على غرار صفقة الدبابات، يبدو أن الولايات المتحدة تخطط لتقديم مقاتلات إف 16 لأوكرانيا، بطريقة مباغتة للروس، فلماذا يرجح أن يقع الاختيار على هذه الطائرة، ولماذا تمثل الـ"إف 16″ ميزة لأوكرانيا رغم صغرها، وماذا ستفعل مع مقاتلات سوخوي الروسية الشهيرة، وكيف سترد موسكو؟
ومنذ بداية الغزو الروسي لبلادهم، طلب القادة الأوكرانيون من الدول الغربية تزويدهم بالطائرات الحربية الحديثة، ولكن قيل إن الولايات المتحدة متحفظة على هذه الخطوة، لأسباب تتعلق بقلقها من تصعيد الحرب وتوريط الناتو بها، والشكوك في أن حصول أوكرانيا على طائرات غربية سيكون صعباً من الناحية الفنية والتدريب، وقليل الجدوى في مواجهة التفوق الجوي الروسي الكبير.
ولكن مؤخراً، رغم عدم وجود أي إعلان أمريكي رسمي بشأن تقديم مقاتلات إف 16 لأوكرانيا، ظهرت مؤشرات بأن هناك تمهيداً لمثل هذا القرار، بطريقة مشابهة لعملية التمهيد لقرار تزويد أوكرانيا بالدبابات.
كما قال المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، أمس الثلاثاء، إن الطيارين الأوكرانيين زاروا الولايات المتحدة، وتم بالفعل اختيار نوع الطائرات المحدد الذي سيتم توفيره لأوكرانيا، حسبما ورد في تقرير لموقع the Drive العسكري الأمريكي.
على خطى دبابات بريطانيا.. هولندا تعرض تقديم مقاتلات إف 16 لأوكرانيا
كما تحدثت هولندا عن احتمال تزويد أوكرانيا بطائرات إف -16.
يشبه ذلك سيناريو الدبابات، بدأ الغرب منذ فترة، في حديث غير رسمي عن تزويد أوكرانيا بالدبابات، ثم الإعلان الرسمي عن تقديم آليات برادلي المدرعة القتالية التي توصف بالدبابة الصغيرة.
تلى ذلك تعهد بريطانيا بتقديم 14 دبابة من طراز تشالنجر 2 لأوكرانيا في وقت سابق من هذا الشهر، فيما بدا أنه خطوة تهدف لكسر هذا الحاجز النفسي، وتشجيع بقية الدول الغربية لتسير على خطاها، خاصة أن لندن تتخذ عادة المواقف الأكثر حدة بين الدول الأوروبية تجاه موسكو، ولا تبدو قلقة من رد الفعل الروسي مثل ألمانيا، فهي جزيرة معزولة على أطراف القارة الأوروبية، بعيدة عن العملاق الروسي، محمية من أي انتقام بأسطولها الذي ما زال من أقوى الأساطيل في العالم وترسانتها النووية وتحالفها الاستثنائي مع الولايات المتحدة.
أعقب ذلك الجدل حول مطالبة ألمانيا بتزويد كييف بدبابات ليوبارد، ومطالبة الأخيرة لواشنطن بتقديم أبرامز بالتوازي، لينتهي الأمر بأنه سيكون هناك ثلاثة أنواع من الدبابات في حوزة الجيش الأوكرانية، وقد تنضم لوكلير الفرنسية للطابور.
ويبدو أن هولندا التي لها وضع جغرافي مشابه لبريطانيا بوقوعها في أقصى غرب أوروبا، تقوم بدور مشابه مع الطائرات لما تقوم به لندن مع الدبابات.
فلقد أعلن وزير الخارجية الهولندي ويبكا هوكسترا أن حكومته مستعدة للنظر في تقديم مقاتلات F-16 إلى أوكرانيا "بعقل متفتح"، وذلك قبل يوم واحد من اجتماع مجموعة الاتصال الدفاعية الأوكرانية بقيادة الولايات المتحدة في رامشتاين بألمانيا.
وقال هوكسترا إنه لا توجد "محرمات" للسلطات الهولندية فيما يتعلق بتسليم المعدات إلى أوكرانيا، حسبما أفادت وسائل الإعلام المحلية آر تي إل نيوس.
لا شك أن تسليم هولندا طائرات F-16 لأوكرانيا سيخضع لموافقة الولايات المتحدة، بلد التصنيع.
