بعد عائلة ترامب، “آل بايدن” أيضاً تحت المجهر.. هل أصبح البيت الأبيض “وكراً” لاستغلال النفوذ؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/01/22 الساعة 07:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/23 الساعة 04:45 بتوقيت غرينتش
مكتب الرئيس الأمريكي في البيت الأبيض/ رويترز

تعهّد جو بايدن بأن يعيد "الشفافية والنزاهة" إلى البيت الأبيض، في اتهام مبطن لسلفه دونالد ترامب بعكس ذلك، لكن سرعان ما أصبحت ممارسات آل بايدن التجارية تحت المجهر أيضاً، فما قصة "استغلال النفوذ الرئاسي في أمريكا"؟

فبعد أن نقل دونالد ترامب مستندات سرية من البيت الأبيض إلى منزله، تم اكتشاف مستندات تحمل نفس الصفة في أحد مكاتب جو بايدن وفي جراج وفي منزله أيضاً، ليفقد مصطلح سري للغاية معناه على ما يبدو.

وبعد أن واجه ترامب وعائلته اتهامات وتحقيقات، ثم إدانة بشأن تعاملاتهم المالية والضريبية، يواجه أفراد من عائلة بايدن أيضاً اتهامات ومزاعم باستغلال النفوذ وتحقيق مكاسب شخصية بعد عودته إلى البيت الأبيض رئيساً قبل عامين.

اتهامات تلاحق "آل بايدن" بعد "آل ترامب"

شبكة CNN الأمريكية نشرت تقريراً عنوانه "عائلة بايدن تحت المجهر"، ألقى الضوء على تفاصيل الحالة الخطيرة من تبادل الاتهامات، التي باتت تترسخ في أروقة السياسة في واشنطن.

فمع تواصل العثور على وثائق سرية في منزل الرئيس جو بايدن، يأتي الرد في صورة تساؤلات: وماذا عن الوثائق السرية التي عُثِر عليها في منتجع مارالاغو المملوك للرئيس السابق دونالد ترامب؟

وبعد أن تم الحكم بتغريم عائلة ترامب بتهمة الاحتيال الضريبي، يأتي الرد في سؤال: وماذا عن الوسائل التي تستخدمها عائلة بايدن في ممارسة الأعمال التجارية؟

بايدن أمريكا وثائق سرية
كان بايدن قد تعهد بإعادة "النزاهة" إلى المنصب- رويترز

ويقول فريق إن وزارة العدل قامت بتعيين مستشار خاص للبت في أمر التحقيقات العديدة مع ترامب، فيرد الفريق الآخر: وماذا عن تعيين مستشار خاص للتحقيق في الاتهامات المنسوبة لجو بايدن؟

لكن ترى شبكة CNN في تقريرها أنه في كل أمر من هذه الأمور لا يوجد تحقيق مساوٍ وآخر مضاد، رغم أنَّ التحريات ضد الرئيس الحالي والرئيس السابق تستمر في التداخل.

أعمال ترامب وأعمال بايدن

لم يُخفِ دونالد ترامب قط أنَّ اسمه جزءٌ من عملية كبيرة لكسب المال، وقد تلقى أموالاً حرفياً لوضع اسمه على المنتجات والمباني، لكن على الجانب الآخر يصوّر بايدن نفسه على أنه موظف حكومي منضبط.

وبالتالي، فإنَّ قرار قاضٍ في نيويورك بإدانة الشركة التي تحمل اسم ترامب بالتهرب الضريبي لم يُثِر صدمة، حيث أمرت المحكمة مؤسسة ترامب التجارية الأسبوع الماضي، بدفع غرامات بقيمة 1.6 مليون دولار غرامة بعد إدانتها بـ17 جناية.

لكن الجهود الدؤوبة التي يبذلها المُشرِّعون الجمهوريون ووسائل الإعلام المحافظة لشيطنة هانتر بايدن، نجل بايدن، بسبب صفقاته التجارية الأجنبية، أضرت بسمعة بايدن السياسية، التي تقوم على النزاهة. فقد وعد بايدن برفع معايير الشفافية والأخلاق في البيت الأبيض.

إذ كان تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية عنوانه "هل مشروع هانتر بايدن الفني يضع الرئيس في مأزق أخلاقي؟"، قد ألقى الضوء على الشكوك المحيطة بتلك "المهنة"، التي امتهنها بايدن الابن عقب دخول والده البيت الأبيض، وما يعنيه ذلك بالنسبة لإدارة وضعت "الشفافية والنزاهة" عنواناً لها منذ اليوم الأول.

