بعد عودة نتنياهو.. هل يعلن بايدن فشل المفاوضات النووية أم تقدم إيران تنازلاً أخيراً؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/11/06 الساعة 19:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/11/06 الساعة 20:02 بتوقيت غرينتش
الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو في زيارة سابقة للقدس تعود للعام 2010 - رويترز، أرشيفية

يبدو أن المفاوضات النووية الإيرانية ستدخل في مرحلة حاسمة، فإما أن يكون هناك اتفاق أو قد يعلن قريباً عن موت المفاوضات، والاحتمال الأخير قد تزيد فرصه مع فوز الائتلاف اليميني المتطرف بزعامة بنيامين نتنياهو بالانتخابات الإسرائيلية. 

ويلقي فوز ائتلاف نتنياهو الذي يوصف بأنه الأكثر تطرفاً في تاريخ إسرائيل بتعقيدات على علاقة إسرائيل بالولايات المتحدة الأمريكية، ومن ثم على الملف النووي الإيراني الذي يعد من أكبر النقاط الخلافية بين واشنطن وتل أبيب.

إدارة بايدن تستصعب العمل مع اليمين الإسرائيلي المتطرف

ورغم استياء بايدن من فوز اليمين المتطرف، ولكن الآن بعد أن انتهت الانتخابات الإسرائيلية، وظهرت نتائجها، فإن البيت الأبيض ليس أمامه سوى العودة إلى الشعار المعتاد في العلاقة بين البلدين: "نتطلع إلى مواصلة التعاون مع الحكومة الإسرائيلية في سبيل مصالحنا وقيمنا المشتركة".

وتقول الأخبار والتحذيرات الصادرة عن البيت الأبيض ووزارة الخارجية الأمريكية إن إدارة بايدن "تستصعب" العمل مع حكومة تضم مسؤولين ينتمون إلى اليمين العنصري المتطرف. 

عضو الكنيست المتطرف إيتمار بن غفير – getty images

ولكن إسرائيل ما زالت حليف إسرائيل المدلل، وقد تتغاضى الإدارة الأمريكية عن حقيقة أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة تضم أعضاء ينحدرون من حركة كاخ الإسرائيلية التي كانت مصنفة إرهابية في الولايات المتحدة.

وربما يضطر بايدن إلى دعوة بنيامين نتنياهو إلى البيت الأبيض بعد توليه رئاسة الوزراء، إلا أن الرئيس الأمريكي قد ينتهز صعود اليمين تكأة لتشديد خطابه مع نتنياهو، خاصة إذا تولى الوزارة نواب من حزب "الصهيونية الدينية" اليميني المتطرف، وعمدوا إلى تنفيذ خططهم بتخفيف القيود على اليهود الذين يسعون إلى ممارسة صلواتهم في حرم المسجد الأقصى.

نتنياهو يغازل أمريكا عبر التلويح بدعم أوكرانيا 

ربما تكون التصريحات التي أدلى بها نتنياهو في لقائه مع صحيفة USA Today منذ بضعة أيام سبباً لتحفيز بايدن إلى تحسين علاقته به، فقد قال نتنياهو إنه ينوي البحث في إرسال أسلحة إسرائيلية إلى أوكرانيا إذا أصبح رئيساً للوزراء.

تخلى نتنياهو في لقائه مع الصحيفة الأمريكية عن الحذر المعتاد والحساسية الإسرائيلية حيال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال إنه يرى أن بوتين "منقاد إلى تصوره عن إعادة تشكيل مملكة روسية عظيمة. وأنا آمل في أن يعيد النظر لهذا الموضوع، لكني لا أرى نفسي طبيباً نفسياً ولا أريد القيام بوظيفته، بل أريد أن أكون في موقع رئاسة الوزراء، وأن أحصل على جميع المعلومات، ثم أتخذ القرار بشأن ما فعلناه في هذا الصراع والتحري عن أي شيء آخر ينبغي فعله ولم نفعله".

إذا قرر نتنياهو إرسال أسلحة إلى أوكرانيا، فسيكون ذلك تحولاً هائلاً في موقف إسرائيل السابق من الصراع وفي موقف نتنياهو نفسه من "صديقه" القديم بوتين، فقد كانت صور الرئيس الروسي تزين في السابق ملصقات حزب الليكود [الذي يتزعمه نتنياهو] الانتخابية، إلا أن بوتين لم يعد الآن صديقاً لنتنياهو، ولا عاد بايدن الشريك الأمريكي سهل المراس.

الملف النووي الإيراني سبب رئيسي للخلاف بين أمريكا وإسرائيل  

كان مثار التوتر بين الحكومات الإسرائيلية والإدارات الأمريكية في السنوات الماضية، ولا يزال، هو الخلاف بشأن التعامل مع إيران، ومصير المفاوضات النووية الإيرانية.

فقد أجمعت الحكومات الإسرائيلية على معارضة المفاوضات مع إيران بشأن تجديد الاتفاق النووي، وكلها بذلت قصارى مساعيها لعرقلة الاتفاق، وأعلنت أن إسرائيل لن تكون ملزمة بالصفقة الجديدة إذا انعقد الاتفاق عليها.

