أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن، خلال استقباله نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي في البيت الأبيض، عن مساعدات أمريكية جديدة لأوكرانيا بقيمة 1.8 مليار دولار. وقال بايدن، الأربعاء 21 ديسمبر/كانون الأول 2022، إن الحزمة ستتضمن منظومات باتريوت، مشيراً إلى أن بلاده ستواصل دعم كييف بالأسلحة. وأعلن بايدن نيته التوقيع على قانون يوفر لأوكرانيا دعماً بـ45 مليار دولار، مضيفاً رغم ذلك أن بلاده "تدعم في الوقت ذاته خيار السلام في أوكرانيا".
ما هي تفاصيل حزمة السلاح الأمريكية المقدمة لأوكرانيا؟
يقول تقرير لشبكة CNN الأمريكية إن هناك نوعين من الإنجازات الرئيسية في هذه الصفقة بالنسبة لأوكرانيا: أولاً، أنظمة صواريخ باتريوت معقدة ودقيقة ومكلفة، وقد وُصِفَت بأنها "المعيار الذهبي" للدفاع الجوي للولايات المتحدة. يقوم الناتو بحراستها عن كثب، وتتطلب أنظمة الصواريخ من الأفراد الذين يقومون بتشغيلها -حوالي 100 في كتيبة لكل سلاح- أن يُدرَّبوا بشكل صحيح.
والثاني عبارة عن ذخائر دقيقة التوجيه للطائرات الأوكرانية. أوكرانيا وروسيا مجهّزتان إلى حد كبير بذخائر "غبية" -تُطلق على الهدف بشكلٍ تقريبي- كما تقول الشبكة الأمريكية.
وزُوِّدَت أوكرانيا من الغرب بمزيد من المدفعية والصواريخ الدقيقة القياسية الغربية، مثل مدافع الهاوتزر وهيمارس على التوالي.
من المرجح أن تشمل الصفقة الجديدة توريد مجموعات التوجيه، أو ذخائر الهجوم المباشر المشترك، والتي يمكن أن تستخدمها أوكرانيا لتثبيتها على صواريخها أو قنابلها غير الموجهة. سيؤدي ذلك إلى زيادة دقتها، ومن المتوقع أن يمول جزء كبير من الـ1.8 مليار دولار بدائل الذخيرة ومخزونها.
ما الفرق الذي ستحدثه الأسلحة الأمريكية في الحرب الأوكرانية؟
يمكن أن تؤثر هاتان الحزمتان الرئيسيتان وحدهما على مسار الحرب. التهديد الأقوى لروسيا الآن هو القصف المستمر للبنية التحتية للطاقة. إنه يجعل الشتاء أبرد على نحو لا يُطاق بالنسبة للبعض، ويُغرِق المدن في ظلام دام 12 ساعة في اليوم، وأحياناً لفترة أطول، على أمل إضعاف الروح المعنوية العالية في أوكرانيا.
يمكن لأنظمة الدفاع الجوي باتريوت اعتراض عدد كبير من الصواريخ الروسية والهجوم من الطائرات المسيَّرة، رغم أن أوكرانيا تدعي بالفعل نسبة نجاح عالية، وقالت كييف الأسبوع الماضي على سبيل المثال إن 30 صاروخاً من أصل 35 تم إيقافها. صواريخ باتريوت هي أيضاً علامة على أن أفضل تقنيات الناتو المطروحة على الطاولة لمساعدة أوكرانيا على كسب الحرب، أو على الأقل كبح جماح روسيا.
في الوقت نفسه فإن المزيد من الأسلحة الدقيقة أمر حيوي: فهي تضمن إصابة أوكرانيا لأهدافها، وعدم بقاء أي مدنيين بالقرب منها. وهذا يعني أن أوكرانيا لا تمر بمئات أو آلاف القذائف التي يبدو أن روسيا تُضرَب بها وهي تقصف المناطق التي تريد الاستيلاء عليها. لكن معدل استهلاك الذخائر لكلا الجانبين سيصبح قضية وجودية مع دخول الحرب عامها الثاني.
