اتفق دبلوماسيون من الاتحاد الأوروبي على حدٍّ قدره 60 دولاراً للبرميل للسعر الذي يمكن تداول النفط الروسي به خارج الاتحاد، في أحدث جهد من جانب الحلفاء الغربيين لمحاولة حرمان موسكو من الإيرادات لتمويل حربها في أوكرانيا.
لكن هناك تساؤلات جدية حول ما إذا كان يمكن تطبيق مثل هذه الخطة، وما إذا كانت روسيا والمشترون الرئيسيون منها، بمن فيهم الصين والهند، سوف يتماشون مع السعر الذي حددته مجموعة الدول الصناعية السبع. فيما يلي نظرة على بعض العناصر الأساسية لخطة تحديد سقف لسعر النفط الروسي.
1- تهدف إلى السماح لروسيا بمواصلة بيع النفط، ولكن أن تكسب أقل منه
تقول صحيفة New York Times الأمريكية، إن الحلفاء الغربيين لا يريدون أن تتوقف روسيا عن بيع النفط، وهو تصديرها الرئيسي. سيؤدي القيام بذلك إلى إحداث تأثير كبير في العرض العالمي ورفع الأسعار في وقت يشهد تضخماً عالمياً مرتفعاً بالفعل. وسيؤثر كذلك على دول مثل الهند وتركيا -المشترين الرئيسيين للخام الروسي- بينما يأمل الغرب في دعمهم لمواصلة الضغط على موسكو.
في المقابل، تفاوضت الولايات المتحدة وحلفاؤها على خطة تهدف إلى تقليل الإيرادات التي تجنيها روسيا من كل برميل تشحنه. هذا الجهد هو انعكاس لكيفية فشل العقوبات الغربية في إضعاف صادرات موسكو من الطاقة: روسيا في طريقها لكسب المزيد هذا العام من مبيعات النفط مما كانت عليه في عام 2021، مدعومة بارتفاع الأسعار العالمية بعد بدء الحرب، رغم البيع بخصومات للصين والهند.
2- إنه ليس سقفاً للسعر حقاً بل قيدٌ على شركات الشحن والتأمين
وصفت وزيرة الخزانة الأمريكية، جانيت إل يلين، الخطة بأنها حد أقصى للسعر، لكن يكاد يكون من المستحيل التلاعب بسعر سلعة عالمية مثل النفط. في المقابل، تعتمد الخطة بشكل كبير على الهيمنة الأوروبية على صناعة التأمين البحري، وهي شبكة من الشركات التي توفر تغطية للسفن وحمولاتها، والمسؤولية عن الانسكابات المحتملة وإعادة التأمين، وهو شكل من أشكال التأمين الثانوي المستخدم لتحمل مخاطر الخسائر.
يقع مقر معظم شركات الشحن وشركات التأمين الرئيسية في مجموعة الدول السبع. وتحظر الخطة على تلك الشركات التعامل مع الخام الروسي ما لم تُبع الشحنة بالسعر الذي حددته مجموعة الدولة السبع أو أقل منه، وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف تُحمَّل هذه الشركات مسؤولية انتهاك العقوبات.
3- يُحدَّد السعر أعلى مما كان يريده بعض أقرب حلفاء أوكرانيا
يمثل سعر البرميل، البالغ 60 دولاراً، خيبة أمل لبعض الدول الأوروبية، بما في ذلك الدول الأكثر تشدداً المؤيدة لأوكرانيا مثل بولندا، التي أرادت أن يخسر الكرملين عائدات أكبر بكثير من مبيعات النفط. مع تقدير تكاليف إنتاج النفط الروسي بنحو 20 دولاراً للبرميل -وتداول سعر النفط الروسي بين 60 دولاراً و100 دولار للبرميل في السنوات الثلاث الماضية- لا يزال السعر المُتفق عليه يسمح لموسكو بجني أرباح كبيرة.
انزعج الدبلوماسيون المشاركون في المفاوضات مما اعتبروه عملية تقودها الولايات المتحدة تركت لهم تكاليف تنفيذ معقدة وصعبة دون إحداث تغيير كبير في الإيرادات الروسية.
وجادل المسؤولون الأمريكيون بأنه سيكون من الأفضل تحديد سعر مرتفع بما يكفي، بحيث تمتثل روسيا له من خلال الاستمرار في شحن الكثير من صادراتها النفطية باستخدام البنية التحتية الأوروبية والأمريكية، مثل السفن والتأمين.
4- الخبراء متشككون، وقد يجد عملاء روسيا طرقاً للالتفاف حول الحد الأقصى
شكك مسؤولو الصناعة في جدوى الخطة التي تعتمد على كل طرف في سلسلة إمداد النفط الروسي للتأكيد على سعر الشحنات. حذرت شركات التأمين والشحن من أن روسيا قد تزيِّف السجلات، وأن الشركاء التجاريين عازمون على الحفاظ على تدفق النفط.
وقال الكرملين إنه لن يبيع للدول التي تلتزم بآلية التسعير، ما يعني أن تلك التي تعتزم شراء نفطها قد تجد طرقاً للالتفاف حولها. قد تكون إحدى الطرق هي المدفوعات الجانبية -على سبيل المثال، دفع مبالغ زائدة لروسيا مقابل القمح أو سلع أخرى لا تخضع للعقوبات- والتي حدثت خلال التسعينيات عندما حاولت الأمم المتحدة فرض خطة مماثلة على العراق.
يمكن للصين والهند ودول أخرى شراء النفط الروسي بأي سعر إذا شُحِنَ أو جرى تأمينه من قِبَلِ شركات غير أوروبية، الأمر الذي قال مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية إنه سيكون على الأرجح أكثر تكلفة، لكنه لن يخضع لعقوبات. وقالت التوجيهات الصادرة عن وزارة الخزانة إن النفط الروسي الذي بِيعَ بموجب آلية التسعير ولكن بعد ذلك "تم تحويله بشكل كبير" أو تكريره خارج روسيا لن يخضع للعقوبات.
وسوف تُمنَع الشركات التي ثبت أنها انتهكت السياسة عن عمد من تقديم خدمات للنفط الروسي لمدة 3 أشهر -وهي عقوبة يقول منتقدون إنها متساهلة للغاية لجعل السياسة فعالة.