ماليزيا عالقة بعد تعثر الأحزاب الكبرى في نيل الأغلبية.. تفاصيل الصراع السياسي بالبلاد ودور الملك به

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/22 الساعة 16:04 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/22 الساعة 16:08 بتوقيت غرينتش
أنور إبراهيم زعيم تحالف الأمل الماليزي/ رويترز

دخلت معركة تشكيل الحكومة الماليزية للمجهول، بعد فشل أي من الأحزاب الرئيسية في الحصول على الأغلبية في الانتخابات الماليزية الأخيرة، وتعثر محاولات التحالف بينها، فيما يخشى من وقوع توترات من قبل أنصار الأحزاب، وسط توقعات أن يكون للعاهل الماليزي السلطان عبد الله أحمد شاه اليد العليا في اختيار الحكومة في ظل هذه الأزمة.

وأسفرت الانتخابات الماليزية التي أجريت السبت الماضي عن برلمان معلق بشكل غير مسبوق، حيث لم يفز زعيم المعارضة أنور إبراهيم ولا رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين بالأغلبية البسيطة اللازمة لتشكيل الحكومة، فيما خسر رئيس الوزراء الماليزي الأسبق مهاتير محمد (97 عاما)، مقعده في البرلمان، لتصبح هذه الهزيمة الأولى له منذ نحو 53 عاما.

إليك نتيجة الانتخابات الماليزية

وأظهرت نتائج الانتخابات الماليزية الأخيرة حصول تحالف ميثاق الأمل الذي يقوده أنور إبراهيم ويوصف بالتقدمي أو الليبرالي المتحالف مع أحزاب الأقلية الصينية على 83 مقعداً، تلاه التحالف الوطني المحافظ الذي يضم توجهات إسلامية برئاسة رئيس الوزراء السابق محيي الدين ياسين بـ73 مقعداً، من أصل 220 مقعداً.

بينما فازت الجبهة الوطنية التي يقودها رئيس الوزراء الحالي إسماعيل صبري يعقوب والتي حكمت البلاد لسنوات طويلة بـ30 مقعداً، وهو أسوأ أداء انتخابي- ولكن كان من المتوقع أن تلعب الجبهة دوراً محورياً في تحديد من يشكل الحكومة، لأن دعمها ضروري لكل من أنور ومحيي الدين لوصول أي منهما إلى 112 مقعداً اللازمة لتشكيل الحكومة.

إضافة لذلك هناك ثلاثة أحزاب صغيرة تهيمن على جزيرة بورنيو فازت بـ32 مقعداً، ومن المرجح أن تكون شريكة لمن يفوز بأغلبية المقاعد في شبه جزيرة ماليزيا الرئيسية.

ويزعم كل من تحالف أنور إبراهيم الذي يوصف بالتقدمي وتحالف محيي الدين الإسلامي القومي الماليزي المحافظ والذي يضم الحزب الإسلامي، أنهما يحظيان بدعم الأغلبية، رغم أنهما لم يحددا عدد مؤيديهما.

رئيس التحالف المحافظ يرفض التحالف مع أنور إبراهيم

ورفض محيي الدين اقتراح الملك للعمل مع أنور، مؤكداً أن تحالفه الوطني يحظى بدعم 115 نائباً، أي أكثر من 112 ترشيحاً مطلوباً لتشكيل أغلبية بسيطة.

فيما قال رئيس الوزراء الماليزي الحالي إسماعيل صبري يعقوب على تويتر، إن تحالف الجبهة الوطنية الحاكم الحالي سيكون في المعارضة، بعد أن قرر عدم دعم أي تحالف لتشكيل حكومة.

وقال أنور إبراهيم، متحدثاً للصحفيين خارج مجمع القصر، إنه لم يتم التوصل إلى نتيجة، رغم أن بعض وسائل الإعلام نقلت عن مصادر قولها إنه تم تعيينه رئيساً مؤقتاً للوزراء.