والمهنة المشار إليها هنا هي الرسم، فبعد أن فاز جو بايدن بالرئاسة، عاد بايدن الابن لواجهة الأحداث مرة أخرى، لكن هذه المرة في ثوب "فنان" يعرض واحد من أكبر المعارض في هوليوود أعماله، التي تباع بمبالغ باهظة، ما فتح الباب على مصراعيه أمام اتهامات "باستغلال الابن لنفوذ والده الرئيس".

إيفانكا ترامب كوشنر
إيفانكا ترامب وزوجها /GettyImages

وأثارت مهنة هانتر بايدن الجديدة إزعاجاً أخلاقياً للبيت الأبيض، إذ مثله معرض Georges Bergès  في نيويورك، والذي أشاد به بصفته مبتكر "لوحات قوية ومؤثرة تتراوح من الصور الفوتوغرافية إلى الوسائط المختلطة إلى التجريد"، وبيعت تلك اللوحات بمبالغ طائلة.

وحذّر الخبراء من أنَّ البعض قد يشترون الأعمال الفنية- التي كان من المتوقع أن تجلب ما بين 75 ألف دولار و500 ألف دولار- في محاولة لكسب التأييد وكسب أرضية مع جو بايدن. كما يتهمون هانتر بالمتاجرة باسم والده ومنصبه بطريقة تنتهك الأعراف الأخلاقية، حتى وإن لم تكن غير قانونية، بحسب تقرير لسي إن إن.

تصرفات الأقرباء ومعايير بايدن الأخلاقية

لكن بشكل عام، توجد صورة لافتة للنظر وغير مبهجة لبعض أقارب بايدن الذين سعوا للحصول على صفقات تجارية على أساس الثقة في اسم العائلة.

إذ راجع فريق تحقيقات CNN وثائق المحكمة ورسائل البريد الإلكتروني وتسجيلات الفيديو، وأجرى مقابلات مع معارف عمل سابقين، وفحص نسخة رقمية من القرص الصلب من جهاز الحاسوب المحمول الشهير لهانتر بايدن، الذي تداوله خصوم الرئيس السياسيون، والذي ضم معلومات حول صفقاته مع شركات أوكرانية وصينية. وحصلت شبكة CNN على مصادقة جنائية على عينة من رسائل البريد الإلكتروني من الحاسب المحمول لهانتر، لكن ليس جميعها.

ورغم عدم وجود أي ادعاء في تحقيقات CNN بممارسة أعمال غير شرعية، لكنها كشفت المزيد عن كيفية استفادة هانتر بايدن من الصفقات التجارية مع شركات الطاقة الأوكرانية والصينية، حتى عندما كان يعاني من الإدمان.

ليس سراً أنَّ أعمال هانتر بايدن اعتمدت على اسم العائلة؛ فقد اعترف بذلك في مذكراته التي توضح بالتفصيل إدمانه للمخدرات. ورافق هانتر بايدن والده في الرحلات التي أجراها حين كان نائب الرئيس إلى الصين والمكسيك في نفس الوقت الذي كان يمارس فيه الأعمال التجارية في هذين البلدين.

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ التعاملات التجارية لشقيقي الرئيس، جيمس وفرانسيس "فرانك" تثير أيضاً أسئلة أخلاقية. إذ جاء في تقرير CNN أنه على سبيل المثال، بعد عام من انتخاب بايدن تفاخر شقيقه الأصغر، فرانك، في خطاب ألقاه أمام المهنيين الطبيين المجتمعين في بوسطن من "المنصب العام" الذي حصل عليه بسبب "أخي جوي"، وتعهد بمساعدة الحاضرين في "الحصول على الدولارات الفيدرالية". وهناك المزيد من هذه الأمثلة المشابهة التي تضم جيمس بايدن وهانتر بايدن موثقة في التقرير.

هانتر بايدن ووالده - عربي بوست
هانتر بايدن ووالده – عربي بوست

ورداً على تحقيقات شبكة CNN، قارن البيت الأبيض بين بايدن وترامب. قال المتحدث باسم البيت الأبيض إيان سامز: "تعهد الرئيس بإعادة الأخلاق إلى البيت الأبيض، ورسّخ أكثر المبادئ التوجيهية الأخلاقية صرامة مقارنة بأية إدارة في التاريخ، بما يتفق مع التزامه بضمان عمل الحكومة من أجل الشعب الأمريكي. وعلى عكس الإدارة السابقة، لا يوجد فرد من العائلة يخدم أو سيخدم في الإدارة أو يشارك في صنع القرار الحكومي".