كيف سيكون رد فعل روسيا على استخدام أوكرانيا لهذه الأسلحة؟
على الفور كان رد الفعل الروسي صاخباً، إذ توعد الرئيس الروسي بوتين، بأن جيش بلاده "سيدمر" منظومة الدفاع الجوي الأمريكي "باتريوت" في حال تسلمتها أوكرانيا، مشيراً إلى أن تسليم الولايات المتحدة هذه الصواريخ إلى أوكرانيا سيؤدي إلى إطالة أمد النزاع.
لكن الرئيس الروسي قلل كذلك، خلال مؤتمر صحفي مصور في موسكو، من قوة وأهمية تلك المنظومة الأمريكية للدفاع، وقال إنها "قديمة ولا تعمل بكفاءة مثل الأنظمة الروسية إس 300".
لكن موسكو تكافح من أجل تجهيز وحشد قواتها التقليدية، وباستثناء قواتها النووية، يبدو أن أوراقها الجديدة تنفد، كما تقول CNN. حيث انضمت الصين والهند إلى الغرب في تصريحات علنية ضد استخدام القوة النووية، ما جعل هذا الخيار أقل احتمالية.
ولاحظ المحللون الغربيون أن روسيا تذمرت باستمرار بشأن عمليات التسليم هذه، لكنها كانت صامتة نسبياً في استجابتها العملية لتجاوز ما كان يُنظر إليه مؤخراً في يناير/كانون الثاني على أنه "خطوط حمراء".
هل هناك المزيد من مثل هذه الصفقات في طور الإعداد؟
تقول الشبكة الأمريكية: نعم، هناك حزمة مساعدات أمريكية ضخمة بقيمة 45 مليار دولار قيد التنفيذ، ورغم أنها ليست كلها عسكرية، فإنها جزء من إيقاع ثابت لدى إدارة بايدن. الرسالة بسيطة: أوكرانيا تتلقى المساعدة بقدر ما تستطيع واشنطن أن تقدمه، دون وجود جنود على الأرض، وهذه المساعدة لن تتوقف.
مهما كانت الحقيقة النهائية للمسألة -والمساعدات العسكرية غامضة في أفضل الأوقات- يريد بايدن من بوتين ألا يسمع شيئاً سوى الأرقام الرئيسية بالمليارات، واستنزاف العزيمة الروسية، ودفع الشركاء الأوروبيين إلى تقديم المزيد من المساعدة، وجعل موارد أوكرانيا تبدو بلا حدود، بحسب سي إن إن.
ما مدى دعم الديمقراطيين والجمهوريين لبايدن في الصفقة؟
هذا أمر صعب، فرئيس الكونغرس الجديد المحتمل، الجمهوري كيفين مكارثي، حذر إدارة بايدن من عدم توقع "شيك على بياض" من مجلس النواب الجديد بقيادة الحزب الجمهوري، لأوكرانيا.
وردد الجمهوريون الكثير من الشكوك حول مقدار المساعدة التي يجب أن ترسلها الولايات المتحدة بالفعل إلى أطراف أوروبا الشرقية.
من الناحية الواقعية، فإن فاتورة الهزيمة البطيئة لروسيا في هذا الصراع المظلم والطويل هي فاتورة خفيفة نسبياً بالنسبة لواشنطن، نظراً لميزانية الدفاع السنوية التي تقارب تريليون دولار.
لكن ظهور زيلينسكي في واشنطن مُصمَّم بالتأكيد لتذكير الجمهوريين بإلحاح معركة أوكرانيا وكيف أن هزيمة كييف ستدفع موسكو المدعومة نووياً إلى عتبة حلف شمال الأطلسي، ومن المحتمل بعد ذلك جر الولايات المتحدة إلى الحرب برية مع موسكو.