وستؤدي نتيجة الانتخابات الماليزية الأخيرة إلى إطالة عدم الاستقرار السياسي في الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا، والتي كان لها ثلاثة رؤساء وزراء خلال بضع سنوات، وتهدد بتأخير قرارات السياسة اللازمة لتحفيز الانتعاش الاقتصادي.

وتمت الدعوة لإجراء انتخابات عامة مبكرة في ماليزيا لمحاولة إنهاء السياسات الفوضوية التي ابتليت بها الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا منذ الهزيمة التاريخية لتحالف باريسان الوطني الحاكم (الجبهة الوطنية) قبل أربع سنوات، والتي أنهت هيمنته على السلطة.

الانتخابات الماليزية
توجه الماليزيون، السبت، إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات البرلمانية المبكرة، وسط عدم استقرار سياسي خلال السنوات الأربع الماضية/الأناضول

ومنذ الاستقلال عن بريطانيا عام 1957، هيمن حزب باريسان والمنظمة الوطنية الماليزية المتحدة (UMNO)، على حكم البلاد، وبلغ التحالف أوجه تحت قيادة رئيس الوزراء السابق مهاتير محمد، الذي قاد البلاد لتحقيق معجزتها الاقتصادية التي جعلتها أعلى دول جنوب شرق آسيا في الدخل الفردي. 

ولكن بعد خروج الأخير من السلطة قبل سنوات، تورط تحالف باريسان في قضية فساد، وعاد مهاتير محمد للسياسة مرة أخرى ولكن ليس كعضو في  "باريسان"، حيث تحالف مع خصمه السابق أنور إبراهيم للإطاحة برئيس الوزراء المتهم بالفساد نجيب عبد الله عام 2018، وأدى ذلك إلى مرحلة جديدة في ماليزيا تتسم بعدم اليقين، حتى بعد عودة الجبهة المتحدة للحكم في عهد إسماعيل في عام 2021، قبل أن تمنى بأسوأ هزيمة لها في الانتخابات الأخيرة.

الملك سيلعب الدور الرئيسي في اختيار رئيس الحكومة

وقال العاهل الماليزي السلطان عبد الله يوم الثلاثاء، إنه سيختار رئيس الوزراء المقبل بعد فترة وجيزة من فشل المتنافسين الرئيسيين في الفوز بالأغلبية، لكنه لم يحدد توقيت قراره.

وقال رئيس الوزراء السابق محيي الدين: "أرسلنا بالأمس إعلانات قانونية من 115 عضواً في البرلمان (الأغلبية 112 عضواً) وقد أقر بذلك السكرتير الخاص للملك". ويضيف: "ومع ذلك، عندما التقيت بالملك اليوم، قيل لي إن هذا ليس كافياً لأسباب غير معروفة".

وكان المرشح لمنصب رئيس الوزراء في ماليزيا أنور إبراهيم أوضح أن الملك أبلغه أنه يفضل حكومة مستقرة.

وقال محيي الدين إن الملك عبد الله أحمد شاه اقترح لكسر حالة التعادل بعد الانتخابات الماليزية أن يعمل المتنافسان معاً لتشكيل "حكومة وحدة"، لكنه أضاف أنه لن يعمل مع أنور، مشيراً إلى أن قضايا رئيسية تمنع تشكيله الحكومة مع أنور إبراهيم، كما اقترح الملك.

واستدعى ملك ماليزيا جميع النواب الثلاثين من تحالف الجبهة الوطنية إلى القصر، بعد اجتماع مع زعيم ميثاق الأمل أنور إبراهيم ومنافسه زعيم التحالف الوطني محيي الدين ياسين، ولكن هذه التحركات لم تسفر عن تشكيل حكومة. 

ويقوم أفراد قوة للشرطة بحراسة مجمع القصر في كوالالمبور تحسباً لأي مشكلات من قبل مؤيدي أنور ومحيي الدين. 

وكان الملك قد أمهل الأحزاب السياسية حتى الساعة الثانية بعد الظهر من اليوم الثلاثاء (السادسة بتوقيت غرينتش) لتشكيل التحالفات اللازمة للأغلبية.

ويعود الأمر الآن إلى الملك، الذي يلعب دوراً رمزياً إلى حد كبير، ولكن يمكنه تعيين من يعتقد أنه سيحكم الأغلبية، ولذلك يزيد أهمية دوره في مثل هذه الأزمات.

وقال الملك للصحفيين خارج القصر الوطني: "سوف أتخذ قراراً قريباً".

كما طلب من الماليزيين قبول أي قرار بشأن تشكيل الحكومة.

وفي بيان لاحق، قال القصر إنه لم ينجح أي نواب في الحصول على أغلبية بسيطة ليتم تعيينه كرئيس للوزراء. 

وقال نيك أحمد كمال نيك محمود، محاضر القانون في الجامعة الإسلامية الدولية في ماليزيا، إنه يمكن تشكيل حكومة أقلية (حكومة لا تحظى بتأييد النصف+واحد) أو قد يطلب الملك مقابلة المشرعين بشكل فردي للاستماع إلى خياراتهم لمنصب رئيس الوزراء.

كيف تؤثر هذه الأزمة على الاقتصاد؟

وضربت حالة عدم اليقين سوق الأسهم في كوالالمبور (.KLSE)، والتي هبطت اليوم الثلاثاء لليوم الثاني. وزادت المكاسب الانتخابية الكبيرة التي حققها حزب إسلامي من مخاوف بعض المستثمرين، لا سيما بشأن السياسات المتعلقة بالمقامرة واستهلاك الكحول، إضافة إلى أن طبيعة البلاد المتعددة الثقافات، والتي لديها أقليات عرقية صينية وأقليات عرقية هندية كبيرة تتبع ديانات أخرى. ودعا الحزب الإسلامي الماليزي الإسلامي إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، علماً بأن ماليزيا تطبق الشريعة بشكل كبير على المسلمين.

وحذرت الشرطة الماليزية مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي في البلاد من الامتناع عن نشر محتوى "استفزازي" حول العرق والدين بعد الانتخابات المثيرة للانقسام.

وكانت المشاكل الاقتصادية هي الشغل الشاغل للناخبين، حيث يكافح الماليزيون مع ارتفاع تكاليف المعيشة وضعف عملة البلاد الوطنية الرينجيت والمخاوف من تباطؤ عالمي العام المقبل. وقال حوالي 70% من الأسر ذات الدخل المنخفض في استطلاع أجراه البنك الدولي، إنهم غير قادرين على تلبية احتياجاتهم الأساسية الشهرية، كما تعهد كل حزب بإنهاء حالة عدم الاستقرار السياسي الحالية.

وعلى الرغم من عدم الاستقرار السياسي شبه المستمر والأضرار التي سببها الوباء، انتعشت ماليزيا بسرعة. وتفتخر الدولة بواحد من أسرع برامج التطعيم ضد Covid-19 في العالم، كما فاجأت ماليزيا الجميع بتسجيلها زيادة بنسبة 8.9% في إجمالي الناتج المحلي في الربع الثاني من عام 2022 حسبما ورد في تقرير لصحيفة htWashington Post الأمريكية.

 وتهدف خطة الإنفاق التي تم تمريرها مؤخراً والتي تبلغ 80 مليار دولار لعام 2023 إلى خفض الضرائب، مع استمرار تضييق العجز المالي من خلال المزيد من الإعانات الموجهة. 

وأدى ارتفاع أسعار الطاقة هذا العام إلى زيادة أرباح شركة النفط الحكومية الماليزية Petroliam Nasional Bhd، مما ساعد الحكومة على دفع فاتورة الدعم المتضخمة. لكن حالة عدم اليقين بشأن مصير الميزانية أوجدت رياحاً معاكسة جديدة للعملة الوطنية "الرينغيت"، الذي يقبع بالفعل عند أدنى مستوى له منذ 24 عاماً مقابل الدولار، فالعملة الضعيفة هي أنباء سيئة لماليزيا، خاصة أنها مستورد صاف للغذاء.

تحميل المزيد