ماذا يعني تولي رئيس الأركان الروسي قيادة الحرب بأوكرانيا؟.. إليك مهامه الجديدة وانعكاسها على المعركة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2023/01/13 الساعة 09:03 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/13 الساعة 09:03 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير دفاعه وقادة الجيش/ Getty Images

أعلنت وزارة الدفاع الروسية عن تعديلٍ آخر في صفوف القادة الذين يديرون الحرب في أوكرانيا يوم الأربعاء، 11 يناير/كانون الثاني، بالتزامن مع تصاعد الانتقادات الموجهة إليها في ما يتعلق بتعاملها مع الحملة العسكرية المتعثرة.

إذ قالت الوزارة إن الجنرال فاليري غيراسيموف، رئيس أركان الجيش الروسي، سيصبح القائد العام للحملة. بينما سيصبح القائد الحالي للحملة، سيرغي سوروفيكين، واحداً من نوابه الثلاثة.

وجرى تعيين سوروفيكين قائداً عاماً "للعملية العسكرية الخاصة" في أكتوبر/تشرين الأول 2022.

لكن الإعلان لا يمثل تغييراً شاملاً في ما يتعلق بالتسلسل الهرمي البيروقراطي. إذ كان سوروفيكين يرفع تقاريره إلى غيراسيموف بالفعل، بحسب تقرير لشبكة CNN الأمريكية.

وقال المذيع التلفزيوني الروسي، سيرغي ماركوف، يوم الأربعاء، عبر تليغرام: "يستمر نقل الجنرالات من الجبهة إلى المقر الرئيسي ومن المقر الرئيسي إلى الجبهة. وليس هذا عقاباً لسوروفيكين أو غيراسيموف. إذ لا يزالون فريقاً واحداً. وهناك منافسة بينهما بالطبع، كما هو الحال بين كبار القادة دائماً".

لكن القرار يضع غيراسيموف في موقعٍ أقرب للإشراف على الحملة بشكلٍ مباشر وتحمُّل مسؤوليتها، بعد أن شغل منصب رئيس الأركان لأكثر من عقدٍ كامل. ولعب غيراسيموف دوراً أساسياً في التخطيط للهجوم، لكنه ظل على مسافة بعيدة عن الهجوم منذ بدايته. وتداولت التقارير زيارته للحملة داخل أوكرانيا في مناسبة واحدة فقط، لكن وزارة الدفاع لم تؤكد تلك الزيارة.

دبابات AMX-10 RC ستكون أول دبابات فرنسية خفيفة يتم تقديمها لأوكرانيا/ wikimedia commons

بينما قال مارك غاليوتي، الزميل المشارك الأقدم في مركز Royal United Services Institute البحثي: "يُعَدُّ الأمر بمثابة خفضٍ لرتبة غيراسيموف، أو أشبه بدسّ السمّ في الدسم على الأقل. إذ سيتحمل المسؤولية بالكامل الآن، وأظن أن بوتين عاد لتوقعاته غير الواقعية ثانية".

وأمضى غيراسيموف عدة أسابيع دون الظهور علناً في بعض الأحيان، ولم يحضر موكب عيد النصر في موسكو العام الماضي، مما أدى لظهور تكهنات حول منصبه آنذاك.

ويجمع غيراسيموف حالياً بين منصبي القائد المباشر للحملة، والمحاور الرئيسي للولايات المتحدة في ما يتعلق بـ"فض النزاع" العسكري.

ولم يتضح السبب وراء اتخاذ وزارة الدفاع الروسية لهذه الخطوة الآن. لكنها قالت إن هناك "حاجة لتنظيم تفاعلٍ أقرب بين أفرع وأسلحة القوات المسلحة"، وتحسين معدلات الدعم والفعالية الخاصة بـ"قيادة تجمعات الجنود والسيطرة عليها".

هيكلة جديدة

سيعمل 3 نواب تحت إمرة غيراسيموف وهم سوروفيكين، وقائد الجيش أوليغ ساليوكوف، ونائب رئيس الأركان العقيد أليكسي كيم.

وتشير الهيكلة الجديدة إلى أن أقدمية غيراسيموف ستُحسن جهود تنسيق الحملة، التي ظهر عليها انعدام المزامنة بين مختلف أفرع القوات المسلحة باستمرار.

ويعتقد بعض المحللين أن الخطوة ربما تمثل محاولةً من الوزارة لفرض سيطرةٍ أكبر على الحملة قبيل الأشهر الحاسمة المقبلة، التي ستشهد نشر بقية قوات الاحتياط التي جرى حشدها في خريف 2022 بعد انتهاء تدريبها.

وقال الجيش الأوكراني إنه يتوقع هجوماً روسياً جديداً في مطلع الربيع. بينما قال الجنرال فاليري زالوجني، القائد العام للجيش الأوكراني، خلال مقابلةٍ مع صحيفة The Economist البريطانية في ديسمبر/كانون الأول: "تستعد القوات الروسية حالياً بنسبة 100%. ومن المحتمل أن تشن هجوماً روسياً كبيراً في فبراير/شباط، وربما يتأخر إلى مارس/آذار في أفضل الأحوال أو يأتي بنهاية يناير/كانون الثاني في أسوأها".

