تحمل اسم مجموعة مسيحية تعود للعصور الوسطى اشتهرت بتمردها ضد الخلافة الإسلامية، تياراً سياسيا يقوده منذ ذلك الوقت.
ومن آخر المواقف المشهورة لسليمان فرنجية رفضه استقالة وزير الإعلام اللبناني السابق الإعلامي المقرب لدمشق جورج قرداحي المحسوب عليه بعدما نشرت له تصريحات يؤيد الحوثيين في اليمن، قبل توليه الوزارة.
شقيق بشار الأسد الذي لم تلده أمه
"شقيق بشار الأسد الذي لم تلده أمه"، هذا الوصف يطلقه كثيرون من اللبنانيين على سليمان فرنجية الذي يفاخر بعلاقته الشخصية والعائلية ببشار الأسد، وهي علاقة بدأت بين العائلتين في عهد جده الرئيس سليمان، وحافظ الأسد والد رئيس النظام السوري بشار الأسد.
وكان فرنجية قال أكثر من مرة إن بشار الأسد هو "أخوه".
قبل الصداقة مع بشار الأسد، كان فرنجية صديقاً كبيراً لشقيقه باسل الذي كان يعده حافظ لوراثة رئاسة سوريا، ولكن قتل في حادث سيارة كان يقودها، وهي صداقة امتدت من الجد الذي كان يصطحب حفيده سليمان في رحلات إلى دمشق لزيارة صديقه حافظ الأسد، وهناك كان الحفيد يقوم برحلات صيد مشتركة أيضاً مع الابن البكر للرئيس السوري بشار.
وقد سمى سليمان فرنجية ابنه باسل على اسم شقيق الرئيس السوري الراحل.
قوة هذه الصداقة وصلت إلى حد أن آل فرنجية، وهي أسرة مارونية عريقة، فضّوا تحالفهم مع كل الأحزاب المسيحية في لبنان خلال الحرب الأهلية، بعد اصطدامها بالقوات السورية، إثر توغلها في المناطق المسيحية ومحاولة السيطرة عليها.
مؤيد لحلف الأقليات
وقامت العلاقة بين آل الأسد وآل فرنجية الزعماء التاريخيين لمنطقة زغرتا بشمالي لبنان، على صداقة عائلية وشخصية، وعلى فكرة يروجها فرنجية ونظام الأسد بشكل غير رسمي، وهو حلف الأقليات في الشام في مواجهة الأغلبية السنية، على اعتبار أن الأسد ينتمي للأقلية العلوية في سوريا، بينما ينتمي آل فرنجية للطائفة المارونية، وحزب الله للطائفة الشيعية.
وجد سليمان فرنجية الرئيس سليمان انتخب رئيساً للبنان في 1970 بفارق صوت نيابي واحد، لتندلع قبل عام من نهاية ولايته في 1976 حرب أهلية انتهت في 1990 قبل عامين من وفاته بعمر 82 سنة.
ودخلت القوات السورية لبنان في منتصف السبعينيات في عهد سليمان فرنجية الجد لدعم الأحزاب المسيحية اليمينية في مواجهة تحالف اليسار اللبناني والدروز والقوى الفلسطينية، ولكن انتهى الأمر بالقوى المسيحية لتعرضها لمحاولة إخضاع من قبل نظام الأسد، وتعرضها للمذابح على يد القوات السورية، وصولاً لقصف قوات النظام السوري عام 1990 للقصر الرئاسي، الذي كان يسيطر عليه قائد الجيش في ذلك الوقت العماد ميشال عون.
ورغم أن المشاعر الشعبية المارونية انقلبت ضد الأسد والوجود العسكري السوري في لبنان، منذ بداية الحرب الأهلية، فإن العلاقة بين عائلتي فرنجية والأسد لم تتزعزع مطلقاً، حسب وصف مجلة The National Interest الأمريكية.
وظل سليمان فرنجية حليفاً لسوريا طوال الحرب الأهلية وبعدها، وأصبح وزيراً في عهد الوصاية السورية على لبنان.
