رغم قوتها الاستراتيجية سياسياً واقتصادياً.. لماذا تعد شراكة الصين وإيران غير متكافئة؟

عربي بوست
تم النشر: 2023/02/24 الساعة 09:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/24 الساعة 09:37 بتوقيت غرينتش
الرئيس الصيني شي جين بينغ مع نظيره الإيراني إبراهيم رئيسي في بكين/رويترز

قام الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي بزيارة إلى الصين، في الفترة من 14 إلى 16 فبراير/شباط 2023، بصحبة وفد يضم 6 وزراء ومحافظ البنك المركزي. ووفقاً لوسائل الإعلام الإيرانية، فقد وقّعت الصين وإيران على 20 وثيقة تعاون جوهرية في عدة مجالات بقيمة حوالي 12 مليار دولار، وذلك بموجب وثيقة التعاون الشامل التي استمرت 25 عاماً، والتي وقعتها إيران والصين في عام 2021.

إنعاش الاقتصاد الإيراني يواجه عقوبات الغرب.. والصين هي المنقذ 

يقول تقرير لموقع أسباب المتخصص بالتحليلات السياسية، إن الشراكة بين الصين وإيران تكتسب قيمة استراتيجية للجانبين؛ حيث وقّعا خلال عام 2021 "اتفاقية التعاون الاستراتيجي"، والتي تمتد لـ25 عاماً، وتلتزم فيها الصين باستثمارات تقدر بـ400 مليار دولار في مشاريع تشمل النفط والغاز والطاقة النووية والموانئ والسكك الحديدية والتقنيات العسكرية. 

في المقابل؛ تعطي الاتفاقية للصين مزايا تفضيلية في أسعار النفط الإيراني، فضلاً عن دفع قيمة نحو الثلث من وارداتها النفطية من إيران في صورة صادرات سلع صينية لإيران، وذلك وفق تقارير غير رسمية، حيث لم يعلن أي من الجانبين عن تفاصيل مؤكدة لبنود الاتفاق.

ومن الواضح أن زيارة رئيسي جاءت ضمن سياق العمل على تسريع وتيرة تنفيذ الاتفاقية في مواجهة تحديات تنفيذها من الناحية العملية، والتي من أبرزها جمود المحادثات النووية وبقاء إيران تحت العقوبات الأمريكية القاسية التي تحد من تعامل الشركات الصينية في ظل حرصها الدائم على تجنب مخاطر التعرض للعقوبات الأمريكية والغربية، بالإضافة إلى ميل طهران لربط شراكتها مع بكين بالخصومة مع الغرب، وهو أمر لا يبدو أن الصين تفضله.

إيران تبحث طمأنات سياسية وحلولاً عاجلة لأزمتها الاقتصادية

وتحرص طهران على توسيع علاقاتها الاقتصادية مع بكين التي تعد الشريك التجاري الأكبر لإيران، وتأتي زيارة رئيسي في إطار الحلول العاجلة التي تبحث عنها إيران لإنعاش اقتصادها لاحتواء الضغوط الداخلية، حيث تعاني طهران مؤخراً من أوضاع اقتصادية وسياسية غير مستقرة.

فإلى جانب جمود المحادثات النووية التي كانت تعوّل عليها لتخفيف العقوبات الأمريكية، ومن ثم زيادة صادراتها من النفط والغاز، تزايدت العقوبات الغربية ضد طهران بسبب ما اعتبرته هذه الدول قمعاً للاحتجاجات التي شهدتها إيران مؤخراً، وكذلك الدعم العسكري الإيراني لروسيا في الحرب الأوكرانية؛ الأمر الذي تسبب في تعرض الاقتصاد الإيراني إلى مزيد من الضرر في الفترة الأخيرة.

على الجانب الآخر؛ يستهدف الرئيس الصيني شي جين بينغ من دعوة رئيسي، التأكيد على التزامه بتعزيز الشراكة مع إيران، حيث تسببت زيارة شي جين للرياض في ديسمبر/كانون الأول، والبيان الصادر عن قمة الصين ودول مجلس التعاون الخليجي، والذي دعا إيران إلى التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأشار إلى أنشطة طهران الإقليمية المزعزعة للاستقرار، في إثارة قلق القيادة الإيرانية التي رأت في البيان المشترك إشارة مهمة حول حدود الرهان على موقف الصين تجاه التنافس بين إيران وجيرانها في الشرق الأوسط.

لماذا علاقة الصين وإيران غير متكافئة؟

ترتكز السياسة الخارجية الإيرانية على علاقات وثيقة مع عدد محدود من الدول، والتي يأتي في مقدمتها حليفتاها الدوليتان روسيا والصين، وتفتقد إيران إلى علاقات قوية متعددة مع مراكز القوة الدولية الأخرى، ما يؤدي إلى عدم تمكنها من إدارة علاقاتها بتكافؤ نسبي مع كل من موسكو وبكين، ويتركها أمام بدائل استراتيجية محدودة. 

بينما تتعدد علاقات الصين المرتكزة على التعاون الاقتصادي مع العديد من الدول، خاصة الدول المصدرة للطاقة والأسواق المستقبلة للسلع الصينية، الأمر الذي يؤدي إلى خلل في توازن العلاقة بين طهران وبكين لصالح الأخيرة، ويدفع الصين لتعزيز علاقاتها مع خصوم إيران الإقليميين دون أن تتخوف من ردود الفعل الإيرانية.

أخيراً، تشير زيارة رئيسي إلى أن العلاقات بين الصين وإيران لا تزال قوية، وأن الجانبين حريصان على تطوير الشراكة، ومع ذلك ستواصل الصين موازنة علاقاتها بين السعودية وإيران، على أساس أنها المستفيد الأكبر من رغبة كل من طهران والرياض في تعزيز العلاقات مع بكين.

كما توفر هذه العلاقات لبكين تأمين إمدادات النفط، وفرصاً استثمارية واسعة في كلا البلدين، كما تسمح للصين بتعزيز نفوذها الجيوسياسي في منطقة حيوية للولايات المتحدة، ومن ثم تخفف من ضغوط الأخيرة على الصين في منطقة الإندو-باسيفيك، وتتحدى مساعي واشنطن والغرب لاحتواء خطط صعود النفوذ الصيني على الساحة الدولية.

تحميل المزيد