بعد فوز المعسكر اليميني المتطرف في إسرائيل، بقيادة رئيس الوزراء الأسبق لـ5 مرات بنيامين نتنياهو، تُطرح تساؤلات عن شكل الائتلاف الحكومي الذي سيشكله نتنياهو، لكن الجواب الواضح: الليكود والأحزاب المتطرفة الثلاثة -شاس ويهدوت هتوراة والصهيونية الدينية- التي كانت معه في المعارضة ودعمته طوال الحملة الانتخابية. إنها الأحزاب التي تشكل أغلبيته الجديدة، وبخلاف ذلك لا يوجد حزب آخر في الكنيست مستعد للانضمام إلى حكومته، كما تقول صحيفة Haaretz الإسرائيلية.
لماذا قد تحدث مفاجآت عند تشكيل نتنياهو الائتلاف الحكومي؟
يبدو أن شيئاً ما لا يسير على ما يرام دائماً، ولا يحدث كما هو مُخطط له عندما يشكل نتنياهو ائتلافاً. منذ عام 1996، عندما أصبح رئيساً للوزراء لأول مرة، كادت الحكومة أن تخرج عن مسارها، عندما تمرّد شيوخ الحزب (في ذلك الوقت جميعهم أكبر من نتنياهو) على خطته لإبقاء أرييل شارون خارج حكومته. أجبر هذا نتنياهو على أن يولّي وزارة البنية التحتية الوطنية للجنرال المتقاعد شارون.
في عام 2009، عندما عاد نتنياهو إلى السلطة، فاجأ الجميع بدعوة حزب العمل للانضمام إلى الحكومة، وتعيين زعيمه إيهود باراك وزيراً للدفاع.
وفي عام 2013، كان أول حزب دُعِيَ للانضمام إلى حكومة نتنياهو بشكل مفاجئ هو حزب "هتنوعا"، بقيادة خصمته اللدودة تسيبي ليفني. وفي عام 2015، كانت الأمور أكثر وضوحاً، رغم أن نتنياهو وراء الكواليس كان يتودد بقوة إلى إسحاق هرتسوغ- رئيس إسرائيل الحالي- من حزب العمل لمدة عام كامل.
وبعد ذلك، بالطبع، هناك الانتخابات الأولى لعام 2019. اعتقد نتنياهو أنه حصل على 65 عضواً في الكنيست لأداء اليمين الدستورية لحكومة جديدة، ولكن في اللحظة الأخيرة سحب أفيغدور ليبرمان النواب الخمسة من حزبه "إسرائيل بيتنا"، وأطلق حلقةً من خمس دورات انتخابية في ثلاثة أعوام ونصف العام، كما تقول هآرتس.
هل يوسّع نتنياهو ائتلافه الحكومي ليضم طرفاً من خارج اليمين؟
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فإن السبب الآخر لعدم افتراض أن نتنياهو سوف يسارع إلى تشكيل ائتلاف مما يسميه "الحلفاء الطبيعيين لليكود"، هو أنه أكد دائماً أن حكومته تضم حليفاً غير طبيعي. إنه "حزب وسطي"، حتى من "يسار الوسط"، يوسع ائتلافه ويعطيه مجالاً للمناورة بين مطالب شركائه.
في جميع حكومات نتنياهو كان لليكود شريك واحد على الأقل في الائتلاف الحكومي، هو يفضلها بهذه الطريقة، فليكن هناك طرفان يتقاتلان في الحكومة، ويلغيان بعضهما البعض، حتى يكون هو الشخص الهادئ والأبوي الذي يتقدم بالسياسة البراغماتية بينما يتشاجر الآخرون. لقد صنع فضيلةً من هذا النهج، حتى إنه طرحها في سيرته الذاتية الأخيرة، كما تقول هآرتس.
لكن ليس لمعسكر نتنياهو الجديد أي توازن، كل تلك الأحزاب على يسار الليكود ترفض الانضمام إلى حكومته. الحزب الوحيد الذي يمكن أن ينضم إلى حزب بيني غانتس هو حزب "الوحدة الوطنية"، ولكن مع 11 مقعداً، فهو أصغر من حزب "الصهيونية الدينية"، الذي سيحاول استخدام حق النقض ضد أي إضافات "يسارية". يحب شركاء نتنياهو الأشياء كما هي، ومع كون الليكود أقلية في الائتلاف يتمتع كل منهم بقدرة أكبر على المساومة.