وتعمل القوات الجوية الهولندية حالياً على التخلص التدريجي من أسطولها من مقاتلات F-16A، واستبدالها تدريجياً بـ52 مقاتلة شبح من طراز F-35A. وتم بالفعل بيع 12 طائرة هولندية من طراز F-16 إلى شركة Draken International، وهي شركة خاصة مقرها الولايات المتحدة، تقدم تدريباً واقعياً للطيارين المقاتلين، الأمر الذي يثير تساؤلات حول علاقة هذه الصفقة بأوكرانيا.
الطيارون الأوكرانيون يتدربون فعلاً في الولايات المتحدة
مما يعزز الشكوك في نية الغرب تقديم طائرات إف 16، لأوكرانيا، أن المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية، يوري إغنات، قال إن "طيارينا العسكريين ذهبوا إلى الولايات المتحدة، وخصصت الأموال لتدريب طيارينا". وفقاً لوكالة أنباء Army Inform التابعة لوزارة الدفاع الأوكرانية. "لقد تم بالفعل تحديد نوع الطائرة، التي من المرجح أن يتم توفيرها لأوكرانيا، والشروط المقابلة لتدريب الأفراد".
ولم يذكر يوري إغنات الطائرات التي تم اختيارها أو يقدم أي جدول زمني للتسليم أو التدريب.
لكن خبيراً دفاعياً وعسكرياً أوكرانياً في كييف قال لصحيفة The War Zone الأمريكية، يوم الثلاثاء إنه "استناداً إلى مفهوم تطوير القوات الجوية الأوكرانية، نحن نبحث عن طائرة متعددة المهام خلال المرحلة الأولى. يمكن أن يكون أحد متغيرات المقاتلة الأمريكية الشهيرة من طراز F-16".
كم عدد الطائرات التي سيتم تقديمها لكييف؟
يتوافق هذا مع ما قاله المتحدث باسم القوات الجوية الأوكرانية سابقاً لمجلة Air Force Magazine. بأن سربين من 12 طائرة من طراز F-16، بالإضافة إلى الاحتياطيات، ستكون كافية للمساعدة في قلب الطاولة ضد القوات الجوية الروسية.
وقال إغنات للمجلة إن أوكرانيا لديها ما لا يقل عن 30 طياراً يتمتعون بمهارات كافية في اللغة الإنجليزية وعلى استعداد للسفر إلى الولايات المتحدة لتدريب الطيارين المقاتلين جنباً إلى جنب مع المهندسين وفرق الصيانة.
لتعلّم المرحلة الأولى من الإقلاع والهبوط والطيران، سيستغرق الأمر بضعة أسابيع، ولكن لتعلّم كيفية القتال عليها، وكيفية استخدام الصواريخ، سيستغرق حوالي 6 أشهر.
من الصعب تصور أن مثل هذا العدد الذي يقترحه المتحدث الأوكراني كافٍ لقلب الطاولة على الطيران الروسي، كما يقول، رغم أن القوات الجوية الأوكرانية حققت واحدة من كبرى مفاجآت الحرب بمشاركتها مع الدفاع الجوي في منع الروس من تحقيق الهيمنة الجوية رغم التفوق الجوي الساحق لموسكو على كييف.
يذكر دليل القوات الجوية العالمية لشركة Flight Global 2022 أن روسيا قبل الحرب كانت تمتلك 1511 طائرة مقاتلة، في حين أن أوكرانيا كان لديها أقل من 100 طائرة.
ولكن عند المقارنة بين النوعية يظهر الفارق بشكل أكبر.
فلدى أوكرانيا عدد قليل ومتقادم من الطائرات، ورثتها عن الاتحاد السوفييتي، بشكل يجعل سلاحها الجوي أضعف من معظم الدول الغربية.
وأبرز الطائرات لدى أوكرانيا قبل بداية الحرب هي، 37 طائرة ميغ 29، معظمها من نسخ قديمة غير محدثة بمستوى يناهز النسخ الروسية، ولديها 17 مقاتلة متخصصة في القصف الجوي من طراز سوخوي 25، و12 قاذفة من طراز سوخوي 24، وأقوى ما في جعبتها 32 من الطائرة الشهيرة سوخوي 27 التي تعود للثمانينيات ويُعتقد أنها تعادل في قدراتها الـ"إف 15″ الأمريكية.