 كان أسلوب معارضة المفاوضات هو الاختلاف بين حكومة نفتالي بينيت وحكومة يائير لابيد، من جهة، وحكومة نتنياهو، من الجهة الأخرى، فقد هاجم نتنياهو علناً كل من يخالف رأيه في الاتفاق مع إيران، أما بينيت ولابيد فقد مالا إلى المعارضة عن طريق السبل الدبلوماسية الهادئة.

بينيت أقنع بايدن بعدم حذف الحرس الثوري من قائمة الإرهاب  

لم يسعَ بينيت ولا لابيد قط إلى العمل من وراء الرئاسة الأمريكية والانفراد بلقاء نواب الكونغرس لوعظهم بعواقب المفاوضات النووية الإيرانية، على نحو ما فعل نتنياهو في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما. ولذلك كانت الإدارة الأمريكية في عهد بايدن أكثر استعداداً لإطلاعهم على تطورات المفاوضات وإشراكهم بالرأي فيها.

وتمكنت حكومتا بينيت ولابيد من إقناع بايدن بعدم الموافقة على مطلب إيران بإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الولايات المتحدة للمنظمات الإرهابية، إلا أنهم أدركوا في النهاية أن الاتفاق مع إيران أمر محسوم لدى إدارة بايدن، وأن الإدارة لا تنوي التراجع عن المساعي الدبلوماسية لتحقيقه.

والآن يأمل الإسرائيليون بأن يضغط الكونغرس على بايدن للتخلي عن الاتفاق

يأمل الإسرائيليون الآن في أن يضغط نواب الكونغرس على بايدن لإعلان التخلي عن المساعي الدبلوماسية، وتغيير الاستراتيجية الأمريكية في التعامل مع الأمر، وتقديم خطة عمل أخرى لمنع إيران من الاستمرار في تطوير أسلحة نووية.

وقال نيد برايس، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، في أغسطس/آب إن الاتفاق أقرب مما كان عليه قبل أسبوعين، ويبدو أن البيت الأبيض استبشر بعض الشيء بتخلي إيران عن بعض شروطها التي لم تكن مقبولة لدى الإدارة الأمريكية.

 مع ذلك، بقيت الخلافات قائمة بشأن مطالب إيران في تلقي ضمانات بأن الإدارات الأمريكية المقبلة لن تنسحب من الاتفاقية، وفي الاتفاق على آلية موثوقة للإشراف على رفع العقوبات بالكامل وأن الولايات المتحدة لن تعاقب الشركات الدولية التي تتعامل مع إيران.

المفاوضات النووية الإيرانية متوقفة ولكن لا أحد مستعد لإعلان فشلها

في الجانب الآخر، تطالب الولايات المتحدة والوكالة الدولية للطاقة الذرية إيران بالإجابة عن أسئلة الوكالة بشأن المواضع التي عُثر فيها على بقايا من مادة اليورانيوم المخصب.

وتقول إيران إنها قد لبَّت هذا المطلب بالفعل، وترد الوكالة الدولية بأنها لم تتلق بعدُ معلومات كافية بشأن الموضوع.

لم يطرأ جديد بشأن هذه القضايا، ومن ثم توقفت المفاوضات، لكن لا أحد من الطرفين مستعد لإعلان انسحابه من المفاوضات أو تحديد موعد للتخلي عن المساعي الدبلوماسية بالكامل.

أمريكا تلوح بخيارات أخرى، ولكن إيران تريد استئناف المفاوضات

وقال روبرت مالي، مبعوث الإدارة الأمريكية لشؤون إيران، هذا الأسبوع، إن المفاوضات لم تشهد أي تقدم منذ إيقافها في أغسطس/آب، وإن الولايات المتحدة لا تنوي إضاعة المزيد من الوقت في مفاوضات الاتفاق النووي، وستصرف جهودها لقضايا أخرى.

ترى صحيفة Haaretz الإسرائيلية أن تصريحات مالي يمكن تفسيرها بأنها إعلان النهاية للعملية الدبلوماسية، لا سيما إذا أُضيف إليها تصريحات أخرى من كبار مسؤولي إدارة بايدن بأن "جميع الخيارات مطروحة"، ومنها الخيار العسكري. ومع ذلك، فإن هؤلاء المسؤولين جميعاً غير مخولين بالقول إن المفاوضات قد ماتت، ما دام الرئيس الأمريكي بايدن لم يقل ذلك بنفسه.

بعد يومين من حديث مالي عن المفاوضات، قال حسين أمير عبد اللهيان، وزير الخارجية الإيراني، إن وفداً إيرانياً سيغادر في الأيام المقبلة إلى فيينا لمناقشة الأمور الخلافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال أيضاً إنه يعتزم التحدث مع جوزيب بوريل، وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، للبحث في إمكان استئناف المفاوضات.

لا يزال من السابق لأوانه القول إذا كانت إيران تسعى إلى تحقيق إنجاز في المفاوضات أو تنوي التخفيف من مطالبها، إلا أن تصريحات مالي أوضحت لإيران أنه يتعين عليها اتخاذ قرارها بشأن المفاوضات في أقرب وقت ممكن.

تحميل المزيد