أعلن مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون أن وزارة الدفاع الأمريكية تستغل مخزوناً كبيراً من الذخيرة الأمريكية في "إسرائيل"، للمساعدة في تلبية حاجة أوكرانيا من القذائف المدفعية في الحرب مع روسيا، وفق ما ذكرته صحيفة "New York Times" الأمريكية.
وقالت الصحيفة إنه مع الاضطراب في المخزونات في الولايات المتحدة، وعدم قدرة صانعي الأسلحة الأمريكيين على مواكبة وتيرة عمليات ساحة المعركة في أوكرانيا، يعتمد البنتاغون على إمدادين بديلين من القذائف لسد الفجوة، أحدهما في كوريا الجنوبية والآخر في إسرائيل.
وقال المسؤولون الإسرائيليون للصحيفة إنّ "إسرائيل لم تغير سياستها بعدم تزويد أوكرانيا بأسلحة فتاكة، بل إنها توافق على قرار أمريكي باستخدام ذخيرتها الخاصة كما تراه مناسباً".
ما قصة مخازن الأسلحة الأمريكية في "إسرائيل"؟
توفر مخزونات الطوارئ التي يحتفظ بها الجيش الأمريكي في "إسرائيل" منذ التسعينيات أساساً مهماً للعلاقات الثنائية بين الطرفين، رمزياً وعملياً. والهدف من الاحتفاظ بالعتاد العسكري والذخيرة هنا كما تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية، هو خدمة الأمريكيين إذا ما اقتضت الضرورة، لكنَّه يحمل أيضاً رسالة لإسرائيل، اختارت إدارتا بوش وأوباما التأكيد عليها عقب حرب لبنان الثانية.
ويقول عاموس هرئيل، المراسل العسكري ومحلل شؤون الدفاع لدى صحيفة Haaretz الإسرائيلية، إنه من ناحية، تضمن الولايات المتحدة ألا تبقى إسرائيل دون ذخيرة وقطع غيار حيوية بديلة في حال اندلاع حرب مُكثَّفة (وهو تخوُّف برز في أواخر حرب 2006 وفي نهاية عملية 2014 في قطاع غزة).
ومن ناحية أخرى، تمثل تلك طريقة لتوثيق التنسيق العسكري بين البلدين. وبالكاد يمكن لإسرائيل الحصول على مساعدة أمريكية كتلك إذا ما قررت، على سبيل المثال، مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية دون الاتفاق على ذلك مع واشنطن أولاً.
على خلفية هذا، تبرز الخطوة غير المعتادة التي أفادت بها صحيفة The New York Times الأمريكية يوم الأربعاء، 18 يناير/كانون الثاني. حين فتحت الولايات المتحدة مخازن الطوارئ قبل بضعة أشهر، بموافقة الحكومة الإسرائيلية السابقة، لشحن مئات الآلاف من قذائف المدفعية إلى أوكرانيا للدفاع عن نفسها في مواجهة الغزو الروسي.
وأكدت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية التقرير، لكنَّها تقول إنَّ القرار الأمريكي يعكس مسألة محورية، وهي حاجة أوكرانيا المُلحّة لإمدادات هائلة من الأسلحة والذخيرة في ضوء الحرب الدائرة.
وتتجلى هذه الحاجة أكثر بسبب رفض إسرائيل تزويد أوكرانيا بأسلحة هجومية، على الرغم من مناشدات كييف وتوقعات واشنطن. والحكومة الإسرائيلية الحالية بزعامة نتنياهو، شأنها شأن سابقتها، مترددة في القيام بذلك، خوفاً من إثارة حفيظة موسكو.
"أمريكا لا ترى حاجة مُلِحّة لتسليح إسرائيل لحرب وشيكة"
مع ذلك، يقول عاموس هرئيل إنه لابد من وضع السياق العام في الاعتبار. إذ بدأت إسرائيل من جديد في التحدث عن إمكانية مهاجمة المواقع النووية الإيرانية بصورة أحادية. وافتخر رئيس الوزراء الأسبق نفتالي بينيت بأنَّه أعاد الجيش الإسرائيلي إلى مسار التحضير للهجوم.
وأورد رئيس الأركان المنتهية ولايته، أفيف كوخافي، تفاصيل تحسُّن القدرات الإسرائيلية في مقابلات تقاعده، وأمضى رئيس الوزراء نتنياهو الكثير من الوقت، متحدثاً عن التهديد النووي (وتهديد إيران) في خطاباته الأخيرة.
ويشير قرار الأمريكيين فتح المخزونات إلى أولويات الإدارة: أوكرانيا أولاً، ثم الجبهات الأخرى فيما بعد. وتشير أيضاً، على الأقل بشكل غير مباشر، إلى أنَّ الولايات المتحدة لا ترى حاجة مُلِحّة لتسليح إسرائيل لحرب وشيكة، والتي يمكن أن تندلع على طول الحدود السورية واللبنانية إذا ما قصفت إسرائيل إيران.
ولا تملك إسرائيل صكاً على بياض من واشنطن لمهاجمة إيران. علاوة على ذلك، لا يرى الأمريكيون والأوروبيون أي حاجة مُلِحّة في المسألة. وحتى "أصدقاء إسرائيل" في الغرب يعترفون بأنَّ إيران قد أحرزت تقدُّمات كبيرة مؤخراً باتجاه قدرات إنتاج قنبلة نووية (تملك طهران حالياً يورانيوم يكفي لإنتاج 4 قنابل، ولو أنَّه بمستويات تخصيب أقل، بنسبة 20 و60%، وليس بمستوى تخصيب 90% المطلوب لأغراض صنع السلاح النووي).
مع ذلك، فإنَّهم يشيرون إلى أنَّه لا يوجد حالياً خطراً حقيقياً بتوقيع اتفاق نووي جديد، وهو ما تُحذِّر الحكومات الإسرائيلية منه، لسببين: القمع للاحتجاجات في إيران، وإمداد طهران روسيا بمئات الطائرات دون طيار. وفي ظل هذه الظروف، لا إدارة بايدن ولا الأوربيين مهتمون كثيراً بالعودة إلى الاتفاق.
التفاف على حظر توريد السلاح لأوكرانيا
يقول مسؤولون أمريكيون وغربيون إنّ "الجيش الأوكراني يستخدم نحو 90 ألف قذيفة مدفعية شهرياً، وهو ما يعادل ضعف معدل تصنيعها من قبل الولايات المتحدة والدول الأوروبية مجتمعة".
في وقت سابق، قالت وسائل إعلام إسرائيلية، إنّ "إسرائيل، وبضغط من الولايات المتحدة الأمريكية، وافقت على تمويل توريد مواد استراتيجية إلى أوكرانيا".
كما ذكرت أنّ "واشنطن أرادت من إسرائيل تزويد كييف بأنظمة دفاع جوي، رغم أنّ السلطات الإسرائيلية كانت قد رفضت رسمياً في السابق هذا الاحتمال، ونتيجة لذلك اتفق الطرفان على أن إسرائيل سوف تمول المواد الاستراتيجية للجانب الأوكراني".
كذلك قامت شركة صناعات أمنية إسرائيلية ببيع منظومات مضادة للطائرات المسيّرة للجيش الأوكراني عن طريق بولندا "من أجل الالتفاف على الحظر الذي تفرضه إسرائيل على بيع أسلحة متطورة لأوكرانيا".