آخر ميثاق نووي بين روسيا وأمريكا.. ما هي معاهدة ستارت النووية التي أعلن بوتين الانسحاب منها؟

تم النشر: 2023/02/22 الساعة 11:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/02/22 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش
تعتبر معاهدة ستارت الجديدة آخر اتفاقية قائمة من نوعها بين أكبر قوتين نوويتين في العالم بشأن الأسلحة النووية/ shutterstock

وسط المفاخرة بقوة الاقتصاد الروسي في مقاومة العقوبات الغربية، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في خطاب مهم قبيل الذكرى السنوية الأولى للغزو الروسي لأوكرانيا، أن موسكو علقت مشاركتها في "معاهدة ستارت النووية الجديدة"، وهي الاتفاقية الوحيدة المتبقية للحد من التسلح النووي بين القوتين النوويتين روسيا وأمريكا، فما هذه الاتفاقية، وماذا يعني انسحاب روسيا منها؟

ما هي معاهدة ستارت النووية الجديدة؟

تعتبر معاهدة ستارت الجديدة آخر اتفاقية قائمة من نوعها بين أكبر قوتين نوويتين في العالم بشأن الأسلحة، ووظيفتها الحد من عدد الرؤوس الحربية النووية التي يمكن لكل جانب نشرها، كما أن لها أهمية رمزية وعملية كبيرة.

ومعادة "ستارت الجديدة" أو "ستارت-3"، هي معاهدة تم توقيعها في العام 2010 بين الرئيسين الأمريكي باراك أوباما والروسي ديمتري ميدفيديف في العاصمة التشيكية براغ.

والهدف منها كان تحديد عدد الرؤوس النووية بـ1550 رأساً نووياً، خلال فترة 7 سنوات، ابتداء من دخول الاتفاقية حيز التنفيذ.

كما تُحدد الاتفاقية 700 وحدة من منصات إطلاق الصواريخ المنشورة ميدانياً، سواء من المنصات البرية أو الغواصات أو القاذفات المعدة للتسليح النووي كسقف نهائي لكل دولة.

وتم تحديد 10 سنوات كمدة لتنفيذ المعاهدة، على أن يحق للطرفين الاتفاق مجدداً لتمديدها مدة 5 سنوات إضافية. وفي فبراير/شباط 2021، قبل يومين فقط من انتهاء صلاحيتها تم تمديد الاتفاقية لمدة 5 سنوات أخرى. 

ما أهمية هذه المعاهدة بالنسبة لأمريكا؟

يقول تقرير لمجلة Economist البريطانية، إن الإبقاء على معاهدة ستارت الجديدة كان أولوية في السياسة الخارجية للرئيس الأمريكي جو بايدن، وحصل على دعم بوتين للتمديد بعد ستة أيام فقط من توليه منصبه، كان ذلك على النقيض من الإدارة السابقة، حيث لم يُبد دونالد ترامب سوى القليل من الاهتمام في فكرة الحد من الأسلحة النووية. 

وهذا يعني أنه لمدة خمس سنوات أخرى سيتم وضع حد أقصى للرؤوس الحربية النووية الاستراتيجية القابلة للنشر عند 1550 على كلا الجانبين، مع مزيد من القيود على "قاذفات" الصواريخ الباليستية الأرضية، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات والقاذفات الثقيلة. 

ورغم أنها لا تزال تترك للطرفين قوة نيران كافية لتدمير الحياة المتحضرة على الأرض، فإن المعاهدة مع ذلك تمثل انخفاضاً بنسبة 75% في الرؤوس الحربية منذ نهاية الحرب الباردة، كما تقول المجلة البريطانية.

كيف كان يتم العمل ببنود هذه الاتفاقية بين أمريكا وروسيا؟

ربما تكون إجراءات التحقق والشفافية التي تدعم معاهدة "ستارت 3" أكثر أهمية من الأرقام، حيث يتطلب ذلك من كلا الجانبين السماح بما لا يقل عن 18 عملية تفتيش في الموقع كل عام، وتبادل مجموعة واسعة من البيانات الفنية، وكذلك أحكام لمنع إدخال أنظمة جديدة يمكن أن تقوض مبادئ المعاهدة. 

وتم إجراء حوالي 328 عملية تفتيش في المواقع النووية بين عام 2011 وأوائل عام 2020، عندما تم تعليقها خلال جائحة كوفيد -19. حتى عندما كانت العلاقات بين الطرفين متوترة، استمر مفتشو الأسلحة بهدوء وجدية في عملهم المتمثل في جعل العالم مكاناً أكثر أماناً إلى حد ما.

وعندما تم تمديد المعاهدة في عام 2021، أعرب الروس عن رضاهم. وأكدت وزارة الخارجية الروسية على أهمية الحفاظ على الاستقرار الاستراتيجي قائلة: "بالنظر إلى المسؤوليات الخاصة التي تتحملها روسيا والولايات المتحدة باعتبارهما أكبر دولتين نوويتين في العالم، فإن قرار التمديد يضمن مستوى ضرورياً من القدرة على التنبؤ والشفافية، مع الحفاظ بشكل صارم على توازن الاهتمامات".

