بشكل مفاجئ حطت طائرة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، لأول مرة في العاصمة الأوكرانية كييف، مما أثار حالة من التساؤل عن سبب هذه الزيارة في هذا التوقيت، وهل هناك رابط بينها وبين الدعم الغربي المقدم لأوكرانيا؟
الزيارة التي لم تكن على جدول الرئيس بايدن، أو على الأقل لم يتم الإفصاح عنها، تأتي في وقت يعتقد فيه الرئيس الروسي فلاديمير بويتن أن الغرب بات زاهداً في أوكرانيا، وأن سلسلة الدعم العسكري والمعنوي التي كانت لا تتوقف باتت الآن محل نظر من قبل القادة الأوروبيين.
ماذا يقول بوتين عن هذه الزيارة؟
بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية قابلت الرئاسة الروسية الزيارة المفاجئة لجو بايدن إلى أوكرانيا بصمت رسمي، بينما اقترح المحللون والمراقبون أنَّ زيارة الرئيس الأمريكي التاريخية تُشكِّل منعطفاً غير مرغوب قبيل خطاب، من المقرر أن يلقيه فلاديمير بوتين وأحداث حكومية أخرى لإحياء الذكرى السنوية للغزو الشامل.
وقوّضت زيارة بايدن المفاجئة لأوكرانيا رواية الكرملين، بأنَّ الدعم الغربي لها ينحسر، إضافة إلى تقديم تعهدات بتقديم مساعدات عسكرية أخرى بقيمة 500 مليون دولار، وفرض جولة جديدة من العقوبات قبل نهاية هذا الأسبوع.
إضافة إلى ذلك، فضحت الزيارة إلى كييف في وقت الحرب تردد بوتين في زيارة الجبهة، عقب مرور عام تحديداً على شن الغزو، إذ تعرّض الرئيس الروسي للسخرية لاختبائه في "خندق"، بحسب الصحيفة البريطانية.
ومن المقرر أن يلقي بوتين خطاب حالة الأمن أمام الجمعية الاتحادية (الهيئة التشريعية الروسية) في 21 فبراير/شباط. وفي خطوة استباقية، يخطط الكرملين لإقامة حفلٍ في استاد لوجنيكي في اليوم نفسه، ثم عقد جلسات استثنائية لمجلس الاتحاد (المجلس الأعلى في الجمعية الاتحادية) والدوما (مجلس النواب الروسي)، يوم الأربعاء، 22 فبراير/شباط.
وفي هذا الصدد، قالت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة R Politik للتحليل السياسي: "أتوقع أن يكون بوتين غداً متشدداً للغاية مع الغرب في خطابه السنوي. لا أريد إطلاق العنان لتخيلاتي، لكن قد يُعلِّق بعض المعاهدات أو ينسحب منها، ويمكنه تقديم الوضع على أنه حرب بين الغرب وروسيا".
أوكرانيا تستعد للهجوم المضاد
في حين أنَّ انعقاد الجلسات التشريعية قد يكون لغرض الاستعراض فقط، لكنه ضروري أيضاً إذا كان الكرملين يخطط لاتخاذ أي قرارات كبرى جديدة تتعلق بالسياسة الخارجية. قبل عام، عُقِدَت على عجل جلسات المجلس التشريعي التي سمحت لبوتين باستخدام القوة في الخارج، قبل أيام من شنّه هجومه الفجر على كييف.
والآن، صار طريق الكرملين إلى الأمام أكثر تعقيداً، بعد هجوم الشتاء المخيب، والتوقعات بأنَّ أوكرانيا تستعد لهجوم مضاد في الربيع.
وأشارت ستانوفايا إلى أنَّ التوقعات القاتمة للحرب هي أحد أسباب استبعاد زيارة بوتين للجبهة هذا الأسبوع.
وأضافت: "لا أعتقد أنه سيذهب، فهو يحتاج إلى وضع إيجابي ومتفائل أكثر بكثير مما هو عليه الآن. وهناك مسألة أمنية أيضاً".
ولم يقدم الكرملين أي تعليق عام على زيارة بايدن يوم الإثنين، 20 فبراير/شباط، على الرغم من أنَّ كلاً من البيت الأبيض والرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف قالا إنَّ فريق بايدن حذّر الكرملين من أنه يخطط لزيارة كييف؛ بغرض "عدم التضارب". ومن المقرر أيضاً أن يتحدث بايدن في وارسو، يوم الثلاثاء، 21 فبراير/شباط، بعد خطاب بوتين مباشرة.
ومن المتوقع أن ينظر الكرملين إلى رحلة بايدن على أنها أحدث تأكيد على أنَّ موسكو تقاتل، ليس فقط ضد أوكرانيا، بل ضد ما تسميه الغرب الجماعي.
وقالت ستانوفايا: "سيكون بالنسبة لهم دليلاً آخر على أنَّ واشنطن اختارت معسكرها بما لا يدعُ مجالاً للبس. وهذا دليل على الاضطراب التام مع روسيا، وتأكيد أنَّ الغرب الآن يراهن على الهزيمة الاستراتيجية لبوتين".
من جانبه، قدّم التلفزيون الرسمي الروسي تقارير حذرة عن زيارة بايدن.
قال مذيع في البرنامج الحواري السياسي الروسي 60Minutes على التلفزيون الحكومي: "زيلينسكي سعيد للغاية، لقد نشر للتو صوره الأولى على الشبكات الاجتماعية مع بايدن من كييف. جو بايدن الحقيقي بنفسه في أوكرانيا. وعلى شاشاتكم الآن".
دعاية انتخابية لبايدن
وسرعان ما اقترح مُعلِّق سياسي أنَّ الزيارة كانت "بداية جيدة لحملة إعادة انتخاب بايدن". وفي غضون ذلك، بث التلفزيون الروسي عدّاً تنازلياً لخطاب بوتين، بينما كتبت قناة شهيرة مؤيدة للكرملين على تطبيق Telegram أنه لن يكون هناك "طريق للعودة" بعد حديث الرئيس الروسي يوم الثلاثاء، 21 فبراير/شباط.
لكن مُعلّقين روس آخرين مؤيدين للحرب على Telegram استخدموا زيارة بايدن فرصةً لشن هجوم دقيق على بوتين لفشله في زيارة منطقة الحرب.
وكتب زاستافني، وهو مدون روسي مؤيد للحرب لديه أكثر من 110 آلاف متابع: "أمامكم جدان. أحدهما كبير في السن، ولديه كل العلامات على مرض الزهايمر والخرف والتبول الليلي، والعالم بأسره يسخر منه. بينما يبدو الجد الآخر جيداً جداً، ويتحرك بهمّة ويتحدث جيداً، ويفكر بوضوح، وله سمعة مقبولة على نطاق واسع بأنه قائد قوي وشجاع".
وأردف المدون الروسي: "لكن واحداً فقط من [القائدين] جاء بالفعل إلى كييف، والآخر [بوتين] لم يذهب إلى دونيتسك بعد".
