كشفت التقارير أن الولايات المتحدة تتعاون مع حلفائها في الشرق الأوسط من أجل إمداد أوكرانيا بأنظمة صواريخ سام النرويجية المتقدمة (ناسماس)؛ لكن منظومة ناسماس ليست منظومة الدفاعات الجوية الوحيدة التي تريد كييف الاستحواذ عليها من ترسانات الشرق الأوسط، بالتزامن مع هجمات روسيا المتكررة ضد بنيتها التحتية بالطائرات المسيَّرة والصواريخ.
ما هي أنظمة الدفاع الجوي الأخرى التي تريدها أوكرانيا من الشرق الأوسط؟
كشف غريغ هايس، الرئيس التنفيذي لشركة Raytheon Technologies، مؤخراً، أن الولايات المتحدة تعمل مع حلفائها من دول الشرق الأوسط من أجل تسريع عملية إمداد أوكرانيا بأنظمة ناسماس.
وقال هايس: "توجد أنظمة ناسماس في جميع أنحاء الشرق الأوسط. ونعمل مع حلفائنا في الناتو على إقناع بعض الدول الشرق أوسطية، التي تُشغّل تلك الأنظمة حالياً، بإرسالها إلى أوكرانيا". وأشار هايس إلى أن الحصول على الأنظمة القائمة في الشرق الأوسط سيكون أسرع بكثير من بناء أنظمةٍ جديدة.
وتقول مجلة Forbes الأمريكية إنه من المعروف أن أنظمة ناسماس لم تطلبها سوى دولتين فقط في الشرق الأوسط، وهما عُمان وقطر. وكانت قطر أول دولةٍ تشتري النسخة طويلة المدى من المنظومة. ولا نعلم تحديداً عدد الأنظمة التي تستطيع مسقط والدوحة نقلها إلى أوكرانيا. لكن هايس أوضح أن دول الشرق الأوسط التي ستنقل أنظمتها إلى أوكرانيا ستحصل على شحنات بديلة في غضون 24 شهراً.
بينما أعلنت الولايات المتحدة في الـ10 من نوفمبر/تشرين الثاني 2022 عن تسليم أنظمة الدفاع الجوي إم آي إم-23 هوك وإيه إن/تي دبليو كيو-1 أفينجر لكييف، بالإضافة إلى صواريخ ستينغر.
أمريكا تريد إمداد أوكرانيا بأنظمة صاروخية تملكها دول عربية
وتعتبر تلك الأسلحة جزءاً من حزمة مساعدات بقيمة 400 مليون دولار من الولايات المتحدة. ويستعمل العديد من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط أنظمة هوك، التي يرجع تصميمها إلى فترة الستينيات. وتشمل تلك الدول البحرين، والكويت، والسعودية، ومصر. كما تمتلك تركيا نسخة هوك 21 الأكثر تطوراً. وربما تحاول الولايات المتحدة إقناع بعض تلك الدول بإرسال الأنظمة الأقدم لأوكرانيا، في مقابل وعودٍ ببدائل أحدث مستقبلاً.
وفي أكتوبر/تشرين الأول، بعثت أوكرانيا بخطابٍ رسمي إلى دولة الاحتلال لطلب الحصول على عدة أنظمة دفاعٍ جوي تشمل القبة الحديدية، ونظام الشعاع الحديدي المنتظر، ونظام آرو (السهم) المضاد للصواريخ الباليستية، وغيرها. لكن إسرائيل سارعت برفض الطلب.
بينما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني إنّ بنيامين نتنياهو وعده بـ"النظر" في طلبه بعد إعادة انتخابه. ومع ذلك، ستظل فرص كييف ضعيفةً في الحصول على دفاعات جوية إسرائيلية قريباً.
ويُذكر أن أوكرانيا أكّدت في خطابها بتاريخ أكتوبر/تشرين الأول على التهديد المشترك الذي تمثله الطائرات المُسيّرة والصواريخ الإيرانية على البلدين. وحذّرت أوكرانيا من أن "التجربة الإيجابية التي تحظى بها إيران نتيجة استخدام… أسلحتها في أوكرانيا ستزيد تطور الأنظمة الإيرانية أكثر… مما سيُساهم بصورةٍ كبيرة في تعزيز قدرة إيران على إنتاج الأسلحة الهجومية، ويزيد بالتبعية من التهديدات الأمنية على دولة إسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط".
