في عام 2010، لعب الممثل الهندي الشهير شاروخان دور البطولة في فيلم بعنوان My Name Is Khan والذي كان بمثابة نقد للإسلاموفوبيا في الولايات المتحدة في حقبة ما بعد 11 سبتمبر/أيلول. في الفيلم، يذهب خان في رحلة إلى الولايات المتحدة للقاء الرئيس الأمريكي ويخبره أن الاسم الإسلامي لعائلةٍ ما، لا يجعل أفرادها إرهابيين. لكن في الحياة الواقعية، أصبح اسم شاروخان المسلم هدفاً لمهاجمته في الهند اليوم.
ما قصة حرب رئيس الوزراء الهندي على الممثلين المسلمين في بوليوود؟
تقول مجلة Foreign Policy الأمريكية، إنه بعد عام من تولي ناريندرا مودي رئاسة وزراء الهند في عام 2014، قال شاروخان إنه كان هناك مناخ من التعصب في البلاد "سيأخذنا إلى العصور المظلمة". بعد يومين، قال زعيم بارز في حزب بهاراتيا جاناتا، الحاكم المتعصب وأحد معاوني مودي، يوغي أديتياناث، إن خان كان يتحدث بلغة الإرهابيين وساوى بينه وبين العقل المدبر لهجمات مومباي الإرهابية عام 2008.
وهدد أديتياناث شاروخان، قائلاً إنه سيتوقف عن العمل إذا قاطعت "كتلة ضخمة" من الهنود أفلامه، في إشارة ضمنية إلى الهندوس. منذ ذلك الحين، قامت جماعات سياسية هامشية مرتبطة بحزب بهاراتيا جاناتا -وحتى بعض قادة الحزب- بمهاجمة شاروخان بشكل متكرر.
ما سبب تصاعد هجوم حزب مودي على شاروخان وممثلين آخرين؟
بدأ الهجوم الأخير على شاروخان وممثلين آخرين، عندما عُرِضَ المقطع الدعائي لأحدث أفلام خان، Pathaan، الشهر الماضي. أعرب القوميون الهندوس من حزب بهاراتيا جاناتا والمرتبطون بالحزب عن اعتراضات رئيسية على الفيلم لم يكن لها علاقة بالإسلام.
ورأى هؤلاء أنه لا ينبغي للممثلة ديبيكا بادوكون أن ترتدي ملابس سباحة باللون الزعفراني في أغنية في الفيلم، لأن الزعفران لون مقدس في الهندوسية؛ لذلك لم توافق الشرطة الثقافية لليمين الهندوسي المتطرف على هذا اللباس. والأمر الآخر، أنهم قاموا بتشويه سمعة خان بسبب لياقته البدنية، وتساءلوا عما إذا كان ذلك البطن المشدود المكون من ست عضلات للرجل البالغ من العمر 57 عاماً، يمكن أن يكون حقيقياً.
كانت التهم سخيفة، كما تقول "فورين بوليسي"؛ حيث سبق أن ارتدت ممثلات بوليوود اللون الزعفراني في الأغاني من قبل، لكنها لم تكن مثيرة للجدل قط. علاوة على ذلك، ارتدت بادوكون تنورة خضراء وعدة ألوان أخرى في الأغنية.
"كل هذا لأن شاروخان مسلم"
لم يكن الهجوم منطقياً، لكنه مع ذلك كان شرساً، بحسب المجلة الأمريكية. وأحد المتظاهرين على الهواء، والذي كشف لاحقاً أنه ممثل، تجرأ وتحدى خان أن ترتدي ابنته "البيكيني الأخضر" بدلاً من "الزعفران"، على اعتبار أن اللون الأخضر له رمزية في الإسلام، وزوجة خان هي أيضاً هندوسية.
قال هارتوش سينغ بال، المحرر السياسي لصحيفة Caravan الهندية من دلهي في مقابلة هاتفية مع مجلة Foreign Policy الأمريكية: "لو كانت ديبيكا ترتدي ملابس سباحة زعفرانية أمام ممثل هندوسي، لما كان هناك جدل. كل هذا لأن خان مسلم. ولقد تفاخر العديد من الممثلين الهنود الرجال بعضلات بطونهم من قبل، ونادراً ما لاقوا مثل هذه السخرية".
يعتقد الكثير من الناس أن الحملة الخبيثة لتشويه سمعة خان تنبثق من جهود القوميين الهندوس الأوسع لإذلال الأقليات لقبول وضعهم الثانوي في البلد. كانت هناك دعوات متكررة من قبل حزب بهاراتيا جاناتا لتحويل الهند إلى دولة ثيوقراطية -بلد يغلب عليه الهندوس ومن أجلهم. وكجزءٍ من هذا، يأملون في السيطرة على بوليوود نفسها، أكبر قوة ثقافية وأكثر وسيط له فاعلية في البلاد.
