2022.. هدوء في الشرق وتوتر في الغرب

عربي بوست
تم النشر: 2023/01/03 الساعة 08:49 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2023/01/03 الساعة 08:50 بتوقيت غرينتش

على غير العادة يدخل العالم إلى 2023 وهو ينظر إلى الغرب بقلق.

كان الشرق هو المادة اليومية للدراما والصراعات والمعاناة الجماعية، والغرب "السعيد" غارق في الهدوء والتبات والنبات.

قلبت 2022 الموازين، منذ بدأت بإعصار الغزو الروسي لأوكرانيا، ومثل تساقط قطع الدومينو توالت الأزمات التي لا تأتي فرادى في مثل هذه الحالة.

ينظر العالم غرباً بقلق لأن الحرب تدور هناك، ولأن الجميع أطراف فاعلون أو محتملون في مراحل قادمة قد تكون أكثر جنوناً، ولأنهم لهم سوابق في إشعال الحروب العالمية.

في الغرب رأى العالم للمرة الأولى ملايين اللاجئين والنازحين من بلد واحد، وأصبحت الخلافات بين عواصم أوروبا، أو بين أوروبا والولايات المتحدة مادة للإعلام وللتصريحات السياسية الصريحة إلى حد غير مسبوق. وسمع العالم للمرة الأولى كلمة "انقلاب" في إحدى حواضر الديمقراطية العريقة؛ ألمانيا.

يحدث كل هذا بينما بعض حرائق الشرق تخبو في اليمن، وبعض خلافاته تفضي إلى مصالحات تاريخية، أطرافها تركيا ومصر وقطر والسعودية. حتى إيران أصبحت تبحث عن حلفاء وشركاء، لا عن أعداء. 

يستعرض هذا التقرير حصاد عام من الأحداث في الشرق الأوسط والغرب، وكيف دخلت المنطقة العربية في مصالحات وتهدئات سياسية، بينما انشغل الغرب بخلافات داخلية جديدة، وصراعات خارجية مزمنة.

في الشرق: مصالحات تُمهد لتجديد التحالفات القديمة

1- تركيا ومصر: مصالحة تبدأ بترسيم الحدود البحرية

مصر وتركيا: مصافحة في المونديال القطري

على هامش حفل افتتاح كأس العالم لكرة القدم في قطر، يوم 20 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، تصافح الرئيسان التركي رجب طيب أردوغان والمصري عبد الفتاح السيسي، وتبادلا الحديث لنحو 45 دقيقة. وقال أردوغان لوسائل الإعلام التركية إن "مطلبنا الوحيد من مصر، لتطبيع العلاقات، أن تقول لمن يتخذ مواقف معادية ضدنا في البحر المتوسط: نريد إرساء السلام في المنطقة".

وفي صيف عام 2020 وقَّعت مصر واليونان اتفاقية، تم بموجبها تحديد المنطقة الاقتصادية لكلا البلدين في شرقي المتوسط. وانتقدت تركيا الاتفاقية، وقالت إنها "اتفاقية قراصنة".

الأزمة التركية المصرية عميقة ومرتبطة بمجموعة من القضايا المُعقدة، بدءاً من الموقف المتناقض إزاء الربيع العربي، وعلاقة أنقرة بجماعة الإخوان المسلمين. هناك أيضاً التنافس السياسي والاقتصادي الإقليمي، الذي يتجسد في الملف الليبي.

ربما كان الدافع أمام مصر لاختيار توقيت المصالحة أن الإمارات ذهبت منفردة إلى المصالحة مع تركيا.

كما أن الجانب المصري مهتم بسرعة التخلص من قنوات المعارضة في تركيا، ومن تأثير بعض الإعلاميين فيها في الداخل المصري!

أما أردوغان فهو يسعى لحسم انتخابات 2023 الرئاسية، وسبق أن تعرض لهجوم معارضيه بسبب القطيعة مع دولة كبيرة بحجم مصر، واعتبرته يفعل ذلك من أجل جماعته السياسية. كما أن التطبيع الأخير مع مصر يرتبط بتحول السياسة الخارجية في أنقرة، حيث بدأت الحكومة التركية عملية لإصلاح جميع علاقاتها المقطوعة مع الجيران وغير الجيران.

تركيا باتت تدرك أن سوء علاقتها مع مصر يضيع عليها فرصة ترسيم الحدود البحرية معها بشكل مباشر، ضمن اتفاقية تضمن للقاهرة كما أنقرة حقوقهما المائية، وستعوض مصر ما فقدته أو ضحت به في اتفاقيتها مع اليونان "نكاية بتركيا"، بحسب تعبير الباحث.

لدى تركيا أيضاً مخاوف من وجود منظمة "فتح الله غولن" في مصر، حيث تمتلك نشاطات كبيرة، وتجني موارد مالية عبر مؤسساتها هناك.

2- مصر وقطر: العنصر الحاسم في اختيار توقيت المصالحة 

في مساء يوم قاهريٍّ حار، صيف 2022، هبطت طائرة الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مساء الجمعة، في زيارة لمصر، بعد سنوات من القطيعة.

وفي زيارة هي الأولى له منذ توليه منصبه في عام 2014، أمضى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يومين بالعاصمة القطرية الدوحة، في سبتمبر/أيلول 2022.

قطعت مصر علاقاتها مع قطر في ذلك العام إلى جانب كل من السعودية والإمارات والبحرين، بعد أن وجّهت القاهرة اتهامات للدوحة بدعم جماعة الإخوان المسلمين، التي أطاح بها الجيش المصري عام 2013.

وبعد قطيعة استمرت ثلاث سنوات أعادت مصر مع الدول الخليجية الثلاث العلاقات مع قطر، مطلع العام 2021. وأعلنت قطر وقتها عن استثمار 4,5 مليار دولار في مصر، التي تتراجع عملتها الوطنية منذ كورونا وحرب أوكرانيا، إلى موجة التضخم العالمية وأزمة القروض.

تتنوع الاستثمارات القطرية الحالية في مصر بين قطاعات "البنوك والعقارات والطاقة"، وسيؤدي "تنشيط العلاقات" بين البلدين إلى مضاعفة حجم استثمارات الدوحة في القاهرة، والتي يُقدر حجمها بنحو 18 مليار دولار.

على الصعيد السياسي، تسعى مصر إلى تحقيق شيء من التوازن في السياسة الخارجية المصرية، والإفلات من الدائرة التي تفرضها الإمارات على القاهرة، وبالتالي فالسيسي يسعى إلى تنويع الاستثمار الخليجي، بحيث يصبح هناك توازن وعدم أفضلية.

ونقل موقع مدى مصر، عن مصادر سياسية، أن هناك تنازلات أُجبرت مصر على تقديمها لأحد حلفائها الرئيسيين، وهي الإمارات العربية المتحدة، التي أصبحت أنشطتها بمصر أقرب إلى "الكفالة" من كونها "استثماراً أجنبياً". وأضافت هذه المصادر أنه من مصلحة مصر أن تسمح بالاستثمار القطري، وتحقيق تعاون قطري-مصري في مجالات المصلحة المتبادلة للسياسات الخارجية، "لمقاومة النفوذ الإماراتي". للمزيد اضغط على الرابط

تحميل المزيد