الجيش الروسي أوكرانيا روسيا
وحدات من الجيش الروسي/ getty images

بينما قال روب لي، من كلية كينغز لندن، في تغريدةٍ له إن إعلان يوم الأربعاء "يؤكد من جديد على دور وزارة الدفاع في الإشراف على الحرب… وربما يمثل الأمر استجابةً جزئية لنفوذ مجموعة فاغنر ودورها العلني المتزايد في الحرب".

وهناك تاريخ طويل من التوترات بين يفغيني بريغوجين، رئيس مجموعة فاغنر، وبين وزير الدفاع سيرغي شويغو. لكن بريغوجين أثنى على الجنرال سوروفيكين لإدارته عملية الانسحاب المنظمة للقوات الروسية من منطقة خيرسون الجنوبية، بحسب شبكة سي إن إن.

حيث قال بريغوجين عبر قناته في تليغرام خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني: "يجب أن يحقق الجنرالات النصر تلو الآخر كل يوم. فمن الذي يمكننا مقارنته بسوروفيكين؟ سوروفيكين صادق ويلتزم بالمبادئ، ويحظى بثقة الجيش".

وتساءل بعض المعلقين عما إذا كانت الوزارة تقوم بـ"تدوير رتبها" بالتزامن مع استمرار الانتقادات لأسلوبها في إدارة الحملة. حيث جاء إعلان الأربعاء في أعقاب الأنباء المتداولة عن تعيين العقيد أليسكاندر لابين كرئيس لأركان القوات البرية، بعد أن فقد منصبه كقائد للمنطقة العسكرية المركزية في أكتوبر/تشرين الأول، وفقاً لوكالة TASS الروسية.

ومن المستبعد أن يجري تعيين غيراسيموف دون موافقة الرئيس فلاديمير بوتين أو أمرٍ مباشر منه على الأرجح. وستبدو الخطوة رائعةً إذا نجح غيراسيموف في تغيير موازين الحرب. بينما سيتحمل المسؤولية كاملة في حال فشله.

"معلق بخيطٍ رفيع"

قال محلل عسكري روسي، يكتب تدويناته تحت اسم Rybar المستعار، ولديه أكثر من مليون متابع على تويتر، إنه لا يتوقع نجاح تغيير المناصب الأخير. وذكر أنه يأمل في "معجزةٍ خلال الشهر الـ11 من العملية الخاصة".

بينما قالت دارا ماسيكوت، الباحثة البارزة في Rand Corporation، إن وزارة الدفاع "تخفض رتب أعلى قادتها كفاءةً، وتضع قادةً أقل كفاءة في مكانهم. وتتمتع هذه القصة بالعديد من الجوانب: الاقتتال الداخلي، وصراعات السلطة، والغيرة".

وأردفت أن سوروفيكين لم يرتكب أي أخطاء استراتيجية فادحة، لكن اللوم يقع على شويغو وغيراسيموف بسبب تخطيطهما السيئ للحملة.

في ما قال غاليوتي إن غيراسيموف "معلق بخيطٍ رفيع". حيث كتب في تغريدةٍ له: "لا أعتقد أن هذه الخطوة تستهدف خلق ذريعةٍ لإقالته، لأن الحرب مهمةٌ للغاية، ولأن بوتين يستطيع إقالة أي شخص يريده. لكنه بحاجة لتحقيق نوع من الانتصار حتى لا تنتهي حياته المهنية نهايةً مخزية".

وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو ورئيس الأركان العامة لروسيا الجنرال فاليري غيراسيموف/رويترز

ويبلغ غيراسيموف من العمر 67 عاماً، وجرى تعيينه بواسطة بوتين في عام 2012. وذاع صيته بين المحللين الغربيين بعد خطابٍ نقلته عنه صحيفة Courier العسكرية الروسية.

حيث قال غيراسيموف إن استخدام الدعاية والتقويض يمكنهما "في غضون شهور أو حتى أيام تحويل دولة مزدهرة بالكامل إلى ساحةٍ لصراع مسلح شرس، لتصبح ضحيةً للتدخل الخارجي وتغرق في شبكةٍ من الفوضى، والكوارث الإنسانية، والحروب الأهلية".

ولا شك أن وصول الرجال الخضر الصغار إلى شبه جزيرة القرم عام 2014 كان خير مثالٍ ناجح على هذا النهج، الذي يُوصف أحياناً بـ"الحرب الهجينة".

وأوضح غاليوتي أن "غيراسيموف كان يتحدث عن استخدام التقويض من أجل إعداد ساحة المعركة قبل التدخل، وهو ما حدث خلال نوعية العمليات التي جرت داخل أوكرانيا عام 2014. إذ تسببت في كسر تسلسل القيادة، وإثارة العصيان المدني، والتشويش على الاتصالات".

لكن الجنرال غيراسيموف عليه إدارة حرب حقيقية الآن.

تحميل المزيد