وبسؤاله عن الطلب الأوكراني عندما كان زعيماً للمعارضة في أكتوبر/تشرين الأول، قال نتنياهو: "وقعت الأسلحة التي أرسلناها إلى إحدى ساحات المعارك في يد الإيرانيين، واستُخدِمَت ضدنا في النهاية". كما أعرب عن دعمه لسياسة حكومة الاحتلال "الحكيمة" التي تمثلت في رفض طلبات الأسلحة الأوكرانية.
هل تمد دول الشرق الأوسط أوكرانيا بهذه الأنظمة الصاروخية؟
تأمل أوكرانيا أن يُمِدَّها الغرب بأنظمةٍ غربية متقدمة مثل صواريخ باتريوت أو الطائرات المقاتلة، لكنها ما تزال تسعى للحصول على الأسلحة والذخيرة الروسية.
وفي الأول من ديسمبر/كانون الأول، قال وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريزنيكوف إن كييف "تتفاوض حالياً مع وزراء دفاع كافة الدول التي تمتلك أنظمة إس-300 في الخدمة، وذلك لمناقشة إمكانية تجديد مخزون صواريخها من مستودعات وترسانات تلك الدول".
وتستطيع العديد من الدول الشرق أوسطية المساعدة في هذه الطلبات، لكنها من المستبعد أن تفعل ذلك لأسباب سياسية، بحسب مجلة "فوربس" الأمريكية.
إذ تمتلك الإمارات العربية المتحدة ترسانةً متنوعة للغاية من أنظمة الدفاع الجوي. وتشمل القائمة أنظمة باتريوت وثاد أمريكية الصنع، بالإضافة إلى دفاعات بانتسير-إس1 روسية الصنع للمدى المتوسط.
وحصلت الإمارات على منظومة أسلحة برق الصاروخية من دولة الاحتلال مؤخراً، كما طلبت أنظمة كيه إم- سام متوسطة المدى من كوريا الجنوبية؛ مما يعني أن نقل أنظمة بانتسير-إس1 إلى أوكرانيا لن يترك أي فجواتٍ في دفاعاتها الجوية. لكن أبوظبي لن ترغب في المخاطرة بمعاداة موسكو على الأرجح من ناحيةٍ أخرى، بعد حفاظهما على علاقات جيدة طيلة عقود.
فيما حصلت مصر كذلك على أحدث نسخة من أنظمة إس-300، التي تحمل اسم إس-300في إم، في منتصف العقد الثاني من القرن الجاري. ولا شك أن أوكرانيا تود الحصول على هذه النسخة الحديثة؛ لأن غالبية أنظمتها الدفاعية الحالية تعتمد على نسخة الاتحاد السوفييتي الأقدم، التي ورثتها عقب انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991.
وستُثبت أنظمة إس-300في إم فاعليةً كبيرة في إسقاط الصواريخ الباليستية إيرانية الصنع، التي من المتوقع أن تحصل عليها روسيا لتستخدمها ضد أوكرانيا قريباً.
لكن الاعتبارات السياسية من المرجح أن تُثني القاهرة عن إمداد كييف بتلك الأنظمة أيضاً، حتى لو عرضت عليها الولايات المتحدة والحلفاء أنظمةً بديلة مشابهة في المقابل.
الاكتفاء "بناسماس" سيكون أفضل من عدم الحصول على أي شيء
بينما اشترت تركيا أنظمة إس-400 المتقدمة من روسيا في منتصف العقد الثاني من القرن الجاري، خلال صفقةٍ مثيرة للجدل. وتسلّمت أنقرة أولى مكونات طلبيتها في منتصف عام 2019.
وبعد فترةٍ وجيزة من الهجوم الروسي على أوكرانيا، حث الدبلوماسيون الأمريكيون أنقرة على إمداد كييف بتلك المنظومة. ولو فعلت أنقرة ذلك لخلَّصت نفسها من المنظومة التي تسببت في فرض عقوبات أمريكية على قطاعها الدفاعي، وحرمانها من شراء الجيل الخامس من مقاتلات إف-35 لايتنيغ الثانية.
كما كانت تركيا ستساعد في تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية بقوة لو فعلت ذلك؛ لتسترد حظوة واشنطن بالتبعية. لكن تركيا أعلنت عن عدم نيتها نقل أي من أنظمة أسلحتها الروسية.
وبناءً على ما سبق، لا شك أن الشرق الأوسط يستطيع تقديم الكثير إلى أوكرانيا على صعيد الدفاعات الجوية، لكن من المستبعد أن تحصل كييف على أي شيء بخلاف أنظمة ناسماس في الوقت الراهن. ومن المؤكد أن الاكتفاء بـ"ناسماس" سيكون أفضل من عدم الحصول على أي شيء من الأساس.