لكن هذه الردود العامة لا تقنع الكثيرين بطبيعة الحال، إذ يثير الجمهوريون تساؤلات حول بيع الأعمال الفنية لهانتر بايدن إلى أفراد مجهولين، حيث صيغت اتفاقية أخلاقية للحفاظ على هوية المشترين منه.

هل يجب وضع قواعد جديدة للبيت الأبيض؟

الأسئلة الأخلاقية التي أثيرت حول الإدارات المتعاقبة يمكن أن تؤدي إلى تطبيق لوائح جديدة، بحسب مقطع رئيسي آخر من تقرير تحقيقات CNN.

غضّ معظم الجمهوريين في الكونغرس الطرف عن هفوات ترامب الأخلاقية عندما كان رئيساً، وبدورهم تجاهل معظم الديمقراطيين حتى الآن أو قللوا من شأن الأسئلة حول بايدن.

لكن النائب جيمس كومر من كنتاكي، الرئيس الجديد للجنة الرقابة في مجلس النواب، أعرب في حديث مع شبكة CNN، في ديسمبر/كانون الأول، عن اعتقاده بأنَّ تحقيقه يمكن أن يؤدي إلى صدور تشريع من الحزبين للتخفيف من مثل هذه الأخطاء الأخلاقية، التي اعترف بأنها مثّلت "مشكلة في الإدارتين الماضيتين".

يكفي الحديث عن تحقيقات ترامب

عندما ظهر كومر أثناء خطاب "حالة الاتحاد" السنوي، الذي أذيع على شبكة CNN، يوم الأحد 15 يناير/كانون الثاني، أوضح أنَّ أولويته الرئيسية ستكون عائلة الرئيس، وخاصة هانتر بايدن.

وقال كومر: "لم يخضع أحد للتحقيق أكثر من دونالد ترامب، لكن الذي لم يخضع للتحقيق هو جو بايدن، وهذا هو سبب إطلاقنا أخيراً تحقيقاً بشأنه".

ترامب
الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب – رويترز

والواضح أن المعاملة بالمثل عنصر أساسي هنا، فعلى الرغم من أنَّ محامي بايدن سلّموا طوعاً وثائق سرية عُثِر عليها في مكتب الرئيس السابق في العاصمة ويلمنغتون بولاية ديلاوير، فإن  كومر يرى معياراً مزدوجاً في التعامل مع ترامب، الذي حارب الأرشيف الوطني للاحتفاظ بوثائق من رئاسته. وبسبب هذا العائق، فتش مكتب التحقيقات الفيدرالي منتجع مارالاغو، في أغسطس/آب الماضي.

وصرح كومر، لمراسل CNN جيك تابر يوم الأحد، 15 يناير/كانون الثاني، "في النهاية، كل ما نطلبه هو المعاملة المتساوية هنا"، مشيراً إلى أنَّ مكتب التحقيقات الفيدرالي بحث في مارالاغو، لكن ليس منزل بايدن في ويلمنغتون.

هل تكون هناك إجراءات عزل كما حدث مع ترامب؟

هناك أيضاً إحساس بوجود دوافع انتقامية وراء جهود الحزب الجمهوري المتزايدة، لبدء مساءلة ضد وزير الأمن الداخلي أليخاندرو مايوركاس. وستكون هذه أول مساءلة برلمانية لوزير في مجلس الوزراء منذ أكثر من قرن، ويصعب إثبات كيف ارتكب مايوركاس "جرائم وجنح كبيرة"، وليس اتباع سياسة يختلفون معها.

ولم يخضع ترامب للمساءلة البرلمانية بسبب الاختلاف في السياسة، لكن للمساعدة في إلهام التمرد في 6 يناير/كانون الثاني 2021، على مبنى الكابيتول الأمريكي، ومحاولة البحث عن فضائح لبايدن من خلال الضغط على رئيس أوكرانيا للتحقيق في صفقات هانتر بايدن التجارية.

لكن إجراءات مساءلة مايوركاس قد تمنح أيضاً شعوراً جيداً للجمهوريين، بعدما شاهدوا إجراءات مساءلة ترامب. وأرجعت نيا مليكا هندرسون من شبكة CNN في برنامج "Inside Politics"، يوم الثلاثاء 17 يناير/كانون الثاني، السعي لإجراء المساءلة إلى أنَّ لسان حال الجمهوريين يقول: "لقد أخضعتم رجلنا دونالد ترامب للمساءلة مرتين؛ ولأننا نمسك بزمام الأمور الآن، فسنفعل نفس الشيء مع رجلكم".

تحميل المزيد