الفارق الهائل يُظهر أن روسيا لديها (229 طائرة) من السوخوي 27، ولكنها تمثل الجيل الأقدم من عائلة طائرات فلانكر الروسية الشهيرة، إذ أيضاً لديها نسخ أحدث من هذه العائلة، منها 111 من طائرات سوخوي 30 الروسية الشهيرة التي تقارَن بالـ"إف 15 سترايك إيجل" الأمريكية، و92 من النسخة الأحدث من هذه العائلة سوخوي 35، إضافة إلى 124 من المقاتلة القاذفة سوخوي 34 المطورة عن الأصل نفسه.
وتمتلك روسيا 280 طائرة من المقاتلة الخفيفة المتوسطة ميغ 29، المنافسة لـ"إف 16″ الأمريكية، و274 قاذفة من طراز سوخوي 24، و193 طائرة هجوم أرضي من طراز سوخوي 25، و113 من الاعتراضية الشهيرة فائقة السرعة ميغ 31، التي تُعد من أساطير الحرب الباردة.
فحتى لو كانت روسيا لا تستخدم بطبيعة الحال كل أسطولها في أوكرانيا، إضافة للقيود الناجمة عن البُعد النسبي في المسافة بين مطاراتها وساحات المعارك وتحدي الدفاع الجوي الأوكراني، فإن كييف سوف تظل تحتاج لأعداد كبيرة من الطائرات الأمريكية لكي تستطيع أن توازن القوة الجوية الروسية.
وقد يكون الحديث عن سربين مجرد تمهيد لتدفق كبير للطائرات لكييف.
لماذا تمثل الـ"إف 16″ ميزة لأوكرانيا رغم صغرها؟ وماذا ستفعل مع المقاتلات الروسية؟
تُعد إف 16 أكثر طائرات الجيل الرابع إنتاجاً وتصديراً، وواحدة من أكثر المقاتلات النفاثة إنتاجاً في التاريخ.
وجاء إنتاجها بهدف توفير طائرة خفيفة، ورخيصة، أحادية المحرك للقوات الجوية الأمريكية بعد فشل رهانها السابق على تشغيل نوع واحد من الطائرات الكبيرة والباهظة مثل فانتوم، التي لم تحقق نجاحاً كبيراً خلال حرب فيتنام.
كما استندت فكرة إف 16 على نجاحات طائرات منافسي أمريكا وأعدائها مثل طائرات ميراج 3 و5 الفرنسيتين، وميغ 21 الأسطورية السوفييتية.
وهكذا صنع الأمريكيون إف 16 كطائرة صغيرة ومرنة قليلة التكاليف يمكن إنتاجها بأعداد كبيرة، دون تكلفة تشغيل ضخمة، تاركين المهام الأكثر صعوبة والتي تحتاج مدى أبعد للمقاتلة الأكبر مزدوجة المحرك إف 15، التي تعادل تكلفتها ما يقارب ضعف إف 16 (عادة كانت تعمل بمحركين، كل واحد منهما يعادل قوة محرك إف 16).
كما كانت إف 16 أول طائرة متعددة المهام بالشكل الحديث، حيث صُممت لمهام القصف والقتال الجوي معاً.
وتطورت تدريجياً من طائرة صغيرة إلى طائرة متوسطة، مع زيادة قوة المحرك والحمولة والرادار، والمدى.
وواحدة من أفضل نسخ طائرات إف 16 صُنعت خصيصاً للإمارات بعد أن دفعت مبلغاً إضافياً مقابل تطويرها بشرط تزويدها بتقنيات غير موجودة لدى طائرات إف 16 التي بحوزة الجيش الأمريكي، (منها أول رادار أيسا في هذه الطائرة)، وهذه النسخة أساس المتغيرات الحديثة من إف 16 التي تروجها واشنطن كطائرة جيل رابع ونصف.
وتُعد إسرائيل ثاني أكبر مالك لـ إف 16 بعد أمريكا، حيث لديها أكثر من 300 طائرة، واستخدمت الـ إف 16 في الثمانينيات في عملية تدمير المفاعل النووي العراقي خلال انشغال بغداد بحربها مع إيران.
والدولة الثالثة في أعداد الـ إف 16 هي تركيا التي تمتلك نحو 240 طائرة منها بعد المجمع محلياً، ثم مصر الرابعة بعدد نحو 220 طائرة (بعضها مجمع في تركيا).
ولدى الولايات المتحدة أعداد هائلة من الـ إف 16، قبل سنوات قدر أن أعدادها 1245 طائرة منها 701 مع القوات الجوية النشطة، و490 مع الحرس الوطني الجوي و54 مع الاحتياط.
يشمل هذا الأسطول نحو 197 من متغير الـ إف 16 F-16A Block 15 القديم (ثاني متغير من الطائرة)، و350 طائرة F-16C/D Block 30 القديم نسبياً أيضاً.