إذا كان هذا هو الوضع، فما خيارات نتنياهو المطروحة؟
كبداية، قد لا يبحث عن خيارات، بعد 16 شهراً في المعارضة، ومع استمرار محاكمته بالفساد قد يفضل بالفعل هذا الائتلاف المتطرف، الذي سيدعم أي تحركات ضد النظام القانوني.
لكن نتنياهو قد يكره أن تقيده الظروف، ويريد دائماً أن تكون لديه خيارات. وإلى جانب ذلك، فبقدر سعادته بفوز معسكره أخيراً بالأغلبية، فإنه منزعج للغاية لأن الليكود فشل في إضافة أكثر من مقعدين في الانتخابات. إنه يعلم أن عليه التعامل مع حزب كبير على يمينه، خدم إيتمار بن غفير هدفه في الخروج من التصويت للكتلة، لكنه أصبح أكبر من حجمه. نتنياهو سيحب بشدة تقليص حزب الصهيونية الدينية إلى حجمه، بحسب هآرتس.
ونظراً لأنه لا يستطيع تعريض دعم جميع مشرّعي حزب الصهيونية الدينية الأربعة عشر للخطر، فمن المحتمل أن يستغل التنافس العميق بين الزعيمين المشاركين في ذلك التحالف، بن غفير وبتسلئيل سموتريتش. إذا انشق حزب الصهيونية الدينية- ولم يكن سموتريش يكره تطليق شريكه- فسوف يتبقى فقط بن غفير وخمسة مشرعين آخرين من "عوتسما يهوديت"، وهذه أكثر قابلية للإدارة.
من المحتمل أن يُستَبدَلوا ويحل محلهم عدد قليل من المنشقين عن حزب غانتس، أو من يدري، رغم احتجاجات غانتس قد ينضم قائد الجيش السابق مرة أخرى إلى حكومة نتنياهو. كل هذا سيكون في المصلحة الوطنية، بالطبع، لإبقاء بن غفير المتطرف خارج الحكومة.
مساومات بن غفير لنتنياهو قد لا تستمر طويلاً
السؤال الحقيقي ليس ما إذا كان نتنياهو سيحاول في مرحلة ما إخراج بن غفير من ائتلافه، وأن يحل غانتس محله، ولكن عندما يصمم أزمة ائتلافية لتسريع مثل هذه الخطوة. سيكون أسهل شيء هو استخدام تفاصيل فظيعة بشكل خاص في قائمة التسوق الطويلة لمطالب بن غفير، والتي سيقدمها إلى محادثات الائتلاف التي ستبدأ الأسبوع المقبل.
لكن نتنياهو حريص على العودة إلى السلطة في أسرع وقت ممكن. الكثير من المساومة سيؤجل تنصيب حكومته الجديدة.
ومن المرجح أن ينتظر بضعة أشهر حتى تسنح الفرصة المناسبة، وستكون سانحةً مع بن غفير. بحلول ذلك الوقت سيبدأ غانتس، الذي لم يقضِ بعدُ شتاءً مظلماً طويلاً في خنادق المعارضة الكئيبة، في اليأس من قراره قبل أربع سنوات من دخول السياسة. يتعامل الجنرال السابق الآن مع مكتب وزير الدفاع الذي شغله منذ عامين ونصف العام، باعتباره "إقطاعيته التي وهبها له الله". بعد منفى قصير في المعارضة، سوف يلهث للعودة إلى الداخل، كما تصف ذلك هآرتس.
علاوة على ذلك، فإن بضعة أشهر مع تحالف يميني متطرف ستمنح نتنياهو الفرصة لإجراء التغييرات اللازمة لعرقلة قضية الفساد المرفوعة ضده. سيكون لغانتس عذرٌ بأن انضمامه إلى الحكومة كان أمراً واقعاً، وسيقول نتنياهو إنه حاول إنجاح الأمر مع بن غفير، لكنه ببساطة لم يكن منطقياً، في النهاية سيحتاج نتنياهو فقط لأن يختار متى يتصرف.