فبينما يعد عون الحليف المسيحي الأكبر لحزب الله والأسد، الذي منح حزب الله السيطرة على الأكثرية في البرلمان السابق، كان فرنجية دوماً الحليف الأقرب، فهو جزء أصيل من محور الممانعة، حسب تسميات اتباع سوريا وإيران في لبنان للحلف الإيراني السوري، وليس حليف مصالح مثل عون، الذي لا يجمعه مع حزب الله وسوريا، إلا رغبته في الرئاسة، وتزعم المسيحيين.
الحريري أول من رشح فرنجية للرئاسة وحزب الله رفض الفكرة
في عام 2015، فاجأ سعد الحريري رئيس وزراء لبنان الأسبق، زعيم تيار المستقبل أكبر تنظيم سني لبناني، خصومه قبل أتباعه وحلفائه بترشيح سليمان فرنجية رئيساً للبلاد، رغم أنه الرجل الذي كان وزيراً للداخلية عندما تم اغتيال والده رفيق الحريري عام 2005، وهي العملية التي يشار بأصابع الاتهام فيها لنظام الأسد وحزب الله.
كثيرون انتقدوا آنذاك هذا الترشيح، خاصة أنه خرج من نجل رئيس وزراء لبنان المغتال رفيق الحريري الذي لم ينجُ من انتقادات فرنجية حتى بعد رحيله.
ولا يعرف هل كان هدف الحريري الوقيعة بين عون وحزب الله وفرنجية، أم الاستفادة من اللحظة لعقد مصالحة تاريخية مع ملك زغرتا، أم التمهيد لقراره التاريخي بإيصال عون للرئاسة.
في كل الأحوال أدى ترشيح سليمان فرنجية للرئاسة إلى تدهور العلاقة بينه وبين عون بعد أن أصبح كلاهما منذ ذلك الوقت متنافسين على كرسي الرئاسة، بعد أن كانت كتلة فرنجية جزءاً من كتلة عون البرلمانية الأوسع.
ولكن رفض حزب الله لترشيح فرنجية للرئاسة وتفضيله لعون، لم يؤد لفض التحالف بين الحزب وسليمان فرنجية، رغم أن الأخير يرى نفسه أحق بها وهو سليل الأسرة العريقة.
ويظهر استمرار فرنجية رغم غضبه المشهود من هذا الموقف، في صفوف التحالف الإيراني السوري متانة العلاقة التي تربطه بحزب الله وآل الأسد.
وعلاقة فرنجية الخاصة مع الأسد تضمن له تأييد حلفاء سوريا المتعددين في لبنان، وبالأخص صداقة حزب الله المدعوم من إيران، الذي قدم مساعدة عسكرية كبيرة لنظام الأسد، في محاربة المعارضة المسلحة في سوريا.
أبرز المعترضين المحتملين على ترشيح فرنجية
من المتوقع أن يكون التيار الوطني الحر (التيار العوني) الذي يترأسه جبران باسيل صهر عون حليف حزب الله والذي وصل للرئاسة بفضل دعم الحزب أول المعترضين على ترشيح فرنجية.
وتوترت العلاقة لأسباب عديدة بين باسيل وحزب الله آخرها على الأرجح ترشيح الحزب لفرنجية، ومحاولة باسيل النأي بنفسه قليلاً عن الحزب بسبب قلقه من الغضب الأمريكي، مقابل المشكلات التي تسببها مواقف باسيل للحزب مع حلفائه مثل رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وكان التيار العوني قد ألمح إلى أن حزب الله اختار إنهاء مذكرة التفاهم مع التيار في إطار سعيه لحشد الدعم لفرنجية.
بينما برر نصر الله قراره ترشيح فرنجية بأنه لم يرشح باسيل، لأن الأخير لم يترشح، وقال نصر الله إنه أبلغ باسيل أنه يرى فيه وفرنجية مرشحين، ولكنه قرر اختيار الأخير لأنه مرشح بالفعل، عكس باسيل الذي لم يعلن ذلك رسمياً.
وأضاف: "عندما ندعم ترشيح الوزير سليمان فرنجية هذا لا يعني أننا خرجنا من التفاهم مع التيار، لا أنا أخونك ولا أنت تخونني".
وينظر تيار عون لنفسه أنه أحق بالرئاسة، خاصة أنه كان لديه أكبر كتلة برلمانية، قبل أن يخسر هذا اللقب لصالح حزب القوات اللبنانية في البرلمان الأخير.
ويصف أنصار التيار الوطني عون بأنه زعيم مسيحيي الشرق، بينما يعتبرون فرنجية زعيماً إقليمياً صغيراً.
أما بالنسبة لرئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، فرغم أن الجانبين تغاضيا على مضض عن دماء الماضي، حيث جرت بينهما مصالحة قبل أعوام برعاية البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، ولكن ظلت السياسة سبباً للخلاف، بجانب أحقاد الماضي.
فرئيس حزب القوات اللبنانية يصعب أن يقبل بانتخاب سليمان فرنجية رئيساً، لأنه يعتبر أن العلاقة بين الأسد وفرنجية "ليست تحالفاً، بل أخوة"، بينما جعجع هو أكثر السياسيين اللبنانيين معارضة لبشار الأسد وتأييداً للثورة السورية.
كما أن جعجع يعد أشد الساسة في لبنان إصراراً على مناهضة نفوذ إيران، وأصبح أهم حلفاء السعودية في لبنان، بعد انسحاب سعد الحريري من العمل السياسي، وابتعاد الرياض عنه.
ويقوم خطاب جعجع الحالي على تقديم نفسه كزعيم للمعارضة ضد هيمنة حزب الله على لبنان، ويرفض المسار السابق الذي شارك هو فيه شخصياً بانتخاب عون رئيساً، وهو المسار الذي كان قد بدأه الحريري بالتصالح مع فرنجية وعون وإيصال الأخير للرئاسة.
ماذا عن موقف الغرب والخليج من انتخاب فرنجية؟
موقف القوى الإقليمية والدولية من فرنجية قد يكون ملتبساً، فرغم أن علاقة فرنجية الوثيقة، بسوريا وحزب الله مثيرة للقلق بالنسبة لدول الخليج، والغرب، ولكن الجذور الأرستقراطية المسيحية العريقة لعائلة فرنجية، ومصالحته السابقة مع الحريري، قد تكسبه بعض القبول على المستوى الشخصي في الخليج، وهو أمر قد يتزايد إذا حدث تطبيع خليجي مع نظام الأسد.
كما أن العائلات المسيحية العريقة مثل آل فرنجية لديها علاقة تاريخية قديمة بالفاتيكان وفرنسا.
ولكن المشكلة أمام سليمان فرنجية أن هناك شعوراً قوياً لدى الغرب والخليج بالحاجة لتخفيف هيمنة حزب الله على لبنان، التي يمثل فرنجية نفسه رمزها الأوضح.
ورغم علاقته القوية بحزب الله والأسد، وتصلبه في مواقفه أحياناً، ولكن كثيراً من القوى السياسية اللبنانية التقليدية مثل وليد جنبلاط وسعد الحريري قد تجد في سليمان فرنجية شخصاً أسهل في التعامل معه من عون، خاصة أنه يظل زعيماً إقليمياً، لن يكون له طموح كبير في فوز كتلته بالانتخابات البرلمانية عكس عون.
كما أن محدودية نفوذ فرنجية واقتصاره على الشمال، ستجعل هناك حدوداً لقدرته على السيطرة على مقاليد البلاد لو أصبح رئيساً، كما حاول عون، رغم أن ذلك قد يتيح لحزب الله الاستفادة من ذلك أو يفتح باب الاتهام الادعاء بأنه أداة في يد الحزب.
من ناحيتها، فإن قوى المجتمع المدني التي دخلت البرلمان لأول مرة ولها صوت قوي في الشارع لن ترى في فرنجية إلا أنه نموذج فج للطبقة الأرستقراطية الطائفية الحاكمة التي دمرت البلاد.
ويعني كل ذلك أن ترشيح حزب الله لفرنجية لا يعني بالضرورة قرب انتهاء الفراغ الرئاسي.
فرغم أنه لا أحد يستطيع أن يفرض رئيساً للبنان رغم إرادة حزب الله، فإن الحزب في المقابل، لا يستطيع بدوره فرض رئيس على لبنان دون موافقة القوى الرئيسية، ولكنه يراهن على المساومة بالفراغ الرئاسي لإيصال مرشحه لقصر بعبدا.
وبعد تجربة عون قد تفضل كثير من القوى الفراغ الرئاسي، على رئيس مفروض عليها من حزب الله.