إضافة إلى 222 طائرة من متغير F-16C / D Block 40 ، و174 طائرة من متغير F-16C / D Block 42 المتوسطين، و198 طائرة من متغير F-16C / D Block 50، و52 مقاتلة من متغير F-16C / D Block 52 الحديثين نسبياً.
يعني ذلك أن واشنطن لديها أعداد كبيرة من الـ إف 16 بما في ذلك نسخ قديمة توشك على التقاعد، وتقديمها لأوكرانيا لن يؤثر كثيراً على القدرات الأمريكية الجوية، ولكن سيكون فارقاً لكييف، خاصة في مواجهة النسخ القديمة من الطائرات الروسية (وهي نسبتها عالية).
والطائرة الـ إف 16 بلوك 50/52، طولها يبلغ نحو 15.06، وسرعتها القصوى 2.05 ماخ (النسخ الأقدم أسرع لزيادة وزن النسخ الأحدث)، ولديها حمولة أسلحة كبيرة نسبياً بالنسبة لحجمها تقدر بأكثر من 7.1 طن.
كما لديها معدل دفع لوزن جيد للغاية يبلغ 1.095 (1.24 مع وزن محمل و50٪ وقود داخلي)، ومدى يصل إلى 4217 كلم مع خزانات وقود خارجية، يتم إسقاطها خلال المهمات الطويلة، وهو مدى جيد للغاية بالنسبة لمقاتلة بحجمها.
وينظر لـ إف 16 أنها أقل في قدرات المناورة القريبة من منافساتها الروسية، سواء ميغ 29 أو نسخ الطائرة الشهيرة سوخوي 27 و30 و35، حيث أفاد طيارون غربيون قادوا طائرات ميغ 29 النظير السوفييتي لـ إف 16 (أغلبها طائرات لدول من حلف وارسوا انضمت للناتو بعد انهيار الاتحاد السوفييتي) أن الميغ أكثر رشاقة في القتال القريب.
ولكن في المقابل، يعتقد أن الـ إف 16 مثلها مثل باقي الطائرات الأمريكية والغربية تتفوق في الرادار وكذلك الصواريخ، مما يعطيها ميزة في القتال البعيد الأكثر شيوعاً.
كما أن لديها ميزة في الاعتمادية، خاصة أن نسبة كبيرة من نسخ ميغ 29 لدى روسيا قديمة وغير محدثة (أعطت موسكو الأولية لتحديث وإنتاج مزيد من السوخوي).
بينما تتسم الـ إف 16 بميزة مهمة مقارنة بالطائرات الغربية الأخرى، هي سهولة الصيانة ورخص تكلفة التشغيل، مع ميزة نسبة الدفع للوزن العالية التي تعطي الطائرة مرونة كبيرة.
ستمثل الـ إف 16 ميزة كبيرة لأوكرانيا، ليس فقط لإمكاناتها، ولكن لانخفاض متطلباتها، وبساطتها النسبية مقارنة بأغلب الطائرات الغربية الأخرى.
قد تواجه الـ إف 16 بعض الصعوبة المحتملة في مواجهة الطائرة الروسية الأكبر سوخوي 27 (ومتغيراتها الأحدث)، الأكثر استخداماً في أوكرانيا من جانب الروس، بالنظر إلى محركاتها القوية ورادارها القوي، ومداها البعيد، وقد يؤدي ذلك لخطوة أمريكية لاحقة أكثر جرأة لنقل طائرات إف 15، النظير الأمريكي للسوخوي.
وقالت دول أوروبية أخرى إنها مستعدة لنقل طائرات تعود إلى الحقبة السوفييتية تشغلها بالفعل القوات الجوية الأوكرانية. وافقت سلوفاكيا على تسليم 11 طائرة مقاتلة من طراز MiG-29 بشرط أن تحمي بولندا والتشيك مجالها الجوي حتى تستقبل طائرة Lockheed Martin F-16s في وقت ما في عام 2023.
ما موقف أمريكا؟
حتى الآن تقتصر المساعدة الأمريكية المعلنة في المجال الجوي على تزويدها بالأسلحة والصواريخ التي تطلق من الطائرات السوفييتية القديمة التي بحوزة كييف، وكذلك قطع الغيار للطائرات الموجودة بالفعل في ترسانة أوكرانيا.
عندما سُئل المتحدث باسم البنتاغون عن تقديم مقاتلات إف 16 لأوكرانيا، قال لصحيفة The War Zone الأمريكية إنه ليس لديه "أي شيء يعلنه بشأن هذا الأمر"، ولكنه لم ينفِ تدريب طياريين أوكرانيين، ولم يؤكده.
حيث قال المتحدث باسم البنتاغون العميد بالقوات الجوية، بات رايدر: "لست على علم بأي طيارين أوكرانيين يتدربون حالياً في الولايات المتحدة، على حد علمي، على الرغم مما تقوله تقارير الصحافة الأجنبية".
وأضاف خلال مؤتمر صحفي مؤخراً: "مرة أخرى، ليس لدي أي شيء أعلنه عندما يتعلق الأمر بالطائرات. كما قلنا طوال الوقت، سنواصل إجراء مناقشة قوية مع الأوكرانيين حول احتياجاتهم الدفاعية التي تشمل المدى القريب والمتوسط والطويل".
وفي الوقت نفسه، فإن مصدر أي تمويل لتدريب الطيارين الأوكرانيين في الولايات المتحدة غير واضح، حسب تقرير لموقع the Drive العسكري الأمريكي.
على الرغم من أن إدارة بايدن كانت مترددة في البداية، فقد خصص مجلس النواب الأمريكي 100 مليون دولار لتدريب الطيارين الأوكرانيين على قيادة الطائرات المقاتلة الأمريكية في يوليو/تموز 2022، حين أصدر قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2023، الذي تضمن دعوة إلى تمويل لبدء تدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرات المقاتلة الأمريكية.
ولكن لم تظهر صياغة محددة حول ذلك بمجرد توقيع الرئيس جو بايدن على القانون في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويبدو أن الأمريكيين إما قرروا تزويد أوكرانيا بطائرات قد تكون إف 16 على الأرجح، ولكن يريدون التمهيد للرأي العام لديها، وتنفيذ الأمر بطريقة غير مستفزة لروسيا، مع إتاحة الوقت لتدريب الطيارين الأوكرانيين قبل الإعلان عن القرار بشكل رسمي، حتي لا تبادر موسكو بالرد.
أو أنهم يفكرون في الأمر ويجسون نبض الروس وحلفائهم على السواء، مع كسب الوقت لتوفير التدريب للطيارين الأوكرانيين.
كيف سيردّ الروس؟
وحتى الآن، لم يكن رد فعل الروس حاداً على إمدادات الأسلحة الغربية لكييف، رغم شكوى موسكو المستمرة، وتقديمها هذا الدعم لشعبها كدليل على أنها تحارب الناتو، وليس أوكرانيا.
ولكن ميدانياً، كان لافتاً بشدة أن القوات الجوية أو الجيش الروسي، لم يستهدفا إمدادات الأسلحة الغربية التي تصل عند الحدود الأوكرانية، ولم يضربا نقاطاً حدودية قرب دول الناتو بشكل مكثف أو في أماكن قريبة للحدود، وهي إشكالية تقليدية في معظم الحروب، وغالباً ما كانت سبباً في توسيع الصراعات.
فإحدى النقاط الواضحة في حرب أوكرانيا أن روسيا والولايات المتحدة حريصتان على تجنب المواجهة المباشرة بشكل كبير، وحتى الآن يبدو الأمريكيون مستفيدين من هذا الوضع.
فهم يدخلون الإمدادات والمعلومات لأوكرانيا بشكل فعال، أدى لتعثر الهجوم الروسي بعد نحو عام من بدئه، دون أن يتورطوا في الحرب وهم يخسرون فقط بضع عشرات من المليارات من ميزانيتهم الدفاعية التي تُقدر بأكثر من 800 مليار دولار، بينما يكسبون استنزاف عدوهم التقليدي، فيما يكتفي القادة الأمريكيون بنصح وإرشاد الأوكرانيين، من غرفهم المكيفة، حيث يختبر الأمريكيون أسلحتهم أمام الروس (أغلبها قديمة) ونظرياتهم العسكرية بطريقة عملية وأقل إرهاقاً لهم حتى من التدريبات العسكرية الروتينية.
ولا يُعرف سبب عدم إشعال الروس أزمة على الأرض بسبب المدد العسكري الغربي لكييف، وهل الأمر راجع لانشغالهم بالقتال الضاري بشرق أوكرانيا، أم خوفاً من توسع القتال لحرب مع الناتو.
ولكن لا يُعرف هل يؤدي تقديم مقاتلات إف 16 لأوكرانيا من قبل أمريكا، لتغيير هذه المعادلة، بما يهدد بتوسيع الحرب أم لا.