مونديال قطر 2022.. هل أضاعت البحرين فرصة اقتصادية كبيرة استفادت منها جميع جاراتها الخليجية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/11/11 الساعة 11:46 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/11 الساعة 11:46 بتوقيت غرينتش
أمير قطر يزور البحرين خلال القمة السابعة والثلاثين لمجلس التعاون الخليجي، 2016/ Getty

اجتاحت حُمَّى كرة القدم جميع منطقة الشرق الأوسط؛ بسبب استضافة قطر لمونديال كأس العالم 2022، لكن يبدو أن هناك دولة خليجية غير متحمسة للغاية لهذه الاستضافة، وهي البحرين.. فما القصة؟

جيران قطر متحمسون للتفاعل مع بطولة كأس العالم باستثناء البحرين

تأسر بطولة كأس العالم التي ستُعقد في دولة قطر الملايين من عشاق كرة القدم والشركات في الشرق الأوسط لمدة أربعة أسابيع. وقد يرجع ذلك إلى استثنائية هذا الحدث الذي سيعقد للمرة الأولى المنطقة العربية، وكذلك الإيرادات الضخمة المتوقعة منه، والتي تساعد البطولة في تحقيقها للشركات المحلية بمنطقة الخليج.

وتأمل بعض البلدان الخليجية التي كانت على خلاف مع قطر، بفارغ الصبر في الاستفادة من هذا الحدث الرياضي العالمي؛ حيث أنفقت قطر ما يُقدر بـ220 مليار دولار على بناء بنية تحتية عالمية المستوى، بما في ذلك الطرق الجديدة ووسائل النقل العام والمرافق الرياضية، لكن لا يزال هناك عجز كبير في الفنادق، حيث سيساعد جيران قطر في حل هذه المشكلة، لكن ذلك لا يشمل البحرين.

ويقول موقع Middle East Eye البريطاني إن إمارة دبي، التي لا تبعد سوى 45 دقيقة بالطائرة عن الدوحة، تتوقع زيادة في الحجوزات في اللحظة الأخيرة، حيث يستعد أكثر من 1.2 مليون شخص للسفر إلى قطر. وتقدم فنادق دبي باقات خاصة للجماهير وقد أعدت الإمارة مناطق المشجعين في المنتزهات والشواطئ وفي المراكز الترفيهية والمالية.

في غضون ذلك، تقدم المملكة العربية السعودية المجاورة، لمن يحملون بطاقات "هيّا" الفرصة لزيارة المملكة لمدة 60 يوماً، وذلك بعد أن كانت المملكة قد عزلت نفسها عن السياحة لسنوات طويلة، حتى بدأت إصدار التأشيرات السياحية في عام 2019 فقط.

وقالت وزارة التراث والسياحة العمانية إن كأس العالم تستعد "لرفع صورة العديد من الوجهات الإقليمية" وإن الانتعاش المالي المرتبط بالحدث قد يمتد بعد انتهاء البطولة، وكذلك الأمر في الكويت.

ولكن على بعد أميال قليلة من قطر، يبدو أن هناك القليل من الضجة في مملكة البحرين حول أول بطولة كأس عالم في الشرق الأوسط؛ حيث لا توجد رحلات جوية مباشرة، ولا مناطق للمشجعين، وقليل من الإعلانات للبطولة التي تبعد رحلة قصيرة عبر شواطئ المنامة.

لماذا فوتت البحرين فرصة الاستفادة الاقتصادية من كأس العالم على نفسها؟

يقول كريستيان كوتس أولريتشسن، الباحث في معهد بيكر بجامعة رايس، لموقع Middle East Eye: "يبدو أن البحرين قد فوتت فرصة الاستفادة من كأس العالم، لا سيما بالنظر إلى قطاع الضيافة والسياحة".

كانت العلاقات بين البحرين وقطر متوترة في السنوات الأخيرة وانهارت تماماً في يونيو/حزيران 2017 في أعقاب الأزمة الدبلوماسية الخليجية؛ حيث انضمت البحرين إلى المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر في قطع العلاقات مع قطر وفرضت حصاراً على جارتها بسبب مزاعم بأنها تدعم "الإرهاب" ولها علاقات وثيقة مع إيران. ونفت الدوحة الاتهامات وقالت إن المقاطعة تهدف إلى الحد من استقلالها.

ومنذ قمة مجلس التعاون الخليجي التاريخية التي عقدت العام الماضي في مدينة العلا بالسعودية، والتي شهدت نهاية رسمية للخلاف الخليجي، تحسنت علاقات قطر مع مصر والسعودية، وبدرجة أقل مع الإمارات. لكن على الرغم من ذلك، لم يكن هناك إصلاح حقيقي للعلاقات بين الدوحة والمنامة.

بعد أسبوعين من قمة العلا، اتهم وزير الخارجية البحريني عبد اللطيف الزياني قطر بعدم اتخاذ "المبادرة" لحل خلافها مع المملكة. وقال أولريتشسن للموقع البريطاني: "من المؤكد أن العلاقات الدبلوماسية والسياسية بين البحرين وقطر كانت الأبطأ في التحسن".

هل يخشى سكان البحرين من التفاعل مع بطولة كأس العالم في قطر؟

من جهته، يقول أكاديمي بحريني مقيم في المملكة المتحدة، طلب عدم ذكر اسمه، بسبب حساسية الموضوع، إنه لن يصف موقف البحرين بأنه نقص في الحماس.