ما الآثار المترتبة على تعليق بوتين مشاركة روسيا في معاهدة ستارت النووية؟

بينما قالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها ستُواصل الالتزام بقيود المعاهدة، فإن تعليق المعاهدة قد يعني أنه سيكون من الصعب على الولايات المتحدة مراقبة الامتثال الروسي.

وعلقت روسيا بالفعل عمليات التفتيش المتبادلة على مواقع الأسلحة النووية، والمشاركة في لجنة استشارية ثنائية. ويقول الخبراء لصحيفة الغارديان البريطانية، إنها ستكون ضربة خطيرة إذا ذهب بوتين إلى أبعد من ذلك، وأوقف التقارير الروتينية وتبادل البيانات حول تحركات الأسلحة النووية والتطورات الأخرى ذات الصلة.

من جهته، قال جون إراث، كبير مديري السياسات في مركز الحد من التسلح وعدم الانتشار، في مقابلة مع صحيفة واشنطن بوست، الثلاثاء 21 فبراير/شباط، إن هذه الخطوة "رمزية بالكامل".

ويعتقد إراث أن بوتين أصدر هذا الإعلان للضغط على بايدن للتواصل مع روسيا بشأن إنهاء الحرب، وأضاف: "حتى تتمكن روسيا من إملاء الشروط التي بموجبها سيحدث ذلك"، حسب تعبيره.

فيما قال أندري باكليتسكي، الباحث البارز في برنامج أسلحة الدمار الشامل والأسلحة الاستراتيجية الأخرى في معهد الأمم المتحدة لبحوث نزع السلاح، لصحيفة الغارديان: "إن تعليق المعاهدة لا يعني الانسحاب الكامل، ولكن في الواقع يمكن أن يصبح قريباً كذلك بمرور الوقت".

ما أبرز المعاهدات النووية التي شاركت فيها أمريكا وروسيا؟

1- معاهدة منع التجارب النووية 1963

سُميت أيضاً بـ"معاهدة الحظر الجزئي للتجارب النووية"، وهي اتفاقية متعددة الأطراف، أُبرمت في العام 1963 بمشاركة 71 دولة، بينها كل من أمريكا والاتحاد السوفييتي. وتنصّ الاتفاقية على منع جميع التجارب النووية، باستثناء التجارب تحت الأرض.

2- معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية 1968

نصّت هذه المعاهدة التي وَقّعت عليها 191 دولة حول العالم، بينها أمريكا والاتحاد السوفييتي، على منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، لتعزيز التعاون حول الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. أما الهدف البعيد للمعاهدة فهو نزع الأسلحة النووية من جميع الدول مستقبلاً.

3- معاهدة "سالت 1″ و"APM" عام 1972

تعتبر معاهدتا "سالت 1″ و"APM" أول معاهدتين نوويتين مباشرتين تُبرمان بين أمريكا والاتحاد السوفييتي فقط. وتم خلالهما الاتفاق على الحد من الأسلحة الاستراتيجية عن طريق تجميد عدد قاذفات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في روسيا وأمريكا لمدة 5 سنوات في المعاهدة الأولى، ومنع إنشاء درع مضادة للصواريخ في الثانية، التي انسحب منها الأمريكان في عام 2001.

4- معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى 1987

وقّعت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي معاهدة الصواريخ المتوسطة وقصيرة المدى. وتنصّ هذه الاتفاقية على منع دائم وإلغاء فئة كاملة من الصواريخ الباليستية النووية الأمريكية والسوفييتية، التي يتراوح مداها بين 500 و5500 كلم.

وبقيت الاتفاقية مستمرة حتى العام 2019، عندما أعلن الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب الانسحاب النهائي منها.

5- معاهدة "ستارت 1" عام 1991

تم توقيع اتفاقية ستارت 1 الثنائية بين الاتحاد السوفييتي وأمريكا، من أجل الحد من الأسلحة النووية الهجومية الاستراتيجية في كل من الدولتين، وقد وُقعت في العاصمة الروسية موسكو. كما نصّت هذه المعاهدة على خفض عدد الرؤوس النووية الأمريكية من 9986 إلى 8556، وعدد الرؤوس النووية السوفييتية من 10237 إلى 6449.

6- معاهدة "ستارت 2" عام 1993

تم توقيع اتفاقية ستارت 2 بين الولايات المتحدة وروسيا من أجل تخفيض أعداد الترسانتين النوويتين الاستراتيجيتين الأمريكية والروسية، بواقع الثلثين، لكنها لم تُطبق أبداً.

7- معاهدة "سورت" عام 2002

تم التوقيع على معاهدة سورت أو كما سميت بمعاهدة تخفيض الأسلحة الهجومية الاستراتيجية في العاصمة الروسية موسكو. وقد اتفقت روسيا وأمريكا خلالها على خفض عدد الرؤوس النووية للصواريخ الطويلة المدى قبل نهاية عام 2012، بمقدار الثلثين، أي بين 1700 إلى 2200 رأس نووي. وبعد تنفيذ الاتفاق تم إبطالها من أجل توقيع معاهدة ستارت 3.

8- معاهدة "ستارت 3" عام 2010

وهي المعاهدة الأخيرة التي أوقفها الرئيس الروسي بوتين يوم الثلاثاء، 21 فبراير/شباط، خلال خطابه حول مرور عام على الحرب على أوكرانيا.

تحميل المزيد