دعوات هندوسية لمقاطعة بوليوود
بعد انتشار دعوات لمقاطعة فيلم Pathaan على منصة تويتر، سرعان ما تبعتها دعوات أخرى لمقاطعة بوليوود. كان هناك العديد من التغريدات المصممة جيداً، كما لو كانت منسقة مع بعضها، تدعو المديرين إلى تغيير نصوصهم والالتزام – أو المخاطرة بمقاطعة كاملة.
لكن هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها بوليوود للهجوم. اكتشف الخبراء الذين درسوا اتجاهات تلك التغريدات، بين 1 أغسطس/آب و 12 سبتمبر/أيلول الآلاف من الحسابات الوهمية التي أُنشِئت خلال هذين الشهرين والتي تغرد فقط باستخدام هاشتاغ #BoycottBollywood.
قال جويوجيت بال، الأستاذ المساعد في جامعة ميشيغان الذي أجرى الدراسة، إن أكثر من 300 حساب قام بتغريد أكثر من ألف تغريدة على بوليوود على مدار الشهر ونصف الشهر تقريباً؛ "مما يشير إلى سلوك منظم". وعلاوة على ذلك، اكتُشِفَ أن السياسيين الصغار من حزب بهاراتيا جاناتا والشركات التابعة له يدفعون بهذا المحتوى.
كان الغضب على وسائل التواصل الاجتماعي مصطنعاً إلى حد كبير، لكن من الصعب تحديد عدد الهنود الذين وافقوا حقاً على هذه المشاعر. كشف تحقيق أجراه الموقع الإخباري The Wire أن العديد من القصص الإخبارية التي تشوه سمعة خان ودعت إلى مقاطعة فيلمه تعكس آراء أنصار سياسيين وليس محتجين حقيقيين. في غضون ذلك، تمتع الفيلم بمبيعات هائلة من التذاكر، ورفضاً مدوياً للدعوات لمقاطعة أفلام خان وبوليوود بشكل عام.
مودي يخسر حربه مع بوليوود
رغم ذلك، احتشد المعجبون في دور السينما في مدن عبر الهند لرؤية خان يعود إلى الشاشة بعد توقف دام أربع سنوات. الجدل الذي أثير حوله -بما في ذلك الأكاذيب الصريحة حول أنه تبرع بملايين الدولارات لباكستان.
وبينما كان خان يتنقل بين المباني، ويغوص بين الطائرات، ويمشي على واجهة ناطحة سحاب، كل ذلك لإنقاذ الهند من هجوم إرهابي، بدا الهنود من مختلف الأديان فخورين بأن بوليوود يمكن أن تنتج نسختها الخاصة من مثل أفلام Mission Impossible وكانوا متحمسين للإشادة بخان.
حتى الهنود في الخارج، الذين يمكن القول إنهم من أكبر المؤمنين بالقومية الهندوسية، سارعوا إلى عرض الفيلم في الإمارات والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا. يقال إن الفيلم حطم أرقاماً قياسية لشباك التذاكر في الهند، وفي أول 16 يوماً منذ إطلاقه، حقق ما يقرب من 10 ملايين دولار.
قالت ميرا ريزفي، كاتبة سيناريو محترفة كان أسلافها من البشتون مثل خان، إنها لا تهتم كثيراً بمشاهدة الفيلم لكنها حضرت عرضاً كمقاومة للتنمر من قبل القوميين الهندوس. قالت ريزفي: "عملت الحكومة اليمينية على تمكين المتنمرين، الذين يعتقدون أنهم يستطيعون فعل ما يريدون". وأضافت: "ذهبت لمشاهدة الفيلم لأقف في وجه التنمر الذي تعرض له خان". قال كثيرون آخرون إنهم يعتقدون أن الأمر كله كان جدلاً عديم الفائدة. قالت أنجو داوان، مصممة داخلية، إنها لا تفهم سبب وجود الجدل على الإطلاق: "شاروخان ممثل. ولا علاقة للهندوس والمسلمين بهذا الأمر".
لكن الحشود لم تشر إلى رفض الاستقطاب السياسي. اثنان على الأقل من المهنيين المتعلمين تعليماً عالياً تحدثت إليهما مجلة Foreign Policy يؤمنان بالدعاية القومية الهندوسية، ويطلقان مزاعم لا أساس لها ضد خان. قال محللون سياسيون للمجلة الأمريكية إن "نجاح الفيلم لا يشير إلى تغيير في المزاج في دولة لا تزال تحت سيطرة مودي والأجندة السياسية الأوسع لحزب بهاراتيا جاناتا". وقال بال، المحرر السياسي لصحيفة Caravan: "لقد أظهر أن القوميين الهندوس لا يزالون غير قادرين على محو جاذبية أحد المشاهير المسلمين، تماماً مثل الهنود الذين يهتفون للاعب كريكيت مسلم".