قائلاً: "إنها كأس العالم، بعد كل شيء فقط أن عملية التقارب تسير ببطء شديد بالنسبة للشركات البحرينية لجني أي شيء من استضافة كأس العالم".

ويرى العديد من الأشخاص الذين تحدثوا إلى موقع "ميدل إيست آي" بشرط عدم الكشف عن هويتهم، إن مزاج كأس العالم كان هادئاً إلى حد كبير في المنامة، حيث يكافح السكان لقياس موقف الحكومة من الحدث.

ويقول مسؤول تنفيذي في إحدى الصحف البحرينية لموقع Middle East Eye إن هناك تعليمات من الحكومة البحرينية لتخفيف حدة تغطية أحداث كأس العالم في قطر. 

وتواصَل موقع "ميدل إيست آي" مع السفارة البحرينية في لندن للتعليق على ذلك، لكن الموقع لم يتلقَّ أي رد.

وفقاً للمدير التنفيذي البحريني، كان رعاة كأس العالم الذين لديهم مصالح تجارية في المملكة حذرين أيضاً بشأن إدارة حملات إعلانية مطبوعة وخارجية بسبب مخاوف بشأن كيفية استجابة الحكومة لذلك. وتواصل موقع MEE مع خمسة رعاة رئيسيين للبطولة، لكنه لم يتلقَّ رداً.

وأضاف المسؤول التنفيذي للصحيفة أن شركته استأجرت ملعباً لكأس العالم روسيا 2018 وأنشأت شاشات تلفزيون عملاقة لمشجعي كرة القدم – لكن لم يكن هناك شيء بهذا الحجم مخطط له في حدث هذا العام.

وقال: "كانت مراكز التسوق البحرينية تضج بالحماس عندما أقيمت نهائيات كأس العالم في مكان آخر. ولكن الآن -على الرغم من قرب الحدث- لا توجد طقوس تجارية معتادة".

خلاف طال أمده بين الجارتين

تاريخياً، تصادمت البحرين وقطر للسيطرة على جزيرتي حوار وجنان وكذلك مدينة الزبارة. بالإضافة إلى تغطية قناة الجزيرة لانتفاضة الربيع العربي عام 2011، وقرار قطر منح الجنسية لبعض البحرينيين، كما يقول موقع MEE البريطاني.

وقال وكيل سفريات في المنامة إن الخلاف الذي طال أمده يعني أن فرص الرحلات المباشرة بين البلدين ضئيلة. وبحسب كمال محيي الدين، سمسار عقارات هندي في المنامة، فإن مسألة انتقال المشجعين البحرينيين إلى قطر لم تكن هي التداعيات الوحيدة لغياب الرحلات الجوية المباشرة.

وقال إن خدمات النقل من الدوحة إلى المنامة، المدينة الأكثر تساهلاً في المنطقة والتي تضم حوالي 20 ألف غرفة فندقية، كانت ستفيد الجميع. وقال محيي الدين: "إن فرصة استضافة مشجعي كأس العالم يمكن أن تحقق نتائج جيدة بالنسبة لاقتصاد البحرين، ولا يزال هناك أمل في أن يحدث ذلك".

وقال إن ميزانية البحرين تستهدف 20٪ من عائدات السياحة هذا العام، وقد حققت بالفعل 18٪، مستشهداً بتقرير ادعى زيادة بنسبة 984٪ في وصول السياح إلى البحرين في الربع الأول من هذا العام بعد نهاية من القيود المرتبطة بالجائحة.

المشاهدة من المنزل

في الربع الأول من هذا العام، دخل 1.483 مليون سائح البحرين عبر جسر الملك فهد الذي يربط الدولة الجزيرة بالمملكة العربية السعودية -مقارنة بـ 84 ألف سائح العام الماضي، وهو نمو ضخم يُعزى إلى تخفيف قيود السفر المتعلقة بـ Covid-19.

نتيجة لذلك، عاد القطريون أيضاً إلى البحرين. قال بائع خضار لموقع ميدل إيست آي: "أرى الكثير من سيارات نيسان باترول [السيارة المفضلة للمواطنين القطريين] تحمل لوحات أرقام قطرية هنا". وزعم أن هذا حدث بعد أن التقى أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني وملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة على هامش قمة جدة في يوليو/تموز.

وقال البقال إنه شاهد أخبار الاجتماع من خلال لقطة شاشة للموقع المعارض المحظور "بحرين ميرور"، والذي ذكر أيضاً أن المنامة أزالت قطر من قائمة الدول التي مُنع البحرينيون من زيارتها. وقال البقال: "كلما رأينا صور القادة القطريين والبحرينيين وهم يتصافحون ويبتسمون، ولكننا لا نزال نمتنع عن السفر بالطائرة، نعتقد أنهم نسوا مناقشة القضية مرة أخرى".

مع ذلك، قال بعض المشجعين إنهم سيأخذون رحلة السيارة التي تستغرق خمس ساعات لمشاهدة المباريات على الهواء مباشرة، بينما سيحتفل البعض الآخر بكأس العالم العربي الأول وهم مرتاحون في منازلهم.

قال عمار أحمدي، مستشار أعمال بحريني، لموقع Middle East Eye: "قد لا يتمكن بعض البحرينيين منا القدوم إلى قطر، لكننا سنشاهد جميع المباريات على التلفزيون، نحن من عشاق كرة القدم المتحمسين، وهي رياضة رئيسية هنا. أريد أن أحضر جميع المباريات التي تلعبها البرازيل، لكني لم أحصل على تذكرة".